أهم المظاهر الحضارية في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
أهم المظاهر الحضارية في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية

أهم المظاهر الحضارية في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية.

 
أ - الديانة:
 
كشفت قراءة بعض النقوش الثمودية المكتشفة في حائل، عن أن قبائل البادية المعروفة اصطلاحًا بالثمودية كانت تعبد عددًا من الآلهة يتصدرها الإله رضو  ،  يليه الإله غمد  ،  وهناك عدد آخر من الآلهة الذين تظهر أسماؤهم ضمن أسماء الأعلام وعلى رأسهم الإله إل  ،  ثم الربة اللات  .  ويلاحظ ورود اسم الإله يثع أكثر من أربع مرات ضمن اسم وائل يثع   وهو الاسم الذي قرنه وينيت بيسوع المسيح الذي عده دلالة على انتشار العقيدة النصرانية بين عرب الجزيرة تحت هذا الاسم  ،  ولا سيما أن النصرانية انتشرت بعض الشيء في طَيِّئ وقد اعتنقها بعض منهم وقت ظهور الإسلام  .  ولا شك في أن قراءة المتبقي من النقوش التي تربو على الآلاف   سوف تفتح بابًا أوسع لتصور الحياة الدينية والاجتماعية للقبائل العربية التي قطنت منطقة حائل قبل الإسلام.
 
أما طَيِّئ فقد كان معبودها صنمًا بين أجا وسلمى يدعى الفَلْس يجعلونه في كل دار لهم يعبدونه، وإذا أراد الرجل منهم سفرًا تمسح به  ،  ويذكر اليعقوبي أنه كان منصوبًا في الحبس  ،  في حين يذكر ابن الكلبي أنه كان منصوبًا في وسط جبل أجا على شكل تمثال إنسان ذي أنف أحمر. وكانوا يعبدونه ويهدون إليه ويعترون عنده عتائرهم ولا يأتيه خائف إلا أمن عنده، ولا يطرد أحد طريدة فيلجأ بها إليه إلا تُركت له ولم تُخفر حويته (أي ما صار في حوزته وحرمه يترك له). وكان سدنته بنو بولان، وبولان هو الذي بدأ عبادته فكان آخر من سدنه منهم رجل يقال له صيفي  ،  وكانوا يقسمون به فيقول أحد الشعراء فيه:
 
فأقســم بالعتــائر حــيث فلس     ومــن  نسـك الأقيصـرم العبـاد
لقـد  حـزت الكهانـة عـن سطيح     وشـق  والمــرفل مــن إيـاد  
وكان لكل قبيلة تلبية لصنمها في الحج، لكن لم ترد تلبية فلس.
 
وتروى قصة حول محاولة السادن المحافظة على مكانة فلس في آخر أيامه، وكيف أن أحد أشراف طَيِّئ ويدعى مالك بن كلثوم طارد ناقة لامرأة جارة له من كلب بن عُليم، قد هربت منها حتى وجدها وقفت بفناء الفلس، فأدركها هناك وأراد استردادها لكن السادن لم يرض وَعَدَّ أن هذا رزقًا وصل إلى ربه الفلس ولا يجوز رده، لكن مالكًا لم يستجب وحل عقالها وسار بها إلى جارته. وكان عدد من طَيِّئ ينتظرون أن يحل به غضب الفلس ومن بينهم عدي بن حاتم، لكن لما مضت أيام ولم يصبه شيء، رفض عدي عبادته وعبادة الأصنام وتنصَّرَ. فلم يزل متنصِّرًا حتى جاء الله بالإسلام فأسلم.
 
فتجرأ الناس بعد ذلك على السادن والصنم لكنه ظل يعبد، حتى ظهرت دعوة النبي عليه الصلاة والسلام فبعث إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه سنة تسع للهجرة  ،  فهدمه وأخذ سيفين كان الحارث بن أبي شمر الغساني، ملك غسان، قلده إياهما يقال لهما مخذمٌ ورسوب، فقدم بهما علي بن أبي طالب على النبي صلى الله عليه وسلم فتقلد أحدهما، ثم دفع الآخر إلى علي فهو سيفه الذي كان يتقلده  
 
كما كان لطَيِّئ كاهنة مثل بقية قبائل العرب يتيمنون برأيها وتغزو معهم، اسمها رقاش، بل إنها كانت، وفق إحدى الروايات، تقود الجيش، وكانت وهي تغزو تغنم وتسبي مثلها مثل أي فرد من أفراد القبيلة الرجال. ويروي الإخباريون أنها غنمت شابًا من غزوة لها فدعته إلى نفسها فحملت منه، ولما جاءها قومها زمان الغزو قالت لهم "رويد الغزو ينمرق" أي لينتظر الغزو حتى ألد وقد ذهب هذا القول مثلاً. فتركوها حتى جاؤوها في المرة التالية فوجدوها نفساء مرضعًا وقد ولدت غلامًا  .  وتظهر لنا القصة المكانة التي كانت تتحلى بها كاهنات العرب.
 
ومن الخصائص الدينية التي كانت تميز طَيِّئ عن غيرهم من العرب، أنهم كانوا لا يعترفون بالإنساء، أي أنهم كانوا يحاربون في الأشهر الحرم ولا يلتزمون بحرمتها كما تفعل بقية العرب، وهم في ذلك مع خثعم، فعدوا محلين لدماء العرب في الأشهر الحرم، ثم أخذت العرب منهم موقفًا فأحلت دماء طَيِّئ وخثعم في الأشهر الحرم لمعاملتهم بالمثل  . 
 
ب - اللغة:
 
اعتاد اللغويون والنحويون في صدر الإسلام الرجوع إلى لغة طَيِّئ على أنها من مصادر اللغة الفصحى. وليس من المؤكد إذا ما كان ذلك يعود إلى فصاحة تختص بها القبيلة، أم إلى غزارة أشعار حاتم الطائي التي كانت مجالاً واسعًا للاستشهاد، أو أن القرب الجغرافي لمنطقة حائل من الكوفة والبصرة مقر النحويين واستسهالهم الوصول إليها عوضًا عن الإيغال في الصحراء جنوبًا هو السبب في ذلك. ويورد الميداني عددًا كبيرًا من الأمثال التي تنسب إلى طَيِّئ وكلامهم  
 
ج - الطب:
 
يبدو أن بعض الناس من طَيِّئ كانوا يمارسون التطبيب وخصوصًا نساءها، فتذكر كتب التاريخ أنه لما كان يوم القادسية طُعن المغيرة بن شعبة في بطنه قال فجيء بامرأة من طَيِّئ تخيط بطنه فجعلت تخيطه 
 
د - مفاخر طَيِّئ:
 
وقال العلماء خرج من قبيلة طَيِّئ ثلاثة كل واحد مجيد في بابه؛ حاتم الطائي في جوده، وداود بن نصير الطائي في زهده، وأبو تمام حبيب بن أوس في شعره  .  ومن مفاخر طَيِّئ في مجـال الفروسية قبـل الإسلام وفي صدره زيد الخيل وهو ابن مهلهل بن يزيد بن منهب الطائي من المؤلفة قلوبهم. وقد وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسلم وله صحبة وسماه النبي صلى الله عليه وسلم زيد الخير ووهبه فدك  .  وتتباهى طَيِّئ بكونه غزا 73 غزوة لم يقتل فيها أي طائي، كما كان كريمًا حليمًا صادقًا  
 
ومن مفاخر طَيِّئ، خطيبهم وحكيمهم أكثم بن صيفي. فيقول في وصية كتب بها إلى طَيِّئ يقول:
 
" أوصيكم بتقوى الله وصلة الرحم....، وعليكم بالخيل فأكرموها فإنها حصون العرب، ولا تضعوا رقاب الإبل في غير حقها فإن فيها ثمن الكريمة ورقوء الدم، وبألبانها يتحف الكبير ويغذى الصغير، ولو أن الإبل كلفت الطحن لطحنت، ولن يهلك امرؤ عرف قدره، والعدم عدم العقل لا عدم المال، ولرجل خير من ألف رجل، ومن عتب على الدهر طالت معتبته، ومن رضي بالقسم طابت معيشته، وآفة الرأي الهوى، والعادة أملك، والحاجة مع المحبة خير من البغض مع الغنى، والدنيا دول فما كان لك أتاك على ضعفك وما كان عليك لم تدفعه بقوتك، والحسد داء ليس له دواء، والشماتة تعقب، ومن ير يومًا يره، قبل الرماء تملأ الكنائن، الندامة مع السفاهة، دعامة العقل الحلم، خير الأمور مغبة الصبر، بقاء المودة عدل التعاهد، من يزر غبًا يزدد حبًا، التغرير مفتاح البؤس، من التواني والعجز نتجت الهلكة، لكل شيء ضراوة فضر لسانك بالخير، عيّ الصمت أحسن من عيّ المنطق، الحزم حفظ ما كلفت وترك ما كفيت، كثير التنصح يهجم على كثير الظنة، من ألحف في المسألة ثقل، من سأل فوق قدره استحق الحرمان، الرفق يمن والخرق شؤم، خير السخاء ما وافق الحاجة، خير العفو ما كان بعد القدرة، فهذه خمسة وثلاثون مثلاً في نظام واحد"  
شارك المقالة:
61 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook