أساليب التعليم التقليدية في القرى والبادية بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
أساليب التعليم التقليدية في القرى والبادية بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

أساليب التعليم التقليدية في القرى والبادية بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 
شهدت القرى القريبة من مكة المكرمة أنماطًا مختلفة من التعليم، قد تكون أقل من حيث الكم أو الكيف عما هو عليه الحال في المدن، إلا أنها كانت تؤدي دورًا مهمًا في تعليم الصغار المبادئ الأساسية من حفظ القرآن الكريم وتجويده، وتعلم مهارات القراءة والكتابة
 
ففي بعض القرى التابعة لمكة المكرمة كان المقتدرون يستقدمون معلمين من اليمن أو المغرب ممن يعرفونهم في الحج لتدريس أبنائهم، ويسمى المعلم في كثير من النواحي (الفقيه)، ويهيئون لهم سكنًا ويُجرون عليهم أعطيات كثيرة من سمن وعسل وبيض ودجاج وأغنام للحلب - وهي ما يطلقون عليها (المنائح) - مقابل تدريس أبنائهم. فقد كانت حصة المعلم من منتوجات مزارعهم تصله وهو في داره وقلَّما تصله نقود؛ لقلة ذات اليد لدى معظم السكان. وعلى الرغم من ذلك كان بعض المشايخ يفرض رسمًا يسمى (الخميسية)، إذ يطلب من كل طالب تسليم الشيخ ريالاً واحدًا كل يوم خميس، أما من لم يجد مالاً فإنه يدفع مقدارًا من القمح أو الشعير
 
أما الأعمال التي يكلفونه بها فقد كان إلى جانب تدريس الصبيان (وهو عمله الرئيس) يكلف في بعض الأحيان بأعمال أخرى مثل إمامة المسجد، وعقد الأنكحة، والصلاة على الجنائز، وإقامة صلاة الاستسقاء، وكتابة العقود والاتفاقات والملكيات، وإقامة صلوات الأعياد. كما يقوم بعض المدرسين بمهام العلاج والرقية بالقرآن الكريم، وكذلك قراءة المراسلات التي ترد إلى أبناء القرية، أو كتابتها لهم إذا أرادوا إرسال رسائل، كما كانوا يهتمون به ويقدمونه في مجالسهم ويستمعون إليه باحترام وتقدير
 
أما صفة التعليم فقد كان الطلاب يستيقظون مبكرين ويصلون إلى المسجد الذي يقام فيه الكتَّاب أو إلى بيت الفقيه مع شروق الشمس بعد أن يكونوا قد أفطروا مع أسرهم ومع كل منهم قطعة خبز للغداء، فإذا وصلوا جلسوا على الأرض التي تكون في بعض الأحيان من غير فراش وأحيانًا مفروشة بالخصف وهو فراش مصنوع من سعف النخل، أما الفقيه فإنه يجلس عادة على صندوق أو كرسي خشبي يرفعه عن الأرض
 
يبدأ الفقيه بالقراءة عليهم من المصحف، ويظلون في جلستهم أمام الفقيه من الصباح حتى أذان الظهر لا يتحركون إلا إلى الخلاء، وإذا ما تحرك الطالب أو تلفت فإن الفقيه يقوم بمعاقبته بضربه بعصاه الطويلة أو قد يفلكه بالفلكة (أو الفلقة)  ؛ وهي عصا متينة بطول متر، مربوط بطرفها حبل متين، تُدخل قدما الطالب بين الحبل والعصا ثم تُفتل العصا على الحبل حتى تُشَدُّ قدماه وتُرفعان إلى أعلى من قبل طالبين من زملائه، ويتولى الفقيه الضرب الذي يكون في بعض الأحيان مبرحًا. وحين أذان الظهر يقوم الطلاب لأداء الصلاة جماعة، ثم يواصلون القراءة إلى قبل الغروب بدقائق، إذ ينصرفون ويعودون للصلاة مع الإمام. وكان الإمام يتفقد طلابه في الصلوات الخمس، فمن لم يحضر فريضة يعاقب في اليوم التالي بالضرب ما لم يكن له عذر يقبله الفقيه
 
ويتعلم الطلاب القراءة عن طريق حروف الهجاء التي يكتبها الفقيه في ألواح أمامهم، ويكون مع كل طالب لوح  خاص بهذا الغرض، أما حروف الهجاء وطريقة قراءتها فهي تعتمد على شكل الحرف على النحو الآتي:
 
"أ: الألف لا شيء عليها. ب: الباء وحدة من تحت (أي النقطة). ت: التاء ثنتين من فوق.
 
ث: الثاء ثلاث من فوق
 
ج: الجيم وحدة من تحت
 
ح: الحاء لا شيء عليها
 
د: الدال لاشيء عليها
 
ذ: الذال وحدة من فوق
 
ر: الراء لا شيء عليها
 
ز: الزاي وحدة من فوق
 
س: السين لا شيء عليها
 
ش: الشين ثلاث من فوق
 
ص: الصاد لا شيء عليها
 
ض: الضاد وحدة من فوق
 
ط: الطاء لا شيء عليها
 
ظ: الظاء وحدة من فوق
 
ع: العين لا شيء عليها
 
غ: الغين وحدة من فوق
 
ف: الفاء وحدة من فوق
 
ق: القاف ثنتين من فوق
 
ك: الكاف لا شيء عليها
 
ل: اللام لا شيء عليها
 
م: الميم لا شيء عليها
 
ن: النون وحدة من فوق
 
هـ: الهاء لاشيء عليها
 
و: الواو لا شيء عليها
 
ي: الياء ثنتين من تحت
 
أما عن تشكيل الحروف فيتم حفظها على النحو الآتي:
 
أ: فتحة آ
 
إ كسرة إي
 
أُ ضمة أو
 
بَ فتحة با
 
بِ كسرة بي
 
بُ ضمة بو
 
تَ فتحة تا
 
تِ كسرة تي
 
تُ ضمة تو
 
وهكذا تستمر حتى آخر حروف الهجاء، أما قراءتها الصوتية فهي كالآتي:
 
تا فتحة تاء
 
تي كسرة تي
 
تو ضمة تو
 
وهكذا بقية الحروف. وتأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة التنوين، وتعد من المراحل الصعبة في التعلم، وتعلم بهذه الطريقة:
 
أً فتحتين أن
 
إٍ كسرتين إن
 
أٌ ضمتين أن
 
بًا فتحتين بن
 
بٍ كسرتين بِن
 
بٌ ضمتين بُن
 
وهكذا تستمر بقية الحروف، أما عن قراءتها الصوتية فتكون:
 
تاء فتحتين تَن.
 
تاء كسرتين تِن"  
 
وتتوالى المراحل في تعليم أصول القراءة، إذ تأتي مرحلة الجزم، ومرحلة التشديد، ومرحلة حرفين حرفين ثم ثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة... وهكذا إلى أن يتمكن الطالب من الحفظ الجيد للحروف والكلمات، بعدها يبدأ الطالب في حفظ القرآن الكريم، ويبدأ بجزء (عمَّ). وكلما حفظ الطالب قسمًا من الآيات حدد له الفقيه بالقلم الأحمر آيات أخرى، وحين يختم الطالب جزءًا من القرآن الكريم تُقدَّم وليمة للفقيه. وعادة يكون هناك اختلاف بين الطلاب في المستويات فكل طالب يحدد له برنامج وحده؛ فهذا يقرأ سورة الفجر، وزميله سورة الضحى، وثالث ما زال في الفلق؛ لأن التعليم يعتمد على الأسلوب الفردي وليس الجماعي. أما طريقة قراءة الطلاب أثناء الدرس فقد كانت قراءة جهورية حتى مع أنفسهم إذ يقرأ كل منهم ما يخصه بصوت جهوري. كما كان الطلاب يقومون ببعض الخدمات للفقيه مثل جلب ماء الشرب وبناء سور ونحو ذلك
 
شارك المقالة:
62 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook