هناك مفاسد وأضرار مشتركة بين مفاسد اللوطية الصغرى والكبرى: منها خلقية، طبية، وطبيعية. وقد بيّن ابن القيم جملةً في سبيل اللوطية الكبرى من المفاسد الدنيوية والأُخروية فقال: أما سبيل الأمة اللوطية فإن سبيلها كسبيل الهالكين المفضية الذي تسلك بهم إلى منازل المعذبين، الذين جمع الله عليهم من أنواع العقوبات ما لم يجمعه على أمة من الأمم لا عن من تأخر عنهم، ولا عن من تقدم، وجعل آثارهم وديارهم عِبرةً للمعتبرين وموعظة للمتقين، وجمع على القوم بين عُمي الأبصار وخسف الديار، والقذف بالأحجار، ودخول النار، وقال محذراً لمن عمل عملهم ما حل بهم من العذاب الشديد.لقد قيلَ أن عقوبة اللواط أغلظ من عقوبة الزنا على ما حكم به جل الصحابة رضي الله عنهم وهل أفتوا به أم أن عقوبة الزنا أغلظُ من عقوبة اللواط، أم أنهما متساويتان، وسنبين ذلك في عدة أقوال:
القول الأول: أن عقوبة اللواط أغلظ من عقوبة الزنا، فعقابهُ القتل حداً على كل حال محصناً أو غير محصن، قال ابن القيم: ذهب أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب، وخالد بن الوليد وغيرهم من الصحابة أن عقوبة اللواط أغلظ من عقوبة الزنا وعقوبته القتل على كل حال محصناً أو غير محصن.
الدليل على ذلك: استدل ابن القيم رحمه الله على هذا القول بالسنة، والإجماع ومطابقةً لحكم الشارع في تغليظ العقوبات كلما تفاقمت المُحرمات. فثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “اقتلوا الفاعل، والمفعول به” رواه الترمذي.
القول الثاني: أن عقوبة اللواط والزنا سواء، فيجلد مرتكبه مائة جلدةٍ ويغرب سنة إن كان بكراً، ويُرجم إن كان مُحصناً. وقد ذكر ابن القيم ذهب عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري وغيرهم أن عقوبة الزنا واللواط سواء.
الدليل على ذلك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “إذا باشر الرجل الرجل فهما زانيان” إن النبي صلى الله عليه وسلم سمّى كل من اللائط والملوط به زانياً، وذلك والله أعلم بجامع الوطء في محل محرم، فلما أدخله صلى الله عليه وسلم في مسمّى الزنا صارت عقوبة اللواط مثل عقوبة الزنا متساويات.
القول الثالث: إن عقوبة اللائط هي التعزيزُ بالضربِ والسجن ونحو ذلك، وهذا مذهب أبي حنيفة وفي بيانه يقول ابن القيم ذهب الحاكم وأبي حنيفة إلى أن عقوبته دون عقوبة الزنا، هي التعزيز. ثم يذكر ابن القيم أن أصحاب إبن حنيفة
قد صرحوا بأن اللوطي إذا أكثر منه قُتل تعزيزاً، ثم قال هؤلاء إذا كثر من اللوطي فيجوز للإمام قتله تعزيزاً، هكذا صرح أصحاب أبي حنيفة.
الدليل على ذلك: أن للّواط في الشرع عقوبة مقدرةً، فصار فيها التعزير. وفي حكاية هذا الأمر يقول ابن القيم، قالوا أن اللواط معصيةً من المعاصي التي لم يقدر الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم فيها حداً معيناً فكان فيه التعزيز، مثل أكل الميتة والدم ولحم الخنزير.