جدّة هي إحدى مُدن المملكة العربيّة السعوديّة، وتقع غرب المملكة على ساحل البحر الأحمر، وتصل مساحتها الإجماليّة إلى 5460كم2، ويُقدَّر عدد سُكّانها بـ 3.4 مليون نسمة، أي ما يُمثِّل 14% من عدد سُكّان المملكة العربيّة السعوديّة، والذي يبلغُ 25.37 مليون نسمة تقريباََ. ويعود الفَضْل في تأسيس مدينة جدّة بحَسب بعض المُؤرِّخين إلى بني قُضاعة؛ الذين سكنوها بعد انهيار سدِّ مأرب عام 115 قبل الميلاد، بينما يعتقدُ البعض أنّ من أسَّس جدّة هم جماعة من صائدي الأسماك، الذين كانوا يستقرُّون فيها بعد انتهائهم من الصيد.
اختلف اللغويّون والمُؤرِّخون حول الطريقة الصحيحة لنُطْق اسم مدينة جدّة، وقد استمرَّ الخلاف؛ بسبب كثرة الجاليات العربيّة وغير العربيّة التي تعيش فيها، والتي تَنطِق اسم جدّة بطريقتها الخاصّة، فهل هي جدّة بكَسْر الجيم، أم بضَمِّها، أم بفَتْحها؟ علماً بأنّها تُنطَق جدّة من قِبَل سُكَّانها الحجازيِّين بكَسْر الجيم مع تشديد الدّال بالفَتْح (جِدَّة)، إلّا أنّ ياقوت الحمويّ في كتابه معجم البلدان، ذَكَر أنّ أَصْل تسمية المدينة هو بضَمِّ الجيم (جُدّة)؛ والتي تعني شاطئ البحر، وهذا ما ذَكَره أيضاََ ابن بطّوطة في رحلته، وهناك من يقول بأنّ الاسم هو جَدّة؛ نسبةََ لجدّة البَشَر حوّاء، التي يقولون أنّها نزلت إليها من الجنة، ودُفِنت فيها؛ لذلك تُوجَد في المدينة مقبرة تُسمَّى مقبرة أمّنا حوّاء.
وَردَ اسم مدينة جدّة في كثير من المصادر التاريخيّة؛ فقد وَصَفَها الرحَّالة المَقدسيّ شمس الدين أبو عبدالله محمد بن أبي بكر، في كتابه (أحسن التقاسيم في مَعرِفة الأقاليم)، بأنّها مدينة على البحر، ومنه اشتُقَّ اسمُها، وقد ذَكرَها عبد الله بن عبدالعزيز البكريّ الأندلسيّ، في كتاب (معجم ما استعجمَ من أسماء البلاد والمواضع)، فقال إنّ جدّة تُسمَّى جُدّة بضَمِّ حرف الجيم؛ لأنّها حاضرة البحر، وهذا ما أكَّدَه كلٌّ من الشيخ عبد القادر بن أحمد بن محمد بن فرج رحمه الله، في كتابه (السلاح والعُدَّة في تاريخ بندر جدّة)، ومُؤرِّخ جدّة الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد الحضراويّ، في كتابه (الجواهر المُعدَّة في فضائل جدّة)، وأبو الفَتْح نصر بن عبد الرحمن، في كتاب (الأمكنة والمياه والجبال والآثار ونحوها المذكورة في الأخبار والأشعار)، والحافظ محمد بن موسى الحازميّ، في كتابه (الأماكن، ما اتَّفَق لَفْظه وافترَقَ مُسمَّاه من الأمكنة)، والعلّامة الشيخ عبد القدُّوس الأنصاريّ رحمه الله، الذي ألَّف بحثاً بعنوان (التحقيقات المُعَدَّة بحتميّة ضَمِّ جيم جُدّة).
كَتَب محمد لبيب البتنوني، الذي زار جدّة في عام 1909م، أنّ أهل جدّة يُسمُّونها (جِدّة) بكَسْر الجيم، ويُسمِّيها المِصريّون (جَدّة) بفَتْحها، ويَستطردُ بأنّه يرى التسمية في الحالتين صحيحة؛ لأنّ الجِدّة تعني اليُمْن والسعادة؛ والجِدّة تنهضُ بحياة البلاد كلِّها، ولا شيء أسعد ممّا ينهضُ بحياة الإنسان ووجوده، أمّا جَدّة بالفَتْح، فهي الطريق الواسعة؛ وتتميّز جدّة بطُرُقها الواسعة، ويَذكُر الشيخ عبد القُدُّوس الأنصاريّ في كتاب (موسوعة تاريخ جدّة)، أنّ دائرة المعارف البريطانيّة ضَبَطَت اسم جدّة بكَسْر الجيم؛ وذلك حسب ما سمعوه من نُطْق أهل الحجاز المُعاصِرين الذين ينطقون جدّة بكَسْر الجيم؛ تخفُّفاََ من ضَمِّها؛ وذلك لثِقَلها على ألسنتهم.
مدينة جدّة من المُدن التي يمتدُّ تاريخها عميقاََ في الزمن؛ إذ تعود نشأة المدينة إلى ما يقرُب من 3000 سنة، وقد تمّ تقسيمها في القرن التاسع عشر إلى أقسام إداريّة، أو حارات رئيسيّة، وهي: حارة الشام التي تقع في الجزء الشماليّ من المدينة، وحارة اليَمن التي تقع في الجزء الجنوبيّ من المدينة، وحارة مظلوم التي تقع بين حارة الشام وحارة اليمن، وحارة البحر التي سُمِّيت بهذا الاسم؛ لعلاقتها الوثيقة بأعمال البَحر في ذلك العَهد، وقد تمَّ اعتماد منطقة جدّة التاريخيّة في قائمة التُّراث العمرانيّ العالميّ، بتاريخ 21 حزيران 2014م، وذلك خلال اجتماع اللجنة التابعة لليونسكو، في دورتها الثامنة والثلاثين، والمُنعقِدة في قَطَر.
تتميّز جدّة التاريخيّة بمبانيها المتينة، التي لا يزال الكثير منها قائماََ حتى الآن، وقد كانت الموادُّ الشائع استخدامها في بناء البيوت، هي: الحجر المنقبيّ، والأخشاب، والطِّين، ومن أشهر وأقدم المباني الموجودة حتى الآن: دار آل باناجة، وآل الزاهد فـي حارة الشام، ودار آل نصيف، ودار آل جمجوم فـي حارة اليمن، ودار آل باعشن، وآل قابل، والمسجد الشافعيّ فـي حارة مظلوم.
تحتوي جدّة على العديد من المساجد القديمة، من أشهرها:
من أشهر المعالم في جدّة الحديثة، ما يأتي: