سورة الفاتحة هي أعظم سورة في القرآن الكريم، وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم، ويعود ذلك لما اشتملت عليه من المعاني العظيمة التي يرجع إليها القرآن كله، وهي من السور المكيّة، وقد جاء فضلها في قوله تعالى: (وَلَقَد آتَيناكَ سَبعًا مِنَ المَثاني وَالقُرآنَ العَظيمَ)، وتأتي أهميتها من معانيها، ففيها الثناء على الله -سبحانه وتعالى- وبيان صفاته العظيمة التي ترجع إليها جميع الصفات، وفيها بيان حق الله -سبحانه وتعالى- على عباده أن يعبدوه، في قوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، وفيها إرشاده لهم -سبحانه- في أن يطلبوا منه هدايتهم في قوله: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، لأن هدايتهم تُعينهم على القيام بسبب خلقهم، وهو عبادة الله عز وجل.
سورة الفاتحة هي أول سورة في القرآن الكريم، ومما يميّزها أنها تناولت العديد من الموضوعات الأساسية في العقيدة، والعبادة، والتشريع، والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالأسماء والصفات، وطلب العون من الله -سبحانه وتعالى- ودعائه، وطلب الهداية منه إلى الصراط المستقيم، والدين القويم، واتباع طريق الصالحين، وتجنب طريق الضالين والمغضوب عليهم، وقد ذكر الإمام القرطبي -رحمه الله- لسورة الفاتحة اثني عشر اسماً هي: الصلاة، سورة الحمد، فاتحة الكتاب، أم الكتاب، أم القرآن، المثاني، القرآن العظيم، الشفاء، الرقية، الأساس، الوافية، الكافية، وقال السيوطي في الإتقان: "وقد وقفتُ لها على نيف وعشرين اسماً، وذلك يدلُّ على شرَفها؛ فإنَّ كثرة الأسماء دالَّة على شرَف المسمَّى" وقد بيَّن العلماء أسباب تسمية سورة الفاتحة بهذه الأسماء، وبيان ذلك فيما يأتي:
والصحيح أن الأحاديث الصحيحة الثابتة تَرُدّ القول بأن أم الكتاب، وأم القرآن ليس من أسماء الفاتحة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (الْحَمْدُ لِلَّهِ أُمُّ القرآنِ، وأُمُّ الكتابِ، والسَّبْعُ المَثَانِي)، وقد ذكر بعض العلماء سبب تسميتها بأم الكتاب، فقيل: لأن المصحف يُبتدأ بكتابتها، وقيل: لأنه يُبدَأ بقراءتها في الصلاة، وقيل: إنها سميت أم القرآن لأنها أول القرآن، ولأنها متضمّنة لكل علومه، ولذلك سمّيت مكة أم القرى، لأنها أول الأرض، وتسمّى الأم أماً، لأنها أصل النسل.
إن من أسماء سورة الفاتحة السبع المثاني، لقوله تعالى: (وَلَقَد آتَيناكَ سَبعًا مِنَ المَثاني)، وفي سبب تسميتها بالمثاني عدة وجوه منها ما يأتي:
جعل الله -سبحانه وتعالى- في سورة الفاتحة رقيةً وشفاءً لعباده، وهي أم القرآن، لذلك يجب على المؤمن أن يتدبّرها فهو يقرؤها في اليوم سبع عشرة مرةً في الفرائض، غير قراءتها بالنوافل، فحريٌ به أن يتنبّه لمعناها العظيم، ويُطبّق ما جاء فيها من أن العبادة لله وحده، وأن الاستعانة به وحده، وطلب الهداية منه وحده، مع الثناء عليه سبحانه، والإيمان بأنه الرحمن الرحيم، وبأنه الإله الحق، وبأنه رب العالمين، وبأنه مالك يوم الدين، فهي سورةٌ جامعةٌ لكل شيء، ودليل عظمتها ما رواه سعيد بن المعلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: (ألا أُعَلِّمُكَ أعْظَمَ سُورَةٍ في القُرْآنِ قَبْلَ أنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ، فأخَذَ بيَدِي، فَلَمَّا أرَدْنا أنْ نَخْرُجَ، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّكَ قُلْتَ: لَأُعَلِّمَنَّكَ أعْظَمَ سُورَةٍ مِنَ القُرْآنِ قالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ، هي السَّبْعُ المَثانِي، والقُرْآنُ العَظِيمُ الذي أُوتِيتُهُ).
موسوعة موضوع