قصيدة أمي للشاعر محمود مفلح وهو شاعر فلسطيني الأصل ولد في بلدة طبرية عام 1943م، وقد درس اللغة العربية في جامعة دمشق، وقد عمل في مدينة درعا، وإضافة إلى ذلك قد عمل موجهاً تربوياً في المملكة العربية السعودية في مجال التربية والتعليم، والشاعر محمود مفلح عضو في اتحاد الكتاب الفلسطينيين، وأيضاً الكتاب العرب بدمشق.
مالي سمعتُ كأنْ لم أسمعِ الخبرا
مالي جمدتُ فلم تهتزَّ قافيتي
كأنَّ كلَّ سواقي الشعر قد أسِنت
أنا الذي عزفت أوتارُه نغماً
مالي سكتُ فلم أنطقْ بقافية
هل جففَّ الرملُ إحساسي وجففّني
وهل عجزتُ عن التعبير واأسفي
أمي تموت ويُمناها على كبدي
هزّي سريري إني لم أزلْ ولداً
وجفّفي عَرَقي فالصيفْ ألهبني
مُدي يَديّكِ كما قد كنت ألثمها
وحّوطيني .. تلك العيُن خائنة
ولوّني أغنياتِ الصيف في شفتي
ما زال صوتك يا أماه يتبعني
يا ربِّ صُنْهُ من الأشرارِ كلهمُ
واجبرْ إلهي كسْراً ، حلَّ في ولدي
يا ربِّ جفّت دموع الأمهات هنا
كلُّ العصافير عادت من مهاجرها
وارحم إلهيَ زوْجاً غاص عائلها
وطفلةً كلما قالت زميلتها
وارحم إلهي شيخاً دبَّ فوق عصاً
يا من رددتَ إلى يعقوب يوسفَه
يا ربّ ما ذنبُ أحرارٍ إذا وقفوا
ما زال صوتك يا أماه يجلدُني
لا والذي خلق الدنيا وصورّها
لكنها مِحَنٌ حلت بساحتنا
أمي تموت ولم أفزع لرؤيتها
ولا حملتُ على كِتْفي جِنازتها
قصيدة خمس رسائل إلى أمي للشاعرنزار قباني، هو شاعر سوري معاصر ولد في دمشق، ودرس القانون في جامعة دمشق، وبعدها عمل في السلك الدبلوماسي وتنقل بين العديد من العواصم العربية والأجنبية المختلفة، للشاعر نزار قباني عدد كبير من دواوين الشعر، تصل إلى 35 ديواناً، كتبها على مدار ما يزيد على نصف قرن.
صباحُ الخيرِ يا حلوه..
صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه
مضى عامانِ يا أمّي
على الولدِ الذي أبحر
برحلتهِ الخرافيّه
وخبّأَ في حقائبهِ
صباحَ بلادهِ الأخضر
وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر
وخبّأ في ملابسهِ
طرابيناً منَ النعناعِ والزعتر
وليلكةً دمشقية..
أنا وحدي..
دخانُ سجائري يضجر
ومنّي مقعدي يضجر
وأحزاني عصافيرٌ..
تفتّشُ –بعدُ- عن بيدر
عرفتُ نساءَ أوروبا..
عرفتُ عواطفَ الإسمنتِ والخشبِ
عرفتُ حضارةَ التعبِ..
وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العالمَ الأصفر
ولم أعثر..
على امرأةٍ تمشّطُ شعريَ الأشقر
وتحملُ في حقيبتها..
إليَّ عرائسَ السكّر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشُلني إذا أعثَر
أيا أمي..
أيا أمي..
أنا الولدُ الذي أبحر
ولا زالت بخاطرهِ
تعيشُ عروسةُ السكّر
فكيفَ.. فكيفَ يا أمي
غدوتُ أباً..
ولم أكبر؟
صباحُ الخيرِ من مدريدَ
ما أخبارها الفلّة؟
بها أوصيكِ يا أمّاهُ..
تلكَ الطفلةُ الطفله
فقد كانت أحبَّ حبيبةٍ لأبي..
يدلّلها كطفلتهِ
ويدعوها إلى فنجانِ قهوتهِ
ويسقيها..
ويطعمها..
ويغمرها برحمتهِ..
.. وماتَ أبي
ولا زالت تعيشُ بحلمِ عودتهِ
وتبحثُ عنهُ في أرجاءِ غرفتهِ
وتسألُ عن عباءتهِ..
وتسألُ عن جريدتهِ..
وتسألُ –حينَ يأتي الصيفُ-
عن فيروزِ عينيه..
لتنثرَ فوقَ كفّيهِ..
دنانيراً منَ الذهبِ..
سلاماتٌ..
سلاماتٌ..
إلى بيتٍ سقانا الحبَّ والرحمة
إلى أزهاركِ البيضاءِ.. فرحةِ "ساحةِ النجمة"
إلى تختي..
إلى كتبي..
إلى أطفالِ حارتنا..
وحيطانٍ ملأناها..
بفوضى من كتابتنا..
إلى قططٍ كسولاتٍ
تنامُ على مشارقنا
وليلكةٍ معرشةٍ
على شبّاكِ جارتنا
مضى عامانِ.. يا أمي
ووجهُ دمشقَ،
عصفورٌ يخربشُ في جوانحنا
يعضُّ على ستائرنا..
وينقرنا..
برفقٍ من أصابعنا..
مضى عامانِ يا أمي
وليلُ دمشقَ
فلُّ دمشقَ
دورُ دمشقَ
تسكنُ في خواطرنا
مآذنها.. تضيءُ على مراكبنا
كأنَّ مآذنَ الأمويِّ..
قد زُرعت بداخلنا..
كأنَّ مشاتلَ التفاحِ..
تعبقُ في ضمائرنا
كأنَّ الضوءَ، والأحجارَ
جاءت كلّها معنا..
أتى أيلولُ يا أماهُ..
وجاء الحزنُ يحملُ لي هداياهُ
ويتركُ عندَ نافذتي
مدامعهُ وشكواهُ
أتى أيلولُ.. أينَ دمشقُ؟
أينَ أبي وعيناهُ
وأينَ حريرُ نظرتهِ؟
وأينَ عبيرُ قهوتهِ؟
سقى الرحمنُ مثواهُ..
وأينَ رحابُ منزلنا الكبيرِ..
وأين نُعماه؟
وأينَ مدارجُ الشمشيرِ..
تضحكُ في زواياهُ
وأينَ طفولتي فيهِ؟
أجرجرُ ذيلَ قطّتهِ
وآكلُ من عريشتهِ
وأقطفُ من بنفشاهُ
دمشقُ، دمشقُ..
يا شعراً
على حدقاتِ أعيننا كتبناهُ
ويا طفلاً جميلاً..
من ضفائره صلبناهُ
جثونا عند ركبتهِ..
وذبنا في محبّتهِ
إلى أن في محبتنا قتلناهُ..
أمي
بين يديك كبرت
وفي دفء قلبك احتميت
بين ضلوعك اختبأت
ومن عطائك ارتويت
أمي الغالية:
خلق البحر ليعانق موجة الرمال والصخور..
تشرق الشمس .. لتلف بدفئها الصحاري والبحور..
توجد الفراشات دائماً مع أرق الورود والزهور..
أماه يا بحري .. وشمسي .. وباقة زهوري ..
أحتاجك دوماً أحبك للأبد
أمي الغالية..
يا قلباً أجد في نبضاته الأمان..
يا بيتاً يفوح في أرجائه الحنان
يا أمي
أنت الخير والبركة على مر الزمان
أحبك ويفيض قلبي بالبهجة والعرفان
أحبك أمي
جنة الله على الأرض هي الأم، ذلك النهر المعطاء بكل حب وإخلاص، تلك الزهرة في المنزل التي تروي أطفالها من عبق شذاها و تضحيتها، الأم تستحق كل ما في الكون من جمال، وقد أحضرنا لكم باقة من أروع الكلمات التي تقال عن الأم ولا تفيها أي جزء بسيط من حقها.
يا أمي .. يا زهرة في جوفي قد نبتت، أعرف كم تعبتِ من أجلي، وكم صرخةَ ألمٍ سببتها لكِ، أعرف أننـي عشت في أحشائكِ .. أكبرُ .. وأكبرُ .. وأعرف أنك لا زلتي ترويني بحنانك .. يا درة البصرِ، يا لذة النظر .. يا نبضي ..لكم ضمتني عيناكِ، واحتوتني يمناكِ .. وكم أهديتي القبلَ من شهد شفتاكِ .. لأرقد ملء أجفاني … وأرسم حلو أحلامي .. وكم أتعبتِ من جسدٍ، وكم أرّقتِ من جفنٍ .. وكم ذرفتِ من دمعٍ لأهنأ وأعيش في أمن، ويوم فرحتُ لا أنسى صدقبسماتك وتغاضيك عن آلامك .. ويوم أذهب لا أدري طريق العَوْدِ يا أمي… فلن أنسى خوف نبضاتك.. ويوم أكون في نظرك .. تضميني إلى صدرك .. وأسمع صوت أنفاسك .. وألتف على أغصانك .. أعيش نشوة العمرِ.. وبحسن البر وبالإحسان أوصاني .. وجمعه بتوحيدٍ وإيمانِ.
أمي الحبيبة أنت الصبح في ليلي... ولأنت العطر في يومي... ولأنتِ العين والروح والأنسام والنبض... ولأنتِ عبير أزهاري .. وشدو أطياري.. وأنتِ أملي الذي أشدوه وأرسمه بخط أيامي .. ولأنتِ النبع لا ينضب ولأنتِ البحر لا يهدأ ..ولأنتِ النهر يسقيني عشقاً فريداً مدى الدهر .. ولأني الشتات إن لم تجمعني ذراعيكِ.