مثل العالم العامل والعالم غير العامل

الكاتب: المدير -
مثل العالم العامل والعالم غير العامل
"مثل العالم العامل والعالم غير العامل




قال الله تعالى: ? مَثَلُ الَّذِين حُمِلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمُلُ أسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقُومِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ? [1]، هذا توصيف متميز وميزان آخر يبين الله من خلاله حال الذين يحملون العلم ولكنهم لم يعملوا بمقتضاه، أو يعملون ظاهراً ولكنهم خربوا بواطنهم، فلا فائدة منهم تذكر، لأنهم عرفوا وأنكروا.

 

قال ابن كثير (رحمه الله):

(يقول الله ذاماً لليهود الذين أُعطوا التوراة وحملوها للعمل بها ثم لم يعملوا بها مثلهم كمثل الحمار يحمل أسفاراً أي كمثل الحمار إذا حمل كتباً لا يدري ما فيها فهو يحملها حملاً حسياً ولا يدري ما عليه، وكذلك هؤلاء في حملهم الكتاب الذي أُوتوه حفظوه لفظاً ولم يتفهموه ولا عملوا بمقتضاه بل أوّلوه وحرفوه وبدلوه فهم أسوأ حالاً من الحمير، لأن الحمار لا فهم له وهؤلاء لهم فهوم لم يستعملوها ولهذا قال الله تعالى في الآية الآخرى ? أُوْلئِكَ كَالأَنْعَام بَلْ هُمْ أَضل أُوْلِئكَ هُمْ الْغَافِلونَ ?)[2].

 

وذكر الله عز وجل مثلاً آخر في سورة الأعراف عن عالم من بني إسرائيل لم ينفعه علمه، فشبه بالكلب الذي إن تحمل عليه يلث أو تتركه يلهث، بمعنى أنه لم يستفد من علمه شيئاً بل إن الشيطان اتبعه فكان من الغاوين، قال تعالى: ? وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلَهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ? [3].

 

وقد ذكر الإمام المقدسي أصنافاً أخرى فقال:

(ومنهم فرقة أُخرى أحكموا العلم والعمل الظّاهر، ولم يتفقدوا قلوبهم ليمحوا الصفات المذمومة منها، كالكبر والحسد والرياء، وطلب العلو، وطلب الشهرة، فهؤلاء زينوا ظاهرهم، وأهملوا بواطنهم، ونسوا قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم))[4])[5].




[1] الجمعة: 5.

[2] تفسير ابن كثير: 4/ 364.

[3] الأعراف: 175-176.

[4] رواه مسلم برقم (525)، وأحمد: 2 /285، وابن ماجه برقم (4143).

[5] رواه أبو داود برقم (3641) والدارمي: 1 /98، وأحمد: 5 /196، والترمذي برقم (2684)، وله شواهد يتقوى بها كما في الفتح: 1 /169، والحديث حسن.


"
شارك المقالة:
247 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook