مراكز العمران الحضري في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
مراكز العمران الحضري في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

مراكز العمران الحضري في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية.

 
حسب نتائج تعداد السكان 1425هـ / 2004م يوجد في المنطقة أربع مدن، يعيش فيها نحو 87% من إجمالي سكان المنطقة، مقارنة مع أربع مدن عام 1413هـ / 1992م كان فيها نحو 77% من السكان، أي أن عدد المدن في المنطقة لم يتغير بين عامي 1413 و 1425هـ / 1992 و 2004م، لكن نصيبها من سكان المنطقة ارتفع من 77 - 87%. وفي عام 1394هـ / 1974م، كان هناك ثلاث مدن يقطنها 37224 نسمة يمثلون 29% من سكان المنطقة آنذاك، هي مدينة عرعر مقر إمارة المنطقة، ويقطنها نحو 21 ألف نسمة نحو 16% من إجمالي سكان المنطقة في ذلك الوقت، ومدينة طريف، وكانت في المرتبة الثانية بنحو عشرة آلاف نسمة، ثم مدينة رفحاء بنحو ستة آلاف نسمة. وما سبق يوضح أن المنطقة شهدت زيادة سريعة في التركز الحضري، وخصوصًا في مدينتي عرعر ورفحاء، (جدول 27) .
 
وعند تصنيف مراكز العمران الحضري حسب حجمها عام 1425هـ / 2004م يتضح وجود فارق كبير بين المدينة الأولى والمدن التالية لها. فبينما يتجاوز سكان مدينة عرعر - العاصمة الإدارية للمنطقة وأكبر مراكزها الحضرية - 145237 ألف نسمة، يقل سكان مدينة رفحاء - مقر محافظة رفحاء، وثاني مدن المنطقة من حيث الحجم - عن 45 ألف نسمة، ثم تأتي مدينة طريف مقر محافظة طريف في المرتبة الثالثة بنحو 40 ألف نسمة، ثم مدينة العويقيلة بالمرتبة الرابعة والأخيرة بنحو 12 ألف نسمة.
بفتح العين بعدها راء ساكنة ثم عين مفتوحة ثم آخره راء  .  سميت بهذا الاسم نسبة إلى وادي عرعر حيث قامت النواة الأولى للمدينة بجواره، وسمي الوادي بهذا الاسم لكثرة أشجار العرعر فيه.
 
تقع مدينة عرعر في أقصى شمال المملكة، في مركز يتوسط منطقة الحدود الشمالية  ،  وتبعد عن مدينة الرياض عبر الطريق المسفلت بنحو 1050كم. وعرعر مدينة حدودية تبعد نحو 60كم عن الحدود الدولية بين المملكة والعراق، ويقع إلى الشرق منها منفذ (جديدة عرعر) أهم المنافذ البرية بين المملكة والعراق. يمر بها طريق التابلاين (طريق الشمال الدولي) الذي يصل إلى منفذ الحديثة في محافظة القريات التابعة لمنطقة الجوف، ويربط برًا وسط المملكة وشرقها ودول مجلس التعاون ببلاد الشام.
 
تعرف المنطقة التي نشأت فيها مدينة عرعر بـ (الوديان) لكثرة الأودية فيها. ويعد وادي عَرْعَر من أكبر هذه الأودية، يرفده عدد من الأودية والشعاب، وتمتد أعالي فروعه غربًا حتى قرب خط طول 40 شرقًا. وقرب التقاء هذه الأودية قامت مدينة عرعر التي حملت اسم الوادي. وقبل توحيد المملكة كانت مدينة عرعر شبه خالية من مراكز العمران أو التجمعات السكانية المستقرة  
 
وعرعر مدينة حديثة النشأة والعمران؛ تعود نشأتها إلى عام 1369هـ / 1950م, وكانت نواتها الأولى محطة لضخ النفط أنشئت على خط (التابلاين)، وقد أقيمت هذه المحطة في مكان منخفض بجانب وادي بدنة؛ ولذا كانت مدينة عرعر في بداية نشأتها تعرف بـ (بدنة).
 
وتطلب إنشاء محطة الضخ توفير المباني السكنية والخدمات للعاملين في المحطة وعائلاتهم، وأقيمت هذه المنشآت على ضفة وادي عرعر، في موضع يبعد 4كم عن محطة ضخ النفط، ومثلت النواة الحقيقية للمدينة.
 
ومن الواضح أن إنشاء محطة ضخ النفط، ومدّ طريق معبد بجوارها، وإقامة بعض المنشآت، مثل: مساكن للعاملين، ومركز للرعاية الصحية، وحفر آبار للمياه، وتهيئة أمكنة مخصصة لسقيا الرعاة ومواشيهم، كلها كانت مغريات قوية للقبائل البدوية لكي تتجمع قرب محطة ضخ النفط بحثًا عن العمل والرعاية الصحية.
 
وأخذ الناس من داخل المملكة والبلدان العربية المجاورة في التوافد والاستقرار في المدينة الناشئة لتوافر الأعمال الخاصة والوظائف الحكومية والخدمات، كما استوطن فيها سكان البادية الموجودون في المنطقة، وانتقل إليها عدد من أبناء مدن الشمال وباديتها وخصوصًا حائل والجوف، والتحق أبناؤهم في شركة التابلاين والحرس الوطني والشرطة والوظائف الحكومية المدنية الأخرى  
 
ويمثل المخطط الذي نفذته شركة التابلاين في موضع يقع في الجهة الشمالية الغربية من نقطة التقاء وادي عرعر بوادي بدنة نواة المدينة الأولى. ولم يقتصر أثر إنشاء محطة التابلاين (ضخ بدنة) على نشأة مدينة عرعر فقط بل امتد إلى تشكيل استعمالات الأرض داخل هذه المدينة  .  كما كان لكل من وادي بدنة ووادي عرعر والطريق المعبد الموازي لخط التابلاين تأثير كبير في تحديد محاور نمو المدينة واتجاهاتها.
 
وتعد عرعر من المدن القليلة في المملكة التي شيدت بعض مرافقها العمرانية - مثل: المدرسة والمستشفى، وعدد من الدوائر الحكومية، ومساكن العمال وكبار الموظفين - قبل أن يستقر فيها السكان. وخططت حسب خطة شبكية على نمط المدن الأمريكية، فهناك شارع عريض في وسط المدينة وشوارع فرعية متعامدة عليه، كما أنشئ سدّ ترابي بارتفاع 4م بين وادي عرعر والمدينة الجديدة لحمايتها من فيضان واديي عرعر وبدنة  . 
 
وخلال الفترة بين عامي 1370 و 1395هـ / 1951 و 1975م أخذت المدينة في التوسع والنمو تدريجيًا، فإلى جانب تطور وظيفتها الإدارية بوصفها عاصمة لمنطقة الحدود الشمالية، دخلت وظائف وخدمات جديدة تعليمية وصحية؛ فقد أسست بلديتها في عام 1371هـ / 1952م، كما شيد في عام 1374هـ / 1955م مطار محلي بجوار المدينة من الجنوب الغربي، ثم أسست شركة عامة للكهرباء عام 1377هـ / 1957م.
 
وتركز توسع المدينة ونموها في المراحل الأولى بالاتجاهين الشمالي والشمالي الغربي، كما بدأت تظهر حول نواتها المساكن المؤقتة، ومعظمها كانت خيامًا أقامها سكان البادية، وما لبثت هذه الخيام أن تحولت إلى مساكن دائمة مشيدة من الطين ثم الأسمنت فيما بعد.
 
ومع تنامي الهجرة إلى المدينة وتحول سكان البادية إلى الاستقرار فيها، تزايد عدد السكان، وتوسعت المدينة باتجاه الشمال والشمال الشرقي، كما ظهرت نُويات لعدد من الأحياء السكنية المنعزلة في الجهة الغربية والجنوبية الغربية من المدينة  
 
ومنذ بداية خطة التنمية الثانية عام 1395هـ / 1975م وإنشاء صندوق التنمية العقارية، شهدت مدينة عرعر توسعًا في عمرانها وزيادة كبيرة في عدد سكانها، وبدأت كتلة المدينة بالاتساع في جميع الاتجاهات، وقام عدد كبير من الأحياء الجديدة، رافق ذلك تنفيذ عدد من المشروعات والمنشآت التعليمية والصحية والاجتماعية، ومشروعات للطرق. وكان من أهم العوامل التي ساعدت على نمو المدينة ومحاور النمو، ربط مدينة عرعر بطرق معبدة مع المدن والمناطق المجاورة، وكذلك تشييد مطار جديد عام 1397هـ / 1977م، يقع على بعد 20كم إلى الشرق من وسط المدينة، وذلك على طريق عرعر - رفحاء.
 
وتعد مدينة عرعر من المدن المتناسقة تخطيطيًا، كما تتميز بنسيجها الشبكي.
 
قال عنها أحد زوارها عام 1395هـ / 1975م:
 
" مدينة حديثة في نشأتها وعمرانها، تقع في سهل فسيح يحف بها وادي عرعر من الجنوب - واد كبير وشهير - وباسمه سميت هذه المدينة، شوارعها منسقة...، وبعض بيوتها مبني من الطين، فيها مقر إمارة الحدود الشمالية ودوائر الحكومة، ولها سوق تجارية... وهي من البلدان التي سايرت في نموها وتطورها نمو النهضة العمرانية والاجتماعية في المملكة "  . 
 
وقال عنها صاحب المعجم الجغرافي (شمال المملكة):
 
" وفي هذا الوادي تقع مدينة عرعر التي أنشئت إثر مد خط أنابيب النفط، في أول النصف الثاني من القرن الرابع عشر، وهي قاعدة إمارة الحدود الشمالية. وهي مدينة في براح واسع من الأرض، ممتدة الشوارع، واسعتها، كثيرة السكان، قوية الحركة، يشاهد المرء فيها مختلف الأجناس، من سكان الجزيرة، ومن أهل الشام ومن أهل العراق ممن يشتغل بالتجارة، وهي في موقع هيأ لها أن تكون من المدن التجارية العظيمة.. "  
 
ومدينة عرعر هي العاصمة الإقليمية والإدارية لمنطقتها، وفيها مقر إمارتها، وتتركز فيها الإدارات والمؤسسات الحكومية الإقليمية. تشرف أمانة منطقة الحدود الشمالية على تخطيط وتنظيم مدينة عرعر وبقية مدن المنطقة وقراها، ويرتبط بها ثلاث بلديات (بلدية محافظة رفحاء، وبلدية محافظة طريف، وبلدية العويقيلة).
 
لقد أصبحت مدينة عرعر منذ نشأتها مركز تجمع سكاني بمنطقتها، وازداد سكانها بصورة مطردة، فمن 20760 نسمة عام 1394هـ / 1974م قفز عددهم إلى 108055 نسمة عام 1413هـ / 1992م، وإلى 145237 نسمة عام 1425هـ / 2004م  .  ونسبة كبيرة من الزيادة ناتجة من الهجرة الداخلية من إقليم المدينة وخصوصًا من سكان البادية، إضافة إلى الهجرة القادمة من خارج المملكة، وبخاصة من الدول العربية المجاورة.
 
لقد تحولت محطة الضخ التي بدأ إنشاؤها في مكان خال تمامًا من مراكز العمران الدائمة، إلى مدينة عامرة، فيها مقومات المدينة العصرية من مدارس وكليات جامعية ومستشفيات، وهي تمثل نموذجًا لسرعة نمو المدن والتحضر في المنطقة، كما أصبحت تحتل مرتبة متقدمة في منظومة المدن السعودية.
 
تقع مدينة عرعر في المرتبة الحادية والعشرين بين مدن المملكة من حيث عدد السكان، وتنفرد بحجم سكاني خاص على مستوى منطقتها، حيث تحتل المركز الأول، وتزداد هيمنتها الحضرية من خلال تزايد نصيبها من إجمالي سكان منطقتها، فقد ارتفع نصيبها من 16.3% عام 1394هـ / 1974م، إلى47.2% عام 1413هـ / 1992م، وإلى 52% عام 1425هـ / 2004م. وهذا يعني هيمنتها حضريًا في منطقة الحدود الشمالية.
 
وفي مدينة عرعر عدد من المنشآت والمعالم العمرانية والحضارية الحديثة، والكليات الجامعية والأسواق والمجمعات التجارية. ويمثل جامع خادم الحرمين، ومباني الإمارة، وخط أنابيب النفط، ومنشآت محطة التابلاين؛ أبرز المعالم العمرانية. وتمتاز المنطقة بتنوع المعالم الطبوغرافية والمحميات الطبيعية التي تتناسب مع السياحة البيئية مثل: محمية حرة الحرة، وهضبة الحماد، والوديان. وتكثر فيها الأودية والمنخفضات التي تتجمع فيها السيول (رياض، وفياض، وخباري). وهي من أشهر أمكنة الرعي والصيد في المملكة. ويتوافر فيها مخزون كبير من خام الفوسفات وذلك في حزم الجلاميد 100كم تقريبًا من مدينة عرعر. وهذا التنوع في الإمكانات الاقتصادية والخصائص الطبيعية والمكانية للمدينة وما حولها يعني توافر مزيد من فرص العمل ووجود عدد من عناصر الجذب الإضافية إلى المدينة مما سوف يسهم في نموها وتوسعها مستقبلاً.
 
ب - مدينة رَفْحَاء: 
 
بفتح الراء وإسكان الفاء وفتح الحاء بعدها ألف. وترسم بثلاث طرق (رفحاء, رفحا, رفحة). يقال: إنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى امرأة تدعى رفحاء كانت تقيم مع ذويها قرب قارة   (تل صغير) في شمال غربي المدينة، ومن ثم أطلق اسم هذه المرأة على هذه القارة الذي أصبح فيما بعد اسمًا للمدينة  . 
 
يقول أحد المؤرخين عن نشأتها وسبب تسميتها:
 
" من القرى التي نشأت بعد مد أنابيب النفط، وتقع شمال زبالة على مقربة من طريق زبيدة غربه، غرب الجميمة، على خط الأنابيب، وكانت من أشهر مناهل الحجرة. وسميت رفحا بِقويرة صغيرة تقع شرقها، بالقرب منها كان اسمها رفحا، ولما حفرت البئر بجوارها سميت البئر بئر رفحا، ثم أصبحت تسمى رفحا فيما بعد "  . 
 
تقع رفحاء إلى الجنوب الشرقي من مدينة عرعر على بعد نحو 285كم. يمر بها طريق التابلاين (طريق الشمال الدولي) الذي يصل إلى منفذ الحديثة في محافظة القريات في منطقة الجوف. ورفحاء مدينة حدودية، تبعد عن الحدود الدولية السعودية - العراقية أقل من 40كم. وتعد أقرب التجمعات السكانية الحضرية في المملكة إلى هذه الحدود.
 
كانت رفحاء وما حولها مساكن عدد من القبائل العربية القديمة التي كانت تتنقل في المنطقة، وشهدت أمكنة من محافظتها عددًا من أيام العرب المعروفة في الجاهلية. كما كانت منطقة عبور للقوافل والحجاج، حيث يخترقها درب زبيدة الشهير. وقبل توحيد المملكة، كانت المنطقة شبه خالية من مراكز العمران أو التجمعات السكانية المستقرة، لكنها كانت من أهم أمكنة الرعي التي تنتشر فيها موارد المياه، وتتجول فيها القبائل الرحل.
 
قامت مدينة رفحاء في أرض منبسطة نسبيًا إلى الغرب من بركة الجميمة، إحدى البرك الواقعة على درب زبيدة، قرب مسار خط التابلاين، وعلى مسافة 10كم إلى الشرق من وسط مدينة رفحاء، وبعد إنشاء خط التابلاين حفرت بقرب البركة آبار مياه، واستقر سكان البادية بجوارها، وأصبح فيها مركز عمراني صغير، عرف بمركز الجميمة.
 
ومدينة رفحاء مثل بقية مدن منطقة الحدود الشمالية حديثة النشأة والعمران. وكانت قبل عمرانها مورد ماء لسكان البادية المحيطة بها وتعود نشأتها إلى زمن مدِّ خط أنابيب النفط الذي أقيمت له عدد من محطات الضخ لتقوية جريان النفط، وكانت إحدى هذه المحطات في رفحاء.
 
وبجوار محطة الضخ من الجنوب نشأت النواة الأولى للمدينة، وتجمع عدد من سكان بادية المنطقة حولها للعمل في المحطة، والاستفادة من الخدمات الحديثة التي تتوافر فيها، وبخاصة الخدمات الصحية التي كان يوفرها المركز الصحي، علاوة على توافر مياه الشرب، وأمكنة سقيا الماشية من مياه الآبار التي حفرتها الشركة في المكان. ومع مرور الزمن أخذت فرص العمل المتوافرة في هذه المحطة تجذب الناس شيئًا فشيئًا إليها حتى أصبحت أحد التجمعات السكانية الرئيسة على طول هذا الخط.
 
وباستثناء المباني التي شيدتها شركة التابلاين في مقرها لمكاتبها وسكن موظفيها، فإن غالبية المساكن - في أول الأمر - كانت من الخيام وبيوت الشعر والصنادق المؤقتة، ثم ما لبثت أن تحولت إلى مساكن دائمة ومشيدة من الطين قبل أن تسود المباني الخرسانية فيما بعد.
 
وبعد توقف محطة الضخ عام 1387هـ / 1967م، تراجعت جاذبية رفحاء إلى درجة كبيرة. قبل أن تستعيدها بعد البدء في تنفيذ خطط التنمية، وما حوته من مشروعات عمرانية وخدمات، وشبكات طرق، خصوصًا صندوق التنمية العقارية الذي كان له دور كبير في التنمية العمرانية وجذب السكان للاستقرار في المدن.
 
كما امتدت إليها مشروعات التنمية والخدمات الحكومية من تعليم وصحة ووزعت الأراضي السكنية وقدمت القروض. وبين عامي 1390 و 1395هـ / 1970 و 1975م أنشئ فيها مطار مدني، وفرقة للحرس الوطني، وشركة مساهمة للكهرباء، وبلدية  .  كل هذه العوامل وغيرها أسهمت في استمرارية جاذبية المدينة ونموها، وشجعت سكان البادية على الاستقرار فيها.
 
قال عنها أحد زوارها عام 1395هـ / 1975م قادمًا من حفر الباطن عن طريق خط التابلاين المسفلت: " بلدة غير كبيرة واقعة على نفس الطريق، شوارعها منسقة، وبعض مساكنها مبني من الطين، وفيها مبان حديثة، وفيها سوق تجاري "  
تمتد الكتلة العمرانية الرئيسة لمدينة رفحاء إلى يمين خط أنابيب التابلاين والطريق الموازي له للمتجه من رفحاء إلى مدينة عرعر، في حين يقع مطار المدينة في الجهة المقابلة لها. وقد حدد الطريق ومحطة التابلاين شمال غرب ومطار رفحاء غرب الخط، شكل نمو المدينة واتجاهاتها.
 
ومن حي العمال المجاور لسور محطة الضخ من الجنوب الشرقي، الذي يعد نواة المدينة الأولى، امتد العمران ناحية الشمال والشرق والجنوب الشرقي، في حين حال مقر شركة التابلاين وخط التابلاين والمطار دون التوسع. وهذا كان سببًا في أن الكتلة العمرانية للمدينة لم تمتد بشكل طولي كما هي الحال في بقية المدن التي تقع على الخطوط الدولية الرئيسة. ومع استمرارية تركز توسع المدينة باتجاه الشرق والشمال الشرقي، قامت بعض الأنشطة الصناعية - وبخاصة مصانع مواد البناء، وورش السيارات ومعارضها، ومحطات خدمات السيارات - على الطريق الدولي خصوصًا في الطريق المتجه جنوبًا من رفحاء إلى حفر الباطن  . 
 
ومثل كثير من المدن الحديثة تعد رفحاء من المدن المتناسقة تخطيطيًا، وتتميز بنسيجها الشبكي، إذ يفصل الشارع الرئيس الأحياء القديمة الواقعة إلى الغرب منه، عن الأحياء الحديثة إلى الشرق منه  
لقد نمت مدينة رفحاء خلال الفترة الماضية نموًا سريعًا، وتميزت هذه الفترة بزيادة سكانية ظاهرة، خصوصًا نتيجة استقرار سكان البادية. وساعد توافر خدمات جديدة وتوافر فرص العمل على استقطاب الأيدي العاملة، وعلى الاستقرار، وأصبحت رفحاء ثاني مدن منطقة الحدود الشمالية.
 
وتكمن أهمية المدينة في موقعها على طريق الشمال الدولي، وعلى مقربة من الحدود الدولية بين المملكة والعراق، إلى جانب مساحاتها الرعوية الواسعة، مما جعلها مركزًا إداريًا وتجاريًا، ومركز خدمات لعدد كبير من القرى والهجر والمزارع والمناطق الرعوية المنتشرة في محافظتها التي تستمد خدماتها الأساسية منها، كما أن إنشاء مخيم إيواء اللاجئين العراقيين عام 1411هـ / 1991م بالقرب من المدينة زاد من أهميتها ونشاطها العمراني والاقتصادي خلال فترة وجوده  .  كما توجد فيها الدوائر الحكومية الرئيسة، وتتوافر فيها الخدمات الأساسية: مستشفى، ومدارس، ومعاهد للتعليم العام، وكليات للبنين والبنات، وأسواق تجارية. وفيها بلدية فئة (ج)، تقدم خدماتها للمدينة ولعدد من المراكز والقرى والهجر المرتبطة بها.
 
لم يكن عدد سكان مدينة رفحاء المستقرين في عام 1394هـ / 1974م يتجاوز 6318 نسمة، لكنه ارتفع في عام 1413هـ / 1992م إلى 30135 نسمة يمثلون نحو 13.2% من إجمالي سكان المنطقة آنذاك، ووصل عددهم في عام 1425هـ / 2004م إلى 44889 نسمة أي نحو 16.1% من إجمالي سكان المنطقة. وهؤلاء يمثلون 62.2% من سكان محافظتها. كانت تحتل المرتبة الثالثة في عام 1413هـ / 1992م بعد مدينتي عرعر وطريف؛ من حيث عدد السكان، لكنها تقدمت إلى المرتبة الثانية بين مدن المنطقة عام 1425هـ / 2004م، وتقع في المرتبة 45 بين مدن المملكة.
 
ومن المعالم الطبيعية والسياحية والحضارية والعمرانية في المدينة ومحافظتها: خط أنابيب النفط، ومنشآت محطة التابلاين في مدينة رفحاء، وبلدة لينة التاريخية وآبارها، وقصر الإمارة في لينة، ودرب زبيدة، وبرك درب زبيدة، حيث تعد محافظة رفحاء بوابته الأولى في المملكة، ويعبر هذا الدرب أراضيها من الشمال إلى الجنوب. وتمتاز المحافظة بكثرة الأودية والمنخفضات التي تتجمع فيها السيول (رياض، وفياض، وخباري)، وهي من أشهر مناطق الرعي والصيد في المملكة.
 
ج - مدينة طُرَيْف: 
 
بضم الطاء وفتح الراء وإسكان الياء وآخره فاء؛ تصغير طرف  .  تقع مدينة طريف إلى الشمال الغربي من مدينة عرعر، على بعد نحو 245كم. وهي مدينة حدودية، وتعد أقرب تجمع سكاني حضري (مدينة) في المنطقة إلى الحدود الدولية السعودية الأردنية، حيث لا يفصلها عن هذه الحدود على خط مستقيم سوى 25كم. يمر بها طريق التابلاين (طريق الشمال الدولي) الذي يصل إلى منفذ الحديثة في محافظة القريات في منطقة الجوف.
 
قامت مدينة طريف في مكان منبسط نسبيًا إلى الشمال من حرة الحرة. وهي مثل بقية مدن المنطقة حديثة النشأة والعمران. وكانت قبل عمرانها مورد ماء لسكان البادية المحيطة بها. تعود نشأتها إلى عام 1369هـ / 1950م، عندما أنشئت محطة ضخ لتقوية جريان النفط عبر الأنابيب في طريف، وهي آخر محطات خط التابلاين داخل الحدود السعودية.
 
وقد شكلت هذه المحطة نواة مدينة طريف، وخلال السنوات الأولى التالية لنشأتها نمت طريف بسرعة وجذبت نحوها السكان. وتطلب إنشاء محطة الضخ توفير المباني السكنية والخدمات للعاملين في المحطة وعائلاتهم، ومثلت هذه المنشآت النواة الأولى لمدينة طريف، ثم انتشرت المساكن قرب المحطة.
 
وكان من أبرز دوافع الهجرة إلى هذه المدينة الناشئة والاستقرار فيها توافر فرص العمل وبعض الخدمات التي شكلت مغريات قوية للقبائل البدوية لكي تتجمع قرب محطة ضخ النفط. كما توافد إليها الناس من داخل المملكة والبلدان العربية المجاورة؛ لتوافر الأعمال الخاصة، والوظائف الحكومية، والخدمات. خصوصًا بعد أن أصبحت لفترة من الزمن مركز عبور لسيارات النقل والبضائع بين المملكة وبلاد الشام.
 
لكن مدينة طريف تعرضت لتوقف النمو أو التراجع لفترة من الوقت؛ وبخاصة في السنوات التالية لتوقف ضخ النفط عبر التابلاين عام 1387هـ / 1967م، كما أن إنشاء منفذ الحديثة الحدودي شمال مدينة القريات أدى إلى تحول حركة النقل والعبور من طريف إلى الحديثة.
 
يقول أحد المؤرخين عن نشأتها: " نشأت هذه المدينة بعد مد خط الأنابيب، وازدهرت لكونها أصبحت مركزًا لما يرد من الشام (لبنان وسورية والأردن) من البضائع إلى المملكة... ولكن هذه البلدة بدأها الضعف بعد إصلاح الطريق المار بوادي السرحان من الشام، فبدأت بالانكماش  
تتمتع المدينة بنسيج عمراني مترابط ومتناسق نظرًا لحداثة نشأتها، ويغلب عليها التخطيط الشبكي. وشكلت محطة الضخ وخط التابلاين والطريق المعبد الموازي له نمط عمران المدينة ومحاور نموها، ففي البداية اتجهت التنمية العمرانية باتجاه الجنوب من موقع محطة الضخ لوفرة الأراضي الصالحة للتخطيط، ثم امتدت شرقًا. وفي السنوات الأخيرة تم توجيه التنمية العمرانية نحو الجهة الجنوبية الشرقية إلى الشرق من الطريق الرئيس  .  كما نمت بعض الخدمات على الطريق المسفلت المتجه إلى القريات ومنفذ الحديثة، مثل ورش السيارات ومعارضها.
 
وعلى الرغم من تراجع أهمية مدينة طريف؛ بسبب توقف محطة ضخ النفط، وتحول الطريق إلى منفذ الحديثة، إلا أن المدينة شهدت نموًا وتوسعًا خلال العقدين الماضيين، وإن كان بمعدلات أقل من نمو مدينتي عرعر ورفحاء. ويعزى نموها في السنوات الأخيرة إلى استقرار أعداد كبيرة من سكان البادية التي كانت تنتشر في محيطها، وإلى إنشاء صندوق التنمية العقارية وتوزيع قطع الأراضي مجانًا.
 
وتكمن أهمية طريف في موقعها على طريق الشمال الدولي، وعلى مقربة من الحدود الدولية بين المملكة والأردن، وأنها أقصى مدن المملكة شمالاً، مما جعلها تمثل محطة مرور رئيسة على الطريق الدولي المؤدي إلى بلاد الشام، ومركزًا إداريًا وتجاريًا ومركز خدمات لعدد من القرى والهجر والأمكنة الرعوية المنتشرة في محافظتها التي تستمد خدماتها الأساسية من مدينة طريف.
 
وتوجد في مدينة طريف الدوائر الحكومية الرئيسة، كما تتوافر فيها الخدمات الأساسية: مستشفى، ومدارس ومعاهد للتعليم العام، وأسواق تجارية. وفيها بلدية فئة (ج) أنشئت عام 1395هـ / 1975م، تقدم خدماتها إلى المدينة ومحافظتها. وحسب التنظيمات الإدارية الأخيرة أصبحت مدينة طريف مقرًا للمحافظة مصنفة فئة (ب)، ويتبعها مجموعة من المراكز والقرى والهجر.
 
ولم يكن عدد سكان مدينة طريف المستقرين في عام 1394هـ / 1974م يتجاوز 10.146 نسمة، في حين ارتفع العدد إلى 32022 نسمة عام 1413هـ / 1992م يمثلون نحو 14% من إجمالي سكان منطقة الحدود الشمالية آنذاك، ووصل عددهم في عام 1425هـ / 2004م إلى 40137 نسمة أي نحو 14.4% من إجمالي سكان المنطقة، و 98.7% من سكان محافظتها. كانت تحتل المرتبة الثانية في عام 1413هـ / 1992م بعد مدينة عرعر، لكنها تراجعت إلى المرتبة الثالثة بين مدن المنطقة عام 1425هـ / 2004م، وتقع في المرتبة 48 بين مدن المملكة.
 
من المعالم الطبيعية والسياحية والعمرانية في المدينة ومحافظتها: خط أنابيب النفط، ومنشآت محطة التابلاين. كما تمتاز المحافظة بتنوع المعالم الطبوغرافية والمحميات الطبيعية التي يمكن توظيفها للسياحة البيئية مثل محمية حرة الحرة، وتكثر فيها المنخفضات خصوصًا القيعان، ومن أشهرها: قاع البردويل، شمال شرق مدينة طريف، وقاع الأمحاص.
 
د - مدينة العُوَيْقِيلة:
 
بضم العين وفتح الواو وإسكان الياء وكسر القاف، صيغة تصغير  .  تقع مدينة العويقيلة في المكان المعروف ب " الوديان " إلى الجنوب الشرقي من مدينة عرعر، وذلك عند تقاطع دائرة العرض 21 30 ْ شمالاً وخط الطول 14 َ 42 ْ شرقًا. وتبعد عن مدينة عرعر نحو 135كم. وعن الحدود الدولية السعودية العراقية بنحو 55كم.
 
ومدينة العويقيلة مثل بقية مدن المنطقة حديثة النشأة والعمران، لكنها على العكس من مدن المنطقة الأخرى، لم تنشأ بوصفها محطة لضخ النفط، لكن خط الأنابيب والخط المعبد الموازي له أسهما في نشأتها ونموها.
 
وليس هناك تاريخ يحدد نشأتها لكنها تأتي بعد المدن التي نشأت بعد مد خط الأنابيب، وكانت قبل ذلك مورد ماء ثم تحولت إلى هجرة لسكان البادية التي تجمعت حولها وفي الموارد الأخرى القريبة منها. يمر بها طريق التابلاين (طريق الشمال الدولي) الذي يصل إلى منفذ الحديثة في محافظة القريات في منطقة الجوف، ويربط برًا وسط المملكة وشرقها ودول مجلس التعاون ببلاد الشام وتركيا وأوروبا.
 
يقول أحد المؤرخين عن نشأتها: " من المناهل التي حدثت بعد مد خط الأنابيب "  . 
 
ووصفها أحد زوارها عام 1395هـ / 1975م بأنها: " بلدة عامرة، بعض بيوتها مبني من الطين، فيها محطات بنـزين " 
 
وتكمن أهمية العويقيلة في موقعها على طريق الشمال الدولي، وعلى مقربة من الحدود الدولية بين المملكة والعراق، وظهيرها الرعوي الواسع، مما جعلها مركز خدمات لعدد كبير من القرى والهجر والمزارع والمناطق الرعوية التي تستمد خدماتها الأساسية منها. وتوجد فيها بعض الدوائر الحكومية الرئيسة، كما تتوافر فيها الخدمات الأساسية: مستشفى، ومدارس للتعليم العام. وفيها بلدية فئة (د)، تقدم خدماتها إلى المدينة وإلى عدد من المراكز والهجر المرتبطة بها. وحسب التنظيمات الإدارية الأخيرة أصبحت مدينة العويقيلة مقرًا لمركز إداري مصنف فئة (أ) ويرتبط إداريًا بمقر إمارة المنطقة مدينة عرعر، وتتبعها مجموعة من الهجر والمزارع.
 
وحسب تعداد 1413هـ / 1992م كان عدد سكان العويقيلة 6451 نسمة، ثم ارتفع العدد إلى 11906 نسمة عام 1425هـ / 2004م وهم يمثلون نحو 4.3% من إجمالي سكان المنطقة. تحتل المرتبة الرابعة بين مدن المنطقة عام 1425هـ / 2004م، وتقع في المرتبة 114 بين مدن المملكة.
 
ونظرًا لحداثة نشأة العويقيلة فليس هناك معالم عمرانية بارزة في المدينة، لكن الأمكنة القريبة منها تمتاز بتنوع معالمها الطبيعية؛ وبخاصة الأودية، وإلى الجنوب من العويقيلة هناك وادي الخر، وإلى الشمال منها وادي أبا الرواث، وهما من أكبر الأودية وأطولها في نطاق ما يعرف بـ (الوديان).
 
شارك المقالة:
233 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook