تُعدّ مكّة المكرّمة من أوّل المدن التي سُكنت في الأرض، وقد قيل إنّ الأرض قد دُحيت من قبل مكّة المكرّمة، إذ كانت من أوسط مدن العالم، ومركز الكرة الأرضيّة، وفيها مرّ البشر منذ قديم العصور، وعليها بُنيت حضاراتٌ عدّةٌ، يُذكر أنّ من أوائل من سكن مكّة المكرّمة كان العمالقة، ثمّ جاءت من بعدهم قبيلة جرهم من اليمن حتى سكنوها، وهم الذين تربّى إسماعيل -عليه السلام- في كنفهم وأخذ اللغة العربية عنهم، وقد كان ذلك في مكة المكرّمة.
يُروى عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حديثٌ قال فيه: (من استطاع أن يموتَ في المدينةِ فليمُتْ بها فإنِّي أشفعُ لمن يموتَ بها) فمن ذلك استدلّ العلماء على فضل الموت والدفن في الأماكن المقدّسة الفاضلة أو في مقابر الصالحين، ويؤكّد ذلك دعاء عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي كان يدعو به بأن يمنّ الله عليه بالوفاة في المدينة المنوّرة، ودعاء موسى -عليه السلام- بأن يقرّبه الله من الأرض المقدّسة عند موته، قال النوويّ: "في هذا استحباب الدفن في المواضع الفاضلة، والمواطن المباركة، والقُرب من مدافن الصالحين
جعل الله -تعالى- التفاضل بين مخلوقاته على الأرض سنّةً لهم، ومن بين التفاضل الذي وُجد بين المخلوقات التفاضل بين الأماكن، وكانت مكّة المكرّمة من الأماكن التي اختصّها الله سبحانه، ومن الأمور التي تميّزت بها عن سواها