يُعَدّ القُرآن المصدر الأوّل والأساسيّ من مصادر التربية الإسلامية؛ فمن رحمة الله -تعالى- أنّه لم يترك البشر على فِطرتهم فقط، بل أرسل إليهم الرُّسُل على فتراتٍ زمنيّة مُتقطِّعة؛ ليدعوهم إلى توحيده، وحلّ ما أُشكِل عليهم، ويتميّز القُرآن بأنّه كتابٌ عالَميّ إلى قيام الساعة، وهو لم يُخصَّص لقومٍ مُعيَّنين؛ ولذلك كانت التصوُّرات التربويّة الإسلاميّة تستقي منه؛ للوصول إلى سياسة تربويّة إسلاميّة تُميّزها عن غيرها من الأُمم؛ لتكون خير أُمّة أُخرِجت للناس، وليُضبَط سُلوك أفرادها في مجالات الحياة جميعها؛ بهدف توجيه المسلم إلى عمارة الأرض؛ فهو كتاب يحتوي على أكثر العبادات، والمُعاملات، والقِيَم شموليّة، كما أنّه يحُثّ على العِلم والعمل لله -تعالى-؛ فلم ينزله الله -تعالى- للتلاوة فقط؛ وإنّما لتتحوّل هذه التلاوة إلى سُلوك واقعيّ، ولتكون حياة المسلم كاملة لخالقه؛ قال -تعالى-: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)؛ ممّا يعني أنّ التربية الإسلاميّة لا بُدّ أن تقوم على القُرآن، وما وافَقَه، وأن يكون القرآن تبصرةً للعاملين في التربية؛ ففيه جميع الأُسس التي تُنظّم حياة الأفراد، وتكفل لهم السعادة في الدُّنيا، والآخرة.
للتربية في القُرآن الكريم الكثير من الخصائص؛ فهو الكتاب المُعجز، وكتاب التربية الأوّل للمُسلمين، وبيان هذه الخصائص فيما يأتي:
تعدّدت الأساليب التربويّة في القُرآن الكريم، وفي السُنّة النبويّة، وتنوّعت؛ وذلك من حكمة الله -تعالى- في مُعالجته النفسَ البشريّة؛ حتى يتربّى الإنسان من خلالها على تعديل سُلوكه؛ فيرتقيَ بنفسه، إذ إنّ كُلّ أُسلوبٍ منها ينفذ إلى نفس الإنسان من خلال أحد منافذها، ممّا يُؤدّي في النهاية إلى الانتفاع بهذه الأساليب كلّها، والتي منها ما يأتي:
موسوعة موضوع