الحياة أحياناً تكون قاسية وتضطر الإنسان ليمر بتجربة رحيل أو وداع أحد من أحبته أو أهله أو أصدقائه، فتلك التجربة تكون قاسية على وقع نفس الإنسان، ولكن هذه الحياة يجب أن تستمر، فقد أحضرنا لكم باقة من أجمل الكلمات التي تقال عن الرحيل والوداع.
قصيدة الرحيل للشاعر فاروق جويدة، هو شاعر عربي مصري معاصر، وقد تميز بأنه نظم الكثير من ألوان الشعر مثل القصيدة العمودية والمسرح الشعري، وقد أثرى الشاعر فاروق جويدة الأدب العربي حيث إنّه قدم 20 كتاباً من بينها 13 مجموعة شعرية حملت تجربة لها خصوصيتها، وقدم للمسرح الشعري 3 مسرحيات حققت نجاحاً كبيراً.
قالت:
لأن الخوف يجمعنا.. يفرقنا
يمزقنا.. يساومنا ويحرق في مضاجعنا الأمان
وأراك كهفا صامتا لا نبض فيه.. ولا كيان
وأرى عيون الناس سجنا.. واسعا
أبوابها كالمارد الجبار
يصفعنا.. ويشرب دمعنا
ماذا تقول عن الرحيل؟!
قالت:
ثيابك لم تعد تحميك من قهر الشتاء
وتمزقت أثوابنا
هذي كلاب الحي تنهش لحمنا
ثوبي تمزق هل تراه؟
صرنا عرايا في عيون الناس يصرخ عرينا
البرد والليل الطويل
العري واليأس الطويل
القهر والخوف الطويل
ماذا تقول عن الرحيل؟!
قالت:
لعلك تذكر الطفل الصغير
قد كان أجمل ما رأت عيناك في هذا الزمان
يوما أتيتك أحمل الطفل الصغير
كم كنت أحلم أن يضيء العمر في زمن ضرير
أتراك تذكر صوته
كما كان يحملنا بعيدا..
كم كان يمنحنا الأمان.. على ثرى زمن بخيل
الطفل مات من الشتاء
يوما خلعت الثوب كي أحميه..
مضيت عارية ألملم في صغيري
كل ما قد كان عندي من رجاء..
لم ينفع الثوب القديم
الطفل مات من الشتاء
والبيت أصبح خاليا
أثوابنا وتمزقت
أحلامنا وتكسرت
أيامنا وتآكلت
وصغيرنا قد مات منا في جوانحنا دماه
ماذا فعلت لكي تعيد له الحياة؟
ماذا تقول عن الرحيل؟!
قالت:
تعال الآن نهتف بين جدران السكون
قل أي شيء عن حكايتنا
عن الإنسان في زمن الجنون
اصرخ بدمعك أو جنون في الطريق
اصرخ بجرحك في زمان لا يفيق
قل أي شيء
قل إنه الطوفان يأكلنا و يطعم من بقايانا
كلاب الصيد و الغربان.. و الفئران في الزمن العقيم
قل ما تشاء عن الجحيم
ماذا تقول عن الرحيل؟!
قالت:
لأنك جئت في زمن كسيح
قد ضاع عمرك مثل عمري.. في ثرى أمل ذبيح
دعني وحالي يا رفيقي هل ترى.. يشفى جريح من جريح؟
حلمي وحلمك يا حبيبي مع ضريح
ماذا تقول عن الرحيل؟!
قالت:
سأسأل عنك أحياء المدينة في خرائبها القديمة
شرفاتها الثكلى أغانيها العقيمة
وأقول كان العمر أقصر من أمانيه العظيمة
لا تنس انك في فؤادي حيث كنت
وحيث يحملني الطريق
سأظل أذكر أن في عينيك قافلتي.. وعاصفتي
وإيماني العميق
بأن حبك جنة كالوهم ليس لها طريق
لا تنس يوما عندما يأتي الزمان
بحلمنا العذب السعيد
فتش عن الطفل الصغير
وذكره بي..
واحمل إليه حكاية وهدية في يوم عيد..
الآن قد جاء الرحيل..
قصيدة وداع وشكوى للشاعر إيليا أبو ماضي شاعر عربي لبناني ولد عام 1891م في قرية المحيدثة وهي من قرى لبنان، حيث إنّه انتقل من قريته في سنّ الحادية عشرة إلى مصر ومن بعدها إلى الولايات المتحدة الأمريكية ومن دواوينه الشعرية البارزة الجداول، والخمائل وتذكار الماضي.
أزفّ الرّحيل وحان أن نتفرّقا
إن تبكيا فلقد بكيت من الأسى
وتسعّرت عند الوداع أضالعي
ما زلت أخشى البين قبل وقوعه
يوم النوى ، للّه ما أقسى النّوى
رحنا حيارى صامتين كأنّما
أكبادنا خفّاقة وعيوننا لا تستطيع ،
نتجاذب النظرات وهي ضعيفة
لو لم نعلّل باللقاء نفوسنا
يا صاحبي تصبّرا فلربّما
إن كانت الأيّام لم ترفق بنا
أنّ الذي قدر القطيعة والنّوى
ولقد ركبت البحر يزأر هائجا
والنفس جازعة ولست ألومها
فلقد شهدت به حكيما عاقلا
مستوفز ما شاء أن يلهو بنا
تتنازع الأمواج فيه بعضها
بينا يراها الطّرف سورا قائما
والفلك جارية تشقّ عبابه
تعلو فنحسبها تؤمّ بنا النّسما
حتّى إذا هبطت بنا في لجّة
والأفق قد غطّى الضباب أديمه
لا الشّمس تسطع في الصّباح ، ولا نرى
عشرون يوما أو تزيد قضيتها
(نيويورك) يا بنت البخار، بنا اقصدي
وطن أردناه على حبّ العلى
كالعبد يخشى ، بعدما أفنى الصبى
أو كلّما جاء الزمان بمصلح
فكأنما لم يكنه ما قد جنوا
هذا جزاء ذوي النّهى في أمّة
وطن يضيق الحرّ ذرعا عنده
ما إن رأيت به أديبا موسرا
مشت الجهالة فيه تسحب ذيلها
أمسى وأمسى أهله في حالة
شعب كما شاء التخاذل والهوى
لا يرتضي دين الآله موفّقا
كلّف بأصحاب التعبّد والتّقى
مستضعف، إن لم يصب متملقا
لم يعتقد بالّلم وهو حقائق
ولربما كره الجمود وإنما
وحكومة ما إن تزحزح أحمقا
راحت تناصبنا العداء كأنما
وأبت سوى إرهقنا فكأنما
بينا الأحباب يعبثون بها كما
(بغداد) في خطر ( ومصر) رهينة
ضعفت قوائمها ولما ترعوي
قيل اعشقوها قلت: لم يبق لنا
إن لم تكن ذات البنين شفيقة
أصبحت حيث النّفس لا تخشى أذى
نفسي اخلدي ودعي الحنين فإنما
هذي هي ((الدّنيا الجديدة)) فانظري
إني ضمنت لك الحياة شهيّة
سأرحل .. قررت الرّحيل ورحيلي لن يؤجّل .. قرّرت الرّحيل وقراري كان اضطراراً .. قرّرت الرّحيل ولن أعود .. ارحلي!! كلمة تردّدت على مسامعي فاعتقدتها مزحة .. ارحلي!!! قيلت لي بأعلى صوت وبكلّ جديّة .. سأرحل وسأبتعد .. سأرحل وسأختفي .. سأرحل من مكان لا يذكّرني إلّا بأيّام حزينة وليال أليمة .. ولحظات صعبة .. سأرحل ولا أدري إلى أين .. سأرحل ولا أدري ما تخفي لي الأيّام القادمة.
نعم كم هي صعبة لحظة الوداع .. عندها تنتهي الكلمات وعبارات وتكتفي الدموع بالتعبير ..حزن القلب .. ودمعة العين .. واسترجاع كلّ الذّكريات .. الذّكريات هي الشيء الذي يبقى لدينا بعد الوداع .. ذكريات قد تمزج بين ابتسامة ودمعة أو تضيف دمعة إلى دموع الوداع .. ذكريات سنوات قضيناها مع الأحبّة نسترجعها في دقائق والسبب هو الفراق .. وبقدر حبّنا لمن نفارقهم بقدر ما تكون صعوبة لحظة الوداع.
نجلس والحزن بسبب رحيل الأحبة يملأ قلوبنا، يطفئ جمال الدنيا ومحاسنها، فتجد آلامنا قد مَلئت حياتنا وكستها باللّون الأسود، غير قادرين على النسيان أو العيش دون من ودعناهم من أحبة، فالذكريات الحزينة منغرسة في قلوبنا تأبى النسيان، تؤلمنا لحدّ الموت، تشعرنا بالوحدةوتزيل كلّ شعاع نور قد يغير حالنا.