الحنين والشوق مشاعر تصحب عادة الفراق والوداع الإجباري، فما أصعب الشعور بالشوق لشخص كان موجوداً بيننا، ومعه كانت تحلو الأوقات، فقد تسرق الحياة صديقاً أو حبيباً منا، لكنها لا يمكن لها محو ما بقي فينا من مشاعر الشوق والحنين تجاهه، وفي هذه المقالة سنقدم لكم أجمل ما قيل من القصائد والكلمات عن الشوق والحنين.
أحبها وحنيني يزداد لها، عشقتها وقلبي يتألم لرؤية دمعها، أفهمها حين أرى الشوق في عينها كم تمنيت ضمها كم عشقت الابتسامة من فمها، والضحكة في نبرات صوتها، لا بل الرائحة من عطرها، سألتها كم تشتاقي لي، فأجابت كاشتياق الغيوم لمطرها، كاشتياق الحمامة لعشها، واشتياق الأم لولدها، واشتياق الليلة لنهارها، واشتياق الزهرة لرحيقها، بل اشتياق العين لكحلها، اشتياق قصيدة الحب لمتيمها، بل اشتياق الغنوة للحنها، قلت لها: كل هذا اشتياق؟ قالت: لا بل أكثر فأكثر. فأنت وحدك حبيبي في الدنيا كلها، فرحت أتغنى بسحرها، أغزل كلام الهوى بعشقها، ومن أشعار الهوى أسمعها، لا بل لأجلها أنا حفظتها، فاحترت بم أوصفها قلبي، لا فسوف أظلمها، حبي، ملكتي، صغيرتي، فكل هذا لا يكفي في روح روحي أسكنتها، ومعبودتي في الحب جعلتها، فيا طيور الحب اوصلوا لها سلامي وحبي وبأني أنتظرها.
يا حبيبي ما الذي يأسر قلبينا ويطغى، أهو الحب الذي فجّر فينا ألف ينبوع من الشوق ومجرى، أهو العشق الذي لا يعرف الموت ولو عمّر دهراً، أهو النور الذي أشرق في الروح تعالى وتجلى، أم هي الرقة في طبعك في قلبك في عيونك تغويني فأُغوى، يا حبيباً ينشد المجهول مثلي يعشق الحب ويهوى فيك سر آه منه ليتني في عالم الأسرار أحيا، يا طيباً فوق قلبي عرشه مجداً وحباً التصق بي أبداً، ألتصق عيشاً ونحبا، وأسكب الود بروحي إنني أفرغت فيك الحب.
قصيدة يوم الفراق هي للشاعر أبو تمام، وهو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، أحد أمراء البيان، ولد بجاسم وهي احد قرى حوران بسوريا، وكان أسمر اللون، وطويل القامة، وفصيح اللسان، وفي شعره قوة وجزالة، وأما قصيدته فقال فيها: يومَ الفراق لقدْ خلقتَ طويلا
لَوْ حارَ مُرتَادُ المَنِيَّة ِ لَمْ يُرِدْ
قالوا الرَّحِيلُ فَما شَككْتُ بأُنَها
الصَّبرُ أَجمَلُ غَيْرَ أَن تَلَدُّداً
أتظنني أجدُ السبيلَ إلى العزا
ردُّ الجموحِ الصعبِ أسهلُ مطلباً
ذكرتكم الأنواءُ ذكري بعضكمْ
وبنفسيَ القمرُ الذي بمحجَّر
إني تأمَّلْتُ النَّوى فوجَدتُها
لا تأخذيني بالزمان، فليسَ لي
مَنْ زَاحَفَ الأّيَّامَ ثُمَّ عَبَا لَها
من كانَ مرعى عزمِهِ وهمومِهِ
لَوْ جَازَ سُلطانُ القُنُوعِ وحُكْمُهُ
الززْقَ لا تَكْمَدْ عليهِ فإنَّهُ
للّهِ دَرُّكِ أَيُّ مَعْبَرِ قَفْرَة ٍ
بِنْتُ الفَضَاءِ متى تَخِدْ بِك لا تَدَعْ
أو ما تراها، ما تراها، هزَّة ً
لوْ كانَ كلفها عبيدٌ حاجة ً
لا تدعونْ نوحَ بن عمروٍ دعوة ً
يَقِظٌ إذاما المُشكلاتُ عَرَوْنَهُ
ما زَالَ يُبرِمُهُنَّ حتَّى إِنَهُ
ثَبْتُ المَقَامِ يرَى القَبيلَة َ واحِداً
كَمْ وَقْعَة ٍ لكَ في المَكارِمِ فَخْمَة ٍ
أوطأتَ أرضَ البُخلِ فيها غارة ً
فَرَأّيْتَ أكثَرَ ماحَبَوْتَ مِنْ اللُّهى
لَمْ يَتَّرِكْ في المَجْدِ مَنْ جَعَلَ النَّدى
أَولَيسَ عمْروٌ بَثَّ في الناسِ النَّدَى
أشدُدْ يديك بحبلِ نوحٍ مُعصماً
ذَاكَ الَّذي إِنْ كَانَ خِلَّكَ لم تَقُلْ
قصيدة أغالب فيك الشوق هي للمتنبي، وهو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي أبو الطيب المتنبي، ولد بالكوفة في منطقة تسمى كندة ونُسب إليها، وتميّز شعره بمدح صاحب حلب سيف الدولة ابن حمدان، أما قصيدته فقال فيها: أُغالِبُ فيكَ الشَوقَ وَالشَوقُ أَغلَبُ
أَما تَغلَطُ الأَيّامُ فيَّ بِأَن أَرى
وَلِلَّهِ سَيري ما أَقَلَّ تَإِيَّةً
عَشِيَّةَ أَحفى الناسِ بي مَن جَفَوتُهُ
وَكَم لِظَلامِ اللَيلِ عِندَكَ مِن يَدٍ
وَقاكَ رَدى الأَعداءِ تَسري إِلَيهِمُ
وَيَومٍ كَلَيلِ العاشِقينَ كَمَنتُهُ
وَعَيني إِلى أُذنَي أَغَرَّ كَأَنَّهُ
لَهُ فَضلَةٌ عَن جِسمِهِ في إِهابِهِ
شَقَقتُ بِهِ الظَلماءَ أُدني عِنانَهُ
وَأَصرَعُ أَيَّ الوَحشِ قَفَّيتُهُ بِهِ
وَما الخَيلُ إِلّا كَالصَديقِ قَليلَةٌ
إِذا لَم تُشاهِد غَيرَ حُسنِ شِياتِها
لَحا اللَهُ ذي الدُنيا مُناخاً لِراكِبٍ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَقولُ قَصيدَةً
وَبي ما يَذودُ الشِعرَ عَنّي أَقُلُّهُ
وَأَخلاقُ كافورٍ إِذا شِئتُ مَدحَهُ
إِذا تَرَكَ الإِنسانُ أَهلاً وَرائَهُ
فَتىً يَملَأُ الأَفعالَ رَأياً وَحِكمَةً
إِذا ضَرَبَت في الحَربِ بِالسَيفِ كَفُّهُ
تَزيدُ عَطاياهُ عَلى اللَبثِ كَثرَةً
أَبا المِسكِ هَل في الكَأسِ فَضلٌ أَنالُهُ
وَهَبتَ عَلى مِقدارِ كَفّى زَمانِنا
إِذا لَم تَنُط بي ضَيعَةً أَو وِلايَةً
يُضاحِكُ في ذا العيدِ كُلٌّ حَبيبَهُ
أَحِنُّ إِلى أَهلي وَأَهوى لِقاءَهُم
فَإِن لَم يَكُن إِلّا أَبو المِسكِ أَو هُمُ
وَكُلُّ اِمرِئٍ يولي الجَميلَ مُحَبَّبٌ
يُريدُ بِكَ الحُسّادُ ما اللَهُ دافِعٌ
وَدونَ الَّذي يَبغونَ ما لَو تَخَلَّصوا
إِذا طَلَبوا جَدواكَ أَعطوا وَحُكِّموا
وَلَو جازَ أَن يَحوُوا عُلاكَ وَهَبتَها
وَأَظلَمُ أَهلِ الظُلمِ مَن باتَ حاسِداً
وَأَنتَ الَّذي رَبَّيتَ ذا المُلكِ مُرضِعاً
وَكُنتَ لَهُ لَيثَ العَرينِ لِشِبلِهِ