إسلام بلا مسلمين.. ومسلمون بلا إسلام

الكاتب: المدير -
إسلام بلا مسلمين.. ومسلمون بلا إسلام
"إسلام بلا مسلمين.. ومسلمون بلا إسلام

 

مقولةٌ قديمة ابتدعها من ابتدعها - وليس هذا سياق نقده أو درس شخصيته - وخلَّفتْ ما خلَّفت في الأمة من انبهار بأهل الكفر، واحتقار للمسلمين، ووزْنِ الناس بأعمال الدنيا لا بعمل الآخرة.

 

فمن يرَ في أممٍ كفرتْ بربها وحسَّنتْ بعض أخلاقها إسلامًا بلا مسلمين، فهو يجهل معنى الإسلام.

فالإسلام بناءٌ له دعائم، أولها: ((أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمَّدًا رسول الله)).

 

روى مسلم في صحيحه عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بُني الإسلام على خمس: على أن يُعبد الله ويُكفَر بما دونه، وإقامِ الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحجِّ البيت، وصومِ رمضان))، وروى البخاري في صحيحه مثله: ((شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمَّدًا رسول الله)).

 

وقال الله تعالى لنبيه: ? وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ? [الزمر: 65].

 

وقال تعالى: ? وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ? [آل عمران: 85].

فمَن لفَتَه في الغرب دُنيا يخلصون لها، ويُحسنون من أجل بنائها، وظنَّ أن هذا هو مجمل الإتقان، فإننا لا نرى إلا أن ميزانه دُنيويٌّ، وليس الكتابَ والوحي الحق.

 

فالشِّرك محبطٌ للعمل مهما بلغ حسْنُ فاعله، فكيف يظنُّ أن مشركًا فيه إسلام ولم يُسلِم وجهَه لله؛ ? بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ? [البقرة: 112].

 

أما القول: مسلمون بلا إسلام، ففيه اعتداء، وهو أننا نَنفي عن الناس الإسلام لبعض عيب في أخلاقهم أو أفعالهم.

? إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ? [النساء: 48].

 

نعم؛ هناك تفريط في الإسلام، وهناك من ارتدُّوا عنه بإتيانهم نواقضه، لكن هذا لا يخضع لهوى الناظر في أحوال الناس؟ فالميزان هو ما أنزل الله في هذا الدين، نميِّز به لنعرف المسلم من الكافر، والله يعلم الجهر وما يخفى.

 

فقائل هذه المقولة، بهذه الصياغة، لا يترك عندنا أثرَ أنه قصد قول: مُسلمون بلا توحيد، أو مفرِّطون في الفرائض التي بها يكون المسلم مسلمًا؛ لأن الإسلام الذي وصَفَه في الشقِّ الأول ليس - بالقطع - هو التوحيد ولا الفرائض.

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشد له كراهيةً، وتجدون شر الناس ذا الوجهَين، الذي يأتي هؤلاء بوجه، ويأتي هؤلاء بوجه))؛ رواه البخاري في صحيحه.

فلننظر وندقِّق في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا فقهوا)).

 

((خيارهم في الإسلام إذا فقهوا))؛ أي: أسلموا وتفقَّهوا في الدين، ففهموا أصوله وأحكامه [شرح من الدرر السنية - الموسوعة الحديثية].

فها هي الخيرية في الخلق والأفعال لا تكفي العبد، بل يلزمه - في الإسلام - أن يفقه لكي تبقى فيه الخيرية وينتفع بها إن شاء الله.

 

أفلا نستقيم فنزن أمورنا بالحق المبين؟

هذا، والله أعلم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.


"
شارك المقالة:
40 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook