لودفيغ فان بيتهوفن من أفضل وأشهر عازفي البيانو في العالم إضافةً إلى كونه ملحناً، ولد في السابع عشر من كانون الأوّل عام ألفٍ وسبعمئةٍ وسبعين في مدينة بون التي كانت جزءاً من الإمبراطوريّة الرومانيّة المقدسة.
يعتبر بيتهوفن أحد أبرز شخصيّات الحقبة الكلاسيكيّة التي سبقت الحقبة الرومانسيّة، إضافةً لكونه من أعظم عباقرة الموسيقا على مرّ العصور وأكثرهم تأثيراً في العالم، وله العديد من الأعمال الخالدة، ويعود له الفضل في تطوير الموسيقا الكلاسيكيّة بشكلٍ كبير.
لهذا الموسيقار العظيم العديد من المؤلفات الموسيقيّة، منها تسع سيمفونيّات، إضافةً لعددٍ من المقطوعات المعزوفة على الكمان وخمسٌ أخرى على البيانو وست عشرة مقطوعة رباعيّة وتريّة واثنين وثلاثين سوناتا على آلة البيانو، كما أنه قام بتأليف بعض الأعمال للجوقة وأخرى للصالون الأدبي، وعدد من الأغاني.
ولد بيتهوفن في بون وظهرت مواهبه في عمرٍ مبكرة، حيث تتلمذ على يد والده يوهان، وبيتهوفن هو حفيد الموسيقي لودفيج فان بيتهوفن الجد. تمّ تعميد بيتهوفن في أبرشيّة القدّيس ريجوس في السابع عشر من كانون الثاني عام ألفٍ وسبعمئة وسبعين وفقاً لتعاليم الكنيسة الرومانيّة الكاثوليكيّة، وكان بيتهوفن الابن الثاني لعائلته من بين سبعة إخوة توفوا جميعا في صغرهم عدا اثنين أصغر منه عمراً.
كان لون شعر بيتهوفن داكناً وبشرته غامقة لذا تمّ تلقيبه بالإسباني، تتلمذ بيتهوفن على يد العديد من الأساتذة إضافةً لوالده منهم توبياس فريدريش فايفر الذي علّمه البيانو وغليس فان دين إيدن وفرانز روفنتني.
كان أوّل أداء علني لبيتهوفن أمام الجمهور وهو في السابعة من عمره، وذلك بعد أن لاحظ والده نبوغه في هذا المجال، وفي عام ألفٍ وسبعمئةٍ وتسعة وسبعين بدأ بيتهوفن دراسته على يد واحد من أهمّ الأساتذه في مدينة بون هو (كريستيان جوتلوب نيفي) الذي عمل في الأبرشيّة كعازفٍ على الأورغن، وقد علّمه أصول الموسيقا إضافةً إلى مساعدته في تأليف أولى ألحانه التي نشرت عام ألفٍ وسبعمئةٍ وثلاثة وسبعين، تحوّل بعدها بيتهوفن إلى مساعدٍ لمعلمه في عزف آلة الأورغن.
غادر بيتهوفن إلى فيينا لأوّل مرة في حياته عام ألفٍ وسبعمئةٍ وسبعة وثمانين في محاولةٍ منه للتتلمذ على يد موتسارت، لكنه قفل عائداً بعد أسبوعين بسبب مرض والدته الذي أدى إلى وفاتها بعد وقتٍ قصير، الأمر الذي أدّى إلى إدمان والده الكحول، في هذا الوقت وجد بيتهوفن نفسه مسؤولاً عن رعاية أخويه الصغار.
في الفترة الممتدة ما بين عامي ألفٍ وسبعمئةٍ وتسعين وألفٍ وسبعمئةٍ واثنين وتسعين قام بيتهوفن بتلحين وتأليف عدد من الأعمال الموسيقيّة التي صقلت موهبته، لكنها لم تنشر فور تأليفها، وأطلق عليها اسم (أعمال بيتهوفن غير المصنفة).
في عمر السادسة والعشرين، بدأ بيتهوفن يفقد سمعه، حيث كان يعاني من طنينٍ حاد في أذنيه، الأمر الذي كان يصعّب عليه سماع الموسيقا، وأصبح بعدها بيتهوفن يتجنّب محادثة الناس.
لم يعرف سبب إصابته بالصمم، ولكنه يرجح على أنه بسبب أحد أعراض اضطرابات المناعة الذاتيّة كالذئبة الحمراء، أو بسبب التيفوس الوبائي، وعند تشريح جثته بعد وفاته وجدوا بأنّ أذنه الداخليّة كانت تعاني من التهابٍ حاد، وكان لإصابته بالصمم تأثيرٌ سيئ على نفسه حتى أنه حاول الانتحار بعد أن كتب لإخوته يظهر لهم نيّته تلك، وبسبب وضعه الصحي انتقل للإقامة في بلدة هيلنستات الواقعة على مشارف فيينا، حيث قرر التعايش مع حالته.
قام بيتهوفن بتأليف سيمفونيته التاسعة دون أن يتمكن من سماعها، حيث إنّ إصابته لم تحل دون متابعة تأليفه الموسيقي الذي لم يتوقف عنه، لكنه كان من الصعب عليه العزف في الحفلات، وكان الظهور الأخير له في الأمسية التي قام بها بعزف السيمفونيّة التاسعة، وكانت تلك الأمسية أيضاً أوّل ظهورٍ له خلال اثني عشر عاماً.