معلومات عن تيد تيرنر أحد أبرز صانعي تجارة الإعلام الأمريكي
“الحياة لعبة والمال يساعدنا على النجاح في مواصلة تسديد الأهداف” جاءت هذه المقولة في إحدى المناسبات على لسان رجل الأعمال والإعلام الشهير تيد تيرنر، وفي حال ثبتت مقولته فهذا يعني أنه من أكبر الرابحين في لعبة الحياة. نجح تيد تيرنر في بناء امبراطورية وصلت قيمتها إلى ما يزيد على 7 مليارات دولار في التسعينات، وأحدثت امبراطوريته الإعلامية، والتي شيدها بفضل ما يتمتع به من مهارة وشخصية قوية أخاذة، ثورة حقيقية في مجال صناعة التلفاز.
تيد تيرنر أحد أبرز صانعي تجارة الإعلام الأمريكي
تيد تيرنر أحد أبرز صانعي تجارة الإعلام الأمريكي
لم يقتصر تفوق تيرنر وتميزه على دنيا الإعلام وقطاعات الأعمال، بل كان له سبق آخر في مجال البر والإحسان، إذ وظف ثروة طائلة في أعمال الخير، وأعطى بسخاء ليستحق وضعه ضمن قائمة أكبر رجال البر والاحسان على مستوى التاريخ. وعلى الرغم من أن اهتمام تيرنر تحول اليوم عن دنيا المال والإعلام، إلا أن الأسطورة التي حققها في هذا المجال حافظت على ألقها كما واصل التزامه القوي بتحويل العالم إلى مكان أفضل للعيش.
ولد روبرت ادوارد تيد تيرنر في أوهايو يوم 19 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام ،1938 وكان من طفولته ثورياً لا يقيم للقواعد التي تحكم الحياة أي وزن. وعلى الرغم من أن والده جنى ثروة متواضعة من عمله في مجال صناعة اللافتات الدعائية، إلا أنه كان يعاني من مرض نفسي وعصبي دفعه أكثر من مرة لضرب ابنه تيد بعلاقة المعاطف.
وبعد الهجوم على “بيرل هاربر” عام 1941 تطوع والده في البحرية وانتقل مع أسرته إلى مركز وحدته ما عدا تيد الذي أرسله إلى مدرسة داخلية.
ولدى بلوغه التاسعة من عمره تم تحويل تيرنر إلى مدرسة داخلية أخرى وهي مدرسة “كيلي” مدرسة النخبة العسكرية في تينيسي، لكن تيد لم يتمكن بطبيعته الثورية من التواؤم مع المدرسة وقواعدها الصارمة. وكثرت مخالفاته لهذه القواعد إلى درجة فاقت كل الحدود، إذ كانت المدرسة تعاقب الطالب المخالف بالسير لربع ميل عن كل خطأ يرتكبه، وكانت الأخطاء تحسب بالنقاط. لكن مع نهاية الفصل الدراسي سجل تيرنر 1000 نقطة، مما دفع إدارة المدرسة لمحاولة إبداع طريقة أكثر فعالية وواقعية.
وبالرغم من ضعفه في الدراسة، إلا أن تيرنر كان يحلم بالالتحاق بالأكاديمية البحرية، الخيار الذي لم تدعمه أسرته التي كانت تؤثر التحاقه بجامعة هارفارد. بيد أنه أخفق في اجتياز امتحان القبول بجامعة هارفارد ليلتحق بدلاً من ذلك بجامعة براون نزورلاً عند رغبة والديه.
لكنه لم يمكث هناك طويلاً، إذ تم فصله عام 1969 لمخالفة قواعد الجامعة، وفي العام نفسه انفصل والداه.
وتزوج تيرنر في العام التالي من صديقته جودي جيد ناي المولعة بالإبحار، وبعد ذلك بوقت قصير عمل تيرنر كمدير أحد أفرع شركة والده “تيرنر ادفيرتازنج”. وسرعان ما أثبت نجاحه في مجال المبيعات حتى إن حجم عائدات الفرع الذي يتولى إدارته تضاعفت في أول عام له في العمل. وبدأت أعمال الابن ووالده في التوسع بشكل سريع، مما أدى إلى تراكم الديون على كاهليهما. لكن والده لم يتمكن من تحمل الضغوط المتنامية فقرر وضع حد لحياته وأطلق النار على رأسه عام 1963.
وانغمس تيرنر بكليته في العمل على الرغم من الأحداث الصعبة المتلاحقة في حياته ابتداء من انتحار والده إلى انفصاله عن زوجته، وقيامه بالزواج مرة أخرى. ونجح فعلاً في تحويل الشركة إلى أكبر شركة دعاية وإعلان في جنوب شرق الولايات المتحدة عام 1970. وسرعان ما بدأ يلاحظ أهمية النقلة التي يحدثها الراديو والتلفزيون في عالم الدعاية والإعلان، الأمر الذي جعله يحلق بأحلامه إلى درجات أعلى.
وقرر تيرنر شراء محطة التلفزيون الأمريكية المتداعية آنذاك “دبليو جيه آر جي” عام 1969. وغير اسم شركته من “تيرنر للدعاية والإعلان” إلى مجموعة “تيرنر للاتصالات” وبدأ يخطط لنقلته الواسعة في مجال الإعلام وبعد 6 أشهر فقط، قام تيرنر بشراء محطة “دبليو آر ئي تي” التي كانت تعاني بدورها الضعف، ونجح في غضون 4 أعوام فقط في جني أرباح تزيد على المليون دولار.
واشترى تيرنر حقوق بث مجموعة من الأفلام الكلاسيكية، الأمر الذي أسهم في توسعة قاعدة مشاهديه بشكل كبير للغاية. وبالإضافة إلى ذلك غيرت لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية قواعدها وسمحت للمحطات الخاصة بشراء حقوق بث في محطات أخرى بعيدة الأمر الذي استفاد منه تيرنر بشكل جيد.
وانتقل تيرنر ليركز على الرياضة إدراكاً منه لأهمية هذا الجانب في مجال التلفاز، فقام بإنشاء ساحة مصارعة بالحجم الكامل في مقر شركته الرئيسي، ونظم مباريات رسمية بثها من محطته. وفي عام 1976 قرر تيرنر شراء فريق “أتلانتا بريفز” للبيسبول الذي كان يعاني ضائقة مالية، إضافة إلى شراء حصة 95% من “أتلانتا هاوكز”.
وعين تيرنر صديقه ايد تايلور الخبير بمجال البث التلفزيوني لإدارة عمليات محطته. وعندما قالت له لجنة الاتصالات الفيدرالية إنه لا يحق له أن يملك محطة في ذات الوقت الذي يملك فيه الخدمة التي تقوم بإرسال حقوق البث للمحطات الخاصة، قرر إنشاء شركة “سوذرت ساتلايت” ومن ثم قام ببيعها لتايلور مقابل دولار واحد فقط. وأصبحت المحطة التي أسسها تيرنر بعد ذلك “تيرنر برودكاستنغ سيستم” (تي بي اس) أكبر محطة على مستوى الولايات المتحدة إذ وصل بثها إلى أكثر من مليوني منزل في الدولة عام 1978.
وقرر تيرنر الابتعاد لبعض الوقت عن دنيا الأعمال عام 1977 ليدخل سباق أمريكا للإبحار بيخته “كوريجوس” ليفوز بالكأس. وفي العام التالي قام ببيع محطة “دبليو آر ئي تي” مقابل 20 مليون دولار، ووظف هذا المال في إنشاء محطة الأخبار الجديدة “سي ان ان” أول محطة اخبارية خاصة على الاطلاق. وفي البداية لم تلق المحطة النجاح المتوقع لها، وعانت خلال السنوات الخمس الأولى لتحقيق الأرباح.
ثم اتبع تيرنر ذلك بإطلاق محطة “سي ان ان” الدولية وإذاعة “سي ان ان” ومن ثم أطلق الأطباق الفضائية التي أتاحت بث ارسال “سي ان ان” إلى بقية أرجاء العالم.
وبعد صفقة شراء قناة “سي بي اس” التي لم تكلل بالنجاح المرجو لها، اشترى تيرنر شركة “ام جي ام” الترفيهية عام ،1986 وحصل من خلال هذه الصفقة على حقوق بث أكثر من 4 آلاف فيلم كلاسيكي أبيض وأسود من بينها فيلم “ذهب مع الريح”. لكن وبسبب عدم توافر السيولة الكافية، اضطر تيرنر إلى بيع الشركة إلا أنه حافظ على حقوق بث الأفلام، الأمر الذي در عليه أرباحاً وصلت إلى 125 مليون دولار في السنة الأولى. وبدأ بعد ذلك في تلوين أفلام الأبيض والأسود، لكنه واجه معارضة حادة في هوليوود، واضطر أخيراً للتوقف عن تنفيذ مشروعه هذا بسبب ارتفاع التكلفة.
وحاول تيرنر شراء حقوق بث دورة الألعاب الأولمبية عام ،1988 لكن فشله في ذلك دفعه إلى اطلاق جولات “جودويل جيمس” في موسكو عام ،1986 وعلى الرغم من خسارته 26 ميلون دولار في هذا المشروع إلا أن دورة الألعاب هذه مثلت محاولات تيرنر النبيلة لتحسين العلاقات الأمريكية الروسية.
وفي عام 1988 أسس تيرنر شبكة “تي ان تي” لبث جميع الأفلام التي حصل على حقوق إذاعتها. وحققت قناة “سي ان ان” في العام التالي نقلة نوعية بعد أن بثت مباشرة أحداث مذبحة ميدان تيانانمين.
وواصل تيرنر توسعة شركته بصفقات حيازة ودمج حتى تم الدمج بين شركته وشركة تايم وارنر عام ،1996 وأصبح تيرنر نائب رئيس الشركة الجديدة. وفي عام 2003 استقال من شركته وبدأ يركز على أعمال الخير من خلال التبرعات والمشاركة الشخصية ليواصل بذل الجهد بهدف جعل العالم مكاناً أفضل للعيش.