ما هي شروط حج التمتع.
أهميّة شروط حجّ التّمتع:
تكمُن أهميّة شروط حجّ التمتّع في تسمية الحجّ تمتُّعاً حال فَقْد أحدها، وفي ذلك ذهب العلماء إلى قولَين، بيانهما آتياً:
-
القول الأوّل: قال الشافعيّة، والحنابلة إنّ فَقْد شرطٍ من شروط حجّ التمتُّع لا يُفقده اسمه؛ فالحاجّ يُعَدّ مُتمتِّعاً بمُجرَّد إحرامه بالعُمرة والحجّ في أشهر الحجّ، واحتجّوا بأنّ التمتُّع يصلُح من أهل مكّة، مع فَقْده لشرطٍ من شروط الهَدْي.
-
القول الثاني: قال الحنفيّة، والمالكيّة إنّ حجّ التمتُّع يفقد اسمه بفَقْد شرطٍ من شروطه، ليصبح حجّاً مُفرَداً؛ لأنّ التمتُّع له حقيقةٌ تكمُن في الإحرام للعُمرة من الميقات في أشهر الحَجّ، ومَن فَقَد ذلك، فإنّه لا يُسمّى مُتمتِّعاً؛ لأنّه فاقدٌ للحقيقة.
شروط حجّ التمتُّع:
شروط حجّ التمتُّع المُتَّفق عليها
تقديم العُمرة على الحجّ
اتّفق أهل العلم على اشتراط الإحرام لأداء العُمرة أوّلاً قبل الإحرام بالحجّ، وذلك في حجّ التمتُّع؛ فيُؤدّي الحاجّ أعمال العُمرة قبل أعمال الحجّ، وإن أحرم الحاجّ بالحجّ والعُمرة معاً من الميقات، يكون حجّه قارناً، وكذلك إن أدخل أعمال الحجّ على أعمال العُمرة، وقال الحنفيّة بصحّة حجّ التمتُّع بأداء أربعة أشواطٍ من الطواف قبل الإحرام بالحجّ.
أداء العُمرة في أشهر الحجّ
يُؤدّى الحجّ في أشهر مُعيَّنةٍ من السنة، وهي: شهر شوّال، وشهر ذي الحِجّة، وشهر ذي القعدة، على تفصيلٍ في ذلك بين المذاهب الفقهيّة في إحرام المُتمتِّع وأدائه للعُمرة، فيما يأتي:
-
الشافعيّة: قالوا بالإحرام من الميقات بالعُمرة في أشهر الحجّ، والانتهاء من العُمرة، ثمّ الإحرام بالحجّ من مكّة.
-
الحنفيّة: قالوا بعدم اشتراط الإحرام للعُمرة في أشهر الحجّ؛ فلو أحرم الحاجّ بالعُمرة في رمضان، وبقي على إحرامه إلى شوّال من العام المُقبل، ثمّ أدّى الحجّ؛ فإنّه يُعَدّ بذلك مُتمتِّعاً.
-
المالكيّة: اشترطوا أداء العُمرة أو بعضها في أشهر الحجّ.
-
الحنابلة: قالوا بالإحرام للعُمرة في أشهر الحجّ، ثمّ الفراغ من نُسكها؛ للإحرام بالحجّ، ويكون ذلك في عامٍ واحدٍ.
أداء الحجّ والعُمرة في عامٍ واحدٍ
اتّفق العلماء أنّه لا بُدّ من أداء الحجّ والعُمرة في عامٍ واحدٍ، على تفصيلٍ في ذلك في كلّ مذهبٍ من المذاهب الفقهيّة، على النحو الآتي:
-
الشافعيّة: اشترطوا على المُتمتِّع أدء الحجّ والعُمرة في عامٍ واحدٍ؛ إذ يجوز الإحرام بالعُمرة في غير أشهر الحجّ، وأداؤها ولو في أشهر الحجّ، ولا يلزمه الهَدْي بذلك؛ لأنّه أشبه بذلك الحجّ المُفرَد.
-
الحنفيّة: قالوا بوجوب أداء الحجّ والعُمرة للمُتمتِّع في عامٍ واحدٍ، وسفرٍ واحدٍ؛ فلا يُقبَل من الحاجّ أداء طواف العُمرة في سنة، ثمّ أداء الحجّ في السنة التالية.
-
المالكيّة: قالوا بأداء نُسك الحجّ والعُمرة في سنةٍ واحدةٍ.
-
الحنابلة: قالوا إنّ الحاجّ لا يكون مُتمتِّعاً إلّا إن أدّى العُمرة والحجّ في عامٍ واحدٍ.
التحلُّل من العُمرة قبل الإحرام بالحجّ
اتّفق العلماء على أنّه يُشترَط للحاجّ المُتمتِّع أن يتحلّل من العُمرة قبل البدء بنُسك الحجّ، وإن أدّى عملاً من أعمال الحجّ قبل تحلُّله، فإنّه يكون قارناً، وليس مُتمتِّعاً، وفصّل الحنفيّة في ذلك؛ فقالوا إنّ ما سبق بيانه خاصٌّ بالحاجّ الذي لم يَسُق الهَدْي، أمّا مَن ساقه، فإنّه يتحلّل من إحرامه، ثمّ يُحرم للحَجّ يوم التروية، أو قبله، ويكون إحرامه كإحرام أهل مكّة، ويتحلّل من الإحرامَين إن قصّر من شَعْر رأسه، أو حَلَقه يوم النَّحر.
ألّا يكون الحاجّ من أهل مكّة
اتّفق العلماء على أنّ حجّ التمتُّع لا يصحّ إلّا ممّن كان خارج مكّة؛ فلا يصحّ من أهل مكّة أداؤه، وبيان تفصيل آراء المذاهب الفقهيّة فيما يأتي:
-
الشافعيّة: اشترطوا للحاجّ المُتمتِّع الذي يجب الهَدْي في حقّه ألّا يكون من أهل مكّة، ولا قريباً منها مسافة تقلّ عن المسافة التي يجوز فيها قَصْر الصلاة؛ فإن كان من أهل مكّة، أو قريباً منها فلا يصحّ تمتُّعه؛ استدلالاً بقَوْل الله -تعالى-: (فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ).
-
الحنفيّة: اشترطوا ألّا يكون الحاجّ المُتمتِّع من أهل مكّة، وألّا يعزم التوطُّن فيها بعد أداء النُّسك؛ فلو عزم الحاجّ المُتمتِّع على الإقامة في مكّة بعد أداء النُّسك، فلا يكون حجّه تمتُّعاً، وإن أقام شهرين على سبيل المثال دون العزم على التوطُّن، فإنّ حجّه يكون تمتُّعاً، ولا يُعَدّ المُقيم في المدينة المُنوَّرة من أهل مكّة، وكذلك المُقيم في مكّة، فهو لا يُعَدّ من أهل المدينة.
-
المالكيّة: اشترطوا للحاجّ المُتمتِّع ألّا يكون من حاضري المسجد الحرام؛ أي ألّا يكون من أهل مكّة المُكرَّمة؛ فأهل مكّة يُحرمون من مكّة.
-
الحنابلة: قال بأنّ الحاجّ المُتمتِّع يجب ألّا يكون من أهل مكّة المُكرَّمة، ولا قريباً من مكّة مسافة تقلّ عن المسافة التي يجوز فيها قَصْر الصلاة، وبذلك يجب الهَدْي على المُتمتِّع.
شروط حجّ التمتُّع المُختلَف فيها
نيّة التمتُّع
اختلف العلماء في اشتراط عَقْد نيّة التمتُّع بالعُمرة والحجّ حين الإحرام بالعُمرة، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما آتياً:
-
القول الأوّل: لم يشترط كلٌّ من الشافعيّة، والحنفيّة، والمالكيّة نيّة التمتُّع حين الإحرام؛ فمن أدّى العُمرة والحجّ دون عَقْد نيّة التمتُّع، وَجَب عليه الهَدْي، وذلك ما ذهب إليه محمد الشنقيطي، واللجنة الدائمة للبحوث العلميّة والإفتاء؛ واستدلّوا على قولهم بأنّ الهَدْي واجبٌ على المُتمتِّع؛ بسبب ترك الإحرام بين العُمرة والحجّ، وذلك يتحقّق سواءً بالنيّة، أو دونها، بالإضافة إلى عموم قَوْل الله -تعالى-: (فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ).
-
القول الثاني: اشترط الحنابلة عَقْد النيّة على التمتُّع حين الإحرام، على خِلافٍ بين فقهاء المذهب في وقتها؛ إن كانت قبل العُمرة، أو أثناءها، أو بعدها وقبل أداء الحجّ، وهو اختيار ابن عثيمين؛ وقد استدلّوا باشتراط القصد والنيّة في ظاهر قَوْل الله -تعالى-: (فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ).
عدم السفر بين الحجّ والعُمرة
اختلف العلماء في اشتراط عدم السفر بين أداء الحجّ والعُمرة للحاجّ المُتمتِّع، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما آتياً:
-
القول الأوّل: اشترط الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة عدم السفر بين العُمرة والحجّ للمُتمتِّع، وأضاف الحنفيّة أنّ المُتمتِّع إن سافر إلى أهله بعد العُمرة سفراً صحيحاً، فإنّ تمتُّعه يبطل؛ لأنّه انقطع عن السفر الأوّل، وقال الحنابلة إنّ الحاجّ إن سافر يكون حجّه مفرداً، وليس تمتُّعاً.
-
القول الثاني: اشترط الشافعيّة عدم رجوع الحاجّ المُتمتِّع إلى الميقات الذي أحرم منه؛ كي يجبَ عليه هَدْي التمتُّع.
عدم إفساد العُمرة أو الحجّ
اختلف العلماء في حُكم حجّ التمتُّع لمَن أفسد الحجّ أو العُمرة، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما آتياً:
-
القول الأوّل: اشترط الحنفيّة في حجّ التمتُّع عدم إفساد العُمرة أو الحجّ، ولا يُعَدّ الحاجّ مُتمتِّعاً إن أفسد أحدهما، ولا يترتّب الهَدْي عليه؛ لأنّ الترفُّه لم يتحقّق له.
-
القول الثاني: قال كلٌّ من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة إنّ الحاجّ يبقى مُتمتِّعاً إن فَسد حَجّه، أو فَسدت عُمرته، ويجب عليه الهَدْي.