أهمية الدعوة إلى الله تعالى عند السلف الصالح

الكاتب: المدير -
أهمية الدعوة إلى الله تعالى عند السلف الصالح
"أهمية الدعوة إلى الله تعالى عند السلف الصالح

 

قامت الدعوة إلى الله تعالى على أصول راسخة ومنطلقات ثابتة وملامح وسمات بينة، والدعاة يهتدون بهدي الأنبياء في الدعوة عامة، ويقتفون أثر المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه خاصة، يحققون توحيداً وإخلاصًا، وينشرون علمًا وفقهًا، ويتبعون أسلافًا وآثاراً، وعلى أساس من ذلك كله يربون جيلاً، ويقيمون معروفاً، ويهدمون منكراً، ويجاهدون عدواً، ويجمعون الدين علماً وعملًا.

 

وقد فهم السلف الصالح رحمهم الله تعالى أجمعين مدلول النصوص الشرعية الواردة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم التي تدعو إلى بذل الجهد في الدعوة إلى الله تعالى وتحمل المسؤولية الدعوية في إبلاغ رسالة دين الإسلام للناس في مشارق الأرض ومغاربها، ومن الأمثلة على فهم السلف الصالح رحمهم الله تعالى وتجسيدهم للدعوة العملية في منهجهم الدعوي ما فعله الصحابي الجليل ربعي بن عامر رضي الله تعالى عنه بعدما دخل على كسرى ملك الفرس، فقال له كسرى: (ما الذي جاء بكم؟) فقال: (جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد؛ ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة؛ ومن جور الأديان إلى عدالة الإسلام)[1]




وأقوال السلف الصالح الدالة على أهمية الدعوة لله تعالى كثيرة، منها:

1) عن أبي هريرةَ رضي الله تعالى عنه أنه قال: (مثلُ علمٍ لا يُعمَلُ به كمثلِ كَنزٍ لا يُنفَقُ منه في سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ)[2].

 

2) روي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: (يا حملة العلم، اعملوا به، فإنما العالم من علم ثم عمل، ووافق علمه عمله. وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم، تخالف سريرتهم علانينتهم، ويخالف عملهم علمهم، يقعدون حلقاً، فيباهي بعضهم بعضًا، حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه. أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله عز وجل)[3].




3) قال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: (لو كان المرء لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف، ولم ينه أحد عن المنكر)[4].

 

4) قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى: (لا تعملوا في أمر الدين بالرأي المجرد الذي لا يستند إلى أصل الدين)[5].

 

5) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (الدعوة إلى الله تجب على كل مسلم، لكنها فرض على الكفاية، وإنما يجب على الرجل المعين من ذلك ما يقدر عليه، إذا لم يقم به غيره)[6].

 

6) قال ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى: (فالدعوة إلى الله تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم، وهم خلفاء الرسل في أممهم، والناس تبع لهم، والله سبحانه قد أمر رسوله أن يبلغ ما أنزل إليه، وضمن له حفظه وعصمته من الناس، وهكذا المبلغون عنه من أمته لهم من حفظ الله وعصمته إياهم بحسب قيامهم بدينه وتبليغه لهم، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه ولو آية، ودعا لمن بلغ عنه ولو حديثاً، وتبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو؛ لأن ذلك التبليغ يفعله كثير من الناس، وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم، جعلنا الله منهم بمنه وكرمه)[7].

 

7) قال أبو محمد بن حزم رحمه الله تعالى: (أوجب النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان به على من سمع بأمره صلى الله عليه وسلم، فكل من كان في أقاصي الجنوب والشمال، والمشرق، وجزائر البحور والمغرب، وأغفال الأرض من أهل الشرك، فسمع بذكره صلى الله عليه وسلم، ففرض عليه البحث عن حاله، وإعلامه، والإيمان به)[8].

 

8) قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: ? وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ? [آل عمران: ???] المقصود في هذه الآية أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن وإن كان ذلك واجباً على كل فرد من الأمة بحسبه، كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)[9].




[1] انظر: البداية والنهاية، الحافظ ابن كثير، (7 /46).

[2] قال الألباني: إسناده موقوف لا بأس به.

[3] انظر: جامع بيان العلم وفضله، ابن عبدالبر، 2 /9. وقال الألباني: إسناده موقوف منقطع.

[4] انظر: الجامع لأحكام القرآن، الإمام القرطبي، 1 /367.

[5] انظر: فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، 13 /288.

[6] انظر: مجموع فتاوى، شيخ الإسلام ابن تيمية، 15 /166.

[7] انظر: جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام، ابن قيم الجوزية، 339.

[8] انظر: الإحكام في أصول الأحكام، ابن حزم الأندلسي، 5 /117.

[9] انظر: تفسير القرآن العظيم، الحافظ ابن كثير، 2 /91.


"
شارك المقالة:
41 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook