أحببته قبل أن أراه

الكاتب: المدير -
أحببته قبل أن أراه
"أحببته قبل أن أراه

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيِّد الخلق وإمام المرسلين، وعلى آله الطاهرين، وأصحابه الغُرِّ الميامين.

 

إنَّ من أعظم الهِبَات التي خَصَّ الله بها أمَّةَ الحبيب - صلَّى الله عليه وسلَّم - أُخُوَّةَ الإيمان، والسعي لتُظَلَّل بها بظلِّ الرحمن، فعلَّق عليها كثيرَ الأجر وجَزِيل الحسبان.

 

وهنا أنثُر قصةً ليسَتْ من الخيال، بل من عجيب الأمور والأحوال، تفاصيلها خُطَّت في جلسةٍ أخَويَّة، نسائم عطرها من وردة جورية ترى فيها عبيرَ أصحاب اللِّحَى يُزكِّي المكان، ويُسجِّل لحظةً من أروع الأزمان، يُثار فيها من عبَق القرآن، وهدي النبي العَدنان.

 

ولا أُطِيل، والشوق إلى الحبيب لامَس القلبَ العَلِيل، وما اعتلَّ القلب لمرض دنيا أو لسماع أغنية، بل شوقًا وحُبًّا للقاء مَن ذِكرُه سبَق شكلَه، ودينه جبل خُلُقَه، فاشتَعَل القلب وطار، ومَلَّ لوعة الانتِظار، وتلحَظه بين صمت جدران الدار، يَرقُب هتف القلب وزينة الأقدار، التي ستَجمَعه بدمث الخلق وواسع الأفق عن قريب، ليُقبِّل رأسه الذي حمل هذا النور العجيب.

 

فمَن هذا؟ ومَن هو؟ ومن أيِّ عصرٍ كان؟ هل من زمن الصَّحب الأبرار، أم التابعين الأخيار؟ أبدًا إنَّه من زمن الفتن والنار، الذي أضحى الحليم فيه تائهًا حيران، لكن شعاع الأمل يبرق من هذه الأمَّة المِعطاءة، فما عقمت أمَّتنا المَجِيدة من أنْ تلد رجالاً بوزن الجبال، تَراهم ثباتًا في كلِّ حربٍ ونِزال؛ ولهذا آثَرتُ أنْ أكتُب لحبيبي الذي لم أرَه، الذي اعتَبَرتُه بين الناس شامةً، وفي بستان الخير له سبْق وعلامة.

 

ومع ارتِفاع وَتِيرة الأشواق، وارتِقاب القلب للقاء، أُخبِركم بحبيبي الذي لم أرَه ولكن حبه سكَن قلبي، وعلى نار الجمر أنتَظِر لُقياه، إنَّه أخٌ قَلَّ أنْ تجد مثلَه، أو أنْ تملَّ من عبير ذِكرِه وروعة دينه وخلقه.

 

فالقصة أنَّنا والإخوة كنَّا نَتبادَل الكلام عن أمور الدين ونُور الحق المبين، فقاطَعنا أخٌ لنا في الله، وقال لي أخٌ في كليَّتي عجيبٌ أمرُه، ومحير فكره وفهمه، قلنا: أثابك الله، أخبِرنا ذكره وسره، فقال: هذا الأخ عندما يَلقَى الملتزمين، ومَن ظهَر عليهم سمتُ الخلق والدين، ينكبُّ ليُقبِّل أيديَهم؛ لما يحمِلون من نور السنَّة، ولما لقلبه من تعظيمٍ لحامل هذا الدين، فتحيرنا وكلٌّ منَّا قاسَ نفسَه على أخيه، فما وجد شيئًا لمنافسته يُنجِيه، فلله درُّه، وعلى الله أجرُه من أخٍ لم أرَه، وإنْ شاء الله اقترب موعد لُقيَاه، ولله درُّها من نماذج لم تخلُ من عبيرها أمَّةُ خير المرسلين، والحمد لله ربِّ العالمين.


"
شارك المقالة:
36 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook