مظاهر الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي

الكاتب: بتول فواز -
مظاهر الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي

مظاهر الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي

 

مصطلح الجاهلية

يُطلق مصطلح العهد الجاهليّ على حال العرب قبل الإسلام تمييزًا وتفريقًا مع العهد بعد البعثة النبوية وظهور الإسلام، فقد كان الجاهليون يتقربون للأوثان، ويقدمون لها النذور، فجاء الإسلام "وحررهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام"، فعندما لم يكن هناك دين يجمع العرب الجاهليين فكان منهم من يدين بالمسيحية، وهم قلة ومنهم من يدين باليهودية وغيرها من الأديان والملل المتفرقة، جاء النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، فأخرج الناس من ظلمات الكفر إلى نور التوحيد والهداية، وسيتم ذكر مظاهر الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي.[١] مظاهر الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي عُرف العصر الجاهليّ بفقره بالمستوى الفكري والثقافي عندما تتم المقارنة بينه وبين العصور الأخرى كالروماني، والعصر اليوناني، والفارسي، والهنود، فقد تميّزت هذه العصور بازدهار العلوم والآداب والفلسفة، وربما كان الشعر والقصص والأمثال ما ميّز العرب في الجاهلية، إضافة إلى علم الأنساب، وتاليًا تذكر أهم مظاهر الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي: الحضر والبدو في الجاهلية لقد كانت حياة العرب الجاهليين موزعة على رقعة شاسعة من الأرض، تتسم بالمناخ الجاف والصحراوي، وتقلّ الأمطار وخصوصًا في الداخل، ولذا لم يعرف العرب في الغالب الاستقرار إلا في اليمن والحجاز واليمامة حيث كانت تعيش قبائل عربية حياة أدنى إلى التحضّر كقريش، والأوس والخزرج في يثرب "المدينة المنورة"، وثقيف في الطائف، والغساسنة في بلاد الشام، وآل نصر في الحيرة، فكانت مظاهر الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي أكثر ظهورًا في تلك المناطق، أما باقي العرب فقد كان يعرف عنهم دوام الترحل، للوصول إلى المرعى والكلأ، وقد وصل بهم ترحلهم إلى خارج محيط الجزيرة العربية وجنوبيّها نحو العراق والشام، وحتى الحبشة.

السياسة في العصر الجاهلي

مع نشاط التحرّك والنشاط البشري في الجزيرة العربية وما حولها، فقد تشكلت للعرب في الجاهلية بعض الأشكال السياسيّة المتمثّلة بالقبائل الكبيرة، أو بالتجمعات القبلية الموحّدة تحت زعامة واحدة كونت في بعض الأحيان والأماكن ممالك وإمارات صغيرة كمملكتَيْ تدمر والأنباط، ومملكة حِمْيَر والتبابعة وسبأ، وإمارة المناذرة اللخميين بالحيرة، والغساسنة أولاد جفنة بالشام، وإمارة كندة بنجد، أما سائر الأعراب البداة فكانوا ينتشرون في الصحراء، وفي الشمال من الجزيرة غالبًا، وفق نظام قبلي نواته الأسرة، وللقبيلة وحدة سياسية قائمة بذاتها، ووحدة اجتماعية لها نظمها وأعرافها وتقاليدها في شبه دولة مصغّرة، وأحيانًا تكوّن وحدة دينية تنفرد بصنمها، وقد كانت السياسة إحدى أهم مكونات مظاهر الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي.

الخطابة والشعر في العصر العباسي

لقد كان لكل قبيلة خطيب وشاعر، وكان قدر الشاعر في العصر الجاهلي مقدم على قدر الخطيب، ثم تأخر عن الخطيب بعد ذلك، وقد ذكر الجاحظ عن أبي عمرو بن العلاء: "كان الشاعر في الجاهلية يقدم على الخطيب، لفرط حاجتهم إلى الشعر الذي يقيّد عليهم مآثرهم، ويفخّم شأنهم، ويهوّل على عدوهم ومَن غزاهم، ويهيّب من فرسانهم ويخوف من كثرة عددهم، ويهابهم شاعرُ غيرهم فيراقب شاعرهم"، فلما كثر الشعر والشعراء واتخذوا الشعر مكسبة، ورحلوا إلى السوقة، وتسرعوا إلى أعراض الناس، صار الخطيب عندهم فوق الشاعر، وهكذا يكون قد تم ذكر أهم مظاهر الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي.

 

أخلاق العرب الحميدة قبل الإسلام

اتصف العرب الجاهليّون بصفاتٍ حسنة، وأثرت تلك الأخلاق إيجابًا بمظاهر الحضارة العربية قبل الإسلام، ومنها: الجسارة، والعفَّة، والشهامة والنخوة، والحميَّة، وحِفظ العهود، وعلو الهمة، والإيفاء بالوعود، والمحافظة على الأعراض أيما محافظة، فإن الموت عند الجاهلي أسهل من العار، حتى وصل بهم الأمر إلى دَفْن بناتهم وهنَّ أحياء، خشيةَ العار، ومنها أيضًا، الذود عن الجار، وحفظ الجوار، والسخاء، واستضافة للقريب وحتى عابر السبيل، ومنها: الفخر بالصلابة، ورفض الضيْم، والتعلق بالشِّعر، لأنَّه جامع العرب وديوانهم، وبالحكم والأمثال، وزيادة الحرص في صون العرض، والحِلْم، والفصاحة، وكانت لغة العرب من أعزِّ ما لديهم، حتى إنَّهم كانوا يتحرزون من مجالسة العجم، حفاظًا على أنفسهم من العُجْمة.

أخلاق العرب الذميمة قبل الإسلام

مع أن مظاهر الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي قد أثرت في العرب القدماء، إلا أنه بعد تردي حال العرب، وطول مدة الضياع والتيه، الذي غرقوا فيه، تدهورت حالتهم مع مرور الوقت، وانتشرت بينهم أخلاق ذميمة، ومن الأخلاق الذميمة التي كانت إحدى مظاهر الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي ما يأتي:

شرب الخمر ولعب الميسر: لقد كان العرب يشربون الخمر ويتخذون لها ساقيًا، قال تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

افتخار العرب بولاية المسجد الحرام: وهي من خصال الجاهلية الذميمة، افتخارهم بولاية المسجد الحرام، وتكبرهم بذلك على الناس، قال تعالى في ذلك: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِرًا تَهْجُرُونَ}.

ازدراء الفقراء والضعفاء: لقد كان العرب يزدرون الفقراء والضعفاء، قال تعالى في ذلك: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاَءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ}

وأد البنات: كانوا يئدون البنات خشية لحوق العار بهن عند كبرهن إذا سلكن طريق الانحراف والعُهر، أو خشية الفقر والفاقة، أو خشية عيب خلقي يلازمهن، قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}، وقال: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ}

 

الوضع الاقتصادي في العصر الجاهلي

 

كان اقتصاد العرب في الجاهلية مبنيّ على الرّعي واقتناء المواشي كالإبل والخيل والشياه، وكانوا يزرعون بعض المحاصيل، وخصوصًا في جنوب الجزيرة العربية كالنخيل والأعناب، والحبوب كالشعير والبُرّ في المجتمعات المستقرّة، وفي الإجمال لم يكن عرب الجاهلية من أصحاب الحرف، بل إنهم كانوا يأنفون من الأعمال اليدوية والصناعات، ولا بد من معرفة أثر التجارة، لما كان لها من شأن بما توفّره من موارد أساسية تعتمد على تصدير التوابل والطيب من جنوبي شبه الجزيرة إلى مصر وبلاد الشام وأثرها على مظاهر الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي، وعلى نقل السلع من الشام إلى الشواطئ الأوربية.

أما في الحواضر فقد تاجروا بالطيوب والمُرّ واللِّبان والبخور والقرفة، وبادلوا نتاج البادية من الأغنام ووبر الجمال والجلود بسلع يحتاج إليها البدو كبعض مصنوعات التعدين والمنسوجات، وكانوا يأخذون رسومًا على حماية القوافل وإرشادها إذ كانت بلاد جزيرة العرب ممرًا للخطوط التجارية البرية والبحرية بين الشرق والغرب، وكانت مكة في قلب الجزيرة العربية مركزاً دينيًا يمثّل دخلًا ربيحًا من موارد الحجيج الذين كانوا يفدون إليها كل سنة ولمكة المكرمة فضل كبير على مظاهر الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي، وكان العرب الجاهليون يعيشون على ما ينبت في بيتهم من أنواع النبات وعلى الصيد.

شارك المقالة:
748 مشاهدة
المراجع +

موقع سطور

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook