هو "إبراهيم بن تارخ بن ناخور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ بن غابر بن شالخ بن قينان بن أرفخشذ ابن سام بن نوح عليه السلام"، وُلِد في بابل، وقيل في الأهواز، وقيل إنه وُلِد بدمشق، وقيل بحرّان، وذلك في زمن النمرود الحاكم المستبدّ، وقد اصطفى الله -عز وجل- إبراهيم -عليه السلام- بالنبوّة فبعثه لهداية قومه وإخراجهم من النور إلى الظلمات، وأمرهم بترك عبادة الأصنام وعبادة الله وحده لا شريك له.
تأتي مكانة إبراهيم -عليه السلام- في الإسلام من المرتبة التي أعطاها الله إيّاه، وممّا وصفه به في القرآن الكريم؛ حيث كان:
وإبراهيم -عليه السلام- من أكمل الناس توحيداً، وهو واحد من أُولي العزم من الرُّسل؛ وهم أصحاب الابتلاء في المِحَن المُتعلِّقة بذات الله -سبحانه- في الدنيا، وهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد -صلوات الله عليهم-، ومن فضله أنّ الله -تعالى- كلّفه بإمامة الناس، وهي مهمّة صعبة شاقّة لا يحملها إلّا من يستحقّها، ويصبر عليها، وقد وصف الله إبراهيم بالأمّة؛ والأُمّة هو الشخص الجامع لخصال الخير، والمُرشد للناس، والمُعين على الخير، ومن فضائله أيضاً أنّ في صلاة المسلمين رُكنٌ مهمّ، وهي الصلاة الإبراهيمية التي يُثنون فيها عليه، ويدعون له، وإحدى صِيغ الصلاة الإبراهيمية هي: (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).
ويُشار إلى أنّ سيّدنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم- جدّه نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام- في رحلة الإسراء والمعراج؛ حيث التقاه في السماء السابعة، وكان إبراهيم مُسنداً ظهره إلى البيت المعمور، وذلك من إكرام الله -تعالى- له بعد أن اجتهد في بناء الكعبة المُشرَّفة في الأرض، إذ أكرمه بزيارة البيت المعمور في السماء، وفي هذا اللقاء أرسل إبراهيم -عليه السلام- إلى أمّة محمد -عليه السلام- التحيّة والسلام، ونَصَح لها.
دعا إبراهيم -عليه السلام- أباه إلى ترك عبادة الأصنام، وتوحيد العبادة لله، حيث اتّبع في دعوته إيّاه عظيم الاحترام، والرفق، والشفقة عليه، مُبيِّناً له أنّ عبادته لما لا يسمع، ولا يبصر لا يُفيده شيئاً، إلّا أنّ والده أصرَّ على البقاء على عبادة الأصنام، وعدم الرجوع عن ذلك، فاعتزله إبراهيم -عليه السلام-، وبدأ بدعوة قومه إلى توحيد الله، وترك ما يعبدون من دونه، فلم يستجيبوا له، فحطّم أصنامهم إلّا واحداً منها؛ ليُبيّن لهم أنّها لا تضرّ، ولا تنفع، فكادوا به، وألقوه في النار العظيمة التي أوقدوها؛ ليتخلّصوا منه، ولكنّه نجا بأمر الله -سبحانه وتعالى-.
أثنى الله -تعالى- على إبراهيم -عليه السلام- في القرآن الكريم؛ لفضله، فذكر -تعالى- أنّه اصطفاه، وأتمّ نعمته عليه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ)، ووصفه أيضاً بالصدق والصلاح، فقال:(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا)، وقال: (وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)، وقد كان -عليه السلام- سليم القلب، ووفّى ما عليه، ومن فضله أنّه أوّل من يُكسى من الخَلق يوم القيامة، قال -عليه الصلاة والسلام-: (أَلَا وإنَّ أَوَّلَ الخَلَائِقِ يُكْسَى، يَومَ القِيَامَةِ إبْرَاهِيمُ)، وقد تفضّل الله عليه وهو غلام وآتاه رُشده، ورفع درجته، واتّخذه خليلاً، قال -تعالى-: (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)، ووصفه بأنّه حليم أوّاهٌ* مُنيب، وقد لُقِّب إبراهيم -عليه السلام- بعدّة ألقاب، منها:
تزوّج إبراهيم -عليه السلام- من أربع نساء؛ الأولى هي سارة بنت عمّه هاران، والثانية هاجر؛ وهي جارية مصريّة كانت هديّة من ملك مصر لسارة، وهي أمّ إسماعيل، أمّا زوجته الثالثة فكانت كنعانية تُدعى قنطورا بنت يقطن، وتزوّجها بعد وفاة سارة، والرابعة هي حجون بنت أمين التي تزوّجها بعد قنطورا.
كان لإبراهيم -عليه السلام- بنون كُثر، أكثرهم شُهرة النبيّان: إسماعيل، وإسحاق -عليهما السلام-، وأجلّهما هو إسماعيل -عليه السلام- الذي يُعَدّ الابن البكر لإبراهيم -عليه السلام-، أمّا أمّه فهي هاجر، وكان إسماعيل نبيّاً رسولاً، أثنى الله -سبحانه- عليه في القرآن الكريم، ووصفه بصدق الوعد، والحِلم، والأناة، وإقامة الصلاة التي كان يحرص على أن يأمر أهله بها، ويُشار إلى أنّه تُوفِّي -عليه السلام- وعُمره مئة وسبعة وثلاثون عاماً، ودُفِن في الحِجر، أمّا إسحاق -عليه السلام- فأمّه سارة، وقد وُلِد لإبراهيم -عليه السلام- بعد أربع عشرة سنة من ولادة أخيه إسماعيل، وكان لأمّه من العمر تسعين سنة، ولأبيه مئة سنة، وقد أثنى الله عليه في عدد من آيات القرآن الكريم
موسوعة موضوع