الصداقة الحقيقية هي الكنز الحقيقي، والعملة التي لا يمكن أن تخسر أبداً، لأنّ صديقك هو سرك هو الذي يكون معك بضيقك قبل فرحك، عندما تحتاجه يأتي ولو كان بآخر الأرض، وهنا لكم في مقالي هذا عبارات عن الأخوة والصداقة.
الكثير من الشعراء تغنى بالصداقة، وأثرها في نفوس أصحابها، وهنا بعضها.
قصيدة صَديقٌ لي لَهُ أَدَبُ للشاعر جحظة البرمكي أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد البرمكي أبو الحسن، شاعر عباسي وكان ناتئ العينين، فلقب بجحظة، وكان طنبوريّاً حاذقاً يصوغ اللحن ويجود الغناء، وقد عمر طويلاً، وهذه قصيدته:
صَديقٌ لي لَهُ أَدَبُ
رَعى لي فَوقَ ما يُرعى
وَلَو نُقِدَت خَلائِقُهُ
قصيدة إلى صديق للشاعر مسعد محمد زياد، درس ليسانس لغة عربية ولغات شرقية من جامعة الإسكندرية، ودكتوراة فلسفة في الأدب الحديث والنقد من أكاديمية إكسفورد، ودواوينه: ديوان أغنيات العالم والدم، والصمت العربي وكبرياء الجرح، وأشعار من ذاكرة الوطن، وحوار مع الزمن، وهذه قصيدته:
قد كنت دوما حين يجمعنا الندى
واليـوم أشعر فى قرارة خاطري
لا تحسبوا أن الصداقة لقْيـَــة بـين
إنَّ الصداقة أن تكون من الهوى
استلهـم الإيمـان من عتباتها
يا أيها الخــل الوفيُّ .. تلطفـا
وكبا جواد الشعر يخذل همتــي
قصيدة يا أبا صالح صديق الصلاح للشاعر البُحتُرِي هو الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي أبو عبادة البحتري، شاعر كبير، يقال لشعره سلاسل الذهب، وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم، المتنبي وأبو تمام والبحتري، قيل لأبي العلاء المعري: أي الثلاثة أشعر؟ فقال: المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر البحتري، وله كتاب الحماسة، على مثال حماسة أبي تمام، وهذه قصيدته:
يا أبَا صَالحٍ، صَديقَ الصّلاحِ،
لا أظُنُّ الصّبَاحَ يُوفي بإشْرَا
أيُّ شيءٍ يَفي بعُرْفِكَ، إلاّ
غَيرَ أنّ الفُتُوّةَ انْجَذَبَتْ مِنْـ
حَيثُ ذَلّ الحِجَى وَعَزّ التّصَابي،
منعظ الطرف لا يزال يوالي
وَمُغِيرٌ عَلى الأصَابِعِ باللّمْـ
أوْ تَبيتُ التِّرَاسُ من غيرِ حَرْبٍ،
نحن في قطعة وشغلك عنا
وَلَعَمْرِي لَرُبّ يَوْمٍ شَفَعْنَا
أخي مهما شغلتنا الحياة، أو مضت الساعات، والدقائق، والثواني بيننا، ستبقى نبض روحي أينما كنت، وأينما حللت، ستبقى أنت ذاك الملاك الذي يسحر قلبي بنبضه، سأبقى لك الخليل الوفي، ليس الأخ من ودّ بلسانه، ولكن الأخ من ودّ وهو غائب، ومن ماله مالي إذا كنت معدماً، ومالي له إن أعوزته النوائب، بل الأخ الذي يكتم أسرارك ويحفظها، أخ تجده يدك اليمنى وعزوتك، أخ يتمنى من الله أن تكون أسعد البشر، فإليك حبي، وتقديري، واحترامي يا أعز، وأغلى البشر يا أخي.
صديقك الحقيقي هو من يعرف ما هو شعورك في أول دقيقة عندما يلتقي بك، على النقيض من بعض الأشخاص الذين تعرفهم منذ سنين طويلة، الصديق الحقيقي هو من قدّم لك النصيحة المخلصة، ولا يخشى في الحق لومة لائم، وأرشدك إلى الصواب، وهو من أعطاك من خيره، ولا ينتظر منك مثله، وجنّبك شره، وهو الصديق الذي تكون معه، كما تكون وحدك، هو الذي يقبل عذرك ويسامحك إذا أخطأت ويسدّ مسدّك في غيابك، وهو الشخص الذي يعرف أغنية قلبك، ويستطيع أن يغنيها لك عندما تنسى كلماتها.
فإذا ظفرت بذي الوفاء، فحط رحلك في رحابه، فأخوك من إن غاب عنك رعى ودادك في غيابه، وإذا أصابك ما يسوء رأى مصابك من مصابه، ونراه يتوجع إن شكوت كأن ما بك بعض ما به، وما المرء إلّا بإخوانه كما يقبض الكف بالمعصم، ولا خير في الكف مقطوعة ولا خير في الساعد الأجذم.
الأخت هي كتلة من الحنان تكفي لملء الكون كلّه، وهي التوحّد في كل شيء، والأخت الكبرى، هي حبيبة أبيها، ومستشارة أمها، وأسرار البيت في حجرها، شخصيتها باذخة، تبهرك بحكمتها، أختي أحبك جداً، فأنت روح متممة لروحي، أنت مرجعي حين ينتابني أي شعور، أنتِ دفتر أسراري.
من لي بأخ إذا أغضبته، وجهلت كان الحلم رد جوابه، وإذا صبوت إلى المدام شربت من أخلاقه، وسكرت من آدابه، وتراه يصغي للحديث بطرفه، وبقلبه، ولعله أدرى به.
الصداقة نعمة من الله، وعناية منه بنا، وهي زهرة بيضاء تنبت في القلب، وتتفتّح في القلب، ولكنّها لا تذبل، وهي الوردة الوحيدة التي لا أشواك فيها، فالصداقة كالمظلّة كلّما اشتد المطر ازدادت الحاجة لها، فهي وردة عبيرها الأمل، ورحيقها الوفاء، ونسيمها الحب، وذبولها الموت، وسيمتها أنّها دون مصالح تكون أصدق، وأجمل وأروع، وهي تحفة تزداد قيمتها كلّما مضى عليها الزمن.
الصديق الوفي هو الشخص الذي يضحكك في حزنك، ويتعاطف مع مشاكلك، وهو الذي لا يتغير معك ويبقى على طبيعته، فما أجملحين نجد صديقاً صادقاً في هذا الزمن، ويجعلنا دون علمنا شخصاً أفضل.
الأخت هي قلب أختها، وكاتمة أسرارها، هي علاج لهموم الأيام، والأمل إذا غاب الأمل، الأخت حكاية لا تصفها الحروف، فهي أختي، وصديقتي، نصف ابتسامتي نصف حياتي، وهي من تقف أمام كل ما يعاديني ويحبط معنوياتي، الأخت كنز عظيم لا يعرف قيمته إلا من كان له أخت عظيمة فهي أم ثانية ترعى أخوتها بحب وقلب صابر، وهي التي لا أريد أن أفقدها فيا رب أدمها لي، وأفرح قلبها بكل ما تتمنى، وأعطها من خيرك العظيم، فهي تستحق كل خير وسعادة.
صحبة الأخيار تورث الخير، وصحبة الأشرار تورث الندامة، فخير الأصدقاء من ضحكت لك الدنيا لم يحسدك وإن عبست لك لم يتركك، لذلك عليك بالأصدقاء الصدق، فأكثر من اكتسابهم، فإنّهم عدة عند الرخاء، وجنّة عند البلاء، وخير ما اكتسب المرء الإخوان، فإنّهم معونة على حوادث الأيام، ونوائب الحدثان، فالأخوة وطن، وأنا من دونهم غربة.
في حياة المرأة ثلاث رجال الأب وهو الرجل الذي تحترمه، والأخ وهو الرجل الذي تخافه، والزوج وهو الرجل الذي يحبها وتحبه.