أصول الاسلام في تشيلي ليست واضحة جدًّا، من المعروف أنّه في عام 1854 أقام الأتراك في البلاد، وتكرّر وجودهم في تعداد عاميّ 1865 و1875، وأصلهم بالضّبط ليس معروفًا، المؤكّد فقط أنّهم كانوا من السّكّان الأصليين لبعض أراضي الإمبراطوريّة العثمانيّة الهائلة. ووفقاً لتعداد 1885، ارتفع عدد الأتراك في تشيلي إلى 29، ولكن لا توجد معلومات دقيقة عن أصلهم وعقيدتهم، لأنّ الدّين لم يُدرج في هذا التّعداد. ومع ذلك، سجّل تعداد 1895 وجود 76 تركيًّا بينهم 58 مسلمون، وكانوا يعيشون في شمال تشيلي في تاراباكا، وأتاكاما، وفالبارايسو، والعاصمة سانتياغو.
في تعداد عام 1907، ارتفع عدد المسلمين إلى 1498 شخصًا، وجميعهم كانوا من الأجانب، وكانوا 1.183 رجلًا و315 امرأة، يمثّلون نسبة 0.04 في المئة فقط من السّكّان، وهذه كانت أعلى نسبة للمسلمين في تاريخ تشيلي. في عام 1920 أظهر تعداد جديد أنّ عدد المسلمين قد انخفض إلى 402، وكانوا 343 رجلًا و59 امرأة. وكان أكبر عدد منهم في سانتياغو وأنتوفاجاستا، حيث كان 76 منهم في كلِّ مقاطعة.
في إحصاء عام 1952، ارتفع عدد المسلمين مرّة أخرى إلى 956، وعاشت أغلبيّتهم في سانتياغو، مع وجود عدد منهم في مقاطعات أنتوفاجاستا، وكوكيمبو، وفالبارايسو، وأوهيغينز، وكونسبسيون، وماللكو، وكوتين، وفالديفيا، دون تنظيم كبير بينهم .انخفضت أعدادهم مرّة أخرى، حيث بلغ عددهم بحلول عام 1960، 522 فقط، وكان موجود في سانتياغو 209 مسلمين. بعد عقد من الزّمان، ارتفع عدد المسلمين إلى 1.431. ومع ذلك، لم يبيّن التّعداد ما إذا كانوا من الرّجال، أو النّساء، أو المواطنين، أو الأجانب. ومع ذلك، كان الاسلام في تشيلي منتشرًا في جميع أنحائها.
تأسّست أوّل مؤسّسة إسلاميّة في تشيلي في سانتياغو، وهي جمعيّة الاتّحاد الإسلاميّ في تشيلي، في 25 سبتمبر 1926. في وقت لاحق، في 16 أكتوبر 1927، تمّ تأسيس جمعيّة المساعدات المتبادلة والإسلاميّة الخيريّة. خلال السّبعينات والثّمانينات، لم يكن هناك قادة مسلمين، أو مراكز دينيّة للصّلاة في تشيلي، وكان المسلمون الذين يحافطون على الصّلاة يجتمعون في منزل توفيق رومي دالو، وهو تاجر من أصل سوريّ.
إنّ سانياغو ليست المكان الوحيد الذي يمكن فيه ممارسة الاسلام في تشيلي إذ يوجد في مدينة تيموكو المؤسّسة التّشيليّة الإسلاميّة، التي تأسّست في أكتوبر 2001، تتولّى هذه المؤسّسة مهمّة نشر الثّقافة والتّقاليد الإسلاميّة، بالإضافة إلى ذلك، تحاول اليوم فتح المزيد من القنوات لنشر القيم الأخلاقيّة للإسلام، والتّغلب على التّحيزات التي يُعاني منها المسلمون بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.
في عام 1990 بدأ بناء مسجد السّلام، وهو أوّل مسجد في تشيلي، وفي عام 1995 تمّ افتتاح مسجد آخر في تيموكو، وفي 1998 بُني مسجد جديد في إكيكي. تشير مصادر الجالية الإسلاميّة إلى أنّه يوجد في تشيلي حاليًّا 3000 مسلم، وكثير من هؤلاء عندما دخلوا إلى الاسلام في تشيلي غيّروا أسمائهم، ومع أنّهم مجتمع صغير، إلّا أنّهم ليسوا مجتمعًا متجانسًا. غالبيّة أتباع الاسلام في تشيلي من الطّائفة السُّنّيّة، وعدد قليل منهم من الشّيعة، وظهرت حديثًا جماعات من الطّائفة الصّوفيّة، ولكنّ أعضائها من أصول غير عربيّة.
يقول إمام مسجد السّلام سامي المصطاوي في يوم افتتاحه: لن أنسى ذلك اليوم، لقد كان يوم البدء بالعمل بالمسجد، يوم تتحقق فيه أحلام الجالية الإسلاميّة. افتُتح مسجد السّلام في 1 تشرين الأوّل 1995، وكان ملك ماليزيا هو من افتتحه، ويُعتبر المسجد واحدًا من بين أفضل ثلاثة مساجد في أمريكا اللّاتينيّة، بعد تلك الموجودة في فنزويلا والبرازيل.
يتكوّن المسجد من ثلاثة طوابق، ويتّسع لاستضافة 500 شخص، يحتوي الطّابق الأوّل على غرف للقراءة، وقاعة متعدّدة الأغراض، وحمّامات، وكافتيريا، أمّا الطّابق فيوجد فيه قاعة الصّلاة، والطّابق الثّالث يحتوي على مكتب الإمام، وغرف للضّيوف. يقول إمام المسجد: في النّهار عدد المصلّين أقلّ من اللّيل لأنّهم يكونوا في العمل.
تقول كريمة ألبيرتو: وهي ربّة منزل عمرها 35 سنة، ومتزوّجة من تاجر سوريّ، ولديها طفلين، إنّها قابلت زوجها في متجره، وكان السّبب في إسلامها، هو أنّه قال لها أشياء رائعة عن الإسلام، لذلك بدَأَت في الذّهاب إلى المسجد، وتعلّم المزيد عن الاسلام في تشيلي وتقول إنّها كانت كمن يكتشف نفسه من جديد.
تقول كريمة: إن بعض النّاس بدأوا يعاملونهم بشكل مختلف؛ بسبب هجوم 11 سبتمبر، ولم يكن من الصّعب عليها أن تتوقّف عن أكل لحم الخنزير، أو شرب الكحول، لأنّها آمنت بإرادة الله، وعلى الرّغم من أنّ بعض النّاس يعتقدون أنّها تضحية كبيرة، إلّا أنّها تقول إنّها لا تنظر إليها بهذه الطّريقة على الإطلاق، لأنّ الإسلام أعطاها رؤية جديدة.