آفات الجملة التنفسية المسببة لارتفاع الضغط الرئوي والقلب الرئوي

الكاتب: د. ايمان شبارة -
آفات الجملة التنفسية المسببة لارتفاع الضغط الرئوي والقلب الرئوي.

آفات الجملة التنفسية المسببة لارتفاع الضغط الرئوي والقلب الرئوي.

1- آفات الرئة الانسدادية:

الداء الرئوي الانسدادي المزمن (التهاب القصبات الانسدادي المزمن والنُّفاخ الرئوي)، والربو القصبي، والتليف الكيسي، وتوسع القصبات.

2- آفات الرئة الحاصرة: 

 الآفات العصبية العضلية (التصلب الجانبي الضموري ،اعتلال العضلات ،شـلل الحجاب المزدوج الجانب)، الجَنَف الحُدابي، تغبُّر الرئة، الرأب الصدري، عقابيل التدرن الرئوي، الغرناوية، التهاب الأسناخ التحسسي الخارجي، آفات النسيج الضام، التليُّف الرئوي الخلالي المجهول السبب.

3- القصور التنفسي المركزي المنشأ:

نقص التهوية السنخية المركزي، متلازمة نقص التهوية، متلازمة توقف التنفس في أثناء النوم.

التظاهرات السريرية

يتظاهر القلب الرئوي عادة بحال مزمن، لكن هناك حالتان تسببان قلباً رئوياً حاداً:

1- الصمّة الرئوية الكتلية، وهي الحالة الأكثر شيوعاً، سواء كانت صمّة خثارية أم شحمية أم هوائية أم غير ذلك.

2- متلازمة الكرب التنفسي الحاد.

إن التظاهرات السريرية للقلب الرئوي هي لا نوعية عادة، وربما كانت الأعراض مخادعة وخاصة في المراحل الباكرة من المرض. وقد يشكو المريض التعب وتسرع التنفس والزلة الجهدية والسعال الجاف أو المنتج. كما قد يعاني الألم الصدري الخناقي بسبب نقص تروية البطين الأيمن ولا يستجيب للنترات، وقد يكون سببه الشدّ على الشريان الرئوي. ويحدث نفث الدم نتيجة لتمزق الشرينات الرئوية المتوسعة أو المتصلبة. ونادراً ما تحدث البحة بسبب انضغاط العصب الحنجري الراجع بالشرايين الرئوية المتوسعة. كما قد يرى طيف من الأعراض العصبية (صداع، تخليط ذهني، نعاس شديد) بسبب نقص نتاج القلب ونقص الأكسجة الدموية وزيادة ثنائي أكسيد الكربون. ويحدث في المراحل المتقدمة الاحتقان الكبدي التالي لقصور البطين الأيمن الشديد؛ مما قد يؤدي إلى القَمه والانزعاج وحس الامتلاء في المراق الأيمن واليرقان. ويحدث الغشي الجهدي في الآفات المتقدمة ويعكس عدم القدرة النسبية على زيادة نتـاج القلب في أثناء الجهد ومـا يليه من هبوط في الضغط الجهازي. وتظهر الوذمة المحيطية عند حدوث قصور بطين أيمن. وقد تحدث تظاهرات حادة للقلب الرئوي تبدو بحصول تردٍ في عوز الأكسجين الدموي مع فرط الكربمية، وتتظاهر سريرياً بأعراض قصور بطين أيمن حاد.

الموجودات السريرية

تلاحظ زيادة محيط الصدر والتنفس القسري مع شدّ جدار الصدر وانتباج أوردة العنق مع سيطرة موجات a و vوقـد يشاهد الزُّراق. وبإصغاء الرئتين قد يسمع الوزيز والخراخر علامات على الآفة الرئوية المستبطنة، والرفعة خلف القص (ضخامة البطين الأيمن)، وانقسام الصوت الثاني مع احتداد في المركّب الرئوي، ونفخة انقباضية دفعية مع تكة قذفية حادة في البؤرة الأمامية، ونفخة قصور رئوي، وصوت ثالث أو رابع أيمن، ونفخة قصور الصمام ثلاثي الشرف. كما أن الجَزْر الكبدي الوداجي والكبد النابضة هي من علامات قصور البطين الأيمن والاحتقان الوريدي. ويحدث  الحَبَن في الآفات المتقدمة.

الاستقصاءات المخبرية والشعاعية

1- الفحوص المخبرية:

تبدأ المقاربة العامة لتشخيص القلب الرئوي وتحديد سببه بالفحوص المخبرية المنوالية؛ وقد يتطلب استقصاء السبب بعض الفحوص المخبرية الخاصة مثل معايرة المستوى المصلي لألفا 1- أنتي تريبسين حين الشك في عوزها، وكشف الأضداد المضادة للنواة (ANA)  في آفات النسيج الضام، ومعايرة البروتين S والبروتين C، والأنتي تروبين III، والعامل ليدن الخامس، والأضداد المضادة للكارديوليبين، والهوموسيستين، ومعايرة الببتيد الطارح للصوديوم. وتقدم معايرة غازات الدم الشرياني معلومات مهمة حول مستوى الأكسجة ونمط الاضطراب الحامضي - القلوي.

2- تخطيط كهربائية القلب:

يعكس التخطيط ضخامة البطين الأيمن وإجهاده، ونوعيته جيدة لكن حساسيته منخفضة. ومعايير ضخامة البطين الأيمن هي:

- S < R  في VI.

- R في  7 <VI ملم.

- R في S +VI في  10 <V6 ملم.

- موجة P الرئوية (زيادة سعة الموجه P في الاتجاه II، III، avf).

- حصار الغصن الأيمن التام أو غير التام.

- نقص في ڤولطية مركباتQRS  في حالات النُّفاخ الرئوي.

 إن اضطرابات النظم شائعة في القلب الرئوي، وخصوصاً تسرعات القلب فوق البطينية ومنها: التسرع الأذيني الاشتدادي، والتسرع الأذيني متعدد البؤر والرجفان الأذيني والرفرفة الأذينية atrial flutter  وتسرّع القلب الوصلي. وتكون الآفة الرئوية المستبطنة عادة هي المثير لهذه النظميات.

3- صورة الصدر الشعاعية:

يلاحظ توسع في الشرايين الرئوية المركزية إذ يكون قطر الشريان الرئوي الأيمن أكبر من 16ملم، وتتظاهر ضخامة البطين الأيمن وتوسعه بزيادة القطر المعترض للقلب مما يعطي القلب منظراً كروياً على الصورة الخلفية الأمامية، ويؤدي إلى امتلاء في المسافة خلف القص على الصورة الجانبية. إن اختبار وظائف الرئة مستطب أحياناً لكشف الآفات الرئوية السادة أو الخلالية.

4- الصدى القلبي:

يصعب عادةً إجراء الصدى القلبي بسبب انتفاخ الصدر، وقد تظهر الحاجة إلى الصدى عبر المريء لإتمام الاستقصاء. يُظهر الصدى ثنائي البعد علامات زيادة الحمل الحجمي على البطين الأيمن وضخامة البطين الأيمن والحركة التناقضية للحجاب بين البطينين في أثناء الانقباض. ومع تقدم المرض يحدث توسـع في البطين الأيمن، وفي المراحل المتقدمة الشديدة قد يحدث اندفاع للحجاب بين البطينين نحو البطين الأيسر في أثناء الانبساط. كما يساعد الدوبلر على تقييم شدة ارتفاع الضغط الرئوي من خلال قصور ثلاثي الشرف وقياس سرعة القصور .

5- الاستقصاءات الشعاعية الأخرى:

يستطب إجراء تفريسة التهوية - التروية والتصوير الومضاني للبطين الأيمن والتصوير الطبقي المحوسب للصدر والتصوير الطبقي المحوسب فائق الميز والرنين المغنطيسي كلها أو بعضها لكشف السبب المستبطن للقلب الرئوي وتقييم وظيفة البطين الأيمن.

6- القثطرة القلبية:

هي الطريقة الأدق في تشخيص ارتفاع الضغط الرئوي وتقييم شدته، وتسـتطب في حال عدم كفاية الصدى في تقييم شدة ارتفاع الضغط الرئوي؛ كما تستطب لتقييم إمكانية تراجع الضغط الرئوي المرتفع عند العلاج بموسعات الأوعية، وكذلك في وجود استطباب لقثطرة الجانب الأيسر من القلب.

7- خزعة الرئة:

وتُجرى أحياناً لتحديد السبب المحدث للقلب الرئوي.

العلاج 

1- العلاج الدوائي: 

يرتكز العلاج الدوائي في القلب الرئوي المزمن عموماً على علاج الآفة الرئوية المستبطنة وتحسين الأكسجة ووظيفة البطين الأيمن بتحسين قلوصيته وإنقاص التقبض الوعائي الرئوي .

والمقاربة في الحالات الحادة مختلفة وتعطى الأفضلية لحفظ استقرار المريض. ويجري تقديم الدعم القلبي الرئوي للمرضى مع قلب رئوي حاد وقصور بطين أيمن حاد بإعطاء السوائل والمقبضات الوعائية للحفاظ على الضغط الدموي. كما يجب تصحيح المشكلة البدئية إن أمكن ذلك؛ ففي حالة الصمّة الرئوية الكتلية مثلاً يجب إعطاء مضادات التخثر والعوامل الحالّة للخثار أو الاستئصال الجراحي للصمة.

يتضمن العلاج الدوائي:

أ- الأكسجين: إن للعلاج بالأكسجين أهمية كبيرة لدى مرضى الداء الرئوي الانسدادي المزمن (COPD) خاصةً، ويعدّ إعطاؤه المستمر العلاج المختار حين وجود نقص في الأكسجة الدموية. وفي القلب الرئوي يكون الضغط الجزئي للأكسجين الشرياني (Pao2) منخفضاً، وقد يزيد انخفاضه مع الجهد وفي أثناء النوم. يحسّن العلاج بالأكسجين نقص الأكسجة الدمويّة، والتقبض الوعائي الرئوي وبالتالي يتحسن نتاج القلب . كما أنه ينقص التقبض الوعائي الودي ويخفف نقص الأكسجة النسيجية ويحسن تروية الكلية. وقد أثبتت الدراسات أن إعطاء الأكسجين المستمر المنخفض الجريان للمصابين بالداء الرئوي الانسدادي المزمن الشديد يؤثر على نحو واضح في نسبة الوفيات. وبصفة عامة إن العلاج بالأكسـجين الطويل الأمـد مستطب لدى مرضى هذا الداء إذا كان الضغط  الجزئي للأكسجين الشرياني أقل من 55 ملم زئبق، أو كان إشباع الأكسجين O2 أقل من 88%. كما يستطب حتى لو كان الضغط الجزئي للأكسجين أعلى من 55 ملم زئبق حين وجود قلب رئوي مع علامات عصبية أو ذهنية أو قصور بطين أيمن شديد. كما يعطى هذا العلاج في حالات نقص الأكسجة في أثناء النوم أو الجهد حتى وإن كان الضغط الجزئي للأكسجين أعلى من 55 ملم زئبق في أثناء الراحة.

ب- المدرّات: تستعمل المدرّات في تدبير القلب الرئوي المزمن وخاصةً حينما يكون حجم امتلاء البطين الأيمن مرتفعاً ارتفاعاً ملحوظاً، أو حين تُرافق القلبَ الرئوي الوذمةُ المحيطية. وتُحدث المدرّات تحسناً في وظيفة البطين الأيمن والأيسر، ولكن يجب الانتباه للتأثيرات الجانبية للمدرّات مثل نقص البوتاسيوم والقُلاء الاستقلابي ونقص الحجم وبالتالي نقص نتاج القلب وربما إثارة  اللانظميات القلبية، ولذلك يجب استعمالها بحذر.

ج- الموسعات الوعائية: تم تأكيد فعالية استخدامها الطويل الأمد في تدبير القلب الرئوي المزمن. إن حاصرات قنيات الكلسيوم- ولاسيما النيفيديبين nifedipine الفموي المديد التأثير والديلتيازيم diltiazem - تخفض الضغط الرئوي مع أنها أكثر فعالية في ارتفاع الضغط المجهول السبب منه في الأشكال الأخرى.

تبلغ جرعة النيفيديبين المديد التأثير10-30ملغ ثلاث مرات يومياً، ويمكن زيادتها حتى 120-180ملغ/يوم. أما جرعة الديلتيازيم فهي 30-60ملغ /يوم من الشكل المديد التأثير، ويمكن الوصول إلى جرعة 90-120ملغ/يوم. وقد تم تجريب الموسـعات الوعائية الأخرى مثل مقلدات بيتا والنترات ومثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين في مرضى الداء الرئوي الانسدادي المزمن، ولكن لم تثبت فائدتها لهم عامة، ويجب الابتعاد عن استعمالها منوالياً.

تخفض مقلدات بيتا الانتقائية المقاومة الوعائية الرئوية، ولها ميزة إضافية هي التوسع القصبي وحلّ المخاط. ويحسن إعطاء التربوتالين terbutaline وظيفة البطين الأيمن ونتاج القلب، ويتميز السالبوتامول salbutamol بتأثيرٍ مقو إيجابي وخاصيةٍ موسعة وعائية في الدوران الرئوي والجهازي.

أما موسّعات الأوعية من زمرة مماثلات البروستاسيكلين مثل: الإيبوبروستينول epoprostenol والتريبروستينيل treprostinil  أو من مضادات الإندوثلين -1 مثل البوزنتان bosentan أو مثبطات الفسفودايستراز ومنها السلدينافيل sildenafil فلا توجد معطيات كافية عن فوائدها العلاجية للمصابين بالداء الرئوي الانسدادي المزمن.

إن إعطاء الغليكوزيدات القلبية كالديجوكسين لهؤلاء المرضى ما يزال موضع جدل ولم تثبت فائدتها. وقد يستفاد من تناولها في قصور البطين الأيسر، ولكن يجب اسـتعمالها بحذر في وجود حُماض أو نقص أكسجة دموية لأنها قد تحرض اللانظميات القلبية، ويجب استبعادها في حالات القصور التنفسي الحادة.

أما الثيوفيلين theophylline فإضافة إلى تأثيره الموسع القصبي فإنه ينقص المقاومة الوعائية الرئوية والضغط الرئوي  لدى مرضى القلب الرئوي المزمن التالي للداء الرئوي الانسدادي المزمن. كما أن له تأثيراً إيجابياً في القلوصية، وهو يحسّن وظيفة البطين الأيمن والأيسر. والنتيجة هي أن استعمال الثيوفيلين مستطب بوصفه علاجاً مساعداً في تدبير القلب الرئوي المزمن المعاوض وغير المعاوض، ولاسيما إن كان السبب هو الداء الرئوي المذكور، ويمكن إعطاؤه وريدياً أو عن طريق الفم.

ويستطب وصف مضادات التخثر لمرضى القلب الرئوي التالي للصمّات الخثارية الرئوية، أو إذا كان ارتفاع الضغط الرئوي المجهول هو السبب المستبطن للداء الرئوي الانسدادي المزمن.

2- العلاج الجراحي:

تستطب الفصادة لمرضى القلب الرئوي المزمن مع نقص أكسجة مزمن واحمرار دم ثانوي إذا كان الهيماتوكريت أكثر من 5% وخصوصاً إن لم يتحسن نقص الأكسجة بالعلاج المناسب الطويل الأمد بالأكسجين أو في حالات انكسار المعاوضة.

ولا يوجد علاج جراحي لأغلب الآفات المسببة للقلب الرئوي المزمن. وقد يكون استئصال الصمّة فعالاً في الصمّات الرئوية الكبيرة أو المؤدية إلى ارتفاع ضغط رئوي؛ كما قد يعدّ زرع الرئة الحل النهائي لعديد من الآفات المسببة للضغط الرئوي مثل: النُّفاخ الرئوي والتليّف الرئوي المجهول السبب والتليّف الكيسي.

الإنذار

يتعلق إنذار القلب الرئوي بالآفة الرئوية المستبطنة، غير أن حدوث ارتفاع في الضغط الشرياني الرئوي والقلب الرئوي ذو تأثير سيئ في الإنذار لدى مرضى الآفات التنفسية. إن قصور البطين الأيمن السريري ينقص من البقيا ومن الاستفادة من العلاج في القلب الرئوي. وإن لشدة ارتفاع الضغط الرئوي علاقة مباشرة بالإنذار؛ إذ يكون الإنذار سيئاً في وجود ارتفاع شديد في الضغط الرئوي. كما أن استجابة الضغط الرئوي للعلاج الطويل الأمد المستمر بالأكسجين يحسن الإنذار لدى مرضى الداء الرئوي الانسدادي المزمن.

شارك المقالة:
70 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook