فرضَ الله تعالى على عِباده المسلمين مجموعةً من العبادات، وكلَّفهم بها، ورتَّب الثواب والأجر الكريم على فعلها، والعقاب لمن فرَّط فيها أو قصَّر، ومن هذه العبادات الصَّلاة؛ فهي من أعظم العبادات، وهي رُكنٌ من أركان الإسلام، كما جاء في قول النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-: (بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادة أن لا إلهَ إلا الله وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، وإقام الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضانَ).
الصلاة هي عَمود الدِّين وأوّل ما يُسأل عنه المُسلم ويُحاسب عَليه يوم الدِّين، كما رُويَ عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه قال مخاطباً معاذ بن جبل -رضي الله عنه-: (...ألا أخبرُكَ بِرَأسِ الأَمرِ كلِّهِ وعمودِهِ، وذروةِ سَنامِهِ؟ قلتُ: بلى يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعمودُهُ الصَّلاةُ، وذروةُ سَنامِهِ الجِهادُ، ثمَّ قالَ: ألا أخبرُكَ بملاكِ ذلِكَ كلِّهِ؟ قُلتُ: بلَى يا رسولَ اللَّهِ، قال: فأخذَ بلِسانِهِ قالَ: كُفَّ عليكَ هذا...)، كما في قوله -عليه الصَّلاة والسَّلام: (أوَّلُ ما يحاسَبُ بِهِ العبدُ يومَ القيامةِ الصلاةُ، فإِنْ صلَحَتْ صلح له سائرُ عملِهِ، وإِنْ فسَدَتْ، فَسَدَ سائرُ عملِهِ).
الصَّلاة في اللغة مَأخوذةٌ من الجذر اللغوي صلى، فالصَّاد واللام والحرف المُعتل الأخير يَعود لأصلين، أحدهما دالٌّ على النَّار ومنه قول الله تعالى: (سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ)، وكذلك قول العرب: صلى العود بالنَّار، والأصل الآخر دالٌّ على لونٍ من العبادة وهو الدعاء، ومنه قول النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-: (إذا دُعِيَ أحدُكم إلى طعامٍ فلْيُجبْ فإن كان مفطرًا فلْيأكلْ وإن كان صائمًا فلْيُصَلِّ)، ومعنى فليصلِّ أي فليدعُ بالخير لأصحاب الطَّعام الذين دعوه إليه.
الصَّلاةُ في معناها الاصطلاحي كما عرَّفها العلماء هي: أقوالٌ وأفعالٌ مخصوصةٌ يؤدّيها المُسلم في أوقاتٍ مخصوصةٍ، بنيَّةٍ ووفق شروطٍ مخصوصةٍ، تبدأ بالتَّكبير وتنتهي بالتَّسليم، وهي فرضٌ على كلِّ مسلمٍ مكلَّفٍ خمس مراتٍ في اليوم والليلة، وهي: صلاة الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، ولكلٍّ منها وقتها المحدَّد وعدد ركعاتٍ محدَّدةٍ كذلك.
صلاةُ الفجرِ من الصَّلوات الخمس المفروضة على المسلمين، ويعني الفجر في الأصل الشَّفق؛ أي ضوء الصُّبح، والفجر مأخوذٌ من الانفجار والمراد انفجار الظُّلمة بإتيانه بسبب حمرة الشَّمس، ويُطلق الفجر على صلاة الفجر لأنَّها تؤدَّى فيه وأثناءهُ، وقد ورد ذكر الفجر في القرآن الكريم؛ إذ أقسَم الله تعالى به في مطلع سورةٍ سُمِّيت به في قوله: (وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ). وجاء ذكرها كذلك في قوله تعالى: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)، للفجر مرحلتان:
إنّ أحكام العِبادة من صَلاةٍ وصيامٍ مُتعلقةٌ ومرتبطة بالفجر الصَّادق؛ فالفجر الصَّادق هو بداية وقت صلاة الفجر، ونهاية وقت صلاة العشاء، وعليه فإنَّ وقت صلاة الفجر يبدأ منذ دخول الفجر الصَّادق وآخر وقتها بطلوع الشَّمس، فإذا طلعت الشَّمس انتهى وقتها، كما يَحرم بدخول الفجر الصَّادق في شهر رمضان الأكل والشُّرب وسائر المفطرات؛ إذ هو بداية وقت الإمساك والصِّيام، ومن ذلك قول الله تعالى: (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)
سبق الحديث عن الصَّلاة ومكانتها وفضلها، وكيف أنَّها عمود الدِّين وأوّلُ وما سيحاسب عليه المسلمون، وأمَّا عن أهمِيَّة صلاة الفجر وفضلها، فقد جاءت في ذلك أحاديثٌ نبويَّةٌ عديدةٌ بيَّنت هذه الأهميّة، منها والفضيلة لهذه الفريضة، منها:
موسوعة موضوع