آثار ما قبل الإسلام بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
آثار ما قبل الإسلام بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

آثار ما قبل الإسلام بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 
يتضح من الدراسات الأثرية المختلفة أنه في أواخر الألف الرابع وبداية الألف الثالث قبل الميلاد ظهرت في المنطقة الشرقية أوائل المدن والمستوطنات الحضارية الكبيرة، مثلها في ذلك مثل باقي مناطق الخليج العربي  ،  وقد وُجد إلى جانب هذه المستوطنات والمدن عدد ضخم من المدافن الركامية التي تُعَدّ من أبرز آثار هذه الحقبة الزمنية كما في يبرين، ورأس قرية، وبقيق، والظهران، وعين جاوان، وغيرها  
 
ومنذ الألف الثالث قبل الميلاد؛ أي نحو 2300 ق.م شهدت المنطقة اتصالات حضارية مكثفة مع مناطق جنوب وادي الرافدين وجنوب غربي إيران، وبلاد السند وأفغانستان، نجم عنها زخم من العلاقات التجارية والحضارية ربما لم يشهد الخليج العربي مثيلاً لها من قبل، وقد تمثلت تلك العلاقات في الدور الذي اضطلعت به حضارة دلمون في البحرين (منتصف الألف الثالث حتى الربع الأول من الألف الثاني قبل الميلاد) التي امتدت حدودها الجغرافية في هذه الفترة من جزيرة (فيلكة) حتى شبه جزيرة قطر وشملت الساحل الشرقي للجزيرة العربية  .  وظهرت بعض آثارها في جنوب الظهران، ومقابر بقيق، وتاروت، والرفيعة، وفريق الأطرش، وواحة يبرين، فازدهر عدد من مدنها، مثل: تاروت، ودارين، والعقير، وبقيق، والظهران، غير أنها فقدت ازدهارها نتيجة تدهور حركة التجارة العالمية المرتبطة بها، وموجة الجفاف الشديدة التي عمت مناطق العالم القديمة خلال الألف الثاني قبل الميلاد  
 
وفي منتصف الألف الأول قبل الميلاد ظهرت مملكة عربية قوية عرفت في المصادر بمملكة جرهاء، وحكم الجرهائيون المنطقة الشرقية في الفترة 500 - 250 ق.م، واتخذوا مدينة جرهاء عاصمة لهم، وقد اختلف الباحثون في موضع المدينة، إلا أن القرائن لديهم تشير إلى أنها تقع على الساحل الشرقي للجزيرة العربية  .  وقد امتازت بنشاطها التجاري مع من حولها، مثل: الممالك العربية الجنوبية وبلاد ماجان، وآشور، وفارس، ومصر، واليونان  .  وأدت القبائل دورًا مهمًا في عملية التبادل التجاري ونقل البضائع من جنوب الجزيرة العربية عبر الحجاز إلى بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، أو عبر الجرهاء في المنطقة الشرقية وفيلكة على الخليج إلى بلاد الرافدين وفارس  
 
ونتيجة للغارات التي قامت بها القبائل العربية على الساحل العربي، فقد انتقم أردشير 224 - 240م منهم واستولى على البحرين والساحل الشرقي للجزيرة العربية في القرن الثالث الميلادي  .
 
وبعد نهاية مملكة جرهاء جاءت قبائل تنوخ التي عُثر لها في ثاج، والحناة، والقطيف، وعين جاوان، وبقيق على شواهد كتابية دونت بخط المسند وعرفت بالنقوش الأحسائية  .  وارتحل فريق من التنوخيين شمالاً، ونـزلوا الحيرة غربي نهر الفرات حيث أسسوا لهم هناك مملكة قوية عرفت باسم المملكة اللخمية أو مملكة المناذرة، واستطاع ملكها امرؤ القيس بن عمرو بن عدي 288 - 328م أن يخضع لسلطانه شرق الجزيرة العربية ووسطها حتى نجران جنوبًا  .  وبعد ذلك تمكن حجر بن عمرو الملقب بآكل المرار ومؤسس مملكة كندة في نجد 433 - 456م من غزو شرق الجزيرة العربية (البحرين قديمًا) وضمها إلى مملكته  ،  وأصبحت هي الولاية الشرقية لدولة كندة، وبعد موت حجر آكل المرار تولى حكم هذه الولاية ابنه معاوية الجون من عاصمة يقال لها هجر  .  وبعد سقوط دولة كندة في النصف الأول من القرن السادس الميلادي عادت المنطقة إلى حكم أمراء الحيرة اللخميين.
 

الآثار الثابتة

 
تتمثل المادة الأثرية الثابتة في الإنشاءات المعمارية العائدة إلى تلك الفترة، التي تشتمل - في الغالب - على حقول المدافن التي دفن فيها الإنسان موتاه، ومقابر التلال الركامية، والمقابر الرجومية وهي غالبًا ما توجد إلى جوار المدن والمستوطنات الحضارية الكبيرة في المنطقة، وبقايا المنازل السكنية التي أقام فيها الإنسان وتظهر بعض آثارها في المستوطنات الكثيرة التي لم يُنقّب عنها بعد في كثير من المواقع الأثرية في المنطقة.
 

آثار تل تاروت

 
تشهد الدلائل الأثرية على أن هناك استيطانًا واضحًا حدث في الجزيرة العربية خلال الألف الثالث قبل الميلاد، حيث اكتشفت عدة مواقع في شرق الجزيرة العربية، ترجع إلى تلك الفترة وتحتوي على آثار معمارية؛ فالتنقيبات الأثرية المحدودة في تل تاروت مثلاً في وسط المدينة الحالية أثبتت أن الاستيطان بدأ فيه منذ فترة العُبيد في الألف الخامس قبل الميلاد، واستمر ذلك الاستيطان حتى الألف الثالث قبل الميلاد، وبذلك فهو يمثل أقدم موقع مدينة في الجزيرة العربية. كما أن صغر المساحة التي يشغلها التل والمبنى البارز فيه جعل أحد الباحثين في الآثار يفترض أن تاروت كانت أكبر من مجرد قرية  .  ويتضح من المسوحات الميدانية أن تل تاروت الأثري الذي شيدت في قمته قلعة تاروت يتكون من خليط من الطين والأتربة، وقطع الحجارة الجيرية الضخمة، ويبدو واضحًا للعيان أساسات مبانٍ قديمة تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد تحت أساسات القلعة، وتتمثل في مجموعة من قطع الحجارة المتراصة والمصقولة،  ما يدل على أنها جزء من مبنى قديم أو عدة مبانٍ قديمة، ويوجد إلى جوار هذا المبنى نبع ماء عميق يتصل بقناة تؤدي إلى بركة مكشوفة مبنية من الحجارة أيضًا  .  وقد رجّح بعض الباحثين أن يكون هذا المبنى هيكلاً للمعبودة الفينيقية عشتار (عشتاروت) التي يعتقد أغلبهم أن اسم المدينة تاروت مشتق من اسمها  
 

المدافن الركامية والرجومية

 
وكما أن الإنسان في المنطقة اقترنت مستوطناته في العصر الحجري الحديث بأمكنة يدفن فيها جثث موتاه، فقد استمر هذا التقليد أيضًا في نهاية الألف الرابع وأوائل الألف الثالث قبل الميلاد حينما ظهرت في المنطقة بدايات المدن والمستوطنات الحضارية الكبيرة، حيث لا يُذكر موقع أثري يعود إلى هذه الفترة إلا ويوجد حوله حقل أو حقول مدافن ذات أنماط متنوعة في تصاميمها، ولذلك وُجد بجانب هذه المدن والمستوطنات وفي حوافها عدد كبير من المدافن المعروفة باسم مدافن التلال الركامية والمدافن الرجومية. والمدافن الركامية: هي نوع من المقابر تبدو في هيئة أكوام من الحجارة المتراكمة، بأنماط متنوعة. وتوجد هذه المقابر في شكل مجموعات تختلف في عددها من مكان إلى آخر، حيث يصل عددها أحيانًا إلى الآلاف، وتقترن هذه المقابر - عادةً - بمنشآت معمارية أخرى، مثل: الدوائر الحجرية، والمنشآت المذيلة، وغيرها. كما أنها تختلف في أحجامها وارتفاعها.
 
أما المقابر الرجومية: فهي نوع من المدافن تظهر على شكل رجم يأتي - عادةً - مقترنًا بمنشآت معمارية أخرى كالدوائر الحجرية والمنشآت المذيلة، وتوجد في شكل تجمعات كبيرة لرجوم عدة وأحيانًا يقتصر وجودها على رجوم قليلة لا يتجاوز عددها الثلاثة   
 
ويتوزع انتشار هذا النوع من المدافن في مواقع عدة من المنطقة الشرقية، مثل: بر السمر، وجبل بومخروق في واحة يبرين،  وواحة الأحساء، وبقيق، وعين دار، وجنوب الظهران، وسبخة الظبطية، والرفيعة والربيعية في جزيرة تاروت، وجاء ذكرها في تقارير الرحالة الغربيين الذين زاروا المنطقة الشرقية، كما أشارت البعثة الدنماركية في عام 1388هـ /1968م إلى وجود عدد كبير منها في المنطقة وأفادت تقارير المسح الشامل لآثار المملكة كذلك إلى وجود هذا النوع من المدافن في عدد من المواقع بالمنطقة الشرقية وبأعداد كبيرة  .  كما اكتشفت على قمة إحدى الهضاب المطلة على أرض ملحية منبسطة في المنطقة الشرقية، عددًا كبيرًا يربو على الألف مدفن حجري تؤرخ للعصر الحجري المعدني وحقول مدافن تمتد لمسافة تقدر ببضعة كيلومترات، إضافة إلى بقايا جدران وكميات كبيرة من الكسر الفخارية، ما يدل على وجود مستوطنة تابعة لأصحاب هذه المدافن  

 

مدافن موقع الرفيعة الركامية

 
في موقع الرفيعة جنوب شرقي مدينة تاروت، وعلى مسافة 1.5كم منها، ومسافة 2كم من ساحل جزيرة تاروت الشرقي، كشفت الأعمال الاستكشافية عن بقايا آثار استيطان قديم وبقايا مدافن تلالية قديمة مدفونة تحت الرمال، عُثر فيها على مجموعة من الأواني الفخارية المميزة، وأوانٍ مصنوعة من الحجر الصابوني؛  ومما يشير إلى وجود ورش محلية لصناعة هذا النوع من الأواني، وأظهرت دراسة المادة الأثرية المكتشفة بالموقع أنه يعود إلى الفترة ما بين الألف الثالث والألف الأول قبل الميلاد، واستمر الاستيطان فيه حتى القرن الثالث الميلادي  
 

مدافن جنوب مطار الظهران الركامية

 
منذ النصف الأول من القرن العشرين الميلادي عرف الباحثون منطقة جنوب مطار الظهران الأثرية التي يعتقد أنها تضم مستوطنة كبيرة، يوجد بجوارها حقل مدافن ركامية (تلالية) يحوي 900 مدفن، نفذ فيه فريق من إدارة الآثار والمتاحف في الفترة ما بين أعوام 1403 و 1406هـ /1983 و 1986م أربعة مواسم تنقيبية، حفر خلالها ما يقارب الستين مدفنًا ركاميًا  تتنوع تلك المدافن في تصميمها وعمارتها، فبعضها شيد باستخدام الحجر الجيري، وبعضها الآخر شيد باستخدام الطوب الطيني المحروق، وأغلب تلك المدافن جماعية تضم أحيانًا أسرًا؛ تجمع الرجال والنساء والأطفال. وتتألف من مدفن رئيس ومدافن ثانوية، وقليل منها يتكون من مدفن واحد، أو مدافن لحيوانات كالجمال والماعز. وتُشيد غرفة الدفن الرئيسة عادة في الوسط، وتكون غالبًا غرفة مستطيلة الشكل، جدرانها مبنية من الحجارة الناتئة، وتُغطى بلوح حجري أو عدة ألواح تكون أحيانًا مُغطاة بطبقات كلسية مضغوطة ومجصصة، وتتجه الحجرات المستطيلة باتجاه شرق - غرب كما تتصل أحيانًا الفجوات بجدران الغرف من جهة الشمال والشمال الشرقي والجنوب الشرقي مكونة شكل حرف (L) أو حرف (T). ويحاط المدفن بجدار دائري غير منتظم الشكل، ومشيد من كتل صخرية وأحجار صغيرة، وبعد ذلك يملأ المدفن بالأحجار والأتربة حتى يأخذ شكل التل، وهنالك نمط ثانٍ يشابه النمط الأول ويختلف عنه في أن حجرة الدفن الرئيسة توجد داخل فتحة مستطيلة الشكل ومنحوتة في الصخر وبعمق متفاوت، وثمة نمط ثالث يتألف من حجرة دفن مع عدة قبور ثانوية أو إضافية مرتبطة بالقبر الرئيس بوساطة جدران نصف دائرية، وتكون المدافن الثانوية غير متقنة البناء وتشيد - عادة - فوق الأرض الصخرية الأصلية وتخلو جدرانها من التجاويف 
 
وقد جُمعت من تلك المدافن مادة أثرية كبيرة ومتنوعة تشمل الأواني الفخارية، والحجرية، والأختام، والمجامر، وأدوات الزينة، والحُلي، والمصنوعات المعدنية، والعظام، والمصنوعات الصغيرة. ووفقًا لنتائج دراسة المواد الأثرية المكتشفة في المدافن، تم التوصل إلى أنها تغطي امتدادًا زمنيًا يبدأ بالألف الثالث قبل الميلاد، شاملاً فترات حضارات أم النار، ودلمون الباكرة والمتأخرة، والكاشية وما بعدها، والهلينستية، ويستمر حتى القرن الخامس أو السادس الميلادي  
 

مدافن واحة يبرين

 
تشير المسوحات الآثارية في المنطقة إلى أن واحة يبرين الواقعة عند الطرف الشمالي الغربي من صحراء الربع الخالي، والمنطقة المحيطة بها كانت مأهولة بالسكان منذ أواخر العصر الحجري الحديث وبداية عصور فجر التاريخ، فقد أثبتت البعثة الأثرية الدنماركية التي زارت الواحة عام 1388هـ /1968م في سجلاتها وجود عدد كبير من المدافن القديمة في المواقع: أم النصي، والطويرف، وبرق السمر، والجوافير، وجبل بومخروق، التي يعتقد أنها تعود إلى الألف الثالث والثاني قبل الميلاد (العصر البرونـزي). وقامت البعثة المذكورة بحفر مدفنين منها، أحدهما في موقع أم النصي، والآخر في موقع جبل بومخروق  .  وتمكنت إدارة الآثار والمتاحف خلال المسح الذي قامت به للمنطقة الشرقية عام 1396هـ /1976م من تسجيل 97 موقعًا أثريًا في واحة يبرين وما حولها منها 75 موقعًا لحقول المدافن التلالية، حيث تم حصر نحو 6600 مدفن تلالي  وتحيط حقول المدافن بواحة يبرين من جميع جهاتها تقريبًا ومعظمها من الجهتين الغربية والجنوبية. وتوجد - عادةً - فوق سلاسل المنحدرات والتلال وفي السهول المطلة على المنحدرات والأودية المحيطة بالمنطقة، وبعض تلك المدافن يوجد في وسط الواحة في مواضع أكثر أهمية وأقل ارتفاعًا كما هو الحال في مدافن الطويرف  .  والمدافن في واحة يبرين على شكل ركامات دائرية يبلغ قطرها نحو 5م وارتفاعها 1.5م ومشيدة من أحجار غير مهذبة ومصفوفة بعضها فوق بعض، وتوجد غرفة الدفن في وسط الركام على شكل ألواح حجرية مستطيلة يبلغ متوسط أبعادها نحو 1.2×1م باتجاه شمال - جنوب. ففي أم النصي التي تبعد عن يبرين نحو 16كم توجد مدافن تلالية كثيرة حفرت البعثة الأثرية الدنماركية عام 1388هـ /1968م واحدًا منها وهو مدفن يبلغ عمقه 30سم وطوله 2م وسطحه من البلاستر ويتجه من الشمال إلى الجنوب. وعُثر بداخل ذلك المدفن على هيكل عظمي طوله 120سم مدفون على هيئة القرفصاء. وقد نُهب المدفن، حيث لم يعُثر مع الهيكل العظمي على شيء  .  وفي موقع الطويرف الغربي جنوب يبرين نحو 8كم توجد تلال كبيرة تنتشر على مساحة تزيد على 500 ألف متر مربع، ويبلغ طول المدفن الواحد نحو 8م وعرضه 1.5م وارتفاعه نحو 2.5م وهو مغطى بألواح حجرية ضخمة تبلغ أبعاد بعضها 3.7×3م، وبعض المدافن يحيط بها سور حجري قطره نحو 42م عليه حجران بارزان وغالبًا يكون في الجهة الشمالية للمدفن ولعله المدخل الرئيس له، وأمام الحجرين يوجد مدفن مستطيل أبعاده 6.7×1.4م يحيط به بناء مشيد من الحجر أبعاده 21×7.5م. وتوجد في خارج هذا السور مدافن صغيرة مستطيلة اتجاهها شمال - جنوب وأبعادها 1.5×1م  
 
وفي موقع سبخة الظبطية على بعد 50كم جنوب غربي هجرة ثاج يوجد ما يزيد على الألف مدفن ركامي مع منشآت حجرية أخرى، يتركز معظمها على مرتفعات نسلات الشريعة، وجبل أم الحجل شرقي السبخة، وخشم الخزامى، وتؤرخ بالفترة ما بين الألف الثالث والألف الأول قبل الميلاد. وصنفت هذه المدافن والمنشآت البنائية الحجرية إلى سبعة أنماط، هي:
 
 مدافن ركامية أو تلالية مخروطية الشكل، حجارتها غير مشذبة ومصفوفة بطريقة عشوائية، ويقع المدفن في وسط التل وهو بناء مستطيل الشكل باتجاهات مختلفة.
 مدافن ركامية شبيهة بالسابقة ولها سياج دائري يحيط بالتل الركامي ويراوح قطر السياج ما بين 20 و 55م.
 
 مدافن مذيلة توجد فوق الأمكنة المرتفعة في المنطقة، أحدها سياج دائري من الحجر قطره 25م، يحوي تلين ركاميين في وسطه، وتلاً ركاميًا آخر ملاصقًا للسياج من الخارج يخرج منه صف طويل من الحجارة يمتد باتجاه الشمال الغربي مكونًا ما يشبه الذيل بطول يقارب 600م، بسمك يراوح بين 60 و 80سم، وبارتفاع نحو 50سم، ويستدق تدريجيًا في نهايته، ويتخلله تلاّن من الحجارة الصغيرة.
 
 تلال حجرية صغيرة متصلة بعضها ببعض، وغير مرتفعة يبلغ قطر الواحد منها نحو المترين وبارتفاع نصف متر تقريبًا، وتُشكل هذه التلال المتصلة ذيلاً طويلاً متعرجًا يبلغ طوله نحو 600م، يبدأ من تل ركامي بسياج حجري يبلغ قطره 55م تقريبًا، ويظهر هذا النمط من التلال الحجرية للمرة الأولى في المنطقة الشرقية.
عدد بسيط من المثلثات المستدقة الطرف، الواحد منها يمثل بناء من الحجر في شكل مثلث متساوي الساقين طول ضلعيه ما بين 15 و 22م، وطول قاعدته نحو 3 - 5م، توجد عندها مجموعة من الحجارة قد تشكل قبرًا.
 
 نمطان من الأبنية كل منهما في هيئة سياج مستطيل من الحجارة خالٍ من أي منشآت بداخله، أحدهما أبعاده: 15×3م، والآخر: 15×8م، وبارتفاع 80سم تقريبًا
 
أبنية على هيئة سياج من الحجر شبه مستطيل الشكل، معظمها يتجه ناحية الشمال الغربي. يوجد في أقصى الجهة الشمالية الغربية منها مدفن ركامي، وفي مبنى واحد منها مدفن في الوسط. عُثر في بعض هذه المباني على مداخل من الناحية الشرقية، ويظهر هذا النمط من المنشآت المعمارية للمرة الأولى في المنطقة الشرقية  
 
وفي جنوب شرق يبرين نحو 17كم توجد مرتفعات تطل على واحة يبرين من الجهة الجنوبية الشرقية تسمى برق السمر، وتوجد على هذه المرتفعات حقول مدافن تلالية أو ركامية تنتشر في مساحات شاسعة، حيث ترتفع عن الأرض ما يقارب المتر، وهي مبنية من أحجار غير مهذبة مركومة حينًا ومصفوفة في هيئة مداميك حينًا آخر. بالإضافة إلى التلال يوجد هناك عدد من المدافن محاطة بجدران حلقية، ويبلغ قطر هذه الجدران بشكل عام ما بين 2 و 3م من التل أو الركام. وبعض التلال لها - غالبًا - ذيل حجري قصير وقد يبلغ طوله 75سم. وكل من الجدران الحلقية والذيول منخفضة وضيقة وتُشَكّل - غالبًا - من صف من الألواح الحجرية  .  وفي شمال يبرين يوجد معلمان يُعرفان باسم الجامور الشرقي والجامور الغربي، يوجد في أعلاهما خصوصًا الجامور الشرقي، مدافن بأعداد كبيرة على شكل ركامات حجرية وبأحجام مختلفة وقريبة بعضها من بعض، تتخلل أحجارها رمال ناعمة  
 
وفي جبل بو مخروق على بعد نحو 3كم جنوب الآبار، وعلى المرتفعات المحيطة به، توجد مجموعة من المدافن الركامية خصوصًا في جهتيه الجنوبية والغربية، وقد حفرت البعثة الأثرية الدنماركية أحد هذه المدافن وقطره 4م، واتجاهه شمال - جنوب، وهو مدفن ركامي دائري في شكل قبعة مستديرة مبنية من أحجار غير مصقولة بارتفاع يراوح بين أربعة وخمسة مداميك تميل قليلاً إلى الخلف. يبلغ قطر هذا الركام الدائري 4م وارتفاع جدرانه ما يقارب المتر، وفي وسط التل توجد غرفة دفن مستطيلة الشكل أبعادها 1×1.5م، مشيدة من ألواح حجرية، وقد عُثر بداخل هذا المدفن على قطع من العظام، وثلاثة مسامير صغيرة من البرونـز، ورأس رمح من البرونـز أيضًا طوله نحو 14.8سم، وبناءً على هذا الرمح فإن هذا المدفن يعود إلى نحو منتصف الألف الثاني قبل الميلاد  
 
وفي الصمان على بُعد 16كم غرب يبرين تنتشر المدافن بأعداد كبيرة وبأحجام مختلفة فوق التلال الصخرية وحول فروع الأودية التي تصب شرقًا، وهذه المدافن متنوعة، فمنها مدافن ركامية دائرية شبيهة بمدافن الجوامير،  ومنها مدافن شبه مثلثة لها ذيل قصير، ومدافن أخرى ذات ذيل طويل يبلغ طوله أحيانًا 45م وهي في شكل جدار سمكه من 60 - 80سم في نهايته ما يشبه الركيزة الحجرية. بالإضافة إلى ذلك توجد مدافن دائرية حجرية يحيط بها سور دائري حجري توضع حجارته بطريقة أفقية أو رأسية، ويبلغ قطر السور الدائري - أحيانًا - 19م، كما توجد أيضًا دوائر حجرية لا تضم مدافن يصل قطر بعضها نحو 18م  .  أما في موقع الأصبعة الذي يبعد نحو 15كم في الجهة الشمالية الشرقية من يبرين، فتوجد آثار أنقاض مبنى في شكل سور شبه دائري يبلغ قطره نحو 35م، وهو ملاصق لجبل الأصبعة من الجهة الشرقية، وقد عُثر فيه على بعض الكسر الفخارية  .  وبالإضافة إلى ما سبق توجد مدافن ركامية دائرية أخرى في الدبلانيات جنوب غرب مدافن الطويرف بمسافة 4كم، وكذلك في القباليات جنوب غرب يبرين بنحو 9كم، وفي النعايم على المرتفعات المطلة على يبرين وموقع الأصبعة الأثري، وفي سبخة الظبطية على بعد نحو 22كم جنوب غرب يبرين توجد مدافن ركامية ومذنبات قليلة في المنطقة ما بين هجرة الراشدية والظبطية.
 
 

مدافن بقيق الركامية

 
إلى الجنوب الغربي من مدينة بقيق، والغرب من سبخة أم الحمام؛ تقع مدافن بقيق المكونة من جزأين: الأول يطلق عليه مدافن منجم الملح التي تنتشر بامتداد الحافة الشمالية الغربية من سبخة أم الحمام فوق مرتفع صخري مستوٍ، والثاني يسمى مدافن ابقيق الجديدة وتشمل المرتفعات الصخرية القريبة من بلدة الدغيمية وتمتد إلى مسافة نحو 52كم  .  وقد أجريت أعمال تنقيبية في مدافن الملح عام 1396هـ /1976م استنتج من خلالها أن مدافن التلال في ابقيق بُنيت على الأرض الصلبة الأصلية، وهي غير منتظمة الشكل، وتبدو من الخارج في هيئة تلال مخروطية الشكل - تقريبًا - شيدت بصخور ضخمة وألواح من الحجر الجيري. تتألف هذه المدافن من مدافن أحادية، وفي بعض الحالات تتكون من مدفنين أو أكثر؛ تصل - أحيانًا - إلى خمسة مدافن متداخلة، فالمدافن الثنائية مدافن مركبة تحتوي على غرفتين للدفن منفصلتين تمامًا إحداهما عن الأخرى بسور، وتأخذان شكلاً مستطيلاً من الداخل، والجدران الخارجية لهاتين الغرفتين ملتصقة بشكل يُظن معه أنهما شيدتا في الوقت نفسه، وغالبًا ما يكون هذا النوع من المدافن مخصصًا لدفن زوجين: رجل وامرأة، وتأخذ المدافن من هذا النوع - عادةً - اتجاه شرق - جنوب غرب. ففي أحد المدافن من هذا النوع تأخذ غرفة الدفن الأولى اتجاه شمال - جنوب مباشرة، وتُشيد الأسوار الخارجية للمدفن من أحجار كبيرة وسميكة مكونة مداميك رأسية قليلة الانحدار يصل عددها إلى الستة. وتُملأ الفراغات بين الأحجار بحشوة من الرقائق الحجرية الصغيرة. استخدمت ألواح حجرية منبسطة، كبيرة الحجم، وغير منتظمة الشكل لقفل فتحة المدفن بإحكام. وتؤرخ تلك الأنواع من المدافن إلى الفترة الثالثة من عصر فجر السلالات  
 
وعُثر في ضواحي ابقيق على مقبرة ركامية تتألف من خمس غرف دفن، وقد بُنيت جدرانها من مداميك يبلغ عددها نحو التسعة، وتمتاز الغرف الداخلية والجدران الخارجية بأشكال متماثلة، فغرفة الدفن التي تم بناؤها في البداية حلقية الشكل أو دائرية، على حين غرف الدفن الأربع الأخرى المشيدة لاحقًا بيضاوية الشكل تقريبًا وشُيدت الجدران الخارجية والغرف الداخلية من أحجار مستطيلة الشكل ومستوية، ويوجد فوق الجدران التي تربط الغرف بعضها ببعض أحجار مستوية مستطيلة الشكل موضوعة بصورة رأسية، وقد أُرّخت غرفة الدفن الرئيسة بفترة أوروك والفترة المبكرة من عصر فجر السلالات، أما غُرف الدفن الإضافية فتؤرخ بالفترة الثالثة من عصر فجر السلالات 
 

مدافن تل الربيعية الركامية

 
إلى الجنوب الشرقي من تل الرفيعة الأثري؛ يوجد موقع الربيعية الذي يتكون من حقل مدافن تشكل تلالاً دائرية يصل ارتفاع بعضها إلى مترين. قامت بعثة من إدارة الآثار والمتاحف عام 1414هـ /1993م بالتنقيب في أحد تلال الدفن جنوب غرب تل الربيعية بجزيرة تاروت، حيث وُجد أن ذلك التل يحتوي على مدفن رئيس يتكون من قاعة مستطيلة، ويتصل بمدافن جانبية داخل نطاق الجدار الدائري، وهو على هيئة مصطبة مستطيلة الشكل ذات بناء مدرج، وقد شُيّد على هذه الصورة لحمايته من العوامل البيئية السائدة في المنطقة؛ من رطوبة وملوحة وتسرب للمياه. فعمارة المدفن متينة في الأسفل حيث القاعدة، وتتدرج في الانخفاض كلما ارتفع البناء إلى أعلى. شيّد المدفن بمواد محلية كحجارة الفرش والملاط الطيني البحري المعروف باسم جص البحر، وتظهر جدرانه الخارجية بشكل متدرج يشبه شكل الزقورات في حضارة وادي الرافدين، وألحقت بالمدفن من الخارج عتبتان حجريتان باتجاه شرق - غرب ولعلهما منصّتان لتقديم القرابين. ويتبين من دراسة المعثورات المكتشفة في الموقع أنه يمكن تأريخه بالفترة ما بين 2750 و 1550 ق. م  
 
ومن المكتشفات الأثرية المهمة في المقبرة العثور على جرة فخارية محطمة بداخلها كِسر من العظام الآدمية المتكلسة، لذلك يسود الظن أن هذه الجرة تمثل أسلوبًا من أساليب الدفن التي عُرفت في موقع الربيعية، كما اكتشف ما يشبه قاعدة إناء فخاري مثبت في التربة، ويبدو أن هذا الإناء مصنوع باليد، ليصبح مدفنًا لطفل على الرغم من عدم العثور على أي رفات بداخله ولعله - الرفات - يعود إلى الفترة الواقعة بين عامي 1950 و 1550 ق. م  
شارك المقالة:
64 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook