آثار العصور الإسلامية بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 آثار العصور الإسلامية بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

 آثار العصور الإسلامية بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 

الآثار الثابتة

 
ازدهرت المدن والمستوطنات في الجزء الشرقي من جزيرة العرب خلال العصر الإسلامي، حيث دخل سكان هذه المنطقة في الإسلام منذ السنة الأولى للهجرة عندما أسلمت قبيلة بني عبدالقيس، وتبعتها القبائل الأخرى بعد السنة الثامنة للهجرة  ،  ومن أبرز هذه الآثار ما يأتي:
 
أ - الحواضر:
 
1 - مدينة جواثا:
 
تقع جواثا على مسافة 18كم إلى الشمال الشرقي من مدينة الهفوف بمحافظة الأحساء، وتبعد عن قرية الكلابية بنحو 3كم  . 
 
ويعود تاريخ مدينة جواثا إلى فترة تسبق الإسلام؛ فقد كانت حاضرة قبيلة بني عبدالقيس عند ظهور الإسلام، وكانت المدينة الأولى في شرق الجزيرة العربية التي استجابت لدعوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، إذ دخل أهلها الإسلام في السنة الأولى للهجرة عندما استجاب زعيم بني عبدالقيس المنذر بن عائذ الفهري لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم وتبعه أهل جواثا  .  وقد أقيم في جواثا مسجد  في السنة الثانية من الهجرة، وأقيمت فيه أول جمعة بعد مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة  .  ودلت الدراسة الحديثة التي أجريت على الموقع أن تاريخه ممتد منذ عدد من القرون قبل الإسلام حتى عصور متأخرة من العصر الإسلامي؛ فقد اكتشف أطلال مراحل بناء مسجد جواثا وتم تحديد ثلاث مراحل معمارية للمسجد تؤكد استمرار استخدامه خلال عصور كثيرة، وسوف يشار إلى ذلك عند الحديث عن عمارة مسجد جواثا في الجزء الخاص بالمساجد  
 
تم كذلك تحديد أجزاء الموقع الأخرى على الرغم من أن هناك متنـزهًا وطنيًا يحتل جزءًا من مساحة الموقع، إذ تم تحديد بعض أجزاء الموقع، وحدد ثلاثين موقعًا منتشرًا على مساحة كبيرة بعضها تلال أثرية وبقايا عيون قديمة ومدافن.
 
ومن خلال دراسة المعثورات التي تم جمعها من مجسات الحفر ومن سطح الموقع اتضح أن بعض تلك المعثورات تعود إلى الفترة السابقة للإسلام، حيث عُثر على عدد من كسر الفخار الروماني والساساني والمحلي، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الفخار والخزف الإسلامي الذي يعود إلى فترات إسلامية مبكرة ومتوسطة  
 
وتُعَدّ عين جواثا، بعد مسجدها، من أبرز المنشآت المعمارية الباقية آثارها للعيان، حيث تقع العين على مسافة 160م إلى الشرق من المسجد، وتعرف بعدد من الأسماء، أبرزها: عين جثي وعين أبي هريرة. أما مباني العين الباقية على السطح فإنها تمثل بقايا منشآت العين، وتتميز بجدار شبه مستدير من الحجر بقطر يبلغ 4.5م، يرتفع فوق مستوى سطح الأرض  
 
2 - ميناء العقير: 
 
يقع ميناء العقير على الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية إلى الشمال الشرقي من محافظة الأحساء، ويبعد 50كم من واحة الأحساء، و 45كم من مدينة بقيق  
 
ورد ذكر ميناء العقير في عدد من المصادر الإسلامية المبكرة، وذكر أن به منبرًا لبني عبدالقيس، مما يدل على كبر المدينة وأهميتها، خصوصًا أنها ميناء على ساحل البحر تقصدها سفن قادمة من البصرة وعُمان واليمن والصين. وفي منتصف القرن الخامس الهجري زادت أهمية العقير عندما أصبحت ميناء الأحساء الرئيس وبخاصة خلال الفترتين القرمطية والعيونية  ،  إذ ازدهر ميناء العقير خلال فترة الدولة العيونية بشكل كبير واستمر على ذلك خلال العصور التالية حتى عهد الدولة السعودية الحديثة  
 
وتعود معظم المباني القائمة في الميناء إلى العصر العثماني، وجُدّد بعضها مع بداية الدولة السعودية الحديثة، وتتكون المنشآت من:
 
 فرضة الميناء.
 
 مبنى الجمارك.
 
 مبنى الخان.
 
 المبنى الإداري.
 
 المسجد.
 
 عين أبو زهمول.
 
تقع تلال المدينة الإسلامية القديمة للعقير إلى الجنوب الغربي من مباني الميناء القائمة بالقرب من عين أبو زهمول، وتضم عددًا من التلال الأثرية، ويشير تاريخ الموقع إلى أنه خرب وهجر بعد عام 422هـ /1031م بعد هجوم قائد جزيرة أوال على الموقع 
 
في عام 1412 - 1413هـ /1991 - 1992م قام فريق من إدارة الآثار والمتاحف بأعمال تنقيب ودراسة للموقع أسفرت عن حفر جانب منه وتحديد أجزاء مختلفة. ومن أبرز التلال المكونة للموقع نجد التلال المحاذية للساحل إلى الشمال من مبنى الخان والتلال المحيطة ببرج أبو زهمول، إضافة إلى مجموعة التلال الواقعة إلى الشمال من منطقة برج أبو زهمول التي تُعَدّ من أهم تلال الموقع وأكبرها مساحة  .  وتركزت أعمال الحفر في التل الأثري الواقع شمال غرب برج أبو زهمول الذي أطلق عليه «أبو زهمول شمال غرب »، وهو تل مرتفع يبلغ ارتفاعه عشرة أمتار، وكشفت أعمال الحفر عن مبنى في الجزء العلوي من التل يقوم فوق مبنى آخر أقدم عهدًا  ،  والمبنى هو حصن له سور سميك تدعمه أربعة أبراج دائرية ويحيط بمدخله برجان مستديران 
 
وعُثر أثناء التنقيب على مجموعة من المواد الأثرية أبرزها: أوانٍ فخارية وخزفية  تعود إلى الفترة العباسية ودينار مؤرخ بسنة ست وسبعين ومئتين يعود إلى الخليفة الطولوني خمارويه بن أحمد الذي حكم مصر بين سنتي 270 و 282هـ /883 و 895م، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الصنج والموازين وأدوات الزينة التي يعود جلها إلى القرن الثالث - الرابع الهجري  .  وتدل هذه المكتشفات على أن ميناء العقير كان مزدهرًا خلال العصور الإسلامية المبكرة، فحجم المواقع الأثرية المندثرة في محيط منطقة الميناء يشير إلى كثافة استيطان وحركة بشرية شهدهما الموقع خلال تلك المراحل؛ الشيء الذي يؤكد أهمية العقير بوصفها ميناء رئيسًا على الساحل الشرقي للجزيرة العربية ويعزز أهميته كونه الميناء الرئيس لواحة الأحساء خلال العصور المختلفة.
 
ويمثل موقع العقير على الخليج العربي شكل رأس يمتد إلى داخل مياه الخليج، يحده من الشمال الشرقي رأس صباح ومن الجنوب رأس الصفيراء، وتشكل المساحة الواقعة بينهما مدخلاً ضيقًا لفرضة ميناء العقير، ما جعل من الميناء موقعًا مميزًا أسهم في حماية حركة الملاحة فيه  .  وتأخذ فرضة ميناء العقير شكلاً نصف دائري ضحل المياه ويؤدي إلى رصيف الميناء وهو رصيف حجري يمتد بطول 148م استخدم لحركة تحميل البضائع وتنـزيلها من السفن والقوارب  
 
ويقع مسجد العقير  إلى الجنوب من المبنى الإداري في الجزء الأوسط من مباني الميناء، وشُيّد عام 1305هـ /1888م وأعيد ترميمه إبان حكم الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وأضيف إليه الرواق الثاني المطل على الصحن. والمسجد ذو مسقط مستطيل يتكون من صحن مكشوف، وظلة صلاة تتكون من بائكتين من الأعمدة نصف الدائرية المحمولة على أعمدة مضلعة  
 
ويوجد مبنى الجمارك  مقابلاً لفرضة الميناء ومطلاً عليه، وهو يتكون من دورين، الأرضي منهما يشتمل على غرفتين مستطيلتين أطوالهما 5×10م يفصل بينهما ممر مفتوح على الواجهة البحرية، على حين يتقدم الغرفتين سلّمان حجريان يؤديان إلى الدور العلوي وفناء يفتح عليه عدد من الغرف، يتكون الدور العلوي من غرفتين متماثلتين يوصل إليهما عن طريق سلمين متوازيين يؤدي كل منهما إلى غرفة  .  يُعَدُّ الجانب المعماري للمبنى مميزًا، فهو يعكس طراز العمارة المحلية في شرق الجزيرة خلال العصر العثماني، ويتميز بعدد من العناصر المعمارية، أبرزها: الأعمدة المضلعة والشرفات المسننة التي تعلو واجهة المبنى والأبواب والنوافذ الخشبية، وقد استخدم المبنى مكاتب لموظفي الجمارك العاملين في الميناء لإنهاء إجراءات دخول البضائع وخروجها  
 
ويقع مبنى المستودعات  ملاصقًا لمبنى الجمارك من الجهة الجنوبية، وهو ساحة كبيرة جزء منها غطي بسقف محمول على أعمدة حجرية  .  واستخدم المبنى لحفظ البضائع عند وصولها للميناء وحتى تتم إجراءات تخليصها من الميناء وكذلك حفظ البضائع المصدرة حتى تحميلها على السفن.
 
أما مبنى الخان  فيقع إلى الغرب من مبنى الفرضة وهو مبنى ذو مسقط مستطيل أطواله 139×74م تقريبًا، ويتكون من طابقين يحوي الأرضي صفًا من الحوانيت تشغل واجهة المبنى، وتقع خلف هذه الواجهة وحدات المبنى، ويفضي المدخل الرئيس إلى ساحة تصطف حولها حجرات كثيرة، وفي الجزء الشمالي الغربي من ساحة الخان يوجد إسطبل  .  واستعمل الخان الذي عرف في الحضارة الإسلامية منذ أمد بعيد  ،  استراحة للتجار ودوابهم، واستخدمت الحوانيت لعرض بضائع التجار.
 
ويوجد مسكن مدير الميناء  في الجزء الأوسط من مباني الميناء وهو مبنى من دور واحد يعتمد تخطيطه على باحات مفتوحة تفتح عليها غرف المبنى وحصن ببرج مستدير في كل من أركانه، ويتكون المسكن من قسم رسمي خاص بالمدير وضيوفه، إضافة إلى وحدة معمارية مخصصة لإقامة الحرس الخاص  
 
وإذا مدَّ الزائر بصره إلى الجنوب الغربي من مباني الميناء تقع عيناه على عين يطلق عليها *عين أبو زهمول*  تُعَدّ من أهم مصادر المياه التي تزود سكان العقير بما يحتاجون إليه من ماء الشرب والاستخدام اليومي. ونظرًا إلى أهمية هذا المصدر فقد شُيد برج مستدير ضخم حوله وأحيط البرج بسور دائري لحمايته   
 
3 - البطالية:
 
تقع البطالية إلى الشمال الشرقي من مدينة الهفوف على مسافة 7كم، وهي امتداد لواحة الأحساء وقد استمر السكن في الموقع القديم؛ ما أدى إلى اندثار معظم الآثار الإسلامية به ولم يسلم منها سوى تل أثري يطلق عليه تل قصر قريمط، إضافة إلى بقايا مسجد جامع  مهجور ومبنى آخر يطلق عليه محليًا "المستراح"، وهو بقايا مبنى سكني مستطيل الشكل يتكون من غرفتين تتقدمهما سقيفة، وقد أجريت دراسات ميدانية في هذا الموقع نشرت نتائجها في كتاب صدر عن وكالة الآثار والمتاحف وهو في أصله رسالة ماجستير  .  وكشفت أعمال الحفر في موقع قصر قريمط عن دلائل استيطان إسلامي مبكر، حيث دلت الطبقات الأثرية على وجود نشاط سكاني في الموقع خلال الفترة العباسية المبكرة، كذلك ظهرت طبقات أثرية تعود إلى فترات تسبق الفترة العباسية إلا أن طبيعة العمل لم تحدد فترة تلك الطبقات  
 
وتم كذلك تسجيل عدد من العيون القديمة المنتشرة في محيط الموقع، أبرزها: عين الجوهرية التي تقع إلى الغرب من القرية الحالية، وتُعَدّ أبرز العيون التي يعتمد عليها في الزراعة، وقد ذكر هذه العين الشاعر ابن المقرب العيوني، كما توجد عين أخرى تسمى عين الجمة أو عين الباهلية، كانت تتصل بتل قصر قريمط عن طريق أنبوب فخاري كان يحمل الماء منها إلى ذلك الحي، والعين بئر واسعة دائرية الشكل قطرها يبلغ 2.5م ومطوية بحجارة رملية  
 
4 - جزيرة تاروت:
 
تقع جزيرة تاروت شرق مدينة القطيف وهي ثانية كبرى جزر الخليج العربي بعد جزيرة البحرين، حيث تبلغ مساحتها نحو 70كم  ، وتتمتع الجزيرة بميناءين هما: ميناء دارين الواقع في طرفها الجنوبي الغربي، وميناء سنابس الواقع في طرفها الشرقي  .  وعلى الرغم من أن تاريخ الاستيطان في جزيرة تاروت موغل في القدم إلا أننا هنا سوف نركز على الفترات الإسلامية، حيث شهدت هذه الجزيرة نشاطًا بشريًا خلال العصر الإسلامي، وأصبحت موانئها من أنشط الموانئ على ساحل الخليج العربي. ومن الأدلة المعمارية التي تقف شاهدًا على ذلك بقايا قلعة تاروت  التي تعود أساساتها إلى فترات تسبق العصر الإسلامي واستمر استخدامها وعمارتها خلال العصر الإسلامي، ثم رممت خلال العصر العثماني وتحديدًا سنة 951هـ /1544م، وتحيط بالقلعة بقايا بلدة تاروت التراثية التي تحوي نماذج من العمارة المحلية المميزة المشيدة باستخدام الحصى والحجر المرجاني والطين  .  وتضم بلدة دارين قلعة شيدت في نهاية القرن الثالث عشر الهجري وأبرز ما يميزها برج أسطواني ضخم يتكون من طابقين، وتحيط بالقلعة بقايا بلدة دارين التي تمثل طرازًا معماريًا مميزًا، ويُظن أن بقايا المدينة الأثرية القديمة توجد تحت أساسات مباني البلدة القديمة القائمة  
 

الكتابات الإسلامية

 
تُعَدّ الكتابة العربية الإسلامية من أبرز الشواهد التي يطالعها دارس الحضارة الإسلامية في الجزيرة العربية؛ حيث درج إنسان الجزيرة العربية على استخدام الكتابة، ودوّن نماذج من تلك الكتابات على الواجهات الصخرية المحيطة بممرات الطرق والأودية وفي الحواضر من خلال شواهد القبور التي لا تخلو منها مقبرة قديمة، إلا أن المنطقة تُعَدّ من المناطق التي تندر فيها الكتابات، وهي تحوي عددًا محدودًا من الكتابات الإسلامية التي تأكد مصدرها، يأتي في مقدمها:
 
1 - شاهد قبر:
 
وهو محفوظ في المتحف الإقليمي بمدينة الدمام الذي يعتقد أن مصدره محافظة القطيف، وقد نشر هذا النقش عام 1423هـ / 2002م  . 
 
النقش هو شاهد قبر من حجر البازلت مستطيل الشكل حالته جيدة ونصه واضح ومقروء، وكُتب بخط لين بارز، ويتكون من ستة عشر سطرًا وتزين جزأه الأعلى زخارف على هيئة محراب تعلوه زخارف نباتية، يحيط بالنص من جهاته الثلاث شريط كتابي. ويؤرخ الشاهد لشهر جمادى الآخرة عام 801هـ /1399م.
 
أ) قراءة النص:
 
فوق كوشتي المحراب:
 
 لا إله إلا الله محمد رسول الله
 
1) داخل الإطار:
 
مـا  لي مررت على القبور مسلمًا     قـبر  الحـبيب  فلـم يرد جوابي
أحـبيب مـا لـك لا تجيب مناديًا     أنسـيت بعـدي خلـة الأحبـابِ
قال الحـبيب وكـيف لي بجوابكم     وأنـا  رهيـن جنـادلٍ وتـرابِ
أكـل الـتراب محاسـني فنسيتكم     وحجـبت  عن أهلي وعن أحبابي
هذا قبر الفقيرة إلى الله تعالى
خاتون عائشة بنت جمال الدين
 
الدمشقي أبي كمال والدة الشيخ العابد
 
الزاهد الورع عبدالكريم ابن
 
إبراهيم.. توفيت إلى رحمة الله
 
تعالى في الحادي عشر
 
من جمادى الآخرة سنة أحد وثمان مائة
 
2) الإطار الخارجي من اليمين إلى اليسار:
 
أصبحــت بعـد العـز والإقبـال     تحـت  الـتراب حـليف جسم بالِ
فـي بطـن قبر ليس لي من مؤنس     غـير  الـذي قـدمت مـن أعمال
متفــرد  عـن والـدي وإخـوتي     لا يرتجـون علـى الزمان وصالي
يا رب قد أصبحت ضيفك في الثرى     فـارحم بفضلـك زلتـي وسـؤالي
فـأنت  أول مـن عفـا عـن عبده     يا  ذا الـعلا والجـود والأفضـال  
 
ب) دراسة النص:
 
يعد هذا الشاهد من النصوص المهمة كون مصدره محافظة القطيف، علمًا بأن الأسماء الواردة في هذا النص هي: اسم صاحبة القبر خاتون عائشة بنت جمال الدين الدمشقي أبي كمال وابنها الشيخ عبدالكريم بن إبراهيم ووالدها جمال الدين الدمشقي أبو كمال من الأسماء غير المعروفة في كتب التراجم  ،  وعلى الرغم من ذلك فإن الشاهد له أهمية كبيرة لما يحمله من معلومات وألقاب ونصوص قرآنية وشعرية، وقد حمل النص عددًا من الألقاب، مثل: الفقير، وخاتون، والشيخ، والعابد، والزاهد، والورع، وهي ألقاب لها دلالاتها الدينية والاجتماعية.
 
أما ما يتعلق بالخصائص الفنية للنص فيمكن ملاحظتها من خلال الجهد الذي بذله الخطاط في محاولته لإخراج النص بشكل جميل إلا أن طول نصه والمساحة التي استخدمها جعلا أسطره تتزاحم؛ ما أثر سلبًا في الجوانب الفنية والزخرفية؛ حيث اشتمل المتن على البسملة وآية الاستهلال وأربعة أبيات من الشعر في حين خصص الجزء المتبقي لاسم المتوفاة وألقابها وتاريخ وفاتها، أما الهامش الذي يحيط بالمتن الذي نفذ ضمن إطار مستطيل ينتهي بعقد مثلث فقد اشتمل على شريط كتابي يتألف من خمسة أبيات من الشعر  .  وأما العناصر الزخرفية في النص فقد تركزت في الجزء الذي يعلو متن النقش، وهي تأخذ شكل عقد مدبب رسمت داخله عناصر زخرفية على هيئة مشكاة زجاجية يحيط بها شمعدانان، وفي المثلث الذي يعلو ذلك يوجد عنصر زخرفي على هيئة أوراق نباتية محورة، كما تظهر في متن النص وفي الهامش أشكال على هيئة قلب فصلت بين الآيات القرآنية.
 
2 - نقش تأسيسي:
 
وهذا النقش، من حي القلعة بالقطيف وجد مثبتًا في أعلى دروازة باب الشمال بسور حي القلعة، وهو يشير إلى تجديد مبنى القلعة في سنة 1039هـ /1630م من قبل الوالي العثماني على القطيف علي باشا  . 
 
أ) قراءة النقش:
 
الحمد لله الذي أقام تشييد هذه القلعة
 
الميمونة حرسها الله تعالى من العدوان بهمة
 
الملك الهمام القائم بأمور الإسلام علي
 
باشا دام إقباله في سنة تسع وثلاثين وألف  . 
 
ب) دراسة النص:
 
يتكون النص من أربعة أسطر كتبت بخط الثلث البارز وبطريقة فنية متقنة تحاكي أمثاله من النصوص العثمانية الرسمية، نُفذ هذا النقش بطريقة فنية رائعة أبدعها خطاط ماهر محترف وبأسلوب واضح بسيط يمكن قراءته بيسر وسهولة، طبقًا لما يتطلبه هذا النوع من النقوش التأسيسية التي تؤرخ عادة لعمل معماري رسمي  . 
 
وقد التزم الخطاط الذي نفذ العمل بقواعد خط الثلث من حيث تناسق السطور وحجم الحروف ورشاقتها حتى أخرج النص في شكله النهائي على هيئة قطعة فنية.
 
ج) محتوى النص:
 
يتحدث النص عن عمارة قام بها الوالي العثماني على القطيف علي باشا، في حي القلعة بالقطيف، وقد أشار النص إلى عدد الألقاب التي أسبغت على الوالي، منها: الملك الهمام، والقائم بأمور الإسلام، وهي ألقاب عادة ما ترتبط بالملوك والسلاطين والخلفاء، وأنها ألقاب ونعوت فخرية لا تمثل سلطة حقيقية، خصوصًا أنها ارتبطت بأحد الولاة العثمانيين  . 
 
ويُعَدُّ هذا النقش من النقوش المهمة إذ إنه يؤرخ لمرحلة من مراحل بناء حي القلعة بالقطيف، وقد مرت بلدة القطيف بمراحل مختلفة من التوسع والبناء، وهذا النص يشير إلى مرحلة مهمة من مراحل تاريخ العمارة في بلدة القطيف.
 
شارك المقالة:
101 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook