يعدّ لفظ التربية مصدراً من الفعل ربّى، ويُقصد به التهذيب، والتعليم، والتنشئة، فإن قيل: تربيةٌ بدنيّةٌ؛ فهي تنشئةٌ تُعنى بالجسم، وتدريبه، وتقويته، وإن قيل: تربيةٌ وطنيّةٌ، فيُقصد بها دروسٌ تُعطى في حبّ الوطن، ومؤسساته، ووزارات التربية؛ هي وزارة التربية والتعليم في البلاد، وورد في معنى التربية أنّها: علمٌ وظيفته البحث في أسس التنمية البشرية، وعواملها، وأهدافها الكبرى،] وأمّا التربية الإيمانية؛ فيُقصد منها ربط الطفل منذ الصغر بأصول الإيمان بالله، وجميع الأمور الغيبية الأخرى، وتعليمه مبادئ الشريعة من عقيدةٍ، وأخلاقٍ، ومعاملةٍ، وهذا الجانب الذي يهمّ المربّين المؤمنين بالله تعالى، أن يُنشؤوا ابنهم على هذه المعاني منذ نعومة أظافره؛ حتى ينشأ إنساناً مرتبطاً بالدين أخلاقاً، ومعاملاتٍ، ويوضّح أهميّة التربية المبكّرة قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- موجّهاً المسلمين: (كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفطرةِ، فأبواه يُهَوِّدانِه، أو يُنَصِّرانِه، أو يُمَجِّسانِه، كمثلِ البَهِيمَةِ تُنْتِجُ البَهِيمَةَ، هل ترى فيها جَدْعَاءَ)
ومن مظاهر اهتمام الإسلام بتربية الأبناء تربيةً سليمةً أيضاً، أنّ هناك العديد من الأحاديث التي تذكر فضل ذلك، وتنبّه عليه، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُويذكر الصحابة عن النبي -عليه السلام- أنّه جعل كلّ إنساناً مؤتمناً في مكانه، وسيُسأل عنه يوم القيامة، وكان من ذلك أنّ المرأة راعية بيت زوجها، وستُسأل عن رعيّتها، وهم الأبناء، وبيت الزوج، وكذلك يُذكر قول النبي عليه السلام: (ما نحَل والدٌ والِداً من نُحلٍ أفضلَ من أدبٍ حسنٍ)، والمقصود منه أنّ أفضل عطيّةٍ قد ينالها المرء في حياته؛ قدرته على تربية ابنه، وتأديبه كما يجب، ولقد اهتمّ علماء المسلمين بتربية الأبناء تماشياً مع مراد الله تعالى، ورسوله الكريم، فقد كتب الغزالي رحمه الله: (وكما أنّ البدن في الابتداء لا يُخلق كاملاً، وإنّما يكمل ويقوى بالنشوء، والتربية بالغذاء، وكذلك النفس تخلق ناقصةً، قابلةً للكمال، وإنّما تكمل بالتربية، وتهذيب الأخلاق، والتغذية بالعلم)
هناك نصائح عامّةُ يستطيع أن يأخذ بها المربّي، تُعينه في عملية التربية مع أبنائه، من ذلك ما يأتي
كان ممّا ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه أذّن في أُذن المولود حديثاً، حتى يكون التوحيد أوّل ما يطرق مسامعه في حياته، ولقد علّم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- غُلاماً كيفية تناول الطعام بشكلٍ لبقٍ صحيحٍ، فقال: (يا غلامُ، سمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينِكَ، وكلْ ممَّا يلِيكَ)،وفي التربية البدنية ورد عن عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- قوله: (علِّموا أولادكم السباحةَ والرمي، ومروهم فليثبوا على الخيل وثباً)، وكان الحسين بن عليّ -رضي الله عنهما- يعلّم ولده ويلقّنه أن يقول: (آمَنْتُ بِاللَّهِ، وَكَفَرْتُ بِالطَّاغُوتِ)، وورد في تهذيب الكمال: (كانوا يكرهون أن يعلموا الغلام القرآن حتى يعقل)، وفي روايةٍ، قال: (وكانوا يستحبّون أن يكون للغلام صبوةٍ)؛ أي ميلٌ للهوى