اتجاهات الفن التجريدي.

الكاتب: باسكال خوري -
اتجاهات الفن التجريدي

اتجاهات الفن التجريدي

 

الحركة التجريدية لفاسيلي كاندينسكي

ابتكر هذه الحركة الفنان كاندينسكي في ألمانيا، وهي تُمثّل التيار الروحي، وكانت بداية هذه الحركة من خلال تحديد الفن التجريدي ضمن الأمور الروحية والحدسية وابتعاده عن العقل، فكان كاندينسكي يرى أنّ الموضوعيّة في الفن لا تستمر مع الزمن، بالإضافة إلى ميله إلى عزل الجمال عن الطبيعية زماناً ومكاناً؛ لإيمانه أنّ العمل الفنيّ يتمثّل في ماديّته وظاهريّته في الحقيقة، أمّا الفكرة هي ما توجِد فيه الحياة، ثمّ تطوّر التصوّر الفني لكاندينسكي فأصبح يستخدم الألوان والأشكال بشكل مُجرّد حتّى وصل إلى مرحلة استغنى فيها عن الأشكال الطبيعيّة، ويظهر ذلك واضحاً في أعماله، فقد كانت لوحاته في مراحله الأولى تجمع بين المحتوى التعبيريّ والبناء التشكيليّ، لكنّ الأعمال وإن حَوَت على شاعريّته إلّا أنّ الطابع التشكيليّ غلب عليها، وذلك باستخدامه الزوايا الحادّة، والمثلّثات، والدّوائر، وفي مرحلة لاحقة أصبحت أعماله الفنيّة تميل إلى امتلاكها طابعاً هندسيّاً مُتّزناً؛ لاستخدام الخطوط المستقيمة فيها، بالإضافة إلى الأقواس.


كانت أولى أعمال كاندينسكي الفنيّة التجريديّة عام 1910م، وذلك بعرضه لوحته تحت عنوان تجريد، وقال في ذلك: "يجب أن يُصبح الفنّ مُجرّداً عن أصله ويرتبط بمعنى مُحدد معروف"، إذ يقصد من أنّ للألوان والأشكال معاني مُستقلّة عن معانيها الأصليّة في الطبيعة، وهي تكتسب معانيها الجديدة بصياغة الفنان لها لتؤدّي دلالةً يُريدها ومعاني مُعيّنةً يهدف إليها، وكان نهج كاندينسكي في أعماله الفنيّة من خلال إعادة صياغة معاني الألوان بما يتوافق مع أفكاره، مع إعادة تنظيم الأشكال بشكل يعكس دلالاتٍ معيّنةً، ويصف النّاقد ماريون مليز هذا النهج قائلاً: "عندما شاهدت من كاندينسكي شعرت بأنني تائه في عالم التعريفات الساحرة". الجدير بالذكر أنّ الأساس الذي اعتمده كاندينسكي في نظريته الجماليّة للفن كان الفيلسوف الألمانيّ شوبنهاور قد بدأ بها قبله، فهي نظريّة قائمة على أساس فصل النّموذج العضويّ عن الأشكال الطبيعيّة، بالإضافة إلى كَوْن البناء التصويريّ للأشياء يجب أن يكون حرّاً دون الإشارة إلى الأشكال الطبيعيّة.

 

الحركة التجريدية لبيت موندريان

ابتكر هذه الحركة الفنان موندريان، وهي تُمثّل التيار الرياضيّ، فقد مثّل موندريان في أعماله الحالات الموضوعيّة لعاطفة الفنّان، ممّا يطمس الطبيعة الماديّة والواقعيّة للأشياء، أو وجودها بشكل نقيّ خالص، وذلك أهم مبادئ اللاموضوعيّة في الفن، وتظهر هذه الخصائص في أعمال موندريان التي تعتمد على تعامد الخطوط الأفقيّة التي تمتلك طابع السكون والهدوء، والرأسيّة التي تمتلك طابعاً مُتّزناً، ويُوضّح موندريان سبب اعتماده هذا النّمط بخلق عالم مُستقلّ بعلامات من خطوط مُتعامدة قائلاً: "إنّه وراء أشكال الطبيعة المُتغيّرة تكمن حقيقة نقيّة ثابتة، ولها قوّة تعبيريّة".


يجدر بالذكر أنّ أعمال موندريان بقيت حتّى عام 1942م تملك طابعاً تقسيميّاً من خطوط أفقيّة ورأسيّة، مع اعتماده تنوّعاً في ألوانها، وكان قد استخدم الألوان الآتية: الأحمر، والأصفر، والأزرق، والأسود، والأبيض، ويرى موندريان أنّ اللوحة الفنيّة هي سطح قُسِّم من خلال خطين أو ثلاثة بلون أسود، وأنّها بذلك تعكس شعوراً بالمثاليّة، والشموليّة، والتوازن، كما تطرّق إلى إيجاد طريقة تُمكّن من خلق واقع تشكيليّ نقيّ من خلال تحويل الألوان والأشكال الطبيعيّة إلى أدوات ثابتة الشّكل تحت قانون وحدة الكتلة.

 

مؤسسو الفن التجريدي

  • فاسيلي كاندينسكي (1866-1944)م: يُعتبر من أهمّ مؤسسي الفن التجريدي في حركة الفنّ التّشكيليّ الحديث، إذ قام بالعديد من الاشتغلات الفنيّة التي تُعنى بالتّعامل مع الألوان، والخطوط، والمساحات، بالإضافة إلى إيصال الأشكال إلى صورتها المُجرّدة، ومن الجدير بالذكر أنّ كاندينسكي امتلك شخصيّةً فنيّةً تأثّرت بالأصوات والمؤثّرات الموسيقية، وكان قد كسب ذلك من تأثّره بالفنان فاغنر، ممّا جعله يتعامل مع لوحاته أثناء بنائها التشكيليّ على أنّها أنغام موسيقيّة، وذلك جعل للون أهميّةً في إحداث التناغم، والتضاد، والانعكاس في لوحاته، معتمداً على مشاعره، وعواطفه، وانفعالاته الناجمة من الطاقة الروحية الخاصة به، ويقول باونيس فيه: "ركّز كاندينسكي على اللون في رسومه، اللون الذي رآه عنصراً مُحرراً بطاقته التّعبيريّة الخاصّة".
  • بيت موندريان (1872-1944)م: من أشهر مُؤسّسي الفن التجريدي الهندسي في حركة الفن التشكيلي الحديث، ويُعدّ أول من اكتشف خصائص الشكل واللون الطبيعي، مع اعتباره أنّ حقيقة العمل الفنيّ تبقى دائماً وإن تحوّلت الأشكال فيها، ومن الجدير بالذكر أنّ بدايته في الفنّ كانت تحمل المعنى الانطباعي، ثمّ تركه واتّجه إلى الرّسم بالتدريج من خلال تبسيط الأشياء؛ ليصل بها بعيداً عن الحقيقة، فاستطاع بعد ذلك إيجاد التوازن البصريّ من خلال استخدامه الخطوط الأفقيّة والعموديّة في أعماله بطريقة مُتكافئة.

 

أشهر فناني الفن التجريدي ولوحاتهم

يُمكن التعرّف على أشهر فناني الفن التجريدي ولوحاتهم من خلال ما يأتي:

  • أمبرتو بوتشيني: من أشهر الرّسامين الإيطاليّين، وُلد في مدينة ريدجو كالابريا عام 1882م، ودرس في الكليّة التقنيّة في مدينة كاتانيا في صقلية، وله العديد من اللوحات التي تعكس ديناميكية الحياة الحديثة، بالإضافة إلى أعماله المنحوتة، كما أنّه نقل صورة الحياة الحديثة بشكل كتابيّ من خلال الكُتب والمقالات، وتُوفّي عام 1916م،ومن أشهر لوحات بوتشيني لوحة بعنوان "The City Rises" رسمها عام 1910م، ومن الجدير بالذِّكر أنّه يمتلك سلسلةً ثلاثيّةً من اللوحات المشهورة باسم "States of Mind"، والتي رسمها عام 1911م واصفاً فيها الحياة المُعاصرة بطبيعتها المُؤقّتة من خلال إبراز بُعدها النّفسيّ في ثنايا لوحاته، وهي كالآتي:
    • States of Mind I: The Farewells: يوضّح بوتشيني في هذه اللوحة حركة النّاس الفوضويّة وانبعاثهم على هيئة موجات مُشبّهاً إيّاهم بالدخان الذي يتصاعد من القطار.
    • States of Mind II: Those Who Go: يوضّح بوتشيني في هذه اللوحة ما رسمه في اللوحة السابقة، فيرسم في هذه اللوحة الأشخاص الذين يُغادرون من محطّة القطار، ويُميّزهم بخطوط مائلة لامعة، ويقول بوتشيني أنّ هذه اللوحة تُعبّر عن الشّعور بالوحدة، والكرب، والارتباك.
    • States of Mind III: Those Who Stay: تُكمل هذه اللوحة السلسلة السابقة، من خلال وصفها للأشخاص الذين يبقون في محطة القطار من خلال التّعبير عنهم بالخطوط العموديّة في اللوحة، مُشيراً في ذلك إلى ما يحملونه من الحزن على من غادرهم.
  • كارلو كارا: من أهم الرسامين الإيطاليّين الذي ذاع صيتهم في أوائل القرن العشرين، والذين عُنوا بالفنّ التّجريديّ كذلك، وقد وُلد في عام 1881م، وكان يعتمد التأكيد على أهميّة الطاقة والتكنولوجيا في رسم لوحاته، وتشتهر أعماله الفنيّة بطابعها المُستقبلي للأحداث، والواقعيّة في تجسيدها، كما تطرّق في أعماله إلى الفنّ التّكعيبيّ، ومن لوحاته التي لاقت أثراً لدى أصحاب الفن التجريدي، لوحة "Painting of Sounds, Noises and Smells"، وكان ذلك عام 1913م. ويُشير كارا إلى أنّه يهتمّ كثيراً بتناغم اللوحة وتقاطع الحواس فيها، كتقاطع رؤية اللون في اللوحة مع رائحة هذا الّلون، وتُوفّي كارا عام 1966م.
  • جاكسون بولوك: من الرّسامين أصحاب التأثير الكبير في الفن الحديث، ويُعدّ رمزاً للمثاليّة في الفن التجريدي، وهو رسّام أمريكيّ ولد عام 1912م، وتُعتبر لوحاته التجريدية من أكبر الإنجازات الفنيّة في القرن العشرين، وتتميّز بكونها لوحات إيمائيّة تحمل إيقاعاً فنيّاً غير تقليديّ، وقد استخدم بولوك خلال فترة أواخر الأربعينيّات حتّى أوائل الخمسينيّات أدواتٍ وطُرقاً غير تقليديّة للرسم، مستوحياً أساليب الفنانين المُعاصرين قبله، مثل: بابلو بيكاسو، وجوان ميرو، و تُوفّي بولوك عام 1956م. ومن أعماله الفنيّة ما يأتي:
    • لوحة "There Were Seven in Eight": تتميّز هذه اللوحة بضخامة حجمها؛ إذ يصل عرضها إلى 2.4م وقد تمّ رسمها عام 1945م، واستغرق رسمها عدّة أشهر، وكان بولوك قد بدأ برسمها من خلال شبكة من الخطوط السوداء المُرتّبة التي ركّبها على اللوحة القماشية مع حرصه أثناء صُنعها على ألّا تنشأ نقطة مركزية فيها، رغم احتواء اللوحة على رسومات عديدة مثل: الثعابين، والعيون، والزخارف، وساعدت هذه الهيكلة للوحة الفنيّة في إيجاد فنّ غير تمثيليّ وتدريجيّ.
    • لوحة "Full Fathom Five": تمّ رسم اللوحة عام 1947م، وهي إحدى أقدم لوحات الفنّان بولوك ذات النمط التنقيطي، واسمها مأخوذ من مسرحيّة شكسبير "العاصفة"، والتي تتحدّث عن شخصيّة "أرييل" واصفاً الموت على آثار حُطام سفينة، إذ تحتوي اللوحة على طبقات علويّة ملساء من الطّلاء المنزليّ، أمّا الطبقات السفلية استُخدم لإنشائها الفرشاة والسكين، والمُتمعّن في اللوحة يرى التنوع في الأشياء التي تحتويه على سطحها، وعلى الرّغم أنّ الطّلاء يُغطّيها إلّا أنّه يُمكن تمييز بعض الأدوات فيها، ومنها: القماش، والمسامير، والعملات المعدنيّة، والسجائر، والأظافر، والأزرار، والمفاتيح، وغيرها من الأدوات.
  • كازيمير ماليفيتش: أحد أشهر روّاد الفن التجريدي الهندسي، ولد عام 1878م، وهو رسّام روسيّ لقي إعجاباً عند مؤرخي الفنّ، ومن أعماله الفنيّة المشهورة لوحة المربع الأسود التي رسمها عام 1915م، وقالت مؤسّسة تيت فيه: "هذه هي المرّة الأولى التي يقوم فيها شخص ما برسم لوحة لم تكن لشيء ما"، وقد توفّي عام 1935م

اتجاهات الفن التجريدي

الحركة التجريدية لفاسيلي كاندينسكي

ابتكر هذه الحركة الفنان كاندينسكي في ألمانيا، وهي تُمثّل التيار الروحي، وكانت بداية هذه الحركة من خلال تحديد الفن التجريدي ضمن الأمور الروحية والحدسية وابتعاده عن العقل، فكان كاندينسكي يرى أنّ الموضوعيّة في الفن لا تستمر مع الزمن، بالإضافة إلى ميله إلى عزل الجمال عن الطبيعية زماناً ومكاناً؛ لإيمانه أنّ العمل الفنيّ يتمثّل في ماديّته وظاهريّته في الحقيقة، أمّا الفكرة هي ما توجِد فيه الحياة، ثمّ تطوّر التصوّر الفني لكاندينسكي فأصبح يستخدم الألوان والأشكال بشكل مُجرّد حتّى وصل إلى مرحلة استغنى فيها عن الأشكال الطبيعيّة، ويظهر ذلك واضحاً في أعماله، فقد كانت لوحاته في مراحله الأولى تجمع بين المحتوى التعبيريّ والبناء التشكيليّ، لكنّ الأعمال وإن حَوَت على شاعريّته إلّا أنّ الطابع التشكيليّ غلب عليها، وذلك باستخدامه الزوايا الحادّة، والمثلّثات، والدّوائر، وفي مرحلة لاحقة أصبحت أعماله الفنيّة تميل إلى امتلاكها طابعاً هندسيّاً مُتّزناً؛ لاستخدام الخطوط المستقيمة فيها، بالإضافة إلى الأقواس.


كانت أولى أعمال كاندينسكي الفنيّة التجريديّة عام 1910م، وذلك بعرضه لوحته تحت عنوان تجريد، وقال في ذلك: "يجب أن يُصبح الفنّ مُجرّداً عن أصله ويرتبط بمعنى مُحدد معروف"، إذ يقصد من أنّ للألوان والأشكال معاني مُستقلّة عن معانيها الأصليّة في الطبيعة، وهي تكتسب معانيها الجديدة بصياغة الفنان لها لتؤدّي دلالةً يُريدها ومعاني مُعيّنةً يهدف إليها، وكان نهج كاندينسكي في أعماله الفنيّة من خلال إعادة صياغة معاني الألوان بما يتوافق مع أفكاره، مع إعادة تنظيم الأشكال بشكل يعكس دلالاتٍ معيّنةً، ويصف النّاقد ماريون مليز هذا النهج قائلاً: "عندما شاهدت من كاندينسكي شعرت بأنني تائه في عالم التعريفات الساحرة". الجدير بالذكر أنّ الأساس الذي اعتمده كاندينسكي في نظريته الجماليّة للفن كان الفيلسوف الألمانيّ شوبنهاور قد بدأ بها قبله، فهي نظريّة قائمة على أساس فصل النّموذج العضويّ عن الأشكال الطبيعيّة، بالإضافة إلى كَوْن البناء التصويريّ للأشياء يجب أن يكون حرّاً دون الإشارة إلى الأشكال الطبيعيّة.

 

الحركة التجريدية لبيت موندريان

ابتكر هذه الحركة الفنان موندريان، وهي تُمثّل التيار الرياضيّ، فقد مثّل موندريان في أعماله الحالات الموضوعيّة لعاطفة الفنّان، ممّا يطمس الطبيعة الماديّة والواقعيّة للأشياء، أو وجودها بشكل نقيّ خالص، وذلك أهم مبادئ اللاموضوعيّة في الفن، وتظهر هذه الخصائص في أعمال موندريان التي تعتمد على تعامد الخطوط الأفقيّة التي تمتلك طابع السكون والهدوء، والرأسيّة التي تمتلك طابعاً مُتّزناً، ويُوضّح موندريان سبب اعتماده هذا النّمط بخلق عالم مُستقلّ بعلامات من خطوط مُتعامدة قائلاً: "إنّه وراء أشكال الطبيعة المُتغيّرة تكمن حقيقة نقيّة ثابتة، ولها قوّة تعبيريّة".


يجدر بالذكر أنّ أعمال موندريان بقيت حتّى عام 1942م تملك طابعاً تقسيميّاً من خطوط أفقيّة ورأسيّة، مع اعتماده تنوّعاً في ألوانها، وكان قد استخدم الألوان الآتية: الأحمر، والأصفر، والأزرق، والأسود، والأبيض، ويرى موندريان أنّ اللوحة الفنيّة هي سطح قُسِّم من خلال خطين أو ثلاثة بلون أسود، وأنّها بذلك تعكس شعوراً بالمثاليّة، والشموليّة، والتوازن، كما تطرّق إلى إيجاد طريقة تُمكّن من خلق واقع تشكيليّ نقيّ من خلال تحويل الألوان والأشكال الطبيعيّة إلى أدوات ثابتة الشّكل تحت قانون وحدة الكتلة.

 

مؤسسو الفن التجريدي

  • فاسيلي كاندينسكي (1866-1944)م: يُعتبر من أهمّ مؤسسي الفن التجريدي في حركة الفنّ التّشكيليّ الحديث، إذ قام بالعديد من الاشتغلات الفنيّة التي تُعنى بالتّعامل مع الألوان، والخطوط، والمساحات، بالإضافة إلى إيصال الأشكال إلى صورتها المُجرّدة، ومن الجدير بالذكر أنّ كاندينسكي امتلك شخصيّةً فنيّةً تأثّرت بالأصوات والمؤثّرات الموسيقية، وكان قد كسب ذلك من تأثّره بالفنان فاغنر، ممّا جعله يتعامل مع لوحاته أثناء بنائها التشكيليّ على أنّها أنغام موسيقيّة، وذلك جعل للون أهميّةً في إحداث التناغم، والتضاد، والانعكاس في لوحاته، معتمداً على مشاعره، وعواطفه، وانفعالاته الناجمة من الطاقة الروحية الخاصة به، ويقول باونيس فيه: "ركّز كاندينسكي على اللون في رسومه، اللون الذي رآه عنصراً مُحرراً بطاقته التّعبيريّة الخاصّة".
  • بيت موندريان (1872-1944)م: من أشهر مُؤسّسي الفن التجريدي الهندسي في حركة الفن التشكيلي الحديث، ويُعدّ أول من اكتشف خصائص الشكل واللون الطبيعي، مع اعتباره أنّ حقيقة العمل الفنيّ تبقى دائماً وإن تحوّلت الأشكال فيها، ومن الجدير بالذكر أنّ بدايته في الفنّ كانت تحمل المعنى الانطباعي، ثمّ تركه واتّجه إلى الرّسم بالتدريج من خلال تبسيط الأشياء؛ ليصل بها بعيداً عن الحقيقة، فاستطاع بعد ذلك إيجاد التوازن البصريّ من خلال استخدامه الخطوط الأفقيّة والعموديّة في أعماله بطريقة مُتكافئة.

 

أشهر فناني الفن التجريدي ولوحاتهم

يُمكن التعرّف على أشهر فناني الفن التجريدي ولوحاتهم من خلال ما يأتي:

  • أمبرتو بوتشيني: من أشهر الرّسامين الإيطاليّين، وُلد في مدينة ريدجو كالابريا عام 1882م، ودرس في الكليّة التقنيّة في مدينة كاتانيا في صقلية، وله العديد من اللوحات التي تعكس ديناميكية الحياة الحديثة، بالإضافة إلى أعماله المنحوتة، كما أنّه نقل صورة الحياة الحديثة بشكل كتابيّ من خلال الكُتب والمقالات، وتُوفّي عام 1916م،ومن أشهر لوحات بوتشيني لوحة بعنوان "The City Rises" رسمها عام 1910م، ومن الجدير بالذِّكر أنّه يمتلك سلسلةً ثلاثيّةً من اللوحات المشهورة باسم "States of Mind"، والتي رسمها عام 1911م واصفاً فيها الحياة المُعاصرة بطبيعتها المُؤقّتة من خلال إبراز بُعدها النّفسيّ في ثنايا لوحاته، وهي كالآتي:
    • States of Mind I: The Farewells: يوضّح بوتشيني في هذه اللوحة حركة النّاس الفوضويّة وانبعاثهم على هيئة موجات مُشبّهاً إيّاهم بالدخان الذي يتصاعد من القطار.
    • States of Mind II: Those Who Go: يوضّح بوتشيني في هذه اللوحة ما رسمه في اللوحة السابقة، فيرسم في هذه اللوحة الأشخاص الذين يُغادرون من محطّة القطار، ويُميّزهم بخطوط مائلة لامعة، ويقول بوتشيني أنّ هذه اللوحة تُعبّر عن الشّعور بالوحدة، والكرب، والارتباك.
    • States of Mind III: Those Who Stay: تُكمل هذه اللوحة السلسلة السابقة، من خلال وصفها للأشخاص الذين يبقون في محطة القطار من خلال التّعبير عنهم بالخطوط العموديّة في اللوحة، مُشيراً في ذلك إلى ما يحملونه من الحزن على من غادرهم.
  • كارلو كارا: من أهم الرسامين الإيطاليّين الذي ذاع صيتهم في أوائل القرن العشرين، والذين عُنوا بالفنّ التّجريديّ كذلك، وقد وُلد في عام 1881م، وكان يعتمد التأكيد على أهميّة الطاقة والتكنولوجيا في رسم لوحاته، وتشتهر أعماله الفنيّة بطابعها المُستقبلي للأحداث، والواقعيّة في تجسيدها، كما تطرّق في أعماله إلى الفنّ التّكعيبيّ، ومن لوحاته التي لاقت أثراً لدى أصحاب الفن التجريدي، لوحة "Painting of Sounds, Noises and Smells"، وكان ذلك عام 1913م. ويُشير كارا إلى أنّه يهتمّ كثيراً بتناغم اللوحة وتقاطع الحواس فيها، كتقاطع رؤية اللون في اللوحة مع رائحة هذا الّلون، وتُوفّي كارا عام 1966م.
  • جاكسون بولوك: من الرّسامين أصحاب التأثير الكبير في الفن الحديث، ويُعدّ رمزاً للمثاليّة في الفن التجريدي، وهو رسّام أمريكيّ ولد عام 1912م، وتُعتبر لوحاته التجريدية من أكبر الإنجازات الفنيّة في القرن العشرين، وتتميّز بكونها لوحات إيمائيّة تحمل إيقاعاً فنيّاً غير تقليديّ، وقد استخدم بولوك خلال فترة أواخر الأربعينيّات حتّى أوائل الخمسينيّات أدواتٍ وطُرقاً غير تقليديّة للرسم، مستوحياً أساليب الفنانين المُعاصرين قبله، مثل: بابلو بيكاسو، وجوان ميرو، و تُوفّي بولوك عام 1956م. ومن أعماله الفنيّة ما يأتي:
    • لوحة "There Were Seven in Eight": تتميّز هذه اللوحة بضخامة حجمها؛ إذ يصل عرضها إلى 2.4م وقد تمّ رسمها عام 1945م، واستغرق رسمها عدّة أشهر، وكان بولوك قد بدأ برسمها من خلال شبكة من الخطوط السوداء المُرتّبة التي ركّبها على اللوحة القماشية مع حرصه أثناء صُنعها على ألّا تنشأ نقطة مركزية فيها، رغم احتواء اللوحة على رسومات عديدة مثل: الثعابين، والعيون، والزخارف، وساعدت هذه الهيكلة للوحة الفنيّة في إيجاد فنّ غير تمثيليّ وتدريجيّ.
    • لوحة "Full Fathom Five": تمّ رسم اللوحة عام 1947م، وهي إحدى أقدم لوحات الفنّان بولوك ذات النمط التنقيطي، واسمها مأخوذ من مسرحيّة شكسبير "العاصفة"، والتي تتحدّث عن شخصيّة "أرييل" واصفاً الموت على آثار حُطام سفينة، إذ تحتوي اللوحة على طبقات علويّة ملساء من الطّلاء المنزليّ، أمّا الطبقات السفلية استُخدم لإنشائها الفرشاة والسكين، والمُتمعّن في اللوحة يرى التنوع في الأشياء التي تحتويه على سطحها، وعلى الرّغم أنّ الطّلاء يُغطّيها إلّا أنّه يُمكن تمييز بعض الأدوات فيها، ومنها: القماش، والمسامير، والعملات المعدنيّة، والسجائر، والأظافر، والأزرار، والمفاتيح، وغيرها من الأدوات.
  • كازيمير ماليفيتش: أحد أشهر روّاد الفن التجريدي الهندسي، ولد عام 1878م، وهو رسّام روسيّ لقي إعجاباً عند مؤرخي الفنّ، ومن أعماله الفنيّة المشهورة لوحة المربع الأسود التي رسمها عام 1915م، وقالت مؤسّسة تيت فيه: "هذه هي المرّة الأولى التي يقوم فيها شخص ما برسم لوحة لم تكن لشيء ما"، وقد توفّي عام 1935م
شارك المقالة:
276 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook