كرّم الله -تعالى- الإنسان من بين سائر المخلوقات في الكون، وجعل الإنسان مستخلفاً فيه، لذلك فإنّه محتاجٌ لأسباب البقاء، وتحقيق الاستخلاف والمصالح الدنيوية، كذلك جعل الله -تعالى- المال أساس قيام مصالح الناس، يظلّون في حاجةٍ إليه ما داموا على قيد الحياة، فإذا ماتوا انقطعت حاجتهم إلى المال، فلو تُرك حينها مال الميت منهم لمن استطاع أن يستولي عليه ويأخذه؛ لأدّى ذلك إلى التشاحن والتباغض بين الناس، وتصبح الملكية حينها قائمةً على البطش والغَلَبة، ولو تُرك كلّ المال للكلاب والقطط ومختلف الحيوانات، كما تسمح بعض القوانين الغربية بذلك؛ لضاعت مصالح العباد، وتعطّلت حاجاتهم، من أجل ذلك وضعت الشريعة الإسلامية أحكاماً للميراث، وجعلت فيها الحقّ بمال الميت لأقاربه، وكذلك يطمئنّ الناس على مصير أموالهم، فالإنسان مجبولٌ على حبّ نفع من تربطه بهم علاقاتٌ قويةٌ؛ كالأقارب والزوج، ونحو ذلك، فإذا مات الإنسان، قسّمت الشريعة ماله بين أقاربه بالعدل، الأقرب منهم فالأقرب
جعلت الشريعة الإسلامية للزوجة حقّ الإث من زوجها، وحددت لذلك مقداراً تبعاً لحالة الزوج، من وجود فرعٍ وارثٍ له وعدمه، وفيما يأتي بيان حالات الميراث بالنسبة للزوجة
وإذا كان للميت أكثر من زوجةٍ، فإنّ جميع زوجاته يشتركن في النصيب المحدد لهنّ؛ من ربعٍ أو ثمنٍ بحسب وجود فروعٍ وارثةٍ له من عدم ذلك، كمن توفي وترك خلفه ثلاث زوجاتٍ، وثلاثة أبناءٍ، فإنّ زوجاته الثلاثة يشتركن في نصيب الثمن من تركته، وإن كان للزوج زوجةٌ مسلمةٌ وأخرى كتابيةً، فإنّ المسلمة تأخذ النصيب كاملاً، ولا شيء للكتابية؛ لاختلاف الدين بينها وبين الميت، وفيما يتعلق بميراث الزوجة المطلقة، فإن كانت مطلقةً طلاقاً رجعياً، ومات عنها زوجها في فترة العدّة، ثبت لها حقّ الميراث، واستحقت نصيبها بحسب الحالات المذكورة سابقاً، أمّا إن كانت مطلقةً طلاقاً بائناً، فلا يثبت لها الحقّ في الميراث من الميت، إلّا إن طلّقها في حال المرض المخوف قاصداً حرمانها من الميراث؛ فإنّها ترث زوجها حينها، فإن لم يُتهم بقصده حرامانها، فلا ترث.
للإرث موانعٌ تؤدي إلى منع التوارث بين الميت والوارث منه، وفيما يأتي بيانها: