أنواع النباتات السائدة بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.
- العشر (Calotropis procera) العائلة العشارية (العشرية) (Asclepiadaceae):
العشر شجيرة معمرة، ربما تستمر في حياتها لعشرات السنين، وهي ذات أوراق عريضة وأغصان كثيفة ومتشابكة، وتنمو الشجيرة في شكل أجمات متشابكة يصعب في العادة المرور خلالها، ويصل ارتفاعها إلى 3م، وينتج عند قطع أي جزء منها مادة لبنية بيضاء (اليتوع) ، وتتخلل الخضرة الزاهية لهذا النبات كتل من الأزهار الخضراء المبيضة والمعرقة بلون بنفسجي غامق، ويعقب هذه الكتل من الأزهار كتل من الثمار البيضية الكبيرة التي تنبثق عند نضجها عن كمية كبيرة من البذور المجنحة ذات الوبر الأبيض يساعدها على ركوب متن الريح، والانتقال لمسافات بعيدة.
شجيرة العشر نوع من 71 نوعًا نباتيًا تتبع للعائلة العشرية المنتشرة في بيئات المملكة العربية السعودية، وهي واسعة الانتشار في جميع البلدان الحارة والدافئة، وهي من النباتات التي تكاد تكون الأكثر انتشارًا في جزيرة العرب بما فيها المملكة العربية السعودية، وهي الأكثر انتشارًا من بين الأشجار والشجيرات في منطقة مكة المكرمة، ولها في هذه المنطقة أودية تسمى باسمها، من بينها وادي العشر بمكة المكرمة. يكثر انتشار هذا النبات في مجاري السيول والأودية ذات التربة الرملية والطميية، وهو من النباتات المقاومة للسيول العارمة. يزدهر العشر في التربة المتاخمة للبحر كما هو الحال في الأجزاء المحصورة بين مدينة جدة والشعيبة، يكوِّن مجتمعًا تسوده هذه الشجيرة ويمتد لبضعة كيلومترات، وتجده يزدهر في أودية تقع على ارتفاع يفوق 2000م فوق سطح البحر.
وشجيرة العشر من النباتات ثنائية المسكن، فهي تحمل الأزهار المؤنثة والمذكرة على النبات نفسه وتتكاثر عن طريق البذور، وهذه البذور نتيجة لكونها مسطحة ومجنحة وتحمل وبرًا حريريًا طويلاً في أحد طرفيها يمكنها الانتقال بالرياح لمسافات بعيدة وعلى مساحات واسعة، مما يساعد على سرعة انتشار هذا النبات الذي يكاد يكون نموه الأسرع من بين شجيرات المناطق الجافة وشبه الجافة، وينمو على ساق واحدة أو عدة سيقان، والساق المعمرة يصل محيطها إلى أكثر من ثمانين سنتيمترًا.
خصائص النبات تبين الأهمية البيئية له، فمجموعاته تحمي تربة الأودية من الانجراف، وتبطئ سرعة جريان مياه السيول مما يجعلها تتسرب إلى باطن التربة، وتغذي مكامن المياه الجوفية. وهذا النبات يشكل مجتمعًا نباتيًا وحيوانيًا غنيًا وبسائله اللبني مواد كيميائية شتى لها أهميتها الطبية والاقتصادية، كما أن الأجزاء الخضرية من هذا النبات يمكن أن تكون بعد التجفيف مادة ألياف جيدة قابلة للتصدير. ومن أفضل ما جاء عن هذا النبات ما أورده (القشاش) وفيه وصف شامل له، وعلى الأخص استخداماته عند العرب، كما أن صبرية الأحمدي قد أوردت سردًا وافيًا عن هذا النبات وعلى الأخص المكونات الكيميائية الطبيعية له
- العتم (الزيتون البري) (Olea europaea) من العائلة الزيتونية (Oleaceae):
أشجار العتم (الزيتون البري) قائمة ودائمة الخضرة، يصل ارتفاعها في منطقة مكة المكرمة إلى خمسة أمتار، ويتشكل لها في الغالب تاج كبير وكثيف، وتأتي كثافتها من كثرة أغصانها وكثافة أوراقها. يغلب اللون الأخضر الرمادي على هذه الأشجار، أوراقها الجلدية ذات الشكل الرمحي لها لون أخضر رمادي على سطحها العلوي، وتميل للون الفضي على سطحها السفلي، واختلاف لوني سطح هذه الورقة يجعل الشجرة تصدر بريقًا عند مداعبة الرياح لهذه الأوراق. أزهارها ذات الرائحة الزكية بيضاء صغيرة الحجم تتوضع في مجموعات على الأجزاء الطرفية من الأغصان، وينعقد عنها ثمار وحيدة النواة سوداء لامعة صغيرة الحجم مقارنة بثمار أشجار الزيتون المزروعة.
تنتشر هذه الشجرة في الأقاليم شبه المدارية، وحوض البحر المتوسط، وتنتشر في المملكة العربية السعودية، في أودية وشعاب وسفوح المرتفعات الجنوبية الغربية، وجبال الحجاز، وفي منطقة مكة المكرمة نجدها واسعة الانتشار بشكل ملحوظ في بني مالك وثقيف، جنوبي الطائف. وتشكل هذه الشجرة غابات كثيفة نسبيًا منها منفردة، أو مختلطة مع أشجار العرعر وأشجار الطلح.
تتكاثر أشجار الزيتون البري بالبذور، وتتكاثر بالعقل إلى جانب التكاثر بالبذور. وشجرة الزيتون البري بطيئة النمو، لكنها معمرة بشكل يجعلها في مقدمة الأشجار المعمرة على الأرض، فهي تعمر لسنوات تزيد على ألف سنة، تبقى منتجة للثمار في جزء كبير من هذا العمر المديد.
وتعد أشجار الزيتون من الأشجار النفيسة عند الإنسان، وقد ورد ذكرها في الكتب السماوية، وعلى الأخص القرآن الكريم، وهي شجرة مباركة، ينتج عنها زيت مبارك. استأنس الإنسان أنواعًا منها واهتم بزراعتها منذ القدم، وقد ذكر بعض الباحثين أن قدماء المصريين عرفوا زراعة الزيتون منذ القرن السابع عشر قبل الميلاد. وتكسب غابات هذه الشجرة السفوح والأودية والشعاب مناظر خلابة تملأ النفس بالسرور والارتياح عند النظر إليها. ثمارها تؤكل - ولو كانت برية - من قبل الإنسان وعدد من الحيوانات، وتعد غابات الزيتون البري بيئة مثالية لعدد من الحيوانات وبخاصة الطيور منها. وأخشابها شديدة الصلابة والقوة، مما يجعلها مثالية للأدوات المنـزلية والزراعية التقليدية، وهي من الأخشاب المقاومة للآفات وعوامل الزمن والمناخ، ولذلك استخدمها السكان المحليون في أدواتهم وفي طي آبارهم اليدوية، بحيث تجعل أفرعها الكبيرة وجذوعها فواصل على طول حوائط هذه الآبار بغرض تدعيمها. كما يستخرجون من أفرعها زيت القطران، وذلك عن طريق التقطير الإتلافي لهذه الأفرع بطريقة تقليدية بسيطة، تتلخص في قطع أفرع ذات مقطع لا يزيد قطره في الغالب على ستة سنتيمترات، ثم تقسم إلى قطع متساوية كل قطعة لا يزيد طولها على أربعين سنتيمترًا، توضع في إناء فخاري به ثقوب عند قاعدته يرتكز على قاعدة من الصخر بها نقطة تجميع أسفل هذا الإناء، ويخرج من هذه النقطة قناة منحوتة في الصخر المائل عادةً وهذه بدورها تصل لإناء التجميع، ثم يتم إشعال النار بكومة من الحطب محيطة بالإناء الفخاري، مما يرفع درجة حرارة أفرع الزيتون التي بداخله فيبدأ زيت القطران بالتسرب خارج هذه الأعواد من نهايتها السفلية، وتبدأ الأفرع بالاشتعال من الأعلى والتسرب يزيد، ويتدفق خارج الإناء إلى نقطة التجميع على الصخر ومن ثم إلى آنية التجميع عبر القناة المحفورة في الصخر. ويتكون زيت القطران من ثلاثة مكونات أساسية تأتي في طبقات؛ فالطبقة العلوية دهنية خفيفة يميل لونها إلى الأصفر الذهبي وتسمى الدهن، وتستخدم في دهن الشعر لدى النساء والرجال على حد سواء، والطبقة الوسطى تسمى طبقة الزيت وهي أشد قوامًا من الأولى ولونها أسود وتستخدم طلاء ممتازًا للأبواب والأدوات الخشبية والقرب (جمع قربة) المخصصة لحفظ مياه الشرب وتبريدها، فتحفظها لسنوات عديدة من التحلل وتكسبها نكهة عطرية ممتازة، ثم الطبقة السفلية وتسمى المهل ولونها بني محمر تستخدم في علاج أنواع من الأمراض الجلدية لدى الإنسان، وفي معالجة الجرب الذي يصيب جلود الماشية. أما الأوراق وقلف الشجرة والأغصان الصغيرة فلها استخدامات تقليدية عديدة، فمن الأوراق والأغصان يستخرج دواء لمعالجة التوتر والحمى، ونقيع الأوراق يستخدم في علاج بعض علل العين، واللثة، والتهابات الحلق، كما يستخدم مستخلص الأوراق في تدليك عضلات جسم الإنسان، ويستخدم نقيع الأوراق كذلك مع نقيع القلف في معالجة الحمى المتقطعة والسل، كما تستخدم الأغصان الطرية سواكًا للأسنان.
- العضب (Delonix elata) من العائلة البقولية (Leguminosae):
يوجد تحت هذه العائلة 211 نوعًا نباتيًا، منتشرة في أنحاء متفرقة من المملكة العربية السعودية، وتعد هذه العائلة ثالث أكبر عائلة نباتية في المملكة، وشجرة العضب من أجمل أشجار هذه العائلة، يبلغ ارتفاعها نحو عشرة أمتار أحيانًا، أما متوسط ارتفاعها فأربعة أمتار. وتكون على جذع وحيد أو على جذوع متعددة، ويميل لون جذعها إلى الرمادي المبيض، وجذوع هذه الشجرة وفروعها كثيرة الانحناءات، ولون أوراقها أخضر فاتح وتشكل مع الأفرع المتشابكة كثافة لونية وظلاً لا بأس بهما، وترصع هذه الخضرة في فصل الربيع بأزهار بيضاء مشربة بالأصفر، ومنتشرة في شكل كتل على معظم أفرع الشجرة، وفي غالب الأحيان نجد الثمار القرنية وقد اكتمل طولها جنبًا إلى جنب مع الأزهار المتفتحة. ولمن أراد الوصف التصنيفي العلمي المتكامل لهذه الشجرة فيمكنه الرجوع إلى كتب التصنيف المتخصصة، التي اهتمت بنباتات المملكة العربية السعودية
تذكر المراجع أن الموطن الأصلي لجنس هذا النبات أواسط إفريقية، مثل السودان وإثيوبيا وإريتريا والصومال . كما يمتد انتشاره إلى شمال إفريقية ودول حوض البحر المتوسط وشبه جزيرة العرب. وتنتشر هذه الشجرة في أغلب الأحيان في الأجزاء المنخفضة من منطقة مكة المكرمة، وتعد واسعة الانتشار في هذه المنطقة، وتشكل مستعمرات شجرية منعزلة أحيانًا، ومنها التي تزين تجمعات الهضاب الصوانية والجرانيتية الرمادية المستديرة بالشميسي على الطريق بين مكة المكرمة وجدة.
تتكاثر هذه الشجرة بالبذور، وتمتاز بمدى حراري واسع نسبيًا ، وتنمو بسرعة لا بأس بها مقارنة بغيرها من الأشجار الطبيعية المعمرة، وتعمر لعشرات السنين، وتستمر في نموها، مع مداومة الإزهار في كل عام، وتظل أزهارها مستمرة لموسم طويل نسبيًا.
تستعمل أخشاب العضب وقودًا، وذلك بتحضير الفحم منها، وهي من وصفها المبين أعلاه تعد شجرة زينة مثالية، كما تذكر المراجع أن أجزاء منها تستخدم علاجًا للروماتزم والانتفاخ، كما تستعمل بذورها مسهلاً قوي التأثير ، وتسهم هذه الأشجار في الحفاظ على تربة الهضاب من الانجراف.
- العرعر (Juniperus procera) من العائلة السروية (Cupressaceae):
شجرة العرعر تمثل الأشجار الصنوبرية (المخروطيات)، وتمثل أحد نوعين منها يعيشان في بيئات المملكة العربية السعودية. وهي دائمة الخضرة، وأفرادها وحيدة الجنس وهي شجرة كثيرة التفرع والتشابك، ومحملة بكثافة كبيرة من الأوراق الإبرية المتزاحمة ذات اللون الأخضر الداكن البراق، وتزدان أطراف هذه الأفرع في الشجرة المؤنثة بكتل من المخاريط المدمجة ذات الشكل الكروي، واللون الرمادي اللامع. وتعد من أطول الأنواع التابعة لهذا الجنس في العالم إذ يصل طولها في بعض غاباتها في إريتريا نحو 45م ويصل محيط جذعها إلى 3م ، أمّا ارتفاعها في المرتفعات الجنوبية الغربية من المملكة العربية السعودية فيصل إلى 8م
تنتشر هذه الشجرة بشكل مكثف في أنحاء متفرقة من الإقليم الإريتري - الإثيوبي العربي، حيث يسود المناخ الرطب والبارد أثناء الشتاء والمعتدل أثناء الصيف. وتنتشر في المملكة العربية السعودية على السفوح العليا وقمم جبال السراة وعسير 1500 - 3000م فوق سطح البحر، حيث الرطوبة النسبية العالية والضباب الكثيف الذي يستمر لعدة أشهر أحيانًا. وفيما يخص منطقة مكة المكرمة فينتشر على جبال الهدا وجبال الشفا بالطائف، ومرتفعات بني مالك وميسان بلحارث وثقيف 100كم إلى الجنوب من مدينة الطائف.
ينمو النوع الثاني العرعر الفينيقي، (J. phoenicea) من هذه الأشجار في الجبل الأحمر، في جبال الهدا 10كم إلى الشمال الغربي من مدينة الطائف. ويعد حده الجنوبي في المملكة ضمن نطاق الغطاء النباتي لحوض البحر المتوسط.
أشجار وشجيرات هذا النوع وحيدة الجنس (ثنائية المسكن)، وتنمو الأشجار المذكرة مع تلك المؤنثة على السفوح نفسها، لكن دراسة حديثة على أحد تجمعاتها (ميسان بلحارث) بينت أن أكثرية الأشجار المؤنثة تنمو في الأجزاء السفلية من السفح، وتعلوها تلك المذكرة ، ولعل ذلك للمساعدة في نجاح عملية التلقيح. وتتكاثر هذه الأشجار بالبذور الصالحة التي يمكنها التحرر من المخاريط الكروية المدمجة، والإنبات في هذه الأشجار بالغ الصعوبة . تعمر هذه الشجرة لمئات السنين، لكن نموها بطيء، ومن متابعات حقلية لوحظ أن أفرادًا منها ومع توافر التربة المناسبة سمكًا ورطوبةً لم تصل لأكثر من مترين في عشرين سنة، وتشكل هذه الشجرة العمود الفقري للغابات التي تكسو السفوح العالية وقمم جبال السراة وعسير، كما تمثل تجمعاتها الغابة الصنوبرية بمنطقة مكة المكرمة، وهذا يكسبها أهمية سياحية وبيئية كبيرة جدًا، فتجمعاتها على منظومة الشفيان إلى الشمال الغربي والجنوب الغربي من مدينة الطائف تكثف كميات كبيرة من المياه التي تعلق بأغصانها عندما يتخللها الضباب والسحب المنخفضة، تفوق في كثير من الأحيان تلك التي تكتسبها التربة عن طريق الأمطار، وعليه تكتسب الأراضي التي في أكناف هذه الأشجار والقريبة منها خضرة رائعة الجمال ترصع في الغالب بأزاهير ذات ألوان شتى، كما يسهم هذا التكثيف في وفرة المياه الجوفية، وتمد الينابيع بمائها الرقراق. ولهذه الشجرة أهمية اقتصادية كبيرة، فمنذ القدم وأخشابها تستغل في أعمال البناء، وصناعة الأثاث، كما استخدمها القدماء في طي الآبار التقليدية لصلابة هذه الأخشاب ومقاومتها العجيبة للآفات والمياه، ولثمارها العطرية أهمية صحية وغذائية، إذ تدخل في صناعة الدواء ولها نكهة طبيعية تدخل في بعض أنواع الأغذية
تشكل غابات العرعر في الوقت الحاضر غطاءً خضريًا لمساحات لا بأس بها من أعالي سفوح وقمم القطاع الجنوبي الغربي من جبال منطقة مكة المكرمة في الوقت الحاضر، لكن المؤسف أن هذه الغابات تتعرض حاليًا للموت التراجعي (الموت القمي)، ولم يتمكن العلماء والباحثون من حل هذه المعضلة حتى الآن، كما أن الزحف العمراني وشبكات الطرق المتزايدين يشكلان تهديدًا حقيقيًا لهذه الغابات.
- العوسج (Lycium shawii) من الفصيلة الباذنجانية (Solanaceae):
العوسج واحد من 23 نوعًا نباتيًا من هذه العائلة تزدهر بالمملكة العربية السعودية، وهي شجيرة كثيفة
ومتشابكة الأفرع والأوراق ويصل ارتفاعها إلى متر ونصف المتر وأحيانًا يصل إلى ثلاثة أمتار، وهي تبدو في العادة أقصر من ذلك بسبب تعرضها للرعي الجائر من قبل الجمال والماعز، أما أوراقها فهي بيضاوية تتوزع على الأفرع في مجموعات لكل منها ثلاث ورقات، أزهارها كأسية الشكل، ولونها أزرق فاقع، وأحيانًا يشوبه لون بنفسجي. شجيرة العوسج لها مظهر رائع يزينه انتثار هذه الأزهار على أرجائها، ويزيدها روعة ثمار العوسج الحمراء التي تتوزع على المظهر المخملي الأخضر لهذه الشجيرة وكأنها حبات ياقوت لامعة البريق.
والعوسج شجيرة واسعة الانتشار في بيئات منخفضة ومتوسطة الارتفاع من الجزيرة العربية وجزيرة سوقطرة، وتنتشر على سفوح أقدام جبال السراة والحجاز، وتشكل تجمعات جميلة في أرجاء هذه السفوح حيث تكون التربة حصوية وطميية. كما تنتشر كلما سنحت لها الفرصة حيث تكون التربة الطميية الرملية، وتشكل أحيانًا مجتمعات تمتد لعدة كيلومترات، كتلك الموجودة في محازة الصيد بالقرب من الطائف بمنطقة مكة المكرمة.
تتكاثر هذه الشجيرة بالبذور التي تكون في داخل الثمرة، والتي تساعد على انتشار هذا النبات، لكونها حلوة المذاق فتقبل عليها الطيور والسحالي وقطعان الماشية، ومن ثم تصبح البذور جاهزة للإنبات بعد مرورها بالقناة الهضمية لهذه الكائنات. ينمو هذا النبات بشكل سريع نسبيًا بالمقارنة مع النباتات البرية التي تصاحبه في بيئته. وعلى الرغم من أنها شجيرة فتذكر بعض المراجع أنها تصل عند اكتمال نموها إلى 3م ارتفاعًا
تكتسب هذه الشجيرة عدة أهميات، فهي مهمة بيئيًا، إذ تشكل غطاءً نباتيًا أخضر يغطي مساحات شاسعة من الأرض عادة تكون مفتوحة للرياح والأعاصير، وبالتالي فهي تحمي التربة من الانجراف، وتشكل بيئة وغذاءً وملاذًا آمنًا للكثير من الكائنات الحية مثل الغزال والمها والحبارى. كما أنها تشكل رافدًا مهمًا من روافد المرعى لقطعان الماشية، مثل الجمال، الأبقار، الماعز، والأغنام، وهذه أهمية اقتصادية، إلى جانب كون أزهارها مصدرًا للرحيق وحبوب اللقاح التي يقبل عليها نحل العسل. ونظرًا لقوة وتشابك أفرع هذه الشجيرة فهي مناسبة في بناء البيوت التقليدية، كما أن ثمارها (المصع) تعد فاكهة برية يقبل عليها كثير من محبي الحياة البرية. وقد أورد بعض الباحثين أن نساء العرب يتخذن من أغصان هذه الشجيرة مغازل للصوف، لمرونتها وتحملها، كما أن أعواده الجافة تستعمل وقودًا قليل الدخان، وطاردًا لعدد من الحشرات. ومما تقدم في وصف هذه الشجيرة، نستنتج أنها صالحة لكي تستأنس كنبات للزينة، وهي سياج فعال للمزارع والحدائق، ومصدر ممتاز للرياح السطحية الحاملة للرمال والأتربة. كما يذكر السكان المحليون أن تناول ثمارها الناضجة يعمل على تسكين آلام المعدة، ويحسّن قوة الإبصار، وأن منقوع الأجزاء الخضرية من هذه النبتة يدر البول، ويقاوم الإسهال ويقوي عموم الجسم.
- الكلخ (Ferula communis) من العائلة الخيمية (Umbelliferae): نبات الكلخ
عشب معمر عملاق، ساقه ملساء مع تعرق طولي سمكه عند القاعدة 3سم فأكثر، يراوح ارتفاعه بين 3 و 5م. أوراقه ريشية مثلثة تشبه أوراق البقدونس لكنها كبيرة جدًا، وعدد الريشات من 4 - 6، أغماد الأوراق منبسطة جلدية ملتفة بالساق يتوج كل طرف من أطراف هذا العشب بخيمة جميلة من الأزهار الصفراء ، وثميرات هذا النبات إهليلجية الشكل ومجنحة.
ويعد الموطن الأصلي لجنس هذا النبات أواسط آسيا، وانتشر إلى منغوليا ثم إيران وأفغانستان ، وله تجمعات في أنحاء متفرقة من القطاع الغربي للمملكة، أما في منطقة مكة المكرمة فيوجد في تجمعات على سفوح جبال بني سعد على مسافة 45كم جنوبي الطائف، في تربة حصوية طميية.
يتكاثر ببذوره المجنحة التي تحملها الرياح، فتراه منتشرًا على السفوح حتى أن المكان يعرف به، لكنه يتكاثر خضريًا بعد ذلك بوساطة الريزومات، وعند نضوج الثمار يجف المجموع الخضري، وتبقى الريزومات كامنة استعدادًا للموسم القادم، لكنها لا تعطي مجموعًا خضريًا إلا إذا كانت كمية المطر كافية، وجذره وتدي يتعمق في التربة نحو 40سم، وبه كمية كبيرة من الجذور العرضية.
ليس لهذا النبات أهمية رعوية بالنسبة إلى حيوانات المراعي، بل إن الحملان الصغيرة إذا تغذت عليه تموت لشدة سميته لكن أهميته البيئية، وتثبيته للتربة على السفوح التي ينمو عليها والبيئات الحصوية لا تخفى على الباحثين، فقد وجد أحدهم "أن هذا النبات بمجموعه الجذري المتطور وريزوماته المتشحمة يعمل على تثبيت التربة على السفوح التي ينمو عليها في بني سعد، كما وجد آخرون أن بعض الكائنات البرية تتغذى عليه . وله أهمية طبية، إذ وجد العلماء أن مستخلص جذوره يحتوي على مادة مضادة للبكتيريا الموجبة لصبغة جرام
- اللوز (Amygdalus communis or Prunus amygdalus) من العائلة الوردية (Rosaceae):
هو نبات منـزرع لكنه يعيش في الحياة البرية في منطقة مكة المكرمة وبقية الأجزاء من المرتفعات الجنوبية الغربية في المملكة العربية السعودية، ويعد من النباتات الاقتصادية المهمة.
وهو شجرة معمرة يصل ارتفاعها في منطقة مكة المكرمة والباحة وعسير إلى عشرة أمتار، وتكون تاجًا عظيمًا مع تقادم الزمن، ومع تقدم الشجرة في العمر يكسى الجذع والفروع الكبيرة بقلف متعدد الطبقات يميل لونه إلى الأسود، وهو كثير التشققات، أما الأغصان الحديثة فلونها أخضر. وتتميز الأوراق بلون أخضر زاهٍ يصبغ وجهها العلوي بينما يغلب اللون الفضي على وجهها السفلي، وهي رمحية الشكل ذات أذينات، وسر لمعانها عند سطوع النور عليها يعود لوجود مادة شمعية تغطي وجهيها. وأشجار اللوز وحيدة الجنس، وأزهارها كثيفة بيضاء مشربة بالقليل من اللون الوردي، والتي تنبثق في فصل الربيع في كتل وتجمعات بهيجة، بعد ذلك تنتثر بتلات هذه الأزهار على الأرض، وكأنها ثلج حديث السقوط، لا تلبث بعد ذلك حتى تبرز ثمار اللوز وهي حسلية جافة قاسية ولونها يميل إلى اللون الأصفر الشاحب عند النضج، لكنها طرية عندما تكون خضراء اللون، بذرتها حقيقية وتتخذ شكل الثمرة، وهي الجزء المأكول، وهذه البذور تكون حلوة في أصناف من اللوز ومرة في أخرى.
وينتشر اللوز في المناطق ذات المناخ تحت الاستوائي المتميز بالطبيعة القارية الانتقالية الدافئة نسبيًا التي تزدهر فيها زراعة العنب والخوخ والمشمش، كما تفترض بعض المراجع أن المواطن الأصلية للوز هي الأجزاء الغربية المعتدلة من الهند وإيران، ومنها انتقلت إلى شمال إفريقية واليونان إبان عصور ما قبل التاريخ، ثم انتشرت زراعته في بريطانيا سنة 1008هـ / 1600م، لكن المراجع نفسها ذكرت أن زراعة اللوز كانت قائمة في فلسطين نحو 1707 ق.م . وتعد بلاد الشام وبقية مناطق حوض البحر المتوسط من أشهر البلدان باللوز، ويزرع في غرب الصين وأفغانستان والأجزاء الجنوبية من الجمهوريات الإسلامية المحاذية للصين وروسيا، كما تعد الولايات المتحدة من الدول الرائدة في هذا المجال. أما في المملكة العربية السعودية فتعيش أشجار اللوز حياة شبه برية، معتمدة على المطر فقط في الأجزاء المرتفعة من منطقة مكة المكرمة وبقية المرتفعات الجنوبية الغربية، وينمو في قمم جبل اللوز بمنطقة تبوك.
ويتكاثر اللوز بالبذور، وهو سريع النمو نسبيًا في السنتين الأوليين من عمره، وتعتمد سرعة نموه على كميات المياه المتوافرة، فنموه لا يتعدى بضعة سنتيمترات في السنة عندما يعيش في صورة برية، وتحت ظروف من الجفاف، بينما يزيد ارتفاعه في السنة الواحدة على المتر عندما يكون الماء متوافرًا. كما أن لهذا النبات القدرة على التكاثر الخضري من خلال الأجزاء المكشوفة من جذوره، وتتضح هذه الظاهرة بجلاء في المدرجات الزراعية الشائعة الانتشار في المناطق المرتفعة من منطقة مكة المكرمة والمناطق الجنوبية الغربية من المملكة، إذ تكون شجرة اللوز في المدرج الزراعي، وعند بروز جزء من جذور هذه الشجرة في المدرج الذي دونه نجد أن مجموعًا خضريًا قد برز من هذه الجذور، لا يلبث حتى ينشىء شجرة جديدة. وعلى الرغم من أن هذا النبات يتكاثر بالبذور إلا أن عملية نقله من مشتله الابتدائي وزراعته بشكل منفرد تجعل منه نباتًا جيد الإنتاج.
ويعمر اللوز لفترات تصل إلى ثمانين سنة في حالة حياته شبه البرية، ويتحمل هذا النبات المنـزرع أصلاً فترات الجفاف التي تمر بها السفوح الجنوبية الغربية من المملكة بشكل لافت للنظر.
ويوجد من هذه الشجرة أشجار تنتج ثمارًا حلوة المذاق (اللوز الحلو) وأخرى ذات ثمار مرة (اللوز المر)، لكن ظاهرة غريبة ولأسباب غير معروفة تمامًا تحدث أحيانًا لثمار اللوز الحلو فتتحول بعد سنين من الإنتاج إلى ثمار مرة.
تكمن أهمية هذا النبات في جماله بوصفه شجرة تكتسي بحلل من البياض والخضرة في فصلي الربيع والصيف، ولصبره على التربة الضحلة على سفوح الجبال، فهو يشكل غطاءً شجريًا ممتازًا ومثمرًا لهذه السفوح، مما يحفظ تربتها من الانجراف، وبما أنه نبات متساقط الأوراق فهو يضيف للتربة مادة عضوية متجددة كل عام، ولصلابة جذوعه المعمرة وقوة تحملها، فيمكن استغلال هذه الأخشاب لأغراض البناء وأدوات الزراعة والأثاث. واللوز المر يعرفه الطبيب من خلال الأدوية التي يدخل في تركيبها ومن حيث أمراض الجهاز الهضمي التي يوصف لها لتخفيفها وشفائها، وكذلك أمراض البشرة ونقص الطاقة والمناعة. ويعد اللوز الحلو العمود الفقري لحفلات الشاي كما يضاف للأكل المطبوخ وأنواع الحلويات بمنطقة مكة المكرمة، وتقديمه للضيف بسخاء من أهم دلالة العناية به من قبل المضيف، ومن عظيم اهتمام المواطنين الأصليين في منابت اللوز أنهم يفردون خزائن خاصة محكمة الإغلاق يخزنون فيها اللوز الحلو وزبيب العنب والأنواع الخاصة من التمر وجميعها محلية الإنتاج ولا تفتح إلا للضيف إذا حل. كما أن اللوز بنوعيه الحلو والمر كان إلى عهد قريب يستخدم في المقايضة بسلع أخرى لأهميته وارتفاع قيمته.
ويدخل اللوز وزيته في صناعة الأغذية والحلوى، كما أن اللوز المر يدخل في صناعة أنواع خاصة من الحلوى، واللوز الحلو معروف بقيمته الغذائية العالية ومحتواه العالي من الفيتامينات، ولذلك فهو غذاء نافع للناقهين وللمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، ويعد غذاءً رائعًا للأطفال، إذ يمدهم بالطاقة والمناعة في الوقت نفسه. ومن حيث الجودة فالمتعارف بين الناس أن ثمار أشجار اللوز التي تعيش حياة شبه برية، دون محسنات زراعية أو مبيدات من أي نوع، ودون ري من قبل الإنسان تعد أجود الثمار، فهي طبيعية 100%.
- المرخ (Leptadenia pyrotechnica) من العائلة العشارية (Asclepiadaceae):
شجيرة كثيفة النمو وسيقانها متعددة وخضراء اللون في مجملها، عديمة الأوراق، يصل ارتفاعها إلى خمسة أمتار ومتوسط ارتفاعها متران . كتل أزهارها البيضاء المخضرة زكية الرائحة ترصع الأغصان الخضراء بشكل تبادلي على طول أجزائها العلوية في فصل الربيع، ولا تلبث أن تنعقد عنها ثمار شبيهة بالثمار القرنية تحوي بداخلها البذور.
ينتشر هذا النبات في أودية المناطق شبه المدارية الحارة، وينتشر في معظم أجزاء المملكة العربية السعودية، بما فيها منطقة مكة المكرمة ، وتربته المفضلة الرملية، وإلى جانب تحمله للجفاف فهو يتحمل الملوحة.
يتكاثر هذا النبات بالبذور التي تكون في الغالب متوافرة وجيدة نتيجة لإقبال الحشرات على أزهار هذا النبات لرائحتها الزكية، فتزيد من فرص نجاح عملية التلقيح، ومن ثم نجاح عقد الثمار وبداخلها البذور، لكن تكاثره بالعقل ممكن، إذ تؤخذ الأغصان ذات السنة والسنتين من العمر وتزرع في تربة مناسبة في بداية الربيع في ظروف البيوت المحمية. وتعود القدرة الفائقة لهذا النبات على تحمل الجفاف إلى كون حجم مجموعه الجذري يساوي أكثر من حجم مجموعه الخضري، فهو يضرب في الأرض بشكل أفقي ورأسي بكثافة عالية، ويمتد لمسافات بعيدة عن أصله، مما يتيح له امتصاص أكبر قدر ممكن من المياه بعد هطلان المطر، ويكون لديه احتياطي مائي يكفيه 4 سنوات إذا لم تمطر السماء، كما يمتاز بقدرة عالية على حفظ الماء في أنسجته طوال فترات الجفاف، وتعمر شجيرة المرخ لعشرات السنين.
ويؤهله طابع النمو الذي يتميز به - وعلى رأس ذلك مرونة سيقانه وقوتها وكثافة جذوره وأغصانه وقوتها - ليصمد أمام أعتى السيول وأعنف العواصف، وبالتالي يحمي تربة الأودية التي يعيش فيها من الانجراف، بل يساعد على تجميع المزيد من التربة حول أصوله وخلال تجمعاته. كما أن كثافة أغصانه تجعله مسكنًا مثاليًا للكثير من أشكال الحياة البرية، وفي مقدمتها الطيور، والقوارض مثل الأرانب، وعدد من أنواع السحالي. وهو باختصار يكون نظامًا حياتيًا يدور فلكه حول هذا النبات. وتقبل عليه أسراب نحل العسل رغبة في ارتشاف رحيق أزهاره الزكية الرائحة، كما تقبل عليه قطعان الإبل والماعز لتتغذى على أغصانه الغضة. ويعد نباتًا مثاليًا لصد الرمال والرياح حول المزارع والمدن والمنشآت الزراعية والصناعية، وهو سياج ممتازًا حول الحدائق، ويؤهله شكله العام وعدم حاجته لصيانة كبيرة ليكون ضمن أشجار الحدائق العامة، ويستعمل السكان المحليون أزهار هذا النبات وبذوره لعلاج نـزلات البرد ونوبات السعال.
تدخل أغصانه الخضراء في تطييب اللحم المطهو بطريقة الحنيذ، فيكسب اللحم أثناء نضجه نكهة مميزة، كما أن أعواده الجافة تعد وقودًا جيدًا لسكان البادية وهواة الرحلات، كما يدخل في عمل بارود البنادق. وعرف عبر التاريخ بشجرة النار، لأن الإنسان البدائي كان يحك غصنين جافين صلبين منه ببعضهما في وجود كومة من القش وأغصانه الصغيرة الجافة فتشتعل النار.
- الشّث (Dodonaea angustifolia) من العائلة الصابونية (Sapindaceae):
نبات شجيري متعدد السيقان، يصل ارتفاعه أحيانًا إلى ثلاثة أمتار عندما يكون متقدمًا في العمر، والشث كثيف الأوراق، وأوراقه رمحية وخضرتها ناصعة اللون لامعة لغزارة المواد الشمعية التي تغطيها. كتل الأزهار الوردية المشربة بالبياض تتوزع على أطراف الأغصان بشكل جذاب، كما أن لها رائحة عطرية بسيطة، وعلى السفح نفسه تتجاور الشجيرات المؤنثة مع تلك المذكرة، أي أن هذه الشجيرة وحيدة الجنس، وينتج عن الأزهار المؤنثة ثمار مجنحة تحمل في مركزها بذورًا سوداء كروية قطرها يقارب الملليمتر. ينتج عن هذه الشجيرة عند تحريكها أو مداعبة الرياح لأغصانها زيوت طيارة ذات رائحة مميزة، تحمل في طياتها عبق الطبيعة الجميل. وينتشر هذا النبات في معظم أنحاء العالم الحارة والدافئة والباردة نسبيًا، فنجده يستوطن المناطق الصخرية متوسطة الارتفاع في قارة أستراليا ونيوزيلاندا والهند والباكستان، كما ينتشر في أجزاء من اليابان، وسجل ضمن الغطاء النباتي في جزر الهاواي، كما ينتشر في قارة إفريقية وعلى الأخص الجزء الغربي منها ، ونجده أيضًا في مجمل أجزاء شبه الجزيرة العربية وبالذات تلك التي يزيد ارتفاعها على 1700م فوق سطح البحر ، وقد تمت دراسة بيئة هذا النبات بالتفصيل في المرتفعات الجنوبية الغربية من المملكة . وينتشر الشث بشكل ملحوظ بمنطقة مكة المكرمة على سفوح جبال بني مالك وغيرها، (الحد الجنوبي الغربي المرتفع من هذه المنطقة).
ويتكاثر هذا النبات بالبذور في مواطنه الأصلية، وتجذب رائحة أزهاره العطرية الحشرات لتحصل على حبوب اللقاح وبالتالي تنجح عملية التلقيح. تنتشر شجيرات هذا النبات على السفوح بشكل كثيف أحيانًا، ومع الزمن يستعمر السفح بشكل كلي، لأنه ينتج كميات كبيرة من البذور، وهي ثقيلة الوزن نسبيًا، فلا تحملها الرياح بعيدًا عند تحررها من ثمرتها المجنحة، ويعمل الماء المنساب على السفح على نقلها وتوزيعها. ويعرف عن هذا النبات أنه يعمر لعشرات السنين، وبعد أن تشيخ وتجف السيقان القديمة يحل محلها سيقان حديثة.
ويشكل هذا النبات عاملاً مهمًا في استقرار التربة على السفوح التي ينتشر عليها، كما يسهم كغيره من النباتات البرية في الثراء والتنوع الحيوي، فعلى سبيل المثال تحتضن شجيرات الشث بيض الكثير من الطيور وصغارها وبين أفرعها الكثيفة وتحتها، ومن أشهر هذه الطيور طائر الحجل العربي، واليمام. كما تعد تجمعات شجيرة الشث من مراتع الأرانب البرية والوبر، وتشكل بيئة مناسبة لعدد من المفترسات، كالضبع، والذئب العربي الجبلي، والثعلب، وأشكال من الثعابين، والكوبرا العربية، ولا تقتصر أهمية هذا النبات على ذلك بل تتعداها إلى أن الإنسان استأنس هذا النبات لجماله وكثافته وسرعة نموه ولقابليته للتشكيل، فجعل منه نباتًا للزينة ونبات حواجز في الحدائق العامة والخاصة وفي الشوارع.
استعمل السكان المحليون هذا النبات في حياتهم اليومية منذ القدم، إذ استخدم في دباغة الجلود، ولوجود المواد الصابونية في أوراقه بشكل كبير فقد كانوا يستخدمون أوراقه الغضة والمهروسة مادة منظفة وقابضة للجروح والحروق، ومطهرة لها، كما استخدموه في علاج بعض الأمراض الجلدية، وأمراض اللثة، كما يعرف عن ضمادات الأوراق المهروسة أنها تقاوم النقرس والروماتزم، وتستخدم الأوراق بشكل محدود في حالة الإسهال، ولها مفعول منشط للجسم، كما تستخدم سيقانه في تجبير الجروح وذلك لصلابتها مع مرونتها، وفي صناعة مقابض الأدوات الزراعية التقليدية وأجزائها ولصنع الأثاث، فهي زيادة على صلابتها ومرونتها تقاوم الآفات، ويستاك بأغصانها الغضة لأثرها الجيد على اللثة والأسنان.
- النّيم (Azadirachta indica) من فصيلة الزنـزلخت (Meliaceae):
النيم شجرة كبيرة الحجم، قائمة، والأصل في أوراقها أنها متساقطة، ويصل ارتفاعها إلى خمسة عشر مترًا، كما يصل جذعها إلى أحجام كبيرة، وفروعها كبيرة، وخصوصًا في أجزائها القريبة من الجذع، وتمتد طولاً وعرضًا لمسافات كبيرة مكونة تاجًا عظيمًا، وتمتاز بخضرتها البهيجة والمركزة في الوقت نفسه، وهي ذات ظل وارف، أوراقها مركبة وريشية المظهر، يصل طولها إلى 30سم، ووريقاتها مسننة، والتعرق فيها شبكي ريشي، وأزهارها البيضاء ثنائية الجنس عطرة الرائحة تتوضع في كتل جميلة على أطراف الأغصان التي تظهر في أشهر (مارس، وإبريل، ومايو) فتشكل نورات عنقودية مركبة، وثمارها حسلية صلبة، ومحاطة من الخارج بغلاف جلدي متشحم يصبح أصفر لامعًا عند النضج، وتحوي الثمرة من بذرة واحدة إلى أربع بذور.
يعتقد أن الموطن الأصلي لهذا النبات هو الهند، ويشكل غابات في منطقة (بقنر)، إذ تراوح درجة الحرارة بين 10° و 30°م، وفي المناطق متوسطة الارتفاع شمالي الهند حيث تنحصر درجات الحرارة بين 10° و 25°م، وهذه المناطق تشابه في معدل درجة حرارتها تلك السائدة في المرتفعات الجنوبية الغربية من المملكة العربية السعودية. وتنتشر زراعة أشجار النيم بشكل لافت للنظر في منطقة مكة المكرمة، وعلى الأخص في الأجزاء الحارة الرطبة من هذه المنطقة، كما أنها تزرع على نطاق أقل في مختلف مناطق المملكة.
تتكاثر أشجار النيم بالبذور، وهي عادة سريعة الإنبات، وليس لها فترة كمون، لكنها تبقى جيدة الإنبات مدة سنة من تخزينها. تزرع البذور في المشاتل، وعندما يصل عمر الشتلة سنتين تنقل إلى مكانها الدائم، وهي سريعة النمو عند توافر الظروف المناسبة، وفي الأجزاء الحارة الرطبة من منطقة مكة المكرمة، ودائمة الخضرة في هذه الأجزاء، وتعطي الثمار طوال السنة، لأنها تعيش في صيف دائم، كما أنها وارفة الظلال لكثافة تاجها وكبره، وبخاصة في الأجزاء الحارة من منطقة مكة المكرمة، ولقد أهلتها تلك الصفات لتكون شجرة الظل المختارة في المشاعر المقدسة، إذ شكلت منها غابة تكسو صعيد عرفة الطاهر، حيث ينعم حجاج بيت الله بظلالها حين وقوفهم يوم عرفة. ولأشجار النيم فوائد اقتصادية وطبية جمة، وللأهمية البالغة لهذه الشجرة فقد خصص لها مؤتمر علمي باسمها يعقده المختصون على مستوى العالم كل سنة. ولا يزال العلم يأتي بجديد عن فوائد هذه الشجرة كل عام. وعلى سبيل المثال وليس الحصر يمكن سرد بعض الفوائد الاقتصادية والطبية لهذه الشجرة، فمثلاً وجد أن رش النباتات بمستخلص أوراق النيم يقيها من الإصابة بالحشرات؛ لوجود مادة طاردة للحشرات الضارة، وتستخرج منها مواد تدخل في صناعة معاجين الأسنان والصابون، ويدخل قلف الجذع والأفرع في دباغة الجلود، واستخدم مستخلصه في الطب الشعبي علاجًا للحمى والتهاب الحلق والرشح، وبعض أمراض الجلد، كما يستخلص من القلف والثمار والأوراق دواء مقوٍّ للجسم عقب الإصابة بالحمى، أما ثمار النيم فتستخدم لطرد ديدان الأمعاء، ومادة مسهلة . ويستخدم الهنود مستخلص الأوراق لتنظيم النسل، إذ لا تحمل المرأة من الرجل الذي يعطى هذا المستخلص حتى يترك تناوله، لتأثيره المثبط لتكوّن الحيوانات المنوية.