بر الوالدين هو أقصى درجات الإحسان إليهما، وطاعتهما، وفعل الخيرات لهما، وقد جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعدلها منزلة، فجعل برهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرض عظيم، وإن من روائع الدين الإسلامي تمجيده للبر حتّى صار يعرف به، فحقاً إن الإسلام دين البر، حتّى قرنه الله تعالى بعبادته، ولأهميته جمعنا لكم كلمات عن بر الوالدين.
قصيدة مكْرُ الزَّمانِ علينا غير مأمونِ للشاعر ابن الرومي هو شاعر من شعراء القرن الثالث الهجري في العصر العباسي، ويعتقد أنّه رومي الأصل، ولد ونشأ في بغداد، ومات فيها مسموماً، وتنوعت أشعاره بين المدح والهجاء والفخر والرثاء، وكان من الشعراء المتميزين في عصره، وله ديوان شعر مطبوع.
مكْرُ الزَّمانِ علينا غير مأمونِ
بل المخوفُ علينا مَكْرُ أنفُسِنا
إنَّ اللَّياليَ والأيامَ قد كَشفَتْ
وخَبَّرتنا بأنَّا مِنْ فرائسها
واستَشْهَدَتْ من مَضَى منَّا فأنبأنا
من هالك وقتيل بين معتبط
فكيفَ تمكُرُ وهْيَ الدهرَ تُنْذِرُنَا
ووالدينِ حقيقٌ أنْ يَعقَّهُما
أبٌ وأمٌّ لهذا الخلق كلهمُ
دهرٌ ودُنيا تلاقِي كُلَّ مْنْ ولَدا
للذَّبْح من غَذَوا مِنَّا ومن حَضنا
إنْ رَبَّيا قَتَلا أو أسْمنا أكَلاَ
أبٌ إذا بَرَّ أبلانا وأهْرمَنا
نُضْحِي له كقِداحٍ في يَدَيْ صَنَع
يغادر الجَلْدَ منا بعدَ مِرَّتهِ
نِضْواً تراهُ إذا ماقام مُعْتَصِماً
حتى إذا مارُزِئْنا صاح صائحُهُ
هذا وإنْ عفَّفالأدواء مُعرِضَة ٌ
والحربُ تضرمها فينا حوادثُهُ
وأمُّ سوءٍ إذا مارام مُرتَضِعٌ
تَجْفُوا وإنْ عانقَتْ يوماً لها والدا
ونحن في ذاك نُصفيها مودتَنا
نشكو إلى الله جَهلاً قد أضرَّ بنا
أغوى الهوى كلَّ ذي عقل فلست ترى
نعصِي الإله ونَعصِي الناصحين لنا
هوى ً غَوِيٌّ وشيطان له خُدعٌ
أعْجِبْ به مِنْ عَدو ذي مُنابذة ٍ
وفي أبِينا وفيه أيُّ مُعتبَرٍ
حتى متى نشتري دنيا بآخرة ٍ
مُعَلَّلين بآمال تُخادعنا وزخرف
نَجْرِي مع الدَّهرِ والآجالُ تَخْلِجُنا
إنَّا نَجارِي خَليعاً غيرَ مُتَّزعٍ
يبقى ونَفْنَى ونرجو أن نُماطله
تأتِي على القمرِ السَّاري حوادثه
نبني المعاقل والأعداء كامنة ٌ
ونَجمعُ المالَ نرجو أن يُخَلِّدنا
نظل نَسْتَنْفِقُ الأعمارَ طيبة ً
مع اليقين بأنَّا محرِزون بهِ
يا بانِيَ الحصنِ أرساهُ وشيده
انظرْ إلى الدهرِ هل فاتتْهُ بغُيتهُ
بنيتَ حصْناً وأمُّ السُّوء قد خَبَنَتْ
فلا تظنّنّ ظنّاً غيرَ مَظنونِ
ذاتِ المُنَى دون مَكْرِ البيضِ والجُون
من كَيْدها كلَّ مسترٍ ومكنونِ
نواطقاً بفصيح غيرِ مَلْحون
عن ذاك كلّ لقى ً منا ومدفون
وبينَ فانٍ بِتَرْكِ الدَّهْرِ مَطْحون
من الحوادثِ بالإبْكارِ والعُون
راعي الأمور بطرفٍ غير مَكْمون
كلاهما شرٌّ مقرون بمقرون
لديْهما بِمَحَلّه الخَسْفِ والهُون
لا بلْ ومن تركاهُ غيرَ مَحضون
فما دَمٌ طَمِعا فيه بمحقون
قُبْحاً له من أبٍ بالذَّمِ ملسون
فكُلُّنَا بينَ مَبْرِيٍّ ومسفون
عَظْماً دقيقاً وجِلداً غير مودون
بالأرضِ يَعْجِنُ منها شَرَّ معجون
ليس الخلود لذِي نَفْسٍ بمِضمُون
مِن بينِ حُمَّى وبِلسامٍ وطاعونِ
حتى نُرَى بين مضروبٍ ومطعون
إخلافَها صُدَّ عنها صدَّ مَزْبون
كانتْ كمطرورة ٍ في نَحْرِ موتون
تبّاً لكل سفيهِ الرأي مَغبون
بل ليس جهلاً ولكن علم مفتون
إلا صحيحاً له أفعالُ مجنون
ونستجيبُ لمقبوح ومَلعون
مُضَلّلاتٌ وكيدٌ غيرُ مأمون
مُصغى ً إليه طوالَ الدهْرِ مزكون
لو اعتبرنا برأيٍ غيرِ مأفون
سفاهة ً ونبيعُ الفوْق بالدون
وزخرف من غُرورِ العيش موصون
والدهرُ يَجرِي خليعاً غير معنون
ونحنُ من بين مَعنونٍ ومَرْسون
أشواط مضطلع بالجَرْي أُفنون
حتى يُرى ناحلاً في شخص عُرجَونِ
فينا بكل طرير الخدّ مسنون
وقد أبى َ قبلنا تخليد قارون
عنها النفوسُ ولا نسخو بماعون
قِسْطاً من الأجر موزوناً بموزون
حرزاً لِشلْوٍ من الأعداءِ مَشْحون
في مَطْمح النَّسر أو في مَسْبح النون
لك المنية َ فانظُرْ أيَّ مَخْبون
فإنما حِصنه سجنٌ لمسجون
ودونه ركن عز غيرُ موهون
وكلُّ أجردَ مَلْحُوف ومَلْبون
إنّ والديك أحسنا إليك في ضعفك.. وربياك حتى بلغت أشدك.. أتقلب لهما ظهر المجن عند حاجتهما إليك.. فأحسن إلى من أحسن إليك.. أيها الابن..فالوالدان بابان للخير مفتوحان أمامك.. فاغتنم الفرصة قبل أن يغلقا.. واعلم أنك مهما فعلت من أنواع البر بوالديك.. فلن ترد شيئاً من جميلهما عليك.
بني.. إن لم تبرني بعد كهولتي.. فمتى يكون برك لي.. بني.. تذكر أنّ أولادك سيكونون لك كمثلك لي.. وكما تدين تدان.. من قال أفٍ فقد عق والديه.. فكيف بمن قال أعظم من ذلك.. وكيف بمن قاطعهما أو أساء إليهما.
اللهم اجعل أمي ممن تقول لها النار: اعبري فإن نورك أطفأ ناري.. وتقول لها الجنة: أقبلي فقد اشتقت إليك قبل أن أراك.. إن الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقاً لوالديه.. ليعجل له العذاب.. وإن الله ليزيد في عمر العبد إذا كان باراً.. ليزيد براً وخيراً.
العيش ماضٍ،
فأكرم والديك بِهِ،
والأم أولى بإكرام وإحسان،
وحسبها الحمل والإِرضاع تدمنه،
أمرانِ بِالفضلِ نالا كل إنسانِ.
أحِنّ إِلى الكأسِ التِي شرِبت بِها،
وأهوى لِمثواها التّراب وما ضمّا.
سألوني: أيهما أجمل..
أمك أم القمر..
قلت لهم: إذا رأيت القمر تذكرت أمي..
وإذا رأيت أمي نسيت القمر.
إن في برّ الوالدين،
تكفيراً عن الذنوب،
ومغفرة عظيمة،
كما يعد سبباً لإفراج الهموم،
ودفع البلاء،
وشرور الدنيا ومفاتنها.