من مكارم الأخلاق التي دعا إليها القرآن الكريم خلق احترام الناس، وخصّ بالذكر احترام الكبير وتوقيره، وذلك من معرفة أقدار الناس وإنزالهم منازلهم أيضاً، ولم تكن تلك الأوامر والتنبيهات في الدين إلّا لتتمّ بناء المجتمع المثاليّ المتعاون على الخير، ومن تلك التنبيهات أن يحترم الصغير الكبير ويُجلّه، ويُقدّر عمره الذي عاشه في الإسلام قبله، وألّا يتطاول عليه في القول أو يتقدّمه في الفعل، ويُنزِله منزله في الاحترام والتوقير على الدوام، وفي المقابل فإنّ المطلوب من الكبير أن يرحم الصغير ويرفق به حتّى يُوجد الوئام والتكامل بين المسلمين.
إنّ أوّل ما دعا إليه الإسلام وأكّده من توقير الكبير؛ توقير الوالدين وبرّهما والإحسان إليهما عند الكبر، فهما أعظم الناس فضلاً على الإنسان وقد تعبا طويلاً على تربيته وتنشئته، ووجب عليه أن يردّ هذا الإحسان إليهما ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ومن أعظم ما قال الله -تعالى- في حق الوالدين عند الكبر: (إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)، وفيما يأتي تعدادٌ لبعض أشكال الإحسان إلى كبار السنّ وخاصةً الوالدين:
من فضائل الإسلام أنّه جاء مُهذّباً للأخلاق حتّى مع النصارى واليهود، فهذا عمر بن الخطّاب رأى عجوزاً يهودياً في حالةٍ صعبةٍ يَسأل الناس، فعلم أنّه يسأل الناس بُغية تسديد الجزية وقضاء حاجاته، فلام نفسه على أخذ الجزية منه في هذا العمر، ووضعها عنه وعن من هم على حاله، مُحترماً شيبتهم، ثمّ أمر له بشيءٍ من بيت مال المسلمين.
موسوعة موضوع