اتصالات الانتثار التروبوسكتر: هو أحد الأشكال المفيدة لتكنولوجيا الاتصالات الراديوية للتطبيقات التي تتطلب أطوالاً تبلغ حوالي (800 كيلومتر) وتعرف أيضاً بالانتثار التروبوسفيري، كما إنّه شكل موثوق من وصلات الاتصالات الراديوية يمكن استخدامه بغض النظر عن الظروف السائدة في طبقة التروبوسفير.
كما أنه يُعد استخدام التروبوسفيتر لأنّه متميز حيث تكون قوة الإشارة منخفضة جداً في العادة، ووفقاً لذلك تتطلب وصلات الاتصالات الراديوية بالانتثار التروبوسفيري قدرات عالية ومكاسب عالية للهوائي وأجهزة استقبال حساسة.
إنّ التروبوسفيتر يحتاج إلى أجهزة إرسال عالية القدرة ومستقبلات حساسة وهوائيات عالية الكسب، إلّا أنّه يوفر نظام نقل بيانات ملائم للغاية للعديد من تطبيقات الاتصالات اللاسلكية، وعلى الرغم من وجود قيود إلّا أنّه يوفر نظام اتصالات بيانات فعال التكلفة وأرخص من استخدام الأقمار الصناعية للعديد من تطبيقات المسافات المتوسطة، فعلى سبيل المثال تم استخدامه بواسطة منصات النفط البحرية في بحر الشمال قبالة المملكة المتحدة لتوفير ارتباط بيانات متوسط السرعة إلى البر الرئيسي.
يُستخدم الانتشار التروبوسفيري طبقة التروبوسفير كمنطقة تؤثر على الإشارات الراديوية التي يتم إرسالها وإعادتها إلى الأرض بحيث يمكن استقبالها من قبل المُستقبل البعيد، كما يعتمد الانتثار التروبوسفيري على حقيقة وجود مناطق مختلفة قليلاً من ثابت العزل الكهربائي في الغلاف الجوي على ارتفاع يتراوح بين (2 و5 كيلومترات) حتى الغبار الموجود في الغلاف الجوي عند هذه الارتفاعات يزيد من انعكاس الإشارة.
يطلق جهاز إرسال إشارة عالية القدرة يمر معظمها عبر الغلاف الجوي إلى الفضاء الخارجي، ومع ذلك فإنّ كمية صغيرة مبعثرة عندما تمر عبر هذه المنطقة من طبقة التروبوسفير وتعود إلى الأرض عند نقطة بعيدة حيث إنّ القليل من الإشارة مبعثر مرة أخرى إلى الأرض ونتيجة لذلك فإنّ خسائر المسار عالية جداً، وبالإضافة إلى ذلك عادةً ما تكون الزوايا التي يمكن أن تنعكس الإشارات من خلالها صغيرة.
تُعد المنطقة التي يحدث فيها التشتت بحجم الانتثار ويعتمد حجمها على كسب الهوائيات المستخدمة في أي من الطرفين، وبالنظر إلى حقيقة أنّ الانتثار يحدث على حجم كبير فإنّ الإشارة المستقبَلة ستكون قد انتقلت عبر عدد كبير من المسارات الفردية ولكل منها طول مسار مختلف قليلاً، ونظراً لأنّهم جميعاً يستغرقون وقتاً مختلفاً قليلاً للوصول إلى جهاز الاستقبال، فإنّ هذا له تأثير طمس الإشارة الإجمالية المستلمة وهذا يجعل نقل البيانات عالي السرعة أمراً صعباً.
يُعد وجود اختلافات كبيرة قصيرة المدى في الإشارة نتيجة الاضطراب والتغيرات في حجم الانتثار، ونتيجةً لذلك تستخدم أنظمة الانتشار التروبوسفيري التجارية أنظمة تنوع متعددة، ويتحقق ذلك باستخدام الهوائيات المستقطبة الرأسية والأفقية وكذلك أحجام الانتثار المختلفة أي تنوع الزوايا والترددات المختلفة أي تنوع التردد حيث عادةً ما يتم التحكم في هذه الأنظمة بواسطة أجهزة الكمبيوتر، كما يمكن أن تعمل أنظمة الاتصالات الراديوية بالانتثار التروبوسفيري تلقائياً ممّا يمنح درجات عالية من الموثوقية.
على الترددات فوق (30 ميجاهرتز) وجد أنّ طبقة التروبوسفير لها تأثير متزايد على إشارات الراديو وأنظمة الاتصالات الراديوية والإشارات اللاسلكية قادرة على الانتقال عبر مسافات أكبر ممّا تقترحه حسابات خط البصر، وفي بعض الأحيان تتغير الظروف وقد يتم اكتشاف إشارات الراديو عبر مسافات تصل إلى (500 أو حتى 1000 كم) وأكثر وذلك عن طريق شكل من أشكال التعزيز التروبوسفير، وغالباً ما يسمى تروبو كما قد تكون الإشارات محاصرة في قناة مرتفعة في شكل انتشار إشارة راديوية يُعرف باسم القناة التروبوسفيرية.
يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعطيل العديد من روابط الاتصالات اللاسلكية بما في ذلك روابط الاتصالات اللاسلكية ثنائية الاتجاه لأنّه قد يتم مواجهة تداخل غير موجود عادة، ونتيجةً لذلك عند تصميم ارتباط أو شبكة اتصالات لاسلكية، يجب التعرف على هذا النوع من التداخل حتى يمكن اتخاذ خطوات لتقليل آثاره.
تُعد الطريقة التي تنتقل بها الإشارات على ترددات (VHF) وما فوق ذات أهمية كبيرة لأولئك الذين يبحثون عن التغطية الراديوية لأنظمة مثل الاتصالات الخلوية والاتصالات اللاسلكية المتنقلة والأنظمة اللاسلكية الأخرى بالإضافة إلى المستخدمين الآخرين بما في ذلك أجهزة الراديو اللاسلكية.
إنّ معظم وصلات الاتصالات الراديوية على الموجات المترية (VHF) وما فوقها تتبع خط مسار الرؤية، وهذا ليس صحيحاً تماماً وقد وجد أنّه حتى في ظل الظروف العادية يمكن للإشارات الراديوية أن تنتقل أو تنتشر عبر مسافات أكبر من خط البصر، وسبب الزيادة في المسافة التي تقطعها الإشارات اللاسلكية هو أنّها تنكسر بسبب التغيرات الصغيرة الموجودة في الغلاف الجوي للأرض بالقرب من الأرض.
وقد وجد أنّ معامل انكسار الهواء القريب من الأرض أعلى قليلاً من ذلك الأعلى، ونتيجةً لذلك تنحني الإشارات اللاسلكية نحو المنطقة ذات معامل الانكسار الأعلى الأقرب إلى الأرض وبالتالي فإنّه يوسع نطاق إشارات الراديو، كما يختلف معامل انكسار الغلاف الجوي باختلاف العوامل، حيث تؤثر درجة الحرارة والضغط الجوي وضغط بخار الماء على القيمة حتى التغييرات الصغيرة في هذه المتغيرات يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً لأنّ إشارات الراديو يمكن أن تنكسر على كامل مسار الإشارة وقد يمتد هذا لعدة كيلومترات.
تم التوصل إلى أنّ متوسط قيمة معامل الانكسار للهواء على مستوى الأرض يبلغ حوالي (1.0003) ولكن يمكن أن يختلف بسهولة من (1.00027 إلى 1.00035) وفي ضوء التغييرات الصغيرة جداً التي يتم ملاحظتها، تم تقديم نظام يتيح ملاحظة التغييرات الصغيرة بسهولة أكبر، وغالباً ما يتم استخدام الوحدات التي تسمى وحدات (N) حيث يتم الحصول على هذه الوحدات عن طريق طرح 1 من معامل الانكسار وضرب الباقي في مليون، وبهذه الطريقة يتم الحصول على أرقام أكثر قابلية للإدارة.
أمّا في ظل الظروف العادية في منطقة درجة حرارة ينخفض معامل انكسار الهواء بنحو (0.0004) لكل زيادة في الارتفاع بمقدار كيلومتر أي (400 نيوتن / كم)، حيث يؤدي إلى أنّ الإشارات الراديوية تميل إلى تتبع انحناء الأرض والانتقال إلى ما وراء الأفق الهندسي حيث تمد القيم الفعلية أفق الراديو بنحو الثلث، كما يُستخدم هذا العامل في معظم حسابات تغطية الاتصالات الراديوية لتطبيقات مثل أجهزة إرسال البث الإذاعي ومستخدمي الاتصالات الراديوية الأخرى ثنائية الاتجاه مثل اتصالات الراديو المحمول والاتصالات الخلوية.
تكون ظروف الانتشار الراديوي التي توفرها طبقة التروبوسفير بحيث تنتقل الإشارات عبر مسافات أكبر، وهذا الشكل من الرفع في الظروف يكون أقل وضوحاً في الأجزاء السفلية من طيف الموجات المترية (VHF)، ولكنّه أكثر وضوحاً في بعض الترددات الأعلى، كما يمكن سماع إشارات الراديو عبر مسافات تصل إلى (2000 كيلومتر) أو أكثر مع مسافات تصل إلى (3000 كيلومتر)، في حالات نادرة حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى مستويات كبيرة من التداخل لفترات زمنية.
تنتج هذه المسافات الممتدة عن تغييرات أكبر بكثير في قيم معامل الانكسار على مسار الإشارة، حيث يتيح ذلك للإشارة تحقيق درجة أكبر من الانحناء ونتيجةً لذلك تتبع انحناء الأرض على مسافات أكبر، كما قد يكون التغيير في معامل الانكسار مرتفعاً بما يكفي لثني الإشارات مرة أخرى إلى سطح الأرض وعند هذه النقطة تنعكس مرة أخرى إلى الأعلى بواسطة سطح الأرض، وبهذه الطريقة قد تنتقل الإشارات حول انحناء الأرض وتنعكس على سطحها.
تحدث قنوات التروبوسفير فوق سطح الأرض حيث تحدث هذه القنوات التروبوسفيرية المرتفعة عندما يكون لكتلة الهواء ذات معامل الانكسار العالي كتلة من الهواء مع معامل انكسار أقل تحتها وفوقها نتيجة لحركة الهواء التي يمكن أن تحدث في ظل بعض الظروف، كما قد تكون الإشارات محصورة في المنطقة المرتفعة من الهواء ذات معامل الانكسار العالي ولا يمكنها الهروب والعودة إلى الأرض.
ونتيجةً لذلك قد تنتقل لعدة مئات من الأميال ويتلقون مستويات منخفضة نسبياً من التوهين وربما تكون غير مسموعة للمحطات الموجودة أسفل القناة وبهذه الطريقة تخلق منطقة تخطي أو منطقة ميتة مماثلة لتلك التي تحدث مع انتشار الأيونوسفير (HF).
تحدث تأثيرات انتشار التروبوسفير نسبياً بالقرب من سطح الأرض حيث تتأثر الإشارات اللاسلكية بالمنطقة التي تقل عن ارتفاع حوالي (2 كيلومتر) ونظراً لأنّ هذه المناطق هي تلك التي تتأثر بشكل كبير بالطقس فهناك صلة قوية بين الظروف الجوية وظروف الانتشار الراديوي والتغطية، كما يوجد تدرج ثابت لمؤشر الانكسار مع الارتفاع حيث يكون الهواء الأقرب إلى سطح الأرض له أعلى معامل انكسار، وهذا ناتج عن عدة عوامل.
يؤدي الهواء ذو الكثافة العالية والذي يحتوي على تركيز أعلى من بخار الماء إلى زيادة معامل الانكسار، ونظراً لأنّ الهواء الأقرب إلى سطح الأرض يكون أكثر كثافة نتيجة للضغط الذي تمارسه الغازات الموجودة فوقه ولديه تركيز أعلى من بخار الماء عن ذلك الأعلى، فإنّ معامل الانكسار للهواء هو الأقرب إلى الأرض أمّا السطح هو الأعلى.
عادةً ما تكون درجة حرارة الهواء الأقرب إلى سطح الأرض أعلى من درجة حرارة الهواء على ارتفاع أكبر حيث يميل هذا التأثير إلى تقليل تدرج كثافة الهواء وبالتالي تدرج معامل الانكسار وحيث يكون الهواء ذو درجة الحرارة الأعلى أقل كثافة، كما يحدث ما يسمى بانقلاب درجة الحرارة حيث يحدث هذا عندما يرتفع الهواء الساخن بالقرب من الأرض ممّا يسمح لهواء أكثر برودة بالاقتراب من الأرض، أمّا عندما يحدث هذا فإنّه يؤدي إلى تغير أكبر في معامل الانكسار مع الارتفاع وهذا يؤدي إلى تغيير أكثر أهمية في معامل الانكسار.
يمكن أن تحدث انعكاسات درجة الحرارة بعدة طرق، وواحدة من أكثر الأحداث دراماتيكية تحدث عند وجود منطقة ذات ضغط مرتفع حيث تعني منطقة الضغط المرتفع وجود ظروف جوية مستقرة وخلال الصيف ترتبط بالطقس الدافئ، وتعني الظروف أنّ الهواء القريب من الأرض يسخن ويرتفع وعندما يحدث هذا يتدفق الهواء الأكثر برودة تحته ممّا يتسبب في انعكاس درجة الحرارة، بالإضافة إلى ذلك وجد أنّ أكبر التحسينات تميل إلى الحدوث عندما تتحرك منطقة الضغط العالي بعيداً ويبدأ الضغط في الانخفاض.
قد يحدث انعكاس درجة الحرارة أثناء مرور جبهة باردة، كما تحدث الجبهة الباردة عندما تلتقي منطقة من الهواء البارد بمنطقة من الهواء الدافئ، وفي ظل هذه الظروف يرتفع الهواء الدافئ فوق الهواء البارد ممّا يؤدي إلى انعكاس درجة الحرارة، حيث تميل الجبهات الباردة إلى التحرك بسرعة نسبية ونتيجةً لذلك فإنّ التحسن في ظروف الانتشار يميل إلى أن يكون قصير العمر.
عندما تنتشر الإشارات عبر مسافات طويلة نتيجةً لظروف الانتشار التروبوسفيرية المعززة حيث تخضع الإشارات عادة لخبو عميق وبطء، ويحدث هذا بسبب حقيقة أنّ الإشارات يتم استقبالها عبر عدد من المسارات المختلفة، ولأنّ الرياح في الغلاف الجوي تحرك الهواء حوله فهذا يعني أنّ المسارات المختلفة ستتغير خلال فترة زمنية، كما أنّ الإشارات التي تظهر على جهاز الاستقبال ستدخل وتخرج من الطور مع بعضها البعض نتيجةً لاختلاف وتغير أطوال المسار ونتيجة لذلك ستتغير قوة الإشارة الإجمالية المستلمة.