جاء في الحديث الذي رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (خيرُ نساءِ العالَمينَ: مَريمُ بنتُ عِمرانَ، وخديجةُ بنتُ خُوَيلدٍ، وفاطمةُ بنتُ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وآسيةُ امرأةُ فِرعونَ)، وذكر بعض أهل العلم أنّ واو العطف بين الأسماء لا تقتضي الترتيب بالخيرية، بينما ذهب بعض العلماء؛ ومنهم الإمام القرطبي إلى أنّ أفضل نساء العالم أجمع إلى يوم القيامة مريم بنت عمران عليها السلام، ثمّ تأتي فاطمة بعدها في الفضيلة، ثمّ خديجة، ثمّ آسية، ويؤيد هذا الفهم الحديث الذي رواه عبد الله بن عباس أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (سيدةُ نساءِ العالمينَ مريمُ، ثمّ فاطمةُ، ثمّ خديجةُ، ثمّ آسيةُ)وعلماء أهل السّنة متفقون على فضل مريم وآسية وفاطمة وخديجة وعائشة وجميع أمهات المؤمنين، وأنهنّ لسن سواءً في الفضل.
معلوم أنّ أكمل أنواع الإنسانية مقام النبوّة، ثمّ الأولياء من الصدّيقين والشهداء والصالحين، وبناءً على هذا فقد ذهبت طائفةٌ من أهل العلم إلى أنّ مريم -عليها السلام- نالت مرتبة النبوّة؛ لأنّ الله -عزّ وجلّ- أوحى إليها بواسطة المَلك كما أوحى إلى سائر الأنبياء، كما أنّ المولى -سبحانه- قد خصّ مريم بما لم يعطه لأحدٍ من نساء العالمين، وذلك أنّ روح القُدُس كلّمها، ونفخ في درعها، ودنا منها للنفخة، وجاءت تزكيتها في القرآن الكريم صريحةً، إذ إنّها آمنت وصدّقت بكلمات ربّها، فقال تعالى: (وصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وكُتُبِهِ وكَانَتْ مِنَ القَانِتينَ)،[٥] وهذه المكانة لم تُعطَ لأحدٍ من النساء