المحتوى

«رؤية 2030» ليست مجرد طموحات .. برامج تنفيذية

الكاتب: رامي عبد ربه -

«رؤية 2030» ليست مجرد طموحات .. برامج تنفيذية

 
جاءت الطفرة النفطية الثانية بفوائض مالية ضخمة، ومعها تباطأ كثير من الإصلاحات الاقتصادية للمالية العامة، وفقد مشروع الخصخصة بريقه وتقلصت مشاريع توسيع مشاركة القطاع الخاص في التنمية، إذ بدا للجميع وكأن الحكومة وحدها قادرة على تنمية البلاد وتعزيز فرص الوظائف، ولكن جاءت مفاجآت التراجع الحاد في أسعار النفط في ظل تراخ واسع في مراقبة الصرف على النفقات مع مشاريع متعثرة لا حصر لها وأخرى دون الحد الأدنى من الجدوى الاقتصادية التي تبرر استمرار الإنفاق عليها، واستجابة للضغوط الهائلة حينها أصبح السحب من الاحتياطي العام ينذر بتداعيات تؤثر بشكل كبير في الاقتصاد إذا لم تتدخل يد الإصلاح وبحزم، فكانت البلاد على موعد مع قائد فذ بكل ما في هذه الكلمة من معنى، فالمالية العامة كانت بحاجة إلى قرارات الملك سلمان الصارمة لضبط الإنفاق حتى إن بدت تلك القرارات ذات آثار اقتصادية مؤلمة، فلم يكن من مفر سوى المضي في طريق إيقاف جميع عمليات الصرف على المشاريع وإعادة دراستها بشكل أفضل، ودعم ما يجب دعمه والتخلي عن بعضها الآخر، كانت مثل هذه القرارات ستتسبب في شلل تام للاقتصاد وحركة الأموال لو خرجت الأمور عن السيطرة، بل ظهرت تداعيات لها مثل تأخر صرف رواتب العمال في بعض شركات المقاولات، لكن مصلحة الوطن العليا كانت تتطلب مثل هذا الحزم والشجاعة على اتخاذ القرار مع إعادة رسم الطريق والعودة بسرعة للعمل والنمو المنضبط الخاضع للسيطرة. وفي ظل هذه الأوضاع لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع أن تصدر الموازنة العامة للدولة لعام 2017 بهذا النمو الكبير في حجم المصروفات وهو المؤشر الأساس على العودة مرة أخرى إلى دعم المشاريع والتنمية والحراك الاقتصادي، ولهذا فقد جاء خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، خطابا تاريخيا قدم من خلاله قراءة شاملة للوضع الاقتصادي المحلي والعالمي وكيف أعدت الموازنة العامة برغم هذه الظروف وكيف تحقق لنا النمو؟ فالسياسات المالية الحصيفة، التي اتخذتها الدولة قد أثمرت في نمو اقتصادي أكثر توازنا وانضباطا وبأقل تأثير ممكن على المجتمع وعلى الاقتصاد، كما أن الحكومة أصبحت- بفضل الله- قادرة على التحكم في الاقتصاد بعدما كانت الأمور خارج السيطرة في فترة من الفترات. كما جاء الخطاب الملكي ليؤكد هذه السيطرة الكاملة للحكومة على المسيرة الاقتصادية وأن تحقيق "رؤية المملكة 2030" هو مرتكز بناء الموازنة العامة بعدما كنا نسير بلا خطة واضحة متكاملة العناصر. فما يميز "رؤية المملكة 2030" عن غيرها ـــ وكما أشار الملك إلى ذلك بكل وضوح في خطابه ـــ إنها تمثل رؤيته ـــ حفظه الله ـــ لتنمية شاملة ومتوازنة لكنها مع ذلك ليست مجموعة من الطموحات فقط، بل هي برامج تنفيذية. فالموازنة الحالية مبنية على "رؤية المملكة 2030" بخطط تنفيذية مبرمجة تنبع من الإصلاح الشامل الذي تبناه الملك منذ توليه الأمر، وهذا من شأنه في نهاية المسيرة تعزيز قوى الذاتية في الاقتصاد لتمكنه من مواجهة التحديات، وتعزيز الموقع الاقتصادي العالمي. أكد الملك في خطابه أن هذه الموازنة تم بناؤها على أساس إعطاء الأولوية للمشاريع والبرامج التنموية والخدمية، التي تخدم المواطن، ولكن مع المضي قدما في تطوير الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، فالبرامج التنفيذية لـ"رؤية المملكة 2030" تسعى إلى تفعيل دور القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، ولكن هذا سيتم من خلال رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي في الدولة، ومواصلة الانضباط المالي، وتعزيز الشفافية والنزاهة.
 
شارك المقالة:
171 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook