كان الحجيج يسيرون في قوافل تسمى الركب، وكان الحادي من أهم الضرورات في الركب فهو المنشد والمادح، ويكون صوته جميلاً ويقوم باختياره الشيخ أو أمير الركب، وذلك قبل القيام بالرحلة بمدة كافية، وتجهز له الراحلة والزاد وكل ما يحتاجه، ويكون في مقدمة صفوف الإبل. وللحادي تأثير كبير في الركب ليس في حجاج الركب فحسب، بل إن الإبل - كما يقولون - إذا طلع الحادي بنشيده في الليل ترخي آذانها وتستوحي الصوت، ثم (تُدَرْهِمُ) مسرعة مع الحادي، وإذا تكاسل الحادي في ألحانه أو سكت تكاسلت الإبل في سيرها.

 

والحداء هو لون من الرجز أو الخبب، وقد يكون من الشعر الخفيف، عرفه العرب منذ القدم، ويتغنى به لحث الإبل على مواصلة السير أو لقطع ملل السفر، وقد استخدم في قوافل الحجيج، وتغنى به الجمّالة والحجاج للتغلب على تعب السفر ومشقة المسير، ومن الحداء:

 

 

صبـح أربع تمسي شعيب الحضارة     مـع  مثلهـن يمسـي بوادي الربيع

مــع مثلهـن كـل تهنـى بـداره     وادي النعيـم اللـي غدوقـه مهابيع

وقد تتناول وصف البحر والمركب وواجبات المناسك في الحج مثل:

 

وإن جــبت حــبيبي يــاوبور     وإن جـــــبت حـــــبيبي

لاكنســـــك وأرشـــــدك     وبالشـــــمع اقيــــــدك

مــروق  بخوخــه يــا بحـر     يــا  بحــر  مسـروق بخوخـه

لا يمســــــك عكـــــار     ولا  ريـــــح بدوخـــــه

تحــــت ظـــل القلـــوع     أبـــو شــــال وخوخـــه

فــي  رابــغ نــوى الإحـرام     ولبس  إحرامـــــــــــه

يانهــار الهنــا يــوم خــلوة     يفــــــك  إحرامــــــه

ومنها أيضًا:

 

يــا  فــرح قلبــي سـاعة النفـرة     وفرحــت  عيونــا ونزلنـا بفرحـة

وفتنـا بيـن العلميـن كـان الفجر لايح     يوم دخلنا منى ونصبنا الخيم وذبحنا ذبايح

وافتكرنـا العيـال وبقـي الـدمع سـايح

وهكذا يعبِّر الحداء عن كيفية أداء المناسك ورحلة الحجيج داخل المنطقة المقدسة، والحنين إلى الأهل في غربة السفر وطول الدرب بعبارات تريح نفوس المسافرين وتقطع ملل الطريق وتحث الإبل والركب على المسير، ومنها أيضًا:

 

عســى عســى فــي كــل عـام     نقـــف علـــى بــاب الســلام

ونشــــاهد البــــدر التمـــام     نبينــــا  خــــير الأنــــام