أهم الخصائص الجيولوجية لمنطقة المدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
أهم الخصائص الجيولوجية لمنطقة المدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

أهم الخصائص الجيولوجية لمنطقة المدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 

الصخور المتطبقة

 
تشتمل الصخور المتطبقة في منطقة المدينة المنورة على المجموعات الصخرية المتطبقة الثلاث التي تشغل مناطق الدرع العربي، إلا أن سعة انتشار هذه المجموعات تتباين بين موقع وآخر داخل منطقة المدينة المنورة. ولعل أكثرها انتشارًا مجموعة الصخور المتطبقة الوسطى، تليها مجموعة الصخور المتطبقة العليا، في حين لا تشغل مجموعة الصخور المتطبقة السفلى سوى مساحات ضئيلة موزعة في أنحاء المنطقة.
 

الصخور الاندفاعية الباطنية

 
قسمت الصخور الاندفاعية الباطنية في الدرع العربي إلى ثلاث مجموعات زمنية متتالية استنادًا إلى حالات اختراقها لمجموعات الصخور المتطبقة، فهناك اندفاعات باطنية سفلى قديمة حدثت قبل حركة بناء الجبال، وأخرى باطنية وسطى تزامنت مع الحركة، واندفاعات باطنية عليا حدثت بعد حركة بناء الجبال. وقد حددت أعمار هذه الصخور الاندفاعية في بداية الأمر بناء على مستوى اختراقها للصخور المتطبقة، إذ صنفت الاندفاعات القديمة على أساس أنها تخترق مجموعات الصخور المتطبقة السفلى دون أن تصل إلى الوسطى، ومن ثم فهي أحدث من الصخور المتطبقة السفلى، إلا أنها أقدم من الصخور المتطبقة الوسطى، وهكذا في بقية الصخور الاندفاعية، وقد أيد هذه العلاقة الزمنية الحقلية ما جاءت به الطرق الإشعاعية الحديثة لتقدير أعمار الصخور الاندفاعية التي أشارت إلى أن عمر الصخور الاندفاعية القديمة يزيد على 700 مليون سنة، في حين يراوح عمر الصخور الاندفاعية الوسطى بين 700 و 620 مليون سنة، أما عمر الصخور الاندفاعية الحديثة فيراوح بين 620 و 550 مليون سنة  . 
 

أحزمة صخور تكوين الأفيوليت

 
تتوزع هذه الأحزمة في ثلاثة مواقع داخل منطقة المدينة المنورة، وهي: حزام جبل الوسق - جبل أس، وحزام جبل ذروة - بئر عمق، وبئر عرجا الذي يعد جزءًا من حزام حمضة - طلوحة. وعلى الرغم من إطلاق تسمية حزام عليها، إلا أنها نادرًا ما تستمر من دون انقطاع ولا سيما أنها تمتد موازية لامتداد المجموعات الصخرية المتطبقة ومحاور الطي والصدوع الرئيسة. كما تختلف أبعاد هذه الأحزمة ومساحاتها بين موقع وآخر، وتعرضت للتشوه عدة مرات، وتحولت إلى سحنات الأمفيبوليت أو الشيست الأخضر. وللعلاقة التكتونية التي تربط بين هذه الأحزمة ومجموعات الصخور المجاورة لها، فقد كثرت عمليات تحول السربنتينيت إلى كربونات تشبه الكربونات الرسوبية، كما تأثرت هذه الصخور جميعها بنظام صدوع نجد الذي قطع وأزاح عددًا منها إزاحات جانبية.
 

مجموعات الصخور الرسوبية 

 
تغطي مجموعات الصخور الرسوبية عددًا من مواقع منطقة المدينة المنورة، وتتنوع هذه المجموعات الصخرية بين صخور رسوبية تنتمي إلى الزمن الجيولوجي الأول، وأخرى إلى الزمنين الثالث والرابع، ومن أهم هذه المجموعات الصخرية انتشارًا تلك العائدة للزمن الأول والمتمثلة في صخور الحجر الرملي لتكوين ساق، وصخور الحجر الرملي المشابهة له مثل تكوين القويرة ورم وأم سهم. أما المجموعات الصخرية الثلاثية والرباعية، فيمثلها تكوين الرغامة وبعض الدلتاوات المروحية الحصوية، إضافة إلى صخور الشعاب المرجانية والكثبان الرملية ورواسب الأودية، ويمكن تحديد مجموعات الصخور الرسوبية حسب العصور على النحو الآتي:
 
أ - الصخور الرسوبية للزمن الجيولوجي الأول:
 
تتألف هذه الصخور من ثلاثة تكوينات، وهي من الأقدم إلى الأحدث: تكوين ساق ووحدات القويرة ورم وأم سهم. استمد التكوين الأول اسمه من جبل ساق بمنطقة القصيم  .  وحسب الدراسات التي تمت على هذه الصخور، فقد وصل سمك قطاعها مجتمعة 850م  ،  إلا أن بنية القاعدة التي ترتكز عليها هذه الصخور، وهي صخور الدرع العربي المختلفة الميل قد أدت إلى اختلافات كبيرة في سمك قطاعها الجيولوجي، ويشاهد أعظم سمك لهذه التكوينات في شمال غرب منطقة المدينة المنورة ومنطقة تبوك المجاورة لها.
 
ب - الصخور الرسوبية للزمنين الجيولوجيين الثالث والرابع:
 
تغطي الصخور الرسوبية العائدة للزمنين الثالث والرابع مساحات شاسعة، وبخاصة الأمكنة الساحلية التي تمتد شمال مدينة ينبع البحر وجنوبها.
 

الصخور البركانية الثلاثية والحديثة

 
تغطي منطقة المدينة المنورة غطاءات من الصخور البازلتية التي تكونت خلال الفترة الزمنية الممتدة من الزمن الثالث الجيولوجي حتى العصور التاريخية، وتشمل معظم الأقسام الوسطى والشمالية لحرة رهاط وحرة خيبر، واثنين، والكراء، وكرماء، إضافة إلى حرة إشارة، ويمكن الإشارة إلى أبرز الصخور البركانية الثلاثية الحديثة في منطقة المدينة المنورة على النحو الآتي:
 
أ - صخور بازلت حرة رهاط:
 
تضم منطقة المدينة المنورة الأجزاء الوسطى والشمالية لحرة رهاط، ويتكون البازلت في المنطقة من ثلاث مجموعات، وهي من الأقدم إلى الأحدث: بازلت شواحط، وبازلت حمة، وبازلت المدينة. وقد انبثقت المجموعات البازلتية لحرة رهاط عن النطاق البركاني: مكة - المدينة - النفود الذي يصل طوله إلى 600كم، ويرتبط بتشققات أرضية نجم عنها سلسلة صهيرية من البازلت الأوليفيني الانتقالي والبازلت الأوليفيني القلوي وهاوييت.
 
أما بازلت حمة فيغطي أجزاءً من بازلت شواحط بشكل غير متوافق، ويتألف من بازلت أوليفيني قلوي وهاوييت، وتشغل معظم الأجزاء المركزية من الحرة ولا ينكشف بازلت حمة شمال دائرة عرض 05 َ 24 ْ إلا في بقع صغيرة مرتفعة شكلتها براكين درعية، وهو ما يشير إلى امتداد بازلت حمة شمالاً تحت بازلت المدينة الأحدث.
 
ويعلو بازلت المدينة بشكل غير متوافق بازلت حمة ويشغل الأمكنة المركزية للحرة، كما تزداد المساحات التي يغطيها في اتجاه المدينة المنورة، فيتألف من سبع وحدات تدفقت منذ بداية البلايستوسين، وتتألف من بازلت أوليفيني قلوي مع هاوييت أو بازلت أوليفيني انتقالي مع هاوييت، وقد تدفقت الوحدات جميعها تقريبًا من مركز الحرة في اتجاه الأطراف، وتزداد حداثة هذه التدفقات مع النهاية الشمالية للحرة إلى الشرق والجنوب الشرقي للمدينة المنورة، إذ تدفقت آخر الثورات البركانية خلال فترتين تاريخيتين؛ الأولى عام 20هـ / 641م والثانية عام 654هـ / 1256م. وتتباين درجات النحت والتعرية التي تعرضت لها وحدات البازلت بحسب قدمها، إلا أن التدفقات الأربع الأخيرة لم تتعرض لتعرية تذكر، ويصل السمك الإجمالي لبازلت حرة رهاط 300م  . 
 
ب - صخور بازلت حرتي خيبر والكرى: 
 
تعد حرة خيبر الواقعة شمال المدينة المنورة امتدادًا للنطاق البركاني: مكة - المدينة - النفود، وتتشابه مكوناته من البازلت بدرجة كبيرة، على العكس من بازلت حرة الكرى الذي يشبه بازلت حرة كشب أيضًا والواقعة إلى الشرق من الخط المذكور، ويتكونان من سلسلة صهيرية غير مشبعة تتمايز إلى الفونولايت.
 
ج - صخور بازلت حرتي إشارة وكرماء:
 
تقع حرة إشارة شمال غرب المدينة المنورة على الجانب الأيسر لوادي الحمض، وقد قطعت بشدة بروافد الوادي المذكور، وتتكون من تدفقات لابية ومخاريط خبثية وقواطع من بازلت أوليفيني انتقالي وقلوي، إضافة إلى هاوييت.
 
أما حرة كرماء فتقع بين حرتي خيبر في الشمال وحرة رهاط في الجنوب، إلى الشرق والشمال من المدينة المنورة، وتتكون من بقايا مقطعة بكل من مجاري الأودية كوادي الشعبة والصدوع، ويقترب آخر تدفق لبازلت المدينة منها بشكل كبير جدًا شرق مطار المدينة المنورة، ما أدى إلى حجز وتكوين سد الحبس. وتشير تقديرات الأعمار إلى أن بازلت حرة إشارة من أقدم صخور الحرات، ويصل بعضها إلى أكثر من 28 مليون سنة، وربما من عصر الأوليجوسين  .  في حين لا تزيد أعمار بازلت حرة كرماء على 11 مليون سنة كما هو الحال في جبل عير.
 
د - صخور بازلت حرة لُنَير: 
 
تقع حرة لنير إلى الشمال من مدينة ينبع البحر، إلى الشرق مباشرة من مدينة أملج، على ارتفاع يصل 1000م فوق مستوى سطح البحر، إلا أن تدفق البازلت قد وصل إلى البحر الأحمر شمال مدينة أملج، من جبل النبعة، إذ غطت في السهل الساحلي شمال ينبع مدرجات بحرية بليوسينية وبلايستوسينية، وقد قدر عمر البازلت بنحو 1.4 ± 0.6 مليون سنة  . 
 
هـ - صخور بازلت حرة كشب: 
 
يقع القسم الشمالي الغربي لحرة كشب ضمن منطقة المدينة المنورة، ويضم مساحة من بعض المجموعات الصخرية البازلتية في الحرة، وهي من الأقدم إلى الأحدث: بازلت ديكة، وبازلت حيل الأسفل وحيل الأعلى، ولا تظهر إطلاقًا مجموعة صخور نفرات التي تتوزع في جنوب حرة كشب وشرقها، وقد تدفقت المجموعات الصخرية للحرة من فوهات مركزية تقع وسط الحرة في منطقة مكة المكرمة، باستثناء مخروط جبل عسلج الذي يكاد يكون المخروط الوحيد داخل منطقة المدينة المنورة الذي ينتمي إلى بازلت حيل  . 
 

التراكيب الصدعية

 
يظهر من الخريطة الجيومورفولوجية لمنطقة المدينة المنورة أن هناك صدوعًا رئيسة، وأخرى ثانوية، إضافة إلى وجود نطاقات صدعية. ومن خلال النظر إليها يمكن تحديدها باتجاهين رئيسين وهما اتجاه الشمال الغربي واتجاه الشمال الشرقي، إضافة إلى وجود اتجاهات أخرى ثانوية. ويمكن تصنيفها بشكل عام إلى صدوع موازية للبحر الأحمر وأخرى متعامدة عليه، على النحو الآتي:
 
أ - الصدوع الموازية لساحل البحر الأحمر:
 
توافقت هذه الصدوع في عدد من الفترات الزمنية غالبًا مع أحداث جيولوجية، ولعل أهمها حركة الصفيحة العربية ومراحل تطور البحر الأحمر. وقد أمكن تقسيمها إلى صدوع تعود إلى عصر ما قبل الكامبري وصدوع حديثة ترجع للزمنين الجيولوجيين الثالث والرابع.
 
ب - الصدوع المتعامدة على ساحل البحر الأحمر:
 
تعد النطاقات الصدعية والصدوع الواقعة إلى شمال الشمال الشرقي من مدينة ينبع البحر من أبرز الصدوع المتعامدة على ساحل البحر الأحمر في منطقة المدينة المنورة. وأهم هذه النطاقات الصدعية نطاق وادي الفرعة الذي أدى إلى طي تكوينات الفرعة من مجموعة هدية على شكل مقعرات متتابعة في الاتجاه نفسه. أما أهم الصدوع فهي صدع وادي الطلحة وصدع وادي شمر وامتداداتهما شمالاً إلى جبل مرطبة شمال مدينة ينبع البحر، وقد حدثت في الصخور نفسها مجموعة هدية التي تنتمي إلى عصر ما قبل الكامبري. كما يعد صدع الريان المجاور للطرف الغربي لحرة رهاط، والممتد لأكثر من 40كم أحد الصدوع المتعامدة على البحر الأحمر على الرغم من انحرافه القليل نحو شمال الشمال الشرقي، إلا أنه بالتأكيد لا يرتبط بالصدوع التي أصابت الحرة المذكورة.
 
شارك المقالة:
724 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook