إخراج زكاة الفطر

الكاتب: مروى قويدر -
إخراج زكاة الفطر

إخراج زكاة الفطر.

 

 

زكاة الفطر

 

سميّت زكاة الفطر أو صدقة الفطر بذلك لأنها تجب على المسلم بفطره من صيام شهر رمضان، وقال الإمام ابن قتيبة أنّ زكاة الفطر يُقال لها الفطرة، فالفطرة هي الخلقة التي جُبل الناس عليها، حيث قال الله تعالى: (فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)، فالله تعالى أوجب على المسلمين زكاة الفطر تحقيقاً للعديد من المعاني والحكم، منها: الإحسان إلى الفقراء، وتلبية حاجاتهم وضرورياتهم ليوم العيد، وبذلك يتساوى الغني والفقير في فرح العيد وسروره، كما أنّ فيها دلالة على التخلّق بالكرم والعطاء والبذل، وفيها أيضاً تطهيرٌ وتنقيةٌ لصيام العبد المسلم مما أصابه من اللغو والإثم والنقص، وفي صدقة الفطر إظهارٌ لشكر الله تعالى وحمده على تمام الصيام، وأداء أعمال البر والخير والمعروف، حيث ورد عن وكيع بن الجراح قال: (زكاة الفطر لشهر رمضان كسَجدة السهو للصلاة؛ تَجبُر نقصان الصوم، كما يجبر السجود نقصان الصلاة).

 

حكم زكاة الفطر

 

اختلف الفقهاء في حكم زكاة الفطر، فذهب جمهور العلماء إلى القول بأنّ زكاة الفطر واجبة على كل مسلم، وهم: الشافعية، والحنابلة، والحنفية، والمالكية في قول لهم، واستدلوا في ذلك إلى ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن عمر رضي الله عنهما، حيث قال: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فرضَ زكاةَ الفطرِ من رمضانَ على الناسِ)، وفسّروا لفظ فَرَضَ بأوجب، أي أنّ الله تعالى أوجب زكاة الفطر على المسلمين، وفي المقابل ذهب المالكية في قول لهم إلى أنّ زكاة الفطر سنة، وهو ما ذهب إليه الأشهب بن علية والأصم، كما ورد عن الخرشي في شرحه لمختصر خليل: (لا يقاتَل أهلُ بلد على مَنع زكاة الفطر، لأنَّه قيل القول بسُنِّيته)، وقالوا بأن لفظ الفرض الوارد في الحديث يعني أن الله تعالى قدّرها وحدّد لها وقتاً معيناً، كما قال الله تعالى: (قَدْ فَرَضَ اللَّـهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ)، ومن الذين ذهبوا إلى ذلك: بعض الظاهرية، وابن اللبان الشافعي، وقالوا أيضاً بأن زكاة الفطر كانت واجبة، إلا أنّ ذلك نُسخ بحكم وجوب الزكاة العامة، واستدلوا أيضاً بما رواه قيس بن سعد بن عبادة، حيث قال: (كنَّا نصومُ عاشوراءَ ، ونؤدِّي زَكاةَ الفطرِ، فلمَّا نزلَ رمَضانُ ، ونزلتِ الزَّكاةُ ، لم نُؤمَر بِهِ ولم نُنهَ عنهُ، وَكُنَّا نفعلُهُ)، واستدلوا أيضاً بتفريق الرسول بين الزكاة المفروضة وصدقة الفطر في حديث ورد، أي أن صدقة الفطر ليست داخلة في الزكاة المفروضة.

 

وقت إخراج زكاة الفطر..

 

تجب زكاة الفطر على كل مسلم، سواءً كان صغيراً أم كبيراً، ذكراً أم أنثى، حراً أم عبداً، ودليل ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنه، أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (فرَض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ، صاعًا من تمرٍ أو صاعًا من شعيرٍ، على العبدِ والحرِّ، والذكرِ والأنثى، والصغيرِ والكبيرِ، من المسلمينَ، وأمَر بها أن تؤدَّى قبلَ خروجِ الناسِ إلى الصلاةِ)، ويُحدَّد وقت وجوب إخراجها بغروب شمس ليلة عيد الفطر، وأفضل الأوقات لإخراجها قبل صلاة العيد في يومه، كما أنه يجوز للمسلم إخراج زكاة الفطر قبل يوم العيد بيوم أو يومين، ودليل ذلك فِعْل الصحابة رضي الله عنهم، فورد ذلك عن عبد الله بن عمر، حيث قال: (كانوا يُعطونَ قبلَ الفِطرِ بيومٍ أو يومينِ)، ويتنهي وقت زكاة الفطر بصلاة العيد.

 

أحكام متعلّقة بزكاة الفطر

 

بيّن العلماء العديد من الأحكام المرتبطة بزكاة الفطر الواجب على كلّ مسلم العلم بها، وفيما يأتي بيان البعض منها:

  • يُشترط لأداء زكاة الفطر توفّر شرطين؛ أولهما الإسلام، وذلك ما أجمع عليه علماء الأمة الإسلامية، إلا أنه روي عن الشافعية أنه يجب على الكافر إخراج زكاة الفطر عن أقاربه المسلمين، وثانيهما يتمثّل بالقدرة، حيث أجمع العلماء عليه أيضاً، فغير القادر لا تجب عليه زكاة الفطر، حيث قال الله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، والقدرة تتمثل عند الشافعية والمالكية والحنابلة بامتلاك المسلم فضلاً عن قوته وقوت من تجب عليه نفقتهم يوم العيد وليلته، أمّا عند الحنفية فالقدرة تتمثل بامتلاك المسلم للنصاب الذي تجب فيه الزكاة من أي نوع من أنواع الأموال، سواء كانت من الذهب، أو الفضة، أو الأنعام من الغنم والبقر والإبل، أو عروض التجارة.
  • اتفق الفقهاء على مقدار زكاة الفطر بأنّه صاع من أي صنف من الأصناف التي يجوز إخراج زكاة الفطر منها، ما عدا القمح، فقال الجمهور من المالكية والحنابلة والشافعية إلى القول بأنّ المقدار الواجب إخراجه من القمح في زكاة الفطر صاع، وفي المقابل ذهب الحنفية إلى القول بأن الواجب في القمح أو دقيق القمح نصف صاع، ويعرّف الصاع بأنّه صاع أهل المدينة، فالرسول صلى الله عليه وسلم ضبط الصاع بمكيال أهل المدينة، ودليل ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (المكيالُ مِكيالُ أهلِ المدينَةِ ، والوَزْنُ وزنُ أهلِ مَكَّةَ)، ومن الجدير بالذكر أنّ الصاع من المكيال، وذلك ما كان في زمن النبي عليه الصلاة والسلام، إلا أنّ المكيال يختلف باختلاف ما يملأ به الصاع، مما يوجب التأكد من أن المكيال يعادل ملء الصاع، والصاع النبوي يقدّر بأربعة أمداد، أي أربع حفنات بِكَفَيّ الرجل المعتدل، من غير قبض الكفين أو بسطهما.
شارك المقالة:
77 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook