ألعاب الفيديو وقدرتها على تغيير الاتصالات العصبية في الدماغ

الكاتب: وسام ونوس -
ألعاب الفيديو وقدرتها على تغيير الاتصالات العصبية في الدماغ

 

 

ألعاب الفيديو وقدرتها على تغيير الاتصالات العصبية في الدماغ


يتعطل روبوت استكشاف الفضاء على كوكب بعيد، من أجل جمع قطع من سفينة الفضاء التالفة، فإنه يحتاج لبناء علاقة عاطفية مع السكان المحليين الغريبة، ويتكلم الأجانب لغة مختلفة لكن تعبيراتهم الوجهية شبيهة بالإنسان، هذا السيناريو الخيالي هو لعبة فيديو تم تطويرها لطلاب المرحلة المتوسطة، من قبل باحثين من جامعة ويسكونسن – ماديسون، لدراسة ما إذا كانت ألعاب الفيديو يمكن أن تعزز تعاطف الأطفال، ولفهم كيف يمكن لتعلم مثل هذه المهارات تغيير الروابط العصبية في الدماغ .

النتائج التي تم نشرها هذا الأسبوع في npj Science of Learning ( مجلة الطبيعة )، تكشف لأول مرة أنه في غضون أسبوعين فقط، أظهر الأطفال الذين لعبوا لعبة فيديو مصممة لتدريب التعاطف، قدرا أكبر من التواصل في شبكات الدماغ المتعلقة بالتعاطف والتقاط الأفكار، كما أظهر البعض وجود شبكات عصبية متغيرة ترتبط عادة بتنظيم الانفعال، وهي مهارة حاسمة بدأت هذه الفئة العمرية في النمو كما يقول مؤلفو الدراسة .

تصريحات الباحثون
يقول تامي كرال طالب دراسات عليا في علم النفس، الذي قاد البحث في مركز صحة العقول UW-Madison : ” الإدراك بأن هذه المهارات قابلة للتدريب بالفعل مع ألعاب الفيديو مهم، لأنها تنبئ بالرفاهية العاطفية والصحة طوال الحياة، ويمكن ممارستها في أي وقت – مع أو بدون ألعاب فيديو “، ويشرح ريتشارد ديفيدسون، مدير المركز وأستاذ علم النفس والطب النفسي في جامعة كاليفورنيا في ماديسون، أن التعاطف هو الخطوة الأولى في سلسلة يمكن أن تؤدي إلى السلوك الاجتماعي الإيجابي، مثل مساعدة الآخرين المحتاجين .

ويقول ديفيدسون الذي ترأس فريق البحث : ” إذا لم نكن قادرين على التعاطف مع مشكلة شخص آخر، فلن يظهر الدافع للمساعدة، إن طموحنا على المدى الطويل لهذا العمل هو أن ألعاب الفيديو يمكن تسخيرها للأبد، وإذا كانت صناعة الألعاب والمستهلكين قد أخذوا هذه الرسالة على محمل الجد، فمن المحتمل أن يقوموا بإنشاء ألعاب الفيديو التي تغير الدماغ، بطرق تدعم الصفات الفاضلة بدلا من المدمرة ” .

ألعاب الفيديو
في المتوسط​​، يقضي الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و 18 عاما، أكثر من 70 دقيقة في تشغيل ألعاب الفيديو يوميا، وفقا لبيانات من مؤسسة أسرة كايسر، ويتزامن هذا الارتفاع في طريقة اللعب خلال فترة المراهقة مع انفجار في نمو الدماغ، وكذلك وقت يكون فيه الأطفال عرضة للقاءات الأولى مع الاكتئاب والقلق والتسلط، لذا أراد الفريق معرفة ما إذا كانت هناك طرق لاستخدام ألعاب الفيديو كوسيلة للتطور العاطفي الإيجابي خلال هذه الفترة الحرجة .

ما قام به الباحثون
خصص الباحثون عشوائيا 150 تلميذا في المرحلة الإعدادية في مجموعتين، أحدهم لعب اللعبة التجريبية، المسماة ” بلورات كايدر “، التي تم إنشاؤها لأغراض البحثية وتهدف إلى تعليم التعاطف، ولعبت المجموعة الثانية لعبة تحكم متوفرة تجاريا ومسلية تسمى ” باستيون ” لا تستهدف التعاطف، في بلورات كايدر، تفاعل الأطفال مع الأجانب على الكوكب البعيد، وتعلموا تحديد شدة العواطف التي شهدوها على وجوههم البشرية، مثل الغضب والخوف والسعادة والمفاجأة والاشمئزاز والحزن، وقاس الباحثون مدى دقة اللاعبين في تحديد مشاعر الشخصيات في اللعبة، وكان الهدف من هذا النشاط أيضا مساعدة الأطفال على ممارسة وتعلم التعاطف .

وشارك أولئك الذين لعبوا باستيون في قصة، حيث جمعوا المواد اللازمة لبناء آلة لإنقاذ قريتهم، لكن لم يتم تصميم المهام لتعليم أو قياس التعاطف، واستخدم الباحثون اللعبة بسبب رسوماتها الغامرة، وقد حصل الفريق على تصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي في المختبر من كلا المجموعتين، قبل وبعد أسبوعين من اللعب، بالنظر إلى الاتصالات بين مناطق الدماغ، بما في ذلك تلك المرتبطة بالتعاطف وتنظيم العواطف، كما أكمل المشاركون في الدراسة الاختبارات أثناء عمليات المسح الدماغي، التي قاست مدى الدقة التي يتعاطفون بها مع الآخرين .

اكتشافات الباحثون
وجد الباحثون اتصالا أقوى في شبكات الدماغ المتعلقة بالتعاطف، بعد أن قام طلاب المدارس المتوسطة بلعب بلورات كايدر مقارنة مع باستيون، وعلاوة على ذلك، فإن لاعبي البلورات الذين أظهروا الترابط العصبي المعزز في شبكات الدماغ الرئيسية لتنظيم الانفعال، حسنوا أيضا نقاطهم في اختبار التعاطف، والأطفال الذين لم يظهروا زيادة التوصيل العصبي في الدماغ لم يتحسنوا في اختبار الدقة التعاطفية .

يقول ديفيدسون : ” حقيقة أن الأطفال لم يظهروا جميعا تغيرات في الدماغ والتحسينات المقابلة في الدقة التعاطفية، يؤكد على المثل المعروف ” كلنا لا يناسبه حجم واحد، ويعد أحد التحديات الرئيسية للبحث المستقبلي، هو تحديد أي الأطفال يستفيدون أكثر من هذا النوع من التدريب ولماذا “، ويقول ديفيدسون إن تعليم مهارات التعاطف بطريقة يمكن الوصول إليها، قد يفيد السكان الذين يجدون صعوبة في هذه المهارات، بما في ذلك الأفراد الذين يعانون من طيف التوحد .

شارك المقالة:
238 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook