أنس السبر في ركاب الصالحين

الكاتب: المدير -
أنس السبر في ركاب الصالحين
"أنس السبر في ركاب الصالحين

 

لا شيءَ أصعبُ على النفس من فِقدان عزيزٍ وحبيب غالٍ، ولا أظن أنه توجد كلمات تعبر عما في سويداء القلب، وتترجم لوعة الخاطر إلا الرضا بقضاء الله وقدره والتسليم لحكمه وإرادته، فالموت حتمٌ لازمٌ لا مفر منه؛ ففي صباح الخميس القريب حملت لنا رسائل الجوال خبرًا محزنًا ونبأً مفجعًا بفقد شابٍّ تقيٍّ نقيٍّ خفيٍّ، طيب المعشر كريم السجايا؛ ذلكم هو الشيخ أنس بن الشيخ سعد بن عبدالله بن عبدالعزيز السبر رحمه الله وغفر له، الذي قضى نحبه في حادث سير في بحر الثلاثين من عمره:

يا كوكبًا ما كان أقصرَ عمره
‏وكذا تكون كواكبُ الأسحارِ
‏عجِل الخسوفُ عليه قبل أوانِهِ
‏فمحاه قبل مظِنَّةِ الإبدارِ

 

رحم الله أنسًا، وآنسَ وحشتَه، ونوَّر ضريحه، وأعلى في الجنة درجته، ذلك الشاب الصالح الذي عُرِفَ ببرِّهِ بوالديه، وصلة رحمه، وحسن جواره، ودماثة خُلُقِهِ، وطيب معشره، مع سلامة منهج وحسن معتقد، فنحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدًا.

 

شابٌّ نشأ في طاعة الله، لم يُعرف عنه صبوة ولا إساءة إلى أحد، ذو نفس رفيعة وهمة عالية، نال شرف حفظ القرآن وطلب العلم؛ لينتهيَ به المطاف في التدريس مربيًا فاضلًا، ومواطنًا حقًّا، يتحلى بحسن الصفات، ولعل أزكاها سلامة الصدر وحفظ اللسان، مع بذل وجُودٍ وتفانٍ في خدمة المجتمع، وحنوٍّ على اليتيم والضعيف والأرملة والمسكين.

 

كان أنسٌ رحمه الله يتفاعل مع أرحامه وأحبائه في الأفراح والأتراح، وعضوًا فعَّالًا في مناسبات ومناشط أسرة السبر والحي والمسجد والمدرسة، وفي كل مجالِ نفعٍ له فيه سهمٌ إلى أن ودَّع هذه الحياة الدنيا في فجر خميس الحادي والعشرين من جمادى الأولى عام ????هـ من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، والكل - بحمد الله وفضله - يدعو له ويثني عليه، ويشهد له بالخير والتقوى، ويحتفظ له بموقف وذكرى حسنة على قِصَرِ عمره، وأنتم شهود الله في أرضه.

 

رحل أنسٌ وقضى نحبه ولاقى ربه بعد أن زرع حبه في قلوب الجميع من أهله وأحبته، وبكى الجميع لفقده:

وما كان قيسٌ هُلْكُهُ هُلْكُ واحدٍ
ولكنه بنيانُ قومٍ تهدَّما
وما كان إلا كالسحابةِ أقلعت
وقد تركت للناس مرعًى ومشربا

 

لقد ودعنا ابنًا كريمًا وأخًا عزيزًا على قلوبنا، سيبقى حاضرًا بيننا ومعنا - وإن غاب عنا - بمآثره وذكراه العطرة.

 

وبعد، فهذه مشاعرُ أبت إلا أن تخرج وفاء لابنِ عمٍّ وأخٍ حبيبٍ، ونقول صابرين محتسبين راضين بقضاء الله وقدره: إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمًّى، اللهم اغفر لعبدك ابن عبدك، وارفع درجته في المهديين، واخلُفْهُ في عَقِبِهِ في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وأفْسِحْ له في قبره ونوِّر له فيه، اللهم اجعل مآله في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، إن العينَ تدمعُ، والقلبَ يحزنُ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا شيخنا لمحزونون، والحمد لله على قضائه وقدره.

 

الشيخ/ محمد بن إبراهيم السبر

إمام وخطيب جامع الأميرة موضي السديري بالرياض


"
شارك المقالة:
25 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook