تأملْ ذلك العهدَ المؤكدَ، والميثاقَ الغليظَ الذي أخذه الله تعالى على الأنبياء والمرسلين جميعًا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِم: (لئن بُعِثَ محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنتم أحياءٌ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ)، وأمرهم أن يأخذوا العهد والميثاق على أقوامهم أن يؤمنوا به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا بعث وهم أحياءٌ، تأمل ذلك لتعلم تلك المنزلة المنيفة، والدرجة العالية الرفيعة، لنبينا محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد دلَّ على تلك المنزلة العظيمة ما أودعه الله تبارك وتعالى في الكتب السابقة، كالتوراة والزبور والإنجيل وغيرها من البشارات بمبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصفاته الخَلْقِيةِ والخُلُقِيةِ حتى لا يلتبس أمره على أحدٍ ممن طالع تلك الكتب؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ? الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ?[2].
وَمَا زَالَتْ تِلْكَ البشارات إلى يومنا هذا منارات هدى، لمن أراد الله تعالى هدايته من أهل الكتاب.
وَمَا زَالَتْ تِلْكَ البشاراتُ دلائلَ قاطعاتٍ، وبراهينَ ساطعاتِ، لأهلِ الكتابِ على صدقِ نُبوَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما مَنْ تعامى عنها فليس لخفائها، وإنما شأنه كما قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ? فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ?[3].
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.