إمراضية وأسباب التهاب الشغاف

الكاتب: د. ايمان شبارة -
إمراضية وأسباب التهاب الشغاف.

إمراضية وأسباب التهاب الشغاف.

الإمراض

يحدث التهاب الشغاف نتيجة تآثرات متتالية بين كل من:

- النسيج البطاني للقلب أو الوعاء الدموي.

- الجملة الإرقائية الدموية hemostatic system.

- الأحياء الدقيقة الجوالة في الدم.

يبدأ تشكل الآفة الوصفية لالتهاب الشغاف - وهي التنبت الشغافي- بحدوث أذية بطانية ناجمة عن جريان دموي مضطرب بسبب خلل في الضغط ضمن أجواف القلب أو بسبب قلس صمامي، فتنكشف النسج الضامة الغرائية المتوضعة تحت الطبقة البطانية نتيجة تأذيها، ويؤهب ذلك لتوضع خثرة مؤلفة من الصفيحات والليفين (الفبرين)؛ مما يشكل وسطاً مناسباً تنزرع عليه الأحياء الدقيقة التي دخلت الجريان الدموي من بؤر خمجية بعيدة بسبب تجرثم دموي عابر. تتكاثر تلك الأحياء التي استعمرت الخثرة فيزداد حجمها ويزداد توضع الصفيحات والليفين عليها، ومع مرور الوقت، تكون النتيجة النهائية تنبتاً شغافياً خَمِجَاً متعدد الطبقات. قد ينتشر الخمج  من الصمام إلى النسيج القلبي محدثاً أمهات دم خمجية أو خراجات في العضلة القلبية. إن حجم التنبت الشغافي ومكان توضعه أمران مهمان لفهم الآلية الإمراضية لأعراض التهاب الشغاف ومضاعفاته. يزداد تأذي البطانة الوعائية بازدياد شدة ارتطام التيار الدموي المعرضة له، ولذلك فإن إصابة كل من الصمامين التاجي والأبهري أكثر شيوعاً من إصابة كل من الصمامين ثلاثي الشرف والرئوي؛ كما أن الآفات الصمامية القلسية أكثر عرضة للخمج من الآفات الصمامية التضيقية. تميل التنبتات الشغافية إلى التوضع على النسيج المقابل للفوهة المصابة مباشرة حيث يكون كل من سرعة جريان التيار الدموي وارتطامه بالنسيج البطاني على أشدهما. وإن المثال الوصفي على ذلك هو النسيج البطاني للبطين الأيسر المقابل لتيار القلس الأبهري وجوف الأذينة اليسرى المقابل لتيار القلس التاجي والجهة الرئوية من بقاء القناة الشريانية (عندما يكون اتجاه التيار الدموي من الأيسر إلى الأيمن قبل أن يرتفع الضغط الرئوي وتنعكس جهة التيار).

تنطبق هذه العموميات على معظم حالات التهاب الشغاف تحت الحاد ولا تنطبق على معظم حالات التهاب الشغاف الحاد الناتج عن الحقن الوريدية للمدمنين؛ إذ يمكن أن تتوضع الإصابة، وخاصة بالعنقوديات الذهبية، على الصمام ثلاثي الشرف الطبيعي. تختلف التنبتات الشغافية بحجومها اختلافاً كبيراً وتتراوح من عدة ملمترات وحتى عدة سنتمترات. وبشكل عام فإن تنبتات الجهة اليمنى أكبر عادة من تنبتات الجهة اليسرى، والتنبتات الفطرية المنشأ أكبر من الجرثومية المنشأ، ونادراً ما تكون التنبتات كبيرة لدرجة تسبب فيها تضيقاً شديداً أو انسداداً للصمام أو الوعاء الدموي.

الأسباب

لقد تغيرت أنواع الأحياء الدقيقة المسببة لالتهاب الشغاف تغيراً جوهرياً خلال العقود الأخيرة، وقد شكلت الجراثيم العقدية النسبة الكبرى منها؛ إذ بلغت أكثر من 50%. إن الجراثيم العقدية المخضرة ساكن طبيعي للبلعوم الفموي، وهي حساسة جداً للبنسلين وتشكل السبب الأكثر شيوعاً لالتهاب الشغاف. وعلى الرغم من ضعف قدرتها الممرضة، فإن شيوع ارتباطها السببي بالتهاب الشغاف عائد إلى وجودها الدائم تقريباً في التيار الدموي ولقدرتها الالتصاقية الفريدة بالنسج. تحتل المكورات المعوية المرتبة التالية ويغلب أن تسبب التهاب الشغاف تحت الحاد عقب المداخلات البولية التناسلية أو النسائية وتعدّ حالياً سبباً شائعاً لالتهاب الشغاف الناجم عن التداخلات الطبية المجراة في العيادات والمستوصفات أو عن الحقن الوريدية. تشكل الجراثيم العقدية البقرية سبباً شائعاً آخر لالتهاب الشغاف وهي تصيب المسنين بشكل خاص وتترافق بمرض السلائل (المرجلات) القولونية أو الأورام القولونية الخبيثة. تكون المكورات العنقودية مسؤولة عادة عن التهاب الشغاف الناجم عن الحقن الوريدية لدى المدمنين وعن أخماج الصمامات الصنعية، وهي تسبب تخرباً نسيجياً موضعياً سريعاً مترافقاً بنسبة عالية من المضاعفات الموضعية والبعيدة، ويكون سير المرض صاعقاً إذا أصاب الجهة اليسرى من القلب وعادة يكون مميتاً بسبب تجرثم الدم خلال عدة أيام، أو بسبب قصور القلب الحاد خلال أسبوع أو أسبوعين. وبالمقابل فإن إصابة الجهة اليمنى من القلب لدى المدمنين على الحقن الوريدية أقل عنفاً وتستجيب عادة للصادات المعطاة وريدياً. نادراً ما تسبب العنقوديات البشروية إصابة الصمام الأصلي بالتهاب الشغاف، ولكنها سبب شائع للإصابة الباكرة للصمامات البديلة الصنعية بعد الجراحة وهي التي تحدث بعد العمل الجراحي بأقل من 60 يوماً. تسبب العصيات سلبية الغرام حوالي 5% من كل الحالات ولها فوعة شديدة والإنذار في حالة الإصابة بها وخيم. نادراً ما تسبب الفطور إصابة الصمام الأصلي بل تصيب عادة الصمامات أو الطعوم الصنعية.

إن مصادر دخول العوامل الممرضة إلى الدم ثم تجرثم الدم وحدوث التهاب الشغاف عند مريض لديه عامل مؤهب هي: النخور السنية والرضوض، والأذيات اللثوية والفموية، والولادة أو الإجهاض الجنائي الملوثان، وإدخال القثاطير البولية غير العقيمة، والتنظير الهضمي وخاصة السفلي، والعمليات الجراحية عموماً، والأخماج الرئوية والكسور العظمية.

 
شارك المقالة:
74 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook