أهمية الأخلاق في المجتمع

الكاتب: علا حسن -
أهمية الأخلاق في المجتمع.

أهمية الأخلاق في المجتمع.

 

الأخلاق

لا شكّ بأنّ الأخلاق هي سمة المُجتمعات الرّاقية المُتحضّرة، فأينما وُجِدَت الأخلاق فثمّة الحضارة والرّقي والتّقدم، ولما أرسل الله تعالى نبيّه محمّد -عليه الصّلاة والسّلام- جعل من مَهمّات دعوته وصميم رسالته أن يُتمّ الأخلاق ويُكمّلها، فالأخلاق موجودة راسخةٌ برسوخ الأمم ونشوئها قبل النبوّة والبعثة، غير أنّها كانت ناقصةً مسلوبة الروح والمضمون، فجاءت الشّريعة الإسلاميّة لتُكمّلها وتُلبسها لباساً يُجمّلها ويَجعلها في أحسن صورة، والأخلاق الحسنة هي حالة إنسانيّة سلوكيّة يسعى كثيرٌ من النّاس الباحثين عن الكمال للوصول إليها وإدراكها، والأخلاق ترفع درجة الإنسان في الحياة الدّنيا وفي الآخرة، فالنّاس يُحبّون صاحب الأخلاق الحسنة الحميدة ويتقرّبون إليه ويتمنّون صحبته وصداقته، وهي كذلك ترفع درجة المُؤمن عند ربّه جلّ وعلا، بل وتجعله من أقرب النّاس مَجلساً إلى رسول الله يوم القيامة، وقد ورد عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنه قال: (إنَّ أحَبَّكم إليَّ وأقرَبَكم منِّي في الآخرةِ أحاسِنُكم أخلاقًا وإنَّ أبغَضَكم إليَّ وأبعَدَكم منِّي في الآخرةِ أسوَؤُكم أخلاقًا المُتشدِّقونَ المُتفيهقونَ الثَّرثارونَ)

 

مفهوم الأخلاق

الأخلاق هي المبادئُ والقواعدُ المُنظِّمةُ للسُّلوكِ الإنسانيّ، وقد دعا الإسلام إلى الالتزام بالأخلاق الحميدة والتَمثُّل بها، وحثّ على حفظها وصيانتها، وقد نفت الشريعة الإسلامية صفة الكمال العقائديّ والدينيّ عمّن يُخالف تلك الأخلاق ويُناقضها ولا يلتزم بها

أخلاق المسلم

هناك مجموعة من الأخلاق الحميدة التي حثّ عليها الإسلام ودعا لها في العديد من النصوص القرآنيّة والأحاديث النبويّة، وقد كانت بعض تلك الأخلاق موجودةً في المُجتمعات قبل مجيء الإسلام، وقبل ذكر تلك الأخلاق من الوحي المُتمثّل بالقرآن أو السُنّة، ومِن أبرز تلك الأخلاق ما يأتي:

  • الأمانة: وتعني الأمانة حفظُ حقوقِ الناس وأداؤها لأصحابها إذا حلَّ وقت أدائها، والأمانة خلقٌ اتَّصف به النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- في الجاهليّة قبل الإسلام، بل إنّه -عليه الصّلاة والسّلام- كان أكثر الناس أمانةً في ذلك الوقت حتى لُقِّب بالأمين، وقد أَثنى الله تَعالى على الذين يتّصفون بالأمانة ويتخلّقون بها ويتحلّون بها، وذَكَرهم في كِتابِه العزيز في الكثير من المواضع وجَعَل الأمانة علامةً فارقةً تُشير إلى اكتمال الإيمانِ وصدقه، حيث قال -عليه الصّلاة والسّلام- في الصحيح: (آيةُ المنافقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذبَ، وإذا وعَدَ أخلفَ، وإذا اؤتُمِنَ خان)، ونَقيضُ الأمانة الخيانةُ، وهي من علاماتِ النِّفاق.
  • الحِلم: والحلم يعني الترَّفع عن مُبادلة النّاسِ الإساءةَ بالإساءَة، والتحلّي بالصَّبرِ على ما يجده منهم من سوء في القول أو الفعل، والحلم صفةٌ ربّانية لصيقةٌ بذات الله -جلّ وعلا-؛ حيث إنّ من أسمائه (الحليم)، ومن هنا وجب على كل مسلمٍ أن يتحلّى بالحلم في جميع أحواله في الشدّة والرّخاء ليكون مُسلماً بحق، وقد قال المُصطفى في تلك الخصلة لأحد الصحابة، واسمه الأشج بن عبد قيس،: (إنّ فيكَ خصلتينِ يحبهُما اللهُ: الحلمُ والأناةُ).
  • العِفَّة: وهيَ الانتهاء عن جميع المُحرَّماتِ واجتناب الاقتراب منها فضلاً عن الوقوع بشيءٍ منها، ويكون ذلك بالبعد عن مسالكها والطّرق المُؤدّية لها، وترويضُ النَّفسِ عن طلبِها.
  • الحياء: الحياء خلقٌ حميدٌ دعا له الإسلام وحبّب فيه، وقد كان موجوداً قبل الإسلام، فجاء الإسلام ليُنظّم المقصود بالحياء وكيفيّته. والحياء يدعو إلى فعل كلّ ما هو حسن وترك كل ما كان شاذّاً مُستقذَراً، وهو من الصّفات التي يتميّز بها المُتّقون التي يُحبّها الله، فقد قال النبي -عليه الصّلاة والسّلام -: (الإيمانُ بِضعٌ وستونَ شُعبةً، والحَياءُ شُعبةٌ منَ الإيمانِ) فالحياء لا يأتي إلا بالخير، وهو صفة من صفات الله -عزّ وجلّ-؛ لقول رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-: (إنَّ اللَّهَ حييٌّ ستِّيرٌ يحبُّ الحياءَ والتَّستُّرَ ، فإذا اغتسلَ أحدُكُم فليستَتِر)،وهو خلق اتَّصف به النبي -عليه الصّلاة والسّلام-: فقد روى أبو سعيدٍ الخدري -رضي الله عنه- قال: (كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أشدَّ حَياءً منَ العَذراءِ في خِدرِها، فإذا رأى شيئًا يَكرَهُه عرَفناه في وجهِه).

 

أهميّة الأخلاق في المُجتمع المُسلم

شمل الدِّينُ الإسلاميّ كافّة الأخلاقِ والمكارم الحميدة والخصال الطيّبة، وحثَّ عليها، وحبّب من التخلّق بها، وقد استُمِدّت تلك الفضائل والأخلاق من نصوص القرآن الصريحة وأحاديث السنة الصحيحة، ومن هنا تنبع أهميّتها، ولذلك فإن تلك الأخلاق تمتاز وتتّصف بمجموعة من الصّفات التي تجلعها أثبت من غيرها من الدّيانات والأعراف، وهي راسخةٌ ثابتةٌ بثبوت تلك المصادر، وأهمّ ما يُميّز تلك الأخلاق ما يأتي:

  • الخلود والاستمراريّة: فإن جميع الأخلاق الواردة في السُنّة والقرآن هي صفات خالدة باقية ما بقيت تلك النصوص، وحيث إنّ الله قد حفظ كتابه من التحريف والتّزييف، وحفظ سُنّة نبيه بحفظه، حيث هيّأ لها رجالاً نقّحوها ونقُّوها ممّا دخل فيها عبر السنين من الشّوائب، فإن تلك الأخلاق المُستمَدّة منها ستبقى خالدةً راسخةً.
  • الصِّدقِ والدقّة: فإن منظومة الأخلاق الإسلاميّة، كما سبق الإشارة إليه، ربانيّة المصدر، وهي بذلك تتّصف بالصّدق والدقّة، حيث إنّ جميع ما جاء به ينطبق عليه هاتين الصفتين، وبما أنّ الأخلاق جزءٌ ممّا جاء به الوحي، فهما يتميّزان ويتّصفان بهاتين الصفتين اللّتين لا تنفكّان عنهما مُطلقاً، قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
  • الشُّمولِ والتَّكامُلِ: فإنّ الشريعة الإسلاميّة إنّما جاءت لتُصحِّح الأخلاق التي كانت سائدةً في المُجتمع الجاهليّ وتضبطها بضابط التديُّن، وتدعو وتجمع ما لم يكن موجوداً في تلك المرحلة، فكانت الأخلاق الإسلاميّة شاملةً مُتكاملةً، قال المصطفى -عليه الصّلاة والسّلام- في ذلك: (إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ).
  • التَّوافُقِ العَقليّ والفِطْريِّ: فإنّ جميع ما جاء في الشريعة من الأخلاق والفضائل إنّما جاء بحسب ما يُوافق العقل البشريّ والفطرة السّليمة، وهي تتناسب مع جميع الأمكنة والأزمنة، ولا تناقض العقل والمنطق والأعراف والعادات مُطلقاً
شارك المقالة:
58 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook