مستقبل التغاير الفائق (Super heterodyne): هو نوع من مستقبلات الراديو الذي يستخدم في خلط التردد لتحويل الإشارة المستقبلة إلى تردد وسيط ثابت (IF) والذي يمكن معالجته بشكل أكثر ملاءمة من تردد الموجة الحاملة الأصلي.
كان الراديو المتغاير الفائق أحد أكثر أشكال الراديو نجاحاً والذي تم استخدامه بشكل حصري تقريباً كطوبولوجيا تصميم دائرة التردد الراديوي المفضلة حتى السنوات الأخيرة حيث كان يُعتقد منذ فترة طويلة أنّ من اخترعها المهندس الأمريكي إدوين أرمسترونج، ولكن بعد بعض الجدل تُنسب براءة الاختراع إلى مهندس الراديو ومصنع الراديو الفرنسي (لوسيان ليفي) حيث تستخدم تقريباً جميع أجهزة الاستقبال الراديوية الحديثة مبدأ التغاير الفائق.
على الرغم من أنّ تصميم دائرة التردد الراديوي أكثر تعقيداً من بعض الأشكال الأخرى من أجهزة الراديو، فإنّه يوفر العديد من المزايا من حيث الأداء وخاصة انتقائيته حيث يقوم الراديو الفائق بتحويل الإشارات إلى تردد وسيط ثابت، وهذا يمكّنه من إزالة الإشارات غير المرغوب فيها بشكل أكثر فعالية من الأشكال الأخرى مثل مجموعات تردد الراديو المضبوط (TRF) أو حتى أجهزة الراديو المتجددة التي تم استخدامها بشكل خاص في الأيام الأولى للراديو.
على الرغم من ذلك، لا يزال الراديو الفائق المتغاير يستخدم في العديد من التطبيقات ولا تزال تقنيات تصميم الترددات الراديوية المستخدمة قابلة للتطبيق في العديد من تطبيقات الاتصالات اللاسلكية.
يمكن إرجاع قصة تطوير تكنولوجيا تصميم دارة الترددات الراديوية لمستقبل الراديو الفائق التغاير إلى الأيام الأولى للراديو حيث لاحظ (Reginald Fessenden) أنّ الإشارات على الأطوال الموجية المجاورة خلقت نغمة إيقاع معاً، وفي وقت لاحق خلال الحرب العالمية الأولى بدأت فوائد استخدام تكنولوجيا الراديو تتحقق والحاجة إلى أجهزة راديو كانت انتقائية وتوفر مكاسب وحساسية كافية حيث عالج العديد من المهندسين المشكلة: لوسيان ليفي في فرنسا وولتر شوتكي في ألمانيا، وأخيراً الرجل الذي تُنسب إليه تقنية التغاير الفائق هو إدوين أرمسترونج الذي بنى أول راديو فائق يعمل.
تم اختراع الراديو الفائق المتغاير في عصر كانت فيه تكنولوجيا الراديو أساسية للغاية وكان أداء مستقبل الراديو يفتقر إلى ما نعتبره اليوم مفروغاً منه، الراديو الفائق يمثل جهاز الاستقبال اللاسلكي الأسرع من الصوت خطوة رئيسية إلى الأمام في الأداء، ولكن في البداية لم يتم استخدامه على نطاق واسع جزئياً لأنّه تم اختراعه في نهاية الحرب العالمية الأولى، وثانياً لأنّه استخدمت الكثير من الصمامات أو الأنابيب وكانت باهظة الثمن في هذا الوقت.
المفهوم الأساسي وتصميم الترددات الراديوية وراء الراديو الفائق المتغاير يتضمن عملية المزج حيث يتيح ذلك ترجمة الإشارات من تردد إلى آخر، وغابًًا ما يُشار إلى تردد الإدخال على أنّه مدخل التردد اللاسلكي بينما يشار إلى إشارة المذبذب المتولدة محلياً باسم المذبذب المحلي ويسمى تردد الخرج بالتردد المتوسط كما هو بين الترددات اللاسلكية والترددات الصوتية.
داخل الخلاط يتم مضاعفة السعة اللحظية لإشارات الدخل (f1 وf2) وينتج عن ذلك إشارات عند نواتج الترددات (f1+f2) و(f1 – f2) حيث يتيح ذلك ترجمة التردد الوارد إلى تردد ثابت حيث يمكن ترشيحه بشكل فعّال، كما يتيح تغيير تردد المذبذب المحلي ضبط المستقبل على ترددات مختلفة.
إحدى القضايا الرئيسية في الراديو الفائق هي استجابة الصورة حيث من الممكن أن تدخل الإشارات الموجودة على ترددين مختلفين في مراحل التردد المتوسطة، كما يزيل ضبط التردد اللاسلكي أحدهما ويقبل الآخر.
عندما تكون إشارات الصورة موجودة، يمكن أن تسبب تداخلاً غير مرغوب فيه وتخفي الإشارات المطلوبة إذا ظهر كلاهما في نفس المكان داخل قسم التردد المتوسط، أمّا في كثير من الأحيان في أجهزة الراديو منخفضة التكلفة يمكن لتوافقيات المذبذب المحلي أن تتعقب على ترددات مختلفة ممّا يؤدي إلى اختلاف التغاير أثناء ضبط المستقبل حيث يُعد الرفض الجيد للصورة أحد مفاتيح جهاز استقبال راديو عالي الأداء.
يوضح الرسم التخطيطي الشامل لكتلة المستقبل الفائق الكتل الأساسية التي يمكن استخدامها داخل جهاز الاستقبال حيث يُمكِّن الرسم التخطيطي الأساسي لمستقبل التغاير الفائق من فهم التشغيل الكلي للراديو.
في أجهزة الراديو الأكثر تعقيداً سيتم إضافة كتل إضافية إلى مخطط الكتلة الأساسي، وقد تكون هناك كتل إضافية لمزيلات التضمين الإضافية أو يمكن أن تكون هناك كتل دارة إضافية داخل المذبذب المحلي، وذلك اعتماداً على مستوى التفاصيل المطلوبة، بالإضافة إلى ذلك قد يكون لبعض أجهزة الراديو فائقة التغاير تحويلين أو أكثر لتوفير أداء محسن في مجموعة متنوعة من النواحي.
لتحسين عناصر الأداء بما في ذلك رفض الصورة، يمكن استخدام تحويلين أو حتى ثلاثة تحويلات.
على سبيل المثال، جهاز استقبال وحيد تم ضبطه على محطة عند (300 كيلو هرتز) حيث إذا تم إعداد جهاز استقبال ثان في مكان قريب وضبطه على (400 كيلو هرتز) بكسب مرتفع، فسيبدأ في إصدار إشارة (400 كيلو هرتز) وسيتم استقبالها في جهاز الاستقبال الأول، في هذا المستقبِل ستختلط الإشارتان لإنتاج أربعة مخرجات واحدة عند (300 كيلوهرتز) الأصلي والأخرى عند (400 كيلوهرتز) المستقبَل واثنتان أخريان، الفرق عند (100 كيلوهرتز ومجموع عند 700 كيلوهرتز).
هذا هو نفس التأثير الذي اقترحه (Fessenden)، ولكن في نظامه تم اختيار الترددين عن عمد بحيث كان تردد النبض مسموعاً، وفي هذه الحالة تكون جميع الترددات خارج النطاق المسموع وبالتالي فوق الصوتية ممّا أدى إلى ظهور اسم (super heterodyne).
تتمثل إحدى المزايا الرئيسية للمستقبل المتغاير الفائق في انتقائية القناة المجاورة أو القريبة التي يوفرها حيث يمكن استخدام مرشحات التردد الثابت، كما يمكنه توفير رفض ممتاز للقناة المجاورة.
باستخدام مرحلة وسيطة ذات تردد ثابت يمكن استخدام مرشحات تردد ثابت، ونظراً لأنّها ثابتة في التردد ، فإنّ أداؤها هو نفسه بغض النظر عن تردد الإشارة الواردة حيث لا يقتصر الأمر على تصميم دارة (RF) لمرشحات التردد الثابت فحسب بل إنّه يتيح أيضاً أداءً ثابتاً، كما أنّه يمكّن من تطوير المرشحات عالية الأداء بطريقة لن تكون ممكنة إذا كانت متغيرة التردد.
نظراً لطوبولوجيت (Superhet)، فإنّ هذا الراديو الفائق قادر على دمج مجموعة متنوعة من أنواع مختلفة من مزيل التضمين والتي يمكن اختيارها بسهولة وفقاً للمتطلبات.
إنّ إضافة القدرة على شكل جديد من التضمين يعني ببساطة إضافة مزيل تضمين آخر إلى نهاية مضخم التردد المتوسط حيث تشمل الأوضاع الشائعة الاستخدام (AM وFM وSSB وMorse أو CW) وأنماط بيانات مختلفة باستخدام أشكال مفتاح إزاحة الطور أو تعديل اتساع التربيع، أمّا أثناء تصميم دائرة التردد الراديوي للمستقبل يمكن إضافة شكل جديد من المغير، كما يمكن تبديلها أو اختيارها حسب الحاجة.
حقيقة أنّ جهاز الاستقبال المتغاير الفائق يستخدم تقنية الخلط يعني أنّ غالبية معالجة المستقبل تتم بترددات منخفضة ممّا يفسح المجال للاستقبال المحتمل لإشارات التردد العالي للغاية حيث إذا كانت هناك حاجة للإشارات (VHF أو UHF) أو حيثما دعت الحاجة، فمن الممكن تحويل الإشارة إلى التردد المتوسط المطلوب في عدة مراحل كما يمكن أنّ يستوعب تصميم دائرة التردد اللاسلكي إضافة المزيد من التحويلات، وبالتالي يمكن استخدام مستقبل الراديو الفائق المتغاير للعديد من تطبيقات الاتصالات الراديوية ثنائية الاتجاه في جميع الترددات بالإضافة إلى استقبال البث.
عند مقارنتها ببعض الأشكال الأخرى لمستقبلات الراديو، أتاح تنسيق المتغاير الفائق تحقيق مستويات جيدة من الحساسية، وعلى الرغم من أنّ التنسيقات الأخرى في هذه الأيام توفر مستويات مكافئة من الحساسية إلّا أنّه في الأيام الأولى للاتصالات اللاسلكية، كان المتفوق متقدماً على الآخرين مثل (TRF).
تعني مرونة وقدرات (Superhet) أنّه تم اعتماده في العديد من الاستخدامات من استقبال البث ويستخدم كجهاز استقبال اختبار لاختبار (EMI / EMC) والاتصالات اللاسلكية ثنائية الاتجاه واستقبال التطبيقات العلمية واستقبال إشارة الأقمار الصناعية وغيرها الكثير، نتيجة لمزاياها ظل جهاز الاستقبال المتغاير الفائق كواحد من أهم التقنيات المستخدمة في تكنولوجيا الراديو.
على الرغم من ظهور تقنيات أخرى في المقدمة بشكل متزايد اليوم، إلّا أنّ جهاز الاستقبال الفائق لا يزال مستخدماً على نطاق واسع نظراً للفوائد التي يمكنه تقديمها.