تراجعت أذيات القناة التناسلية في المرأة في أثناء الحمل والمخاض والنفاس تراجعاً ملحوظاً في الممارسة اليومية بسبب اعتماد العناية بالحامل في أشهر الحمل أساساً في ممارسة التوليد الحديث، إذ تنخل في أثناء ذلك الحمول عالية الخطورة وتحال إلى دور التوليد ذات الإمكانات العالية في تقديم الخدمات الطبية. وأسهم التوسع المذهل في استطبابات العملية القيصرية من جهة ثانية في الإقلال من الاختلاطات الولادية سواء في الأم أم في الجنين والتي بلغت في بعض المستشفيات أكثر من 70% من الولادات، وقد كان ينظر إلى نسبة تمزق الرحم الحامل على أنه أحد المشعرات المهمة في معرفة مستوى العناية الطبية في المستشفى أو في القطر، وتختلف نسبة حدوثه من مستشفى إلى آخر أو من بلد إلى آخر بحسب الاستعدادات الطبية الموجودة، ففي بلد مثل أفغانستان مثلاً تبلغ نسبة تمزق الرحم الحامل خمساً في الألف من الولادات في أشهر الحمل الأخيرة يقابلها اثنتان في مئة الألف في اللوكسمبورغ، والقصد هنا التمزق الرضي لا التمزق الناجم عن وجود ندبة جراحية سابقة على الرحم (ندبة قيصرية سابقة)، ويعد تمزق الرحم واختلاطاته سبباً أساسياً لوفيات الإناث الحوامل في البلدان النامية.
يحدث في ظرفين: في أثناء الحمل وفي أثناء المخاض.
أ ـ تمزق الرحم في أثناء الحمل: نادراً ما تتمزق الرحم في أثناء الحمل قبل حدوث المخاض الفعلي، وغالباً ما يوجد عامل مؤهب لحدوث ذلك، كوجود ندبة معيبة على الرحم ناجمة عن قيصرية سابقة، أو استئصال نواة ليفية رحمية مع الدخول إلى جوف الرحم، أو تصنيع الرحم ذات القرنين، أو رفع حجاب رحمي طولاني جراحياً، أو ندبة في قرن الرحم ناجمة عن حمل خارج الرحم قرني، أو وجود ندبة ترميم تمزق رحم سابق، أو التحويل بالأعمال الخارجية في أثناء الحمل، علماً أن أكثر التمزقات الحادثة في أثناء الحمل تنجم عن ندبة قيصرية سابقة ولاسيما القيصرية الجسمية التي تجرى بشق طولاني على الوجه الأمامي لجسم الرحم. ويحدث هذا التمزق قبل بدء المخاض على نحو خفي ومفاجىء وغالباً ما يحدث بنزف شديد داخل البطن وخروج الجنين وملحقاته خارج الرحم مع تشكل ورم دموي في الرباط العريض.
أما ندبة العملية القيصرية السفلية المعترضة على الوجه الأمامي للقطعة السفلية فغالباً ما يحدث التمزق فيها في أثناء المخاض، وقد يكون تمزقاً كاملاً يتناول كامل الندبة مع تمزق الأغشية أو حدوث فتق الندبة (تفزُّر) dehiscence مع بقاء الأغشية سالمة، ويحدث هذا الشكل بنزف قليل ويشاهد اتفاقاً حين فتح البطن لإجراء القيصرية الانتخابية.
ومع شيوع حوادث السير المفجعة يشترك تمزق الرحم الحامل وتمزق الكبد أو الطحال، كما أن السقوط من شاهق على البطن مباشرة في أشهر الحمل الأخيرة يعرض لهذا التمزق وإن كان نادر المشاهدة .
ب ـ تمزق الرحم في أثناء المخاض: يحدث هذا التمزق في المخاض المسدود حين عدم قدرة مجيء الجنين على التقدم في القناة التناسلية على الرغم من وجود تقلصات رحمية شديدة. وينجم ذلك عن عدم وجود تناسب بين أقطار الحوض وأقطار رأس الجنين أو وضعه أو في مجرى القناة التناسلية (الحوض) كما في كل من المجيئات المعيبة: المعترض والبرغماوي والجبهي والوجهي الخلفي، أو وجود تشوه جنيني كما في موه رأس الجنين والجنين العرطل في حامل سكرية، أو ينجم عن الخزب الجنيني المشيمي، أو التحويل بالأعمال الداخلية أو استخراج المقعد في المجيء المقعدي أو الولادة الآلية باستعمال ملقط الجنين، أو بالضغط على الرحم عبر جدار البطن من قبل القابلة بغية المساعدة على تخليص المجيء، ويعد استعمال محرضات المخاض استعمالاً عشوائياً وبيد غير خبيرة السبب الرئيسي في الوقت الحاضر لتمزق الرحم في أثناء المخاض. وبعد أن أمكنت السيطرة على كل الأسباب الآنفة الذكر فلا مجال اليوم للتحويل بالأعمال الداخلية ولا مجال للولادات الآلية وأصبحت العملية القيصرية هي الحل لكل مخاض مسدود.
غالباً ما ينجم تمزق عنق الرحم عن التداخلات الولادية الآلية ـ كتطبيق ملقط الجنين ـ والعنق غير كامل الاتساع والإمحاء، وقد يشاهد في الولادات السريعة والكبس الذي تقوم به الماخض، وتعد ندبات عنق الرحم الناجمة عن الخزعة المخروطية أو الكي السابق من الأسباب المهيئة لتمزق العنق في أثناء الولادة .
يحدث تمزق العنق بنزف مهبلي أحمر اللون بعد ولادة الجنين والمشيمة وتتناسب شدة النزف وعمق التمزق وامتداده، وقد يمتد التمزق إلى الأعلى حتى القطعة السفلية ويتناول الشريان الرحمي أو أحد شعبه. ولا بد في هذه الحالة من معرفة مدى الأذية ولا يتم ذلك إلا بالعين المجردة بعد تخدير المريضة تخديراً عاماً والاستعانة بموسعات المهبل لكشف التمزق وإجراء الخياطة. وإذا امتد التمزق إلى القطعة السفلية ولم تمكن السيطرة على النزف فلا مجال لإضاعة الوقت ولا بد من الاستقصاء عبر فتح البطن وإجراء اللازم حسب الحالة. وغالباً ما يكون النزف شديداً مع بقاء الرحم منقبضة وتشكل كرة الأمان مما يستوجب نقل الدم أو مشتقاته. ويفضل في هذه الحالة اشتراك أكثر من طبيب في التدبير للوصول إلى ساحة رؤية جيدة .
يرافق غالباً تمزق عنق الرحم أو يكون امتداداً لتمزق العجان، أكثر ما يتوضع في الجدار الجانبي ويمتد إلى الرتج الجانبي الموافق ، وينجم عن ولادة عسيرة استعمل فيها ملقط الجنين، وقد يحدث في الولادات السريعة التي تكبس فيها الماخض بشدة.
يجب كشف الحدود العليا للتمزق باستعمال موسعات المهبل الملائمة ثم خياطة التمزق من زاويته العليا نحو الأسفل.
يحدث تمزق العجان عندما يغفل المولد عن إجراء خزع الفرج الواقي في الوقت المناسب حين تخلص المجيء، وله درجات:
تمزق العجان من الدرجة الأولى: وهو يتناول الغشاء المخاطي للثلث السفلي من جدار المهبل الخلفي من دون تناول الصفاق والعضلات مع تمزق جلد العجان.
التمزق من الدرجة الثانية: ويشمل إضافة إلى التمزق من الدرجة الأولى صفاق العضلات وعضلات العجان ولا يشمل مصرة الشرج.
التمزق من الدرجة الثالثة: ويزيد على التمزق من الدرجة الثانية بتناوله مصرة الشرج، وجزءاً من الجدار الأمامي للمستقيم.
يجب أن ترمم كل هذه التمزقات مباشرة بقطب متفرقة تشمل جميع الطبقات المتمزقة، وإن إهمال ترميمها أو سوء ترميمها ـ ولاسيما التمزقات من الدرجة الثالثة ـ يؤدي إلى عدم استمساك المصرة الشرجية وحدوث ناسور غائطي مستقيمي يتظاهر بعدم القدرة على استمساك الغائط والغازات، وهي حالة مرضية شديدة الإزعاج من الناحية الاجتماعية.
arab-ency.com.sy