ؤ واشتهر عدد من الصحابة الكرام باهتمامهم بالقرآن الكريم وكيفية قراءته وضبط ألفاظه، وفي هذا العصر لم يكن علم التجويد ظاهرًا ومكتوبًا وإنما كان يؤخذ مشافهة ولم يُطلق عليه اسم علم التجويد وإنما ظهر في ما بعد، وأول من ألف بهذا العلم كان أبو عبيد القاسم بن سلام حيث وضع كتابًا سمّاه "كتاب القراءات"، والتجويد مباحث وأقسام ومن المباحث المهمة في هذا العلم مبحث مد الصلة الكبرى في علم التجويد وهو ما سيتناوله هذا المقال.
المد في اللغة يعني: الزيادة، قال -تعالى-: {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم}،أي: يزدكم، ومدّ الشيء، أي: زاد فيه، أما في الاصطلاح فهو إطالة الصوت بحرف من حروف المد أو بحرف من حروف اللين، وعكس المد القصر وهو الأصل أي أن الأصل عدم مد الحرف وإنما المد حكم خاص بحروف معينة أثناء تلاوة القرآن الكريم، والمد أقسام وفروع فهو ينقسم إلى قسمين أساسين هما المد الأصلي والمد الفرعي وتندرج تحتهما جميع فروع المد، كما أن المد الفرعي يتوقف على سبب من همزٍ أو سكون، وله خمسة أنواع وهي: البدل والمتصل والمنفصل واللازم والعارض للسكون، وهناك فرع آخر مُلحق بالمد المنفصل وهو مد الصلة الكبرى في علم التجويد وهو ما ستتناوله الفقرة الآتية.
يرتبط مبحث مد الصلة الكبرى في علم التجويد ارتباطًا وثيقًا بهاء الكناية، التي تعرّف بأنها: هاء زائدة عن بِنْية الكلمة، تدل على المفرد المذكَّر الغائب، وأصلها الضم، إلا أن يقع قبلها كسرٌ أو ياءٌ ساكنة فتكسر حينئذٍ، ويخرج من هذا التعريف الهاء الأصلية نحو كلمة "نفقه"، وتتصل هاء الكناية بالاسم والفعل والحرف، ولها أربع حالات وهي:
تم الحديث عن هاء الكناية وهي مقدمة لا بدّ منها لبيان معنى مد الصلة الكبرى في علم التجويد وهو: مد فرعي متوقف على سبب، وذلك بأن يقع بعد هاء الكناية المتحركة الواقعة بين متحركين همزة قطع نحو قوله -تعالى-: {إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا}، فتمد بمقدار أربع أو خمس حركات إلحاقًا بالمد الجائز المنفصل