أنماط العمران بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
أنماط العمران بالمنطقة الشرقية  في المملكة العربية السعودية

أنماط العمران بالمنطقة الشرقية  في المملكة العربية السعودية.

 
يتناول هذا الجزء مراكز العمران الريفية ومراكز العمران الحضرية كلاً على حدة؛ لأجل توضيح الخريطة العمرانية على النحو الآتي:
 

مراكز العمران الريفية

 
تأثرت المراكز العمرانية الريفية في المنطقة بصورة مباشرة بعمليات حركة إنشاء الهجر واكتشاف البترول وإنتاجه وتصديره، وبالتشريعات الحضرية، فظهرت مراكز عمرانية ريفية على الحيز المكاني للمنطقة لم تكن موجودة من قبل، ونمت المراكز القديمة حتى أصبحت مراكز عمرانية حضرية.
 
ومن حيث التوزيع الجغرافي والتركيب الحجمي للقرى والهجر فإن أول قائمة لمراكز العمران الريفية التقليدية في المنطقة قبل توحيد المملكة شملت سبعة مراكز عمرانية يقل حجمها عن خمسة آلاف نسمة. ويوضح (جدول 40) أهم المراكز العمرانية الريفية في المنطقة الشرقية قبل إعادة ضم المنطقة إلى الدولة السعودية الحديثة.
 
تقع المراكز في واحتي الهفوف والقطيف ولا يوجد أي مركز عمراني خارجهما؛ ما يعني أن بقية الحيز المكاني للمنطقة خلال تلك الفترة مسكونة من قبل أبناء البادية الذين تحول عدد كبير منهم إلى السكن في الهجر، وبقي عدد منهم على حياة البادية.
 
وتوضح المصادر التاريخية أن المنطقة تستأثر بنسبة كبيرة نسبيًّا من عدد سكان الهجر التي أُنشئت في المملكة في العشرينيات من القرن العشرين الميلادي؛ فحسب القائمة التي أوردها حبيب  ،  كان نصيب المنطقة الشرقية كبيرًا كما يتبين لاحقًا.
 
فإذا اُعتمد ما ذهب إليه أحد الباحثين من تقسيمات للجند أو للمجاهدين الذين يلبون نداء الجهاد من الهجر، مؤشرًا لتقدير إجمالي سكان الهجر الذي يقول فيه: فهناك الجهاد، والجهاد مثنى، والنفير. فالذين يلبّون الدعوة للجهاد هم دائمًا مسلحون وعندهم مطايا وشيء من الذخيرة، (أي أنهم القوة الدائمة). والجهاد مثنى، هو أن يجيء كل مجاهد بآخر يردفه ذلوله (أي الاحتياطي المباشر). أما القسم الثالث من الذكور فهم الذين يبقون في أيام الحرب في الهجر ليداوموا أعمال التجارة والزراعة (غير المقاتلين)، ولا يدعون للحرب إلاّ إذا اضطر حاكم البلاد إلى الاستنفار العام  
 
بناء على ذلك يصبح عدد المقاتلين (المجاهدين) فقط ثلث الرجال من سكان الهجر، فإذا ضرب ذلك العدد بثلاثة شاملاً عدد الرجال في الجهاد مثنى والنفير، وبإضافة العدد نفسه إلى النساء ومضاعفة العدد بعد ذلك للأطفال، يمكن تلخيص ما ورد عن القبائل التي تسكن المنطقة الشرقية في (جدول 41)
 
يلاحظ أن معظم الهجر 32 هجرة تخص قبائل تسكن المنطقة، وهي قبائل مطير والعجمان وبنو هاجر والعوازم وآل مرة، وأن عدد المراكز الحضرية عند إعلان توحيد المملكة عام 1351هـ /1932م بالمنطقة، لم يتجاوز 3 مراكز عمرانية، ما يوضح النقلة النوعية التي أحدثتها عملية إنشاء الهجر التي شكلت مرحلة من المراحل الأساسية لبروز عدد من مراكز العمران في المنطقة. ولقد ازداد عدد الهجر زيادة مطردة في الفترات اللاحقة بما يسمى الهجرة التلقائية التي اتخذت من هجر الملك عبدالعزيز نموذجًا يحتذى.
 
أصبحت الهجر مراكز استقرار لأبناء البادية وغيّرت نمط حياتهم البدوية المعتمدة على الرعي، وما يتطلبه من دوام الانتقال وراء الماء والعشب، فانخرطوا في تلك الهجر في تعلم العلوم الشرعية والحياة العسكرية والأعمال التجارية والفلاحة، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإن استقرارهم في الهجر مهّد السبيل إلى هجرتهم إلى المدن الكبرى أو المتوسطة أو الصغرى. وعلى الرغم من أن أيًّا من الهجر التي أُنشئت في عهد الملك عبدالعزيز لم تصل إلى مرتبة المدن الكبرى في الوقت الحالي، إلا أن بعضًا من المدن الصغيرة أو المتوسطة التي تشكل نسبة لا بأس بها من قاعدة الهرم الحضري للمنطقة على وجه الخصوص، والهرم الحضري السعودي على وجه العموم، كانت في الأصل هجرًا صغيرة، وهو ما يفسر تصاعد أعداد المدن الصغيرة والمتوسطة وتضاعفها في المنطقة في الفترات اللاحقة.
 
وإذا كان لحركة إنشاء الهجر دور في ظهور عدد من المراكز العمرانية الريفية في المنطقة في فترة العشرينيات من القرن العشرين الميلادي، فإن لاكتشاف البترول وعمليات إنتاجه وتصديره أبلغ الأثر في ظهور عدد من المراكز الريفية، أو نمو المراكز الريفية القديمة في المنطقة منذ الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي. ويبين (جدول 42) التوزيع الحجمي للمراكز الريفية بالمنطقة الشرقية عام 1382هـ /1962م.
 
بناء على بيانات تعداد 1382هـ /1962م فإن إجمالي سكان المنطقة بلغ نحو 360852 نسمة، ثلثهم تقريبًا 31% كانوا يسكنون 98 مركزًا ريفيًّا، عشرة مراكز من فئة 2.5 لأقل من 5 آلاف نسمة، يشكلون نحو 32% من إجمالي سكان الريف في المنطقة ونحو 10% من إجمالي سكان المنطقة، في حين تشكل المراكز الريفية الصغيرة نسبة تصل إلى نحو 68% من سكان الريف ونحو 21% من إجمالي سكان المنطقة على التوالي، والجدير بالذكر هنا أن بيانات هذا التعداد لا يعول عليها كثيرًا لعدم دقتها. ولكن يعد أحد المؤشرات الأولية وخصوصًا في ظل قلة البيانات المتاحة والمتوافرة.
 
وإذا كانت حركة الهجر واكتشاف البترول هما أهم المؤثرات في تشكيل الخريطة العمرانية في المنطقة خلال الفترة السابقة، فإن زيادة إنتاج البترول وتصديره بكميات كبيرة وارتفاع أسعاره منذ بداية السبعينيات من القرن العشرين الميلادي، وما ترتب على ذلك من تسارع في عمليات التنمية بجوانبها ومتطلباتها وتداعياتها كافة، وما تطلبته من تشريعات وأُطر حضرية، كانت من أهم المؤثرات التي أدت أدوارًا مهمة في تشكيل الخريطة العمرانية بالمنطقة خلال هذه الفترة والفترات التي تلتها. لقد تميزت فترة السبعينيات من القرن العشرين الميلادي بالارتفاع الهائل لأسعار البترول في العام 1393هـ /1973م وزيادة نصيب الدولة في ملكية القطاع النفطي؛ ما أدى إلى التوسع في مخصصات الميزانية خلال تلك الفترة وانعكس ذلك على التنمية العمرانية في المملكة بصورة عامة، والمنطقة على وجه الخصوص.
 
انعكس أثر الوفرة المالية في ميزانية الدولة على القطاعات الاقتصادية كافة، ولعل أهم هذه القطاعات الذي له الأثر البالغ في الخريطة العمرانية، كان قطاع النقل والمواصلات. لقد تضمنت الميزانية منذ سنة 1385هـ /1965م بوجه خاص نسبة لقطاع المواصلات تراوح بين 15 و 30% من جملة ميزانية المشروعات بأكملها. وأصبحت المواصلات بمثابة أسهم تشير إلى حركة الانتقال ووسيلته، وأعادت توزيع مراكز السكن على طول محاورها، وأدت (عقدها) إلى بُزوغ مجموعة مهمة من المراكز الحضرية، كما نَمت مع نشأتها معظم المراكز الحضرية التي وقعت على طولها، وتأتي الطرق البرية في مقدمة وسائل المواصلات والنقل طولاً وانتشارًا، غير أن الاهتمام لم يكن مقصورًا عليها، فقد دُعِّمت بشبكة للطيران الداخلي قوامها 22 مطارًا في أهم المراكز الحضرية، كان نصيب المنطقة الشرقية منها أربعة مطارات. كما أُنشئت شبكة من الخطوط الحديدية، ونُفذت مجموعة من البرامج لزيادة كفاءة الموانئ على ساحل الخليج فأصبحت مراكز حضرية تجتذب نسبة متزايدة من سكان الريف والبادية  
 
بلغ عدد سكان المنطقة عام 1394هـ /1974م نحو 762037 نسمة أي 11% من جملة سكان المملكة؛ وبذلك احتلت المنطقة الشرقية المرتبة الثالثة بعد منطقتي مكة المكرمة والرياض بنسبتي 26 و 18% على التوالي.
 
أما بالنسبة إلى الخريطة العمرانية الريفية للمنطقة، فإن سكان المنطقة كانوا يتوزعون في 191 هجرة وقرية، منها 118 هجرة و 73 قرية يشكلون 24% من سكان المنطقة. ويوضح (جدول 43) توزيع هذه القرى والهجر من حيث العدد وحجم السكان على إمارات المنطقة - آنذاك - التي أصبحت تُعرف (محافظات) في الوقت الحاضر.
 
يلاحظ أن أكبر عدد من القرى والهجر يتركز في الأحساء، تليها أبقيق، فحفر الباطن، ثم قرية العليا. كما يلاحظ أن متوسط عدد السكان في القرية يقارب ألف نسمة، ويصل الحجم في بعض المناطق مثل القطيف إلى مستوى المدن؛ إذ يقارب معدل عدد السكان فيها خمسة آلاف نسمة. وهذا ما تشير إليه بيانات المسح الاجتماعي والاقتصادي لقرى المملكة وهجرها التي تبين أن حجم القرى والهجر في المنطقة كان الأكبر على مستوى المملكة من حيث عدد السكان وعدد المساكن؛ فقد بلغ متوسط عدد سكان القرية أو الهجرة 966 نسمة.
 
ويرتفع هذا الرقم في بعض المحافظات، مثل القطيف؛ حتى يصل متوسط عدد سكان القرية إلى 4993 نسمة، والهفوف إلى 1131 نسمة. ويصل متوسط عدد المساكن في القرية بالمنطقة إلى 151 مسكنًا، في الوقت الذي لم يصل فيه المتوسط العام للسكان والمساكن في القرى والهجر على مستوى المملكة إلى 251 نسمة و 40 مسكنًا على التوالي 
 
أدت التغيرات السابقة في أحجام المراكز العمرانية الريفية في المنطقة، إلى بروز عدد من المراكز العمرانية الريفية كبيرة الحجم التي تتوزع بشيء من التناسق على الحيز المكاني المأهول من المنطقة، ويبين (جدول 44) أهم المراكز العمرانية الريفية في المنطقة عام 1394هـ /1974م.
 
كان البترول منذ اكتشافه في المنطقة في بداية الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي، وزيادة إنتاجه في الخمسينيات والستينيات، ثم زيادة أسعاره في السبعينيات من القرن العشرين الميلادي، المحرك الرئيس لتغيير الخريطة العمرانية في المنطقة، وإن فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن نفسه كانت فترة التخطيط والتنظيم لمجابهة التغيرات المتسارعة التي مرت بها المملكة خلال فترة الوفرة المالية السابقة.
 
قلّت نسبة سكان الريف في المنطقة بصورة ملحوظة، وتشير بيانات تعداد السكان لعام 1413هـ /1992م، إلى أن نسبة سكان الريف لم تتجاوز 6.6% من إجمالي سكان المنطقة، يتوزعون على 118 مركزًا ريفيًّا يصل متوسط عدد السكان في كل منها إلى 1439 نسمة، 25 منها كبيرة الحجم يصل متوسط عدد سكانها إلى 3627 نسمة، في حين بقية المراكز، وعددها 93 مركزًا صغير الحجم، ويصل متوسط عدد سكانها إلى 850 نسمة، وهي بهذا الحجم تعد أكبر المراكز الريفية في معظم مناطق المملكة الأخرى كما هو مبين في (جدول 45) .
 
وتشير النتائج الأولية لتعداد السكان والمساكن لعام 1425هـ /2004م، إلى أن عدد سكان المنطقة بلغ 3360157 نسمة يشكلون نحو 15% من إجمالي سكان المملكة  . 
 
لقد انخفضت نسبة سكان الريف في المنطقة بصورة كبيرة، وتشير بيانات تعداد السكان لعام 1425هـ /2004م، إلى أن نسبة سكان الريف لا تشكل إلا نسبة ضئيلة جدًّا لم تتجاوز 2.1% من إجمالي سكان المنطقة - ولم تعط النتائج الأولية للتعداد إلا المراكز الريفية الإدارية - يتوزعون في 69 مركزًا ريفيًّا، كما هو مبين في (جدول 46) .
 
أما النسبة المتبقية التي تبلغ 4.7 فهي لسكان المراكز الأخرى التي يبلغ إجمالي سكانها 157927 نسمة، لم توضحها النتائج الأولية للتعداد التي تتضح في النتائج التفصيلية لاحقًا.
 
و (جدول 47) يوضح أحجام المراكز الإدارية الرسمية الريفية في المنطقة حسب النتائج الأولية لتعداد 1425هـ /2004م.
 
ولقد صُنفت المراكز الريفية في المنطقة لعام 1425هـ /2004م على النحو الآتي:  
 
مراكز عمرانية ريفية صغيرة جدًّا، عددها 23 مركزًا، لا تتوافر فيها إلا الخدمات الضرورية فقط مثل المدارس الابتدائية والكهرباء والماء والبريد. الحد الأدنى لعدد السكان لتقديم الخدمات العامة فيها هو 541 نسمة، وتخدم سكانها فقط.
 
مراكز عمرانية ريفية صغيرة، عددها 16 مركزًا، وهي المراكز التي تتميز بوجود خدمات الرعاية الصحية الأولية، إضافة إلى الخدمات كافة في النوع الأول من المراكز. وتقدم كل مستوطنة الخدمات إلى ثلاثة مراكز عمرانية صغيرة جدًّا، إضافة إلى سكانها.
 
مراكز ريفية متوسطة، عددها 33 مركزًا، وهي المراكز التي تتميز بوجود الخدمات متوسطة المستوى، وعلى وجه الخصوص المدارس المتوسطة للجنسين ووجود مركز إداري، إضافة إلى الخدمات كافة في المستويين السابقين.
 
مراكز عمرانية ريفية كبيرة، عددها 14 مركزًا، وهي المراكز التي تتميز بوجود بعض الخدمات مرتفعة المستوى، وعلى وجه الخصوص المدارس الثانوية للبنين وخدمة مختبر صحي وخدمة الشرطة، إضافة إلى الخدمات كافة في المستويات السابقة.
 
مراكز ريفية كبيرة جدًّا (أقرب إلى المدن الصغيرة)، عددها 4 مراكز، وهي المراكز التي تتميز بوجود خدمات مرتفعة المستوى، وعلى وجه الخصوص المدارس الثانوية للبنات، وخدمات الرعاية الصحية الأولية مرتفعة المستوى مثل المحجر الصحي وطب الأسنان ومراقبة الوبائيات، وخدمات الدفاع المدني والتلكس، إضافة إلى الخدمات كافة في المستويات السابقة.
 

مراكز العمران الحضرية

 
تأثرت مراكز العمران الحضرية بالمتغيرات التي مرت بها المنطقة منذ ضمها للمملكة؛ فقد شهدت حركة إنشاء الهجر وتوحيد المملكة واكتشاف البترول وإنتاجه وتصديره بكميات كبيرة في فترات لاحقة. وكان تأثرها بتلك العمليات أكثر وضوحًا من تأثر مراكز العمران الريفية، وهذا ما يتبين من خلال مناقشة تطور الخريطة العمرانية الحضرية للمنطقة حتى عام 1425هـ /2004م.
 
ومن حيث التوزيع الجغرافي والتركيب الحجمي للمدن والمراكز الحضرية فقد تطورت المراكز العمرانية الحضرية في أعدادها وأحجامها في المنطقة خلال العقود الماضية، كما في المناطق الأخرى في المملكة؛ ففي عام 1326هـ /1908م. يشير (جدول 48) إلى عدد محدود من المراكز العمرانية الحضرية. وتقع هذه المراكز في واحتي الأحساء والقطيف؛ ما يعني أن سكان البادية كانوا ينتشرون في معظم أجزاء المنطقة، إذ قُدر عددهم بأكثر من مئة ألف نسمة؛ أي إنهم يشكلون نحو 62% من سكان المنطقة. أما المراكز الحضرية الرئيسة الثلاثة (الهفوف والمبرز والقطيف) فيسكنها 38500 نسمة، أو ما يقارب 24% من إجمالي سكان المنطقة بحسب تقدير سابق والذي قدرهم بـ158000   نسمة، (جدول 48) 
 
وبحساب علاقة المرتبة بالحجم يلاحظ أن هناك هيمنة واضحة للهفوف، حيث علاقة المرتبة والحجم 3:1، في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون 2:1، في حين وصلت العلاقة بين الهفوف والقطيف إلى 5:1 في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون 3:1.
 
هناك عدد من التقديرات التي أوردها بعض الكتَّاب ذهبت غالبيتها إلى أن عدد سكان المراكز العمرانية الحضرية لم يتجاوز ربع سكان المنطقة حتى ظهور نتائج أول تعداد للسكان في المملكة عام 1382هـ /1962م، إذ إن إجمالي سكان المنطقة 360852 نسمة؛ أكثر من نصفهم 53% كانوا يسكنون عشرة مراكز حضرية يزيد سكان كل منها على 5000 نسمة، وستة مراكز من فئة 10 - 99 ألف نسمة، وأربعة مراكز من فئة 5 - 9 آلاف نسمة. ويظهر (جدول 49) الهرم الحضري في المنطقة.
 
يتضح من (جدول 48) و (جدول 49) ما يأتي:
 
ازدياد عدد المراكز الحضرية بالمنطقة من ثلاثة فقط قبل توحيد المملكة واكتشاف البترول، إلى عشرة مراكز في بداية الستينيات الميلادية من القرن العشرين الميلادي.
 
تضاعفت أحجام المراكز الحضرية الرئيسة التي كانت قائمة قبل توحيد المملكة كالهفوف والمبرز والقطيف بنسبة 100%، وكذا الحال بالنسبة إلى معظم المراكز العمرانية الريفية التي كانت موجودة قبل توحيد المملكة؛ فقد تخطت أحجامها 5000 نسمة، وأصبحت في عداد المراكز الحضرية.
 
ظهور مراكز عمرانية جديدة لم تكن موجودة قبل توحيد المملكة واكتشاف البترول، بعضها أصبح يحتل مراتب عليا مثل الدمام التي احتلت المرتبة الثانية في الهرم الحضري للمنطقة، والخبر، ورأس تنورة، وابقيق، والظهران التي احتلت المراتب الرابعة والسادسة والسابعة والعاشرة على التوالي.
 
يلاحظ أن هناك نوعًا من الاتساق في الهرم الحضري للمنطقة؛ إذ تقل الفروقات بين المدينتين الأولى والثانية، إضافة إلى انطباق قاعدة المرتبة والحجم في علاقة المدينة الأولى وبقية المراكز العمرانية، كما أن دليل الهيمنة بين كل مركز والذي يليه لم يتجاوز اثنين إن لم يكن أقل من ذلك بكثير.
 
على الرغم من إنشاء عدد من الهجر في الفترة السابقة، لم يصل حجم أي منها إلى 5000 نسمة حتى تاريخ تعداد عام 1382هـ /1962م؛ لذا لم يدخل أي منها الهرم الحضري للمنطقة.
 
لقد شهدت خريطة المراكز الحضرية بالمنطقة تغيرات واضحة خلال الفترة ما بين 1382 و 1394هـ /1962 و 1974م. بلغ عدد سكان الحضر بالمنطقة 488518 نسمة؛ فالنمط الحضري أصبح يستحوذ على أكبر نسبة تشكل 64% من إجمالي سكان المنطقة يتوزعون على عدد من المراكز الحضرية كما هو موضح في بيانات (جدول 50) 
 
إن استقراء بيانات الجدول السابق مقارنة بـ (جدول 49) توضح الحقائق الآتية:
 
تظهر بالمنطقة - لأول مرة - مدن يتجاوز حجمها 100 ألف نسمة، هما الدمام والهفوف.
 
تأخرت مدينة الهفوف - لأول مرة - إلى المرتبة الثانية؛ فقد احتلت مدينة الدمام المرتبة الأولى بالهرم الحضري للمنطقة؛ لتضاعف حجم المدينة نحو ثلاثة أضعاف خلال الفترة ما بين التعدادين 12 سنة، في حين تضاعف حجم الهفوف مرتين خلال الفترة نفسها.
 
ازداد عدد المراكز الحضرية التي يزيد عدد سكانها على 5000 نسمة بالمنطقة من عشرة مراكز حضرية في تعداد 1382هـ /1962م، إلى عشرين مركزًا حضريًّا في تعداد 1394هـ /1974م.
 
تضَاعَفت أحجام المدن من حيث المستويات كلها.
 
ظهرت مراكز حضرية جديدة لم تكن موجودة في تعداد 1382هـ /1962م، مثل: الخفجي والقيصومة اللتين ارتبطتا بأنشطة إنتاج البترول وتوزيعه، في حين تحولت بعض القرى الزراعية مثل: الطرف والجش وتاروت وعنك، وبعض الهجر مثل النعيرية إلى مدن؛ لتدخل ضمن الهرم الحضري في المنطقة.
 
ويمكن تمييز عدد من مستويات المراكز الحضرية في المنطقة الشرقية كما هو مبين في (جدول 51) .
 
يلاحظ أن هناك تَركزًا واضحًا للسكان في المراكز الحضرية الكبيرة؛ إذ تستأثر المدن الخمس الأولى بأكثر من ثلثي السكان الحضر في المنطقة، وهذه المدن إما من مدن البترول الواقعة على الساحل كالدمام والخبر، وإما من مدن الواحات الرئيسة كالهفوف والمبرز، وما زالت المراكز الحضرية الداخلية لا تشكل ثقلاً سكانيًّا في المنطقة.
 
أدى النمو الحضري إلى انخفاض نسبة سكان البادية بصورة ملحوظة في المنطقة؛ إذ انخفضت من 17% من إجمالي سكان المنطقة في تعداد 1382هـ /1962م إلى أقل من 10% في تعداد 1394هـ /1974م. وقد يُعُزى ذلك إلى أَنَّ المنطقة هي المنطقة الرئيسة في إنتاج البترول؛ وبالتالي اجتذبت مدنها أعدادًا كبيرة من سكان البادية الذين وجدوا وظائف في مجال البترول أو في مختلف الإدارات والأنشطة الاقتصادية المصاحبة ذات العلاقة بإنتاج النفط.
 
لقد شمل التخطيط والعمران مدن المنطقة كلها؛ التاريخية منها كالهفوف والمبرز والقطيف، والحديثة التي نشأت مع توحيد المملكة، واكتشاف النفط وتزايد إنتاجه وتنفيذ برامج الحكومة في التنمية. كل تلك التطورات كان لها أثر واضح في الخريطة العمرانية للمنطقة؛ إذ ازداد عدد المراكز الحضرية، وتوسعت المدن الرئيسة وظهرت مراكز حضرية جديدة، وقلت نسبة أبناء البادية بصورة واضحة، كما يتضح في الفقرات التالية.
 
وفي عام 1413هـ /1992م بلغ عدد المدن التي يزيد عدد سكانها على 5000 نسمة 52 مدينة في المنطقة، يصل عدد سكانها مجتمعة 2283796 نسمة، أي بنسبة تصل إلى نحو 89% من سكان المنطقة؛ وهي بذلك ترتفع عما كانت عليه في عام 1394هـ /1974م بمقدار 21%. هذه الزيادة في نسبة الحضر كانت - بلا شك - نتيجة عامل الهجرة الداخلية من الريف والبادية إلى المدن؛ ما أدى إلى انخفاض نسبة سكان الريف والبادية. ويعزى هذا الارتفاع في نسبة الحضر إلى الهجرة الداخلية من مناطق المملكة الأخرى إلى جانب الهجرة من خارجها. وارتفع عدد سكان بعض المراكز العمرانية الريفية من قرى وهجر حتى أصبحت في عداد المراكز العمرانية. ويبين (جدول 52) أهم المراكز الحضرية بالمنطقة عام 1413هـ /1992م.
 
توضح بيانات الجدول السابق أن:
 
سكان الحضر في المنطقة الشرقية يشكلون نحو 89% من سكان المنطقة؛ وهي بذلك تفوق نسبة سكان الحضر على مستوى المملكة، وهي أكبر نسبة على مستوى المناطق، كما يمثل سكان الحضر في المنطقة 13.5% من إجمالي سكان المملكة، ويمثلون نحو 14% من إجمالي سكان الحضر في المملكة، وبوجه عام، فإن عدد المدن في المنطقة الشرقية يمثل أكثر من ثلث إجمالي المدن بالمملكة.
 
هذه الحقائق تتضح بصورة أكثر باستعراض أعداد المراكز العمرانية الحضرية وأحجامها في المنطقة، كما توضحها نتائج تعداد السكان والمساكن في المنطقة لعام 1413هـ /1992م، (جدول 53) .
 
ويظهر (جدول 53) أن:
 
بلغ عدد المدن العمرانية التي تجاوز عدد سكانها 100 ألف نسمة ستة مراكز بعد ما كانت مدينتين فقط في تعداد 1394هـ /1974م، يشكل سكانها أكثر من نصف سكان المنطقة، ونحو ثلثي سكان الحضر بالمنطقة.
 
هناك 21 من المراكز العمرانية المتوسطة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 10 وأقل من 100 ألف نسمة، منها خمس مدن من فئة 50 لأقل من 100 ألف، وخمس أخرى من فئة 25 لأقل من 50 ألفًا، و 11 مدينة من فئة 10 لأقل من 25 ألف نسمة، ويشكل سكانها نحو ربع سكان المنطقة.
 
المراكز العمرانية الحضرية الصغيرة من فئة 5 - 10 آلاف نسمة بلغ عددها 25 مركزًا عمرانيًّا يشكل سكانها أكثر من 6% من سكان المنطقة.
 
بلغ عدد سكان المراكز الحضرية البالغ عددها 57 مدينة في المنطقة 3133141 نسمة؛ أي 93% من سكان المنطقة في عام 1425هـ /2004م. وبناءً عليه، فقد ارتفع عدد سكان الحضر بمقدار 39% عما كان عليه في عام 1413هـ /1992م. إن هذه الزيادة في السكان الحضر كانت على حساب سكان الريف والبادية، وهو ما أثر بصورة ملحوظة في انخفاض نسبتيهما حتى إنه يمكن القول إنه لا يوجد بدو رحل بالمعنى القديم المعروف في المنطقة في الوقت الحاضر. أما النسبة الباقية من السكان فتمثل سكان الريف. ومن أسباب ارتفاع نسبة الحضر أن عددًا من المراكز الريفية من قرى وهجر ارتفع عدد سكانها حتى أصبحت في عداد المراكز الحضرية (جدول 54) .
 
يبين الجدول السابق أن سكان الحضر في المنطقة يشكلون نحو 93% من سكان المنطقة؛ وهي بذلك تفوق نسبة سكان الحضر على مستوى المملكة التي وصلت إلى 83.1%، وهي أكبر نسبة على مستوى المناطق، كما أن سكان الحضر في المنطقة يشكلون 14% من إجمالي سكان المملكة، و 17% من إجمالي سكان الحضر في المملكة، كما أن عدد المدن في المنطقة يشكل نحو ثلث إجمالي المدن بالمملكة.
 
وتتضح هذه الحقائق بصورة أكثر باستعراض أعداد المراكز العمرانية الحضرية وأحجامها في المنطقة من خلال نتائج تعداد السكان والمساكن في المنطقة لعام 1425هـ /2004م، المبينة في (جدول 55) .
 
وتوضح بيانات الجدول الحقائق الآتية:
 
يقترب سكان مركز عمراني واحد في المنطقة - لأول مرة - هو مدينة الدمام من ثلاثة أرباع المليون؛ وبذلك يشكل سكانها أكثر من خمس سكان المنطقة، ونحو ربع سكان الحضر فيها.
 
بلغ عدد المراكز العمرانية التي يزيد عدد سكانها على 5000 نسمة في المنطقة الشرقية 57 مركزًا.
 
يمثل سكان المراكز العمرانية الحضرية التي يصل عدد سكانها 5000 نسمة فأكثر نحو 93% من إجمالي سكان المنطقة.
 
بلغ عدد المراكز العمرانية التي تجاوز عدد سكانها 100 ألف نسمة سبع مدن، وهو يزيد على العدد في تعداد 1413هـ /1992م بمدينة واحدة، ويشكل سكانها أكثر من ثلثي سكان المنطقة، ونحو ثلاثة أرباع سكان الحضر بالمنطقة.
 
هناك 29 من المراكز العمرانية الحضرية المتوسطة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 10 آلاف وأقل من 100 ألف نسمة، منها خمس مدن من فئة 50 لأقل من 100 ألف، وست أخرى من فئة 25 لأقل من 50 ألفًا، وثماني عشرة مدينة من فئة 10 لأقل من 25 ألف نسمة، ويشكل سكانها أكثر من ربع سكان المنطقة.
 
بلغ عدد المراكز العمرانية الحضرية الصغيرة من فئة 5 - 10 آلاف نسمة 21 مركزًا، يمثل عدد سكانها 4% تقريبًا من سكان المنطقة.
 
تتلخص العوامل المؤثرة في نشأة مراكز العمران في المنطقة في إنشاء الهجر واكتشاف البترول وزيادة إنتاجه والأُطر والتشريعات الحضرية التي انعكست بوضوح على الخريطة العمرانية للمنطقة، ويتمثل ذلك في عدد مراكز العمران الحضرية والريفية التي لم تكن موجودة في الحيز المكاني للمنطقة، إضافة إلى نمو المراكز القديمة بصورة سريعة وكبيرة. ويلخص (جدول 56) و (خريطة 17) تطور سكان المنطقة حسب نمط الحياة بين عامي 1382 و 1425هـ /1962 و 2004م.
 
يوضح (جدول 56) أن عدد سكان المنطقة ازداد تسع مرات خلال خمسة عقود، وسكان الحضر في المنطقة بمقدار 17 مرة، وهذا بدوره أدى إلى ارتفاع نسبة سكان الحضر بصورة مطردة حتى وصلت إلى 93% من إجمالي سكان المنطقة؛ أي أن الغالبية العظمى من سكان المنطقة حاليًا هم من الحضر. وازداد عدد المراكز الحضرية ست مرات، وتناقصت نسبة سكان الريف بصورة ملحوظة حتى وصلت إلى 2% تقريبًا في عام 1425هـ /2004م، بعدما كانت تشكل 31% من سكان المنطقة قي تعداد 1382هـ /1962م. وقد تلاشت نسبة سكان البادية في المنطقة، بعدما كانوا يشكلون أكثر من ثلاثة أرباع سكان المنطقة في بداية القرن الميلادي العشرين، ولا يوجد بدو رحل بالمعنى الدقيق في المنطقة في الوقت الراهن.
 
يعد النمو السكاني للمراكز العمرانية بالمنطقة خلال الفترة 1394 - 1413هـ /1974 - 1992م من أعلى المستويات في المملكة؛ إذ جاءت الجبيل بأعلى معدل نمو وصل إلى 16.5 وحفر الباطن 13.7 والظهران 9.9 والدمام 7.5 ولم يقل معدل المراكز الأخرى في المنطقة عن المعدل العام في المملكة  .  كما ازدادت أعداد المراكز العمرانية خلال العقود الماضية بشكل كبير، (خريطة 18) .
 
شارك المقالة:
45 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook