الأصدقاء هم أقرب الأشخاص لنا، ونجدهم معنا في الحزن قبل الفرح وفي الشقاء قبل الهناء، ويبرهن الصديق وفاءه من خلال المواقف والأمور الحسنة التي يقوم بها من حفظ السر ووفاء العهد وحسن الخلق، فلا يُطلق على الصديق أنّه صديق وفي إلّا بعد معاشرته، وفي هذه المقالة سنذكر بعض من أجمل الأقوال التي قيلت في الصداقة ومدحها.
لنبقى أصدقاء، لنعاند الجفاء، حتّى تبقى القصائد بلون ضحكاتنا وتبقى الكلمات عاشقة لحوارنا ولا يكون الصمت محوراً لحديثنا، لنبقى أصدقاء مهما حصل، حتّى لا نمارس الخيانة لذكرياتنا مع النسيان، وتبقى أحاسيسنا مشتعلة للعيان، ولا يكون الهروب من الماضي بداية الزمان، لنبقى أصدقاء أوفياء، حتّى نتذكر أسماءنا عند اللقاء، وتبقى قلوبنا عامرة بالصفاء، ولا يكون يتجرع من الفراق كشرب ماء، لنبقى أصدقاء في لحظات الفراق، حتى تصبح أيامنا الماضية رائعة فريدة، وتبقى ذكرياتنا خالدة مجيدة، وتكون أوجاع ماضينا قوافيها سعيدة، لنبقى أصدقاء بعد الفراق، حتّى نتذكّر بعضنا بحنين وتبقى دموعنا بلا أنين ولا يكون موعد انفصالنا لسنين، لنبقى أصدقاء لآخر العمر حتّى لا تشوّه سنوات عمرنا، وتبقى أيامنا خالية من عار فراقنا، لنبقى أصدقاء حتّى بعد رحيلي، لتقول يوماً بسلام وداعاً يا أغلى إنسان.
الصديق خير من ترتكز على كتفه إذا حزنت، حزنك الكبير يبدأ بالتّضاؤل والغروب بعيداً، هدهدته لك تمنحك أملاً جديداً، ذلك العالم الذي ضاق بك يبدأ يتّسع شيئاً فشيئاً، وفي فرحتك تشعر أنّ الكون لا يسعها إذا كان حولك أصدقاؤك كأنك بحاجة إلى استعارة أكوان أخرى تضع فيها هذه السعادة، كيف لا وقد انسجمت الأرواح معاً كما تآلفت وتقاربت الأعمار.
ما أجمل تلك اللحظات التي تستشعرها بكل كيانك، فيذوب لها قلبك، وتحس دفء الروح يسري في عروقك، وبقشعريرة يرتجف لها عظمك، وبسعادة لا يمتلكها إنسان، ولا يصفها أي مخلوق كان، وبآمال وأحلام تتزاحم في الفكر والوجدان، عن هذا الأخ الذي صورته لا تفارقك، وابتسامته تلازمك، وطيفه يناجيك ويسامرك، تندفع إليه وشوقك يسابق، والحياء قد غطّى معالمك، فالصديق الصادق نادر جداً هذه الأيام، نادر أن تجده، ونادر أن يستمر معك، ونادر أن تجد وفاءه، فإذا حصلت على صديق صادق فحافظ عليه قبل فوات الأوان، ليس لأنّه سيتركك، بل لأنك لا تأمن نوائب القدر إذا فرّق بين الأحباب وبينهم كلمة تراد أن تقال.
قصيدة إلى صديق هي للدكتور الشاعر مسعد محمد زياد، ولد عام 1947م في قطاع غزة، ويحمل عدّة شهادات منها دكتوراه فلسفة في الأدب الحديث والنقد من أكاديمية إسكفورد وجامعة الخرطوم، ودبلوم الدراسات الإسلامية القاهرة، وليسانس لغة عربية ولغات شرقية من جامعة الإسكندرية، ودبلوم الدراسات العليا في الأدب، ماجستير في الأدب العربي القاهرة، أمّا دواوينه فهي أشعار من ذاكرة الوطن، وديوان أغنيات العالم والدم، وحوار مع الزمن، والصمت العربي وكبرياء الجرح، ويقول في قصيدته:
يا أيها الصحب الكرام تحيــة
الليل يهمس باللقـــاء مرحِّبا
وصبا النسيم مع النجوم ملامسا
وتدحرجت حُبَبُ النـدى، ريانة
ويحفـنا نور الإله، وفضلـه
جئــنا نهنئ فارسا،مترجلا
وأرى الوفاء، مع المحبة أقسما
لا تعجبوا إن قلت طلقني الخيال
واليوم ملهمة القصيـد تصـدني
لكنني أشتاق للكلم، الجميــل
لحظات أُنس حــركت في داخلي
هي في شغاف القلب وجد محرق
وأرى الكرى عن جفن عينيَ ينضوي
هي صحوة الآتي يحـــن لغابر
هي صحوة البذل الجزيل وعـزَّة
هي صحوة العلم الرفيع، بنوره
وأرى أصيحابي الكـرام تعاهدوا
يسمو بهم شرف الكفاح ويزدهي
أمـل يلــوح لأمة مهمــومة
يا أمتي، آهٍ لأمّـة عــــزّنا
ها نحن نحفل بالكريم وصحبــه
جئنا نهنئ جهبذا، متوشحــا
جئنا نكـرِّم فارسا أوفى العطـا
فيـض من الخلق الرفيع وعلمُـهُ
قد كنت دوما حين يجمعنا الندى
واليـوم أشعر فى قرارة خاطري
لا تحسبوا أن الصداقة لقْيـَــة
إنَّ الصداقة أن تكون من الهوى
استلهـم الإيمـان من عتباتها
يا أيها الخــل الوفيُّ، تلطفـا
وكبا جواد الشعر يخذل همتــي
عتبي على صحبي الكرام فإنهـم
قد كنت دوما حين يجمعنا الندى
واليـوم أشعر في قرارة خاطري
لا تحسبوا أن الصداقة لقْيـَــة
إنَّ الصداقة أن تكون من الهوى
يا أيها الأجــواد حسبيَ أننـي
استلهـم الإيمـان من عتباتها
يا أيها الخــل الوفيُّ، تلطفـا
وكبا جواد الشعر يخذل همتــي