أصلح كسرا

الكاتب: المدير -
أصلح كسرا
"أصلِح كسرًا




كثيرةٌ هي القلوب التي تنزف، مليئة هي بالأحزان، عليلة بمختلف الآلام!

وكما لا يُكتشَف مرض السرطان إلَّا بالكشوفات الطبية، لا يُبصِر نزيف الأفئدة إلَّا بحديث عنوانه الرحمة والحنان.

كم مرَرنا بأشخاص ولم نعرِف شيئًا عمَّا بداخلهم، رغم تمكُّن الحزن من قلوبهم، وكم مرُّوا بنا باسمين، ولم يَعرِفوا جزءًا مما بداخلنا!




أظنُّ أن قدرتك على الشفاء قد اتَّضحَت الآنَ بأن تمدَّ يد قلبك لتُصافحَ قلوبَ الناس، وتُلقي عليهم دومًا السلام، أتدري ما معنى السلام عليكم؟ أي: حاوطك السلام ونزل عليك؛ فمن الآن قل لكل قلب تلتقي به: السلام عليك، كن بَرْدًا وسلامًا للقلوب التي تُعاني احتراقًا لا ينطفئ، كُنِ الماء القاضي على هذه النيران، كن ذهبًا لكل سرطان يأكُل الأفئدة بصَمْتٍ.




أتظنُّ أن ذلك صعب؟

والله إن كلمة واحدة قادرةٌ على القيام بتلك المهمة بسهولة وجدارة لا تتخيَّلُها؛ ألم تسمَعْ قول حبيبِكَ صلى الله عليه وسلم لصاحبه ورفيقه أبي بكر رضي الله عنه في الرحلة التي تعرَّضَتْ فيها حياتُهما للموت؟ حينما هاجرَا من مكة إلى المدينة واقترَب المشركون منهما ... أتذكُر ماذا قال له حين أبصَر قلبه يَرتجف خوفًا منهم وخوفًا عليه، بماذا طمْأَنه وهدَّأ رَوعه؟ ? إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ? [التوبة: 40]، لم تَستغرق تلك الكلمات وقتًا، ولكنَّها قد تركَتْ في نفس أبي بكر ما تَركَتْ، وقضَتْ على الخوف الذي اعتراها.




لقد خُلِقْنا ضُعفاءَ، نحتاج لجرعات من الحنان والأمل كلما ذبُلنا، نحتاج لنور يَهدينا كلما ضلَلْنا الطريق، ولولا ذلك ما حثَّنا الرسول صلى الله عليه وسلم على التماسُك بعضنا ببعض بقوله: ((الْمُؤْمِنُ للمؤمنِ كالبُنْيانِ يشُدُّ بَعضُهُ بعضًا))؛ صحيح البخاري.


هكذا يُجْبَرُ ضَعفُنا، وتنصلح كسورُ أرواحنا، بأن يشدَّ بعضُنا بعضًا، بأن يُقيل بعضُنا عثرات بعض، ونمسَح الدموع عن العيون ونستبدلها بالبسمات، فتَهدأ وتَرِقُّ الأفئدةُ، وتنسى ما كانت فيه من ألَمٍ وانكسارات.




مُدَّ يدَ قلبِك داخل نفوس الناس، قريبين منك كانوا أو بعيدين، قل لهم: على قلوبكم السلام، وسلِّمها مما هي فيه، سلَّمك الله من كلِّ مكروه.


سِرْ جابرًا للخواطر ومُصلحًا للكسور، واستشعِر عِظَمَ ما تفعل عندما تحاول إسعاد وتفريج الهمِّ عن عباده، كُنْ ذهبًا، واستغلَّ قُدْرتَك العظيمة على الشفاء، لعلَّ الله يَجزيك عما فعلتَ بما لم تتوقع: ? هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ? [الرحمن: 60]؟!


"
شارك المقالة:
28 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook