هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشيّ، وُلد -عليه الصلاة والسلام- في مكة المكرمة في عام الفيل، وأرضعته حليمة السعدية، ولما بلغ السادسة من العمر تُوفِّيت أمه آمنة بنت وهب، فكفله جده عبد المطلب الذي رعاه وأحسن إليه، ولما بلغ الثامنة من عمره تُوفّي جده، فتولى أمره عمه أبو طالب، وقد عمل خلال شبابه في التجارة وتزوج من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، ولما بلغ الأربعين من عمره بعثه الله -تعالى- ليدعو الناس إلى توحيد الله تعالى، واجتناب الشرك، وكان أول ما نزل عليه من القرآن الكريم، قول الله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ)
لم يترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته من متاع الدنيا إلا قليل، مصداقاً لما رُوِي عن عمرو بن الحارث -رضي الله عنه- أنه قال: (ما تركَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عندَ موتِه درهمًا، ولا دينارًا، ولا عبدًا، ولا أَمَةً، ولا شيئًا، إلا بغلتَه البيضاءَ، وسلاحَه، وأرضًا جعلَها صدقةً)قد ثبت فقدان الكثير من آثاره -عليه الصلاة والسلام- عبر العصور السابقة بسبب الفتن والحروب، أو بسبب الضياع، أو بسبب وصية من كان يمتلك شيئاً من الآثار بدفنها معه أو تكفينه بها عند وفاته، ومن الأمثلة على الآثار النبوية المفقودة خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، مصداقاً لما رُوِي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: ( اتخذ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ خاتمًا من ورِقٍ، وكان في يدِه، ثم كان بعد في يدِ أبي بكرٍ، ثم كان بعدُ في يدِ عمرَ، ثم كان في يدِ عثمانَ، حتى وقع بعدُ في بئرِ أريسٍ، نقشه : محمدٌ رسولُ البالإضافة إلى بردة النبي -عليه الصلاة والسلام- والقضيب المنسوب إليه، اللذين ذكرهما ابن كثير في البداية والنهاية، حيث قال: (وقد توارث بنو العباس هذه البردة خلفاً عن سلف، وكان الخليفة يلبسها يوم العيد على كتفيه
كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- آثارٌ عظيمة على البشرية جمعاء، حيث أخرج الناس من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، وأعز الله -تعالى- به العرب بعدما اتبعوه وآمنوا به، وأبدل ذلهم وخزيهم ومهانتهم بالعز والسُّؤدد، والمكانة الرفيعة بين الأمم، إذ إن العزة بيد الله وحده يورثها من يشاء من عباده المؤمنين، مصداقاً لقول الله تعالى: (يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله)، ومن آثار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على البشرية ارتقائه بها إلى الحياة الحقيقية التي تليق بهم كبشر، من خلال الموازنة بين حاجات الجسد وحاجات الروح، إذ لم يُقدّم جانباً على حساب الآخر، بالإضافة إلى تحجيم قِوى الكفر والظلم، من خلال إيجاد قوة للحق وأهله تردع المفسدين في الأرض عند تماديهم، وقد كان لرسول الله -صلى اله عليه وسلم- آثار على كافة الأصعدة والمجالات، كالمجال الديني، والأخلاقي، والاقتصادي، والسياسي، والمجتمعي، وفيما يأتي بيان لتلك الآثار